60 عامًا من الأعمال الفنية الدرامية التي حفرت تاريخا طويلا وعظيما للدراما المصرية، فعلى مدار 6 عقود تمكنت الدراما المصرية من الاحتفاظ بمكانتها بالمقدمة بعيدًا عن المنافسة بعدد ضخم من إنتاج الأعمال الدرامية وبتنوع كبير من الأعمال ما بين الاجتماعي والكوميدي والديني، وبمشاركة نجوم هم الأبرز والأهم بالوطن العربي.

الدراما العربية بدأت في مصر، بحسب ما أكد المؤرخ الفني محمد شوقي، فمع العرض الأول لمسلسل «هارب من الأيام» بدأ هناك ما يعرف باسم المسلسل الجماهيري وهو العمل الفني الذي تلتف حوله الأسرة العربية وهو ما يقابله فيلم الشباك بالسينما.

وعلى الرغم من جودة الصورة البسيطة وإن المشاهد كانت تصور من مرة واحدة، حتى لو كانت مدتها نصف ساعة وكان يعاد المشهد بالكامل إذا ما حدث خطأ بأي وقت بالمشهد، غير أنه كان يتميز بكونه مازال صالحا للمشاهدة حتى بعد عرضه بـ 60 عامًا وهو ما نراه بالعديد من الأعمال الدراميا التي يعاد عرضها، بحسب حديث «شوقي» لـ «الوطن».

وبرغم وجود مسلسلات درامية حديثة بتقنيات عالية تناسب وتواكب العصر الحالي غير أن الأعمال الدرامية القديمة مازالت تحتفظ برونقها الخاص، بحسب المؤرخ الفني، فمسلسل لا تطفئ الشمس والقاهرة والناس من إخراج محمد فاضل والذي حقق جماهيرية وهو المسلسل الوحيد الذي أظهر للساحة الفنية عمالقة الفنانين مثل نور الشريف وبوسي ونورا وعفاف شعيب وصفية العمري وأشرف عبد الغفور.

مسلسل بابا عبده

كما أفرز مسلسل «بابا عبده» للنجم عبد المنعم مدبولي نجوما آخرين مثل يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي وصلاح السعدني، مشيرًا إلى تصريحات الفنان يحيى الفخراني الرئيس التنفيذي لمهرجان الدراما أن سبب شهرته مسلسل «أبنائي الأعزاء شكرًا» ليقوم بالعام الذي يليه بأول بطولة مطلقة بالدراما بمسلسل «صيام صيام» من إخراج محمد فاضل، كما أكد المؤرخ الفني محمد شوقي.

عادل إمام في الدراما

نجوم عديدة ومسلسلات رائعة حافظت على مكانة مصر المتفردة بالأعمال الدرامية على مر العقود، فظهر عبر الشاشة نجوم مثل إلهام شاهين وليلى علوي وعفاف شعيب وفردوس عبد الحميد وممدوح عبد العليم، إلى جانب جذبها عدد من نجوم السينما، مثل عادل إمام بمسلسل دموع بعيون وقحة وأحلام الفتى الطائش، وفاتن حمامة بمسلسل ضمير أبلة حكمت وسعاد حسني وأحمد ذكي بمسلسل هي وهو.

إضافة لعدد كبير من روائع الدراما كالشهد والدموع وزينب والعرش وأديب ومارد والجبل ورأفت الهجان وليالي الحلمية ولن أعيش في جلباب أبي، لتظل الدراما العربية وهو المصطلح الذي يطلق على الدراما المصرية، هي الرائدة بتقديمها للدراما الاجتماعية والكوميدية كروائع محمد صبحي وسمير غانم وسعيد صالح وفؤاد المهندس وشويكار وسناء جميل، وفقًا للمؤرخ الفني.

ظلت عدد حلقات المسلسلات الدرامية ما بين 7 لـ 15 حلقة، حتى أرسى الكاتب الكبيير أسامة أنور عكاشة عدد الحلقات الكبيرة بعد أن قدم 20 حلقة بالشهد والدموع و18 حلقة بليالي الحلمية الجزء الأول، وحتى ذلك الوقت كانت مسلسلات الـ 30 حلقة قاصرة على المسلسلات الدينية، حتى بداية مسلسلات الـ 30 حلقة بالتزامن مع عرضها بشهر رمضان.

وتابع «شوقي»، أن وحيد حامد أبرز من قدم بصمة خاصة بالدراما بأعمال عديدة كالجماعة والعائلة، مشيرًا إلى أن نجاح الأعمال الدرامية العربية وضع الفنانين المصريين بمكانة عالية بالوطن العربي، وهو ما يظهر جليًا خلال استقبالهم بالدول العربية بحفاوة الزعماء.

تهافت كبير من الجماهير العربية على الدراما المصرية التي كانت تعرف باسم الدراما العربية بحسب ما أكد الناقد الفني جمال عبد القادر، مشيرًا إلى أنه كان صرحًا عظيمًا بأفريقيا بأكملها، خاصة وأنه مع بداية ظهور الدراما لم يكن التلفزيون جهاز منتشر بالمنازل، لتكون الدراما المصرية الوحيدة بالشرق الأوسط.

وأضاف «عبد القادر» في حديثه لـ «الوطن»، أن النجوم كانوا يتسابقون للمشاركة بالأعمال الدرامية بستينيات القرن الماضي بالتزامن مع سيطرة الروح القومية العربية، فكان كل فنان يؤمن بدوره نحو هذا الصرح الجديد حبًا وإيمانًا بالتجربة الوليدة، فكان المنتجين من أمثال فريد شوقي ورمسيس نجيب يقومون بإعطاء أعمالهم السينمائية الجديدة مجانًا لعرضها على الشاشة الصغيرة بعد أشهر قليلة من عرضها بالسينمات، وهو ما صنع ظاهرة فيلم السهرة.

حتى مع ظهور الدراما العربية بالخليج والدول العربية كان الاستعانة الأكبر بالفنانين المصريين الذين يتمتعون بشعبية جارفة بالوطن العربي، بحسب ما ذكر «عبد القادر»، لافتًا إلى أن العديد من المسلسلات العربية والمقصود بها المصرية كان يتم تصويرها خارج مثل مثل تصوير مسلسل هند والدكتور نعمان بتونس وتصوير مسلسل غوايش بالأردن ومسلسل نور الشريف ابن خلدون بقطر.

لتظل الريادة المصرية هي المسيطرة على الدراما بالوطن العربي، مع بروز العديد من النجوم الكبار أمثال عبد الله غيث، نور الدمرداش يحيى العلمي ومحمود ياسين، وهو ما أعطى ثراء للشاشة الصغيرة وفقًأ للناقد الفني جمال عبد القادر.  

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدراما المسلسلات العلمين التلفزيون الفنانين الأعمال الدرامیة عبد القادر وهو ما

إقرأ أيضاً:

دراما رمضان 2025.. موسم باهت وانتقادات حادة تدفع للتغيير

يُعد شهر رمضان موسمًا رئيسيًا للدراما المصرية، حيث تتنافس الأعمال التلفزيونية على جذب انتباه المشاهدين.

ومع اقتراب انتهاء الشهر، لم تنجح معظم المسلسلات هذا العام في تحقيق التوقعات، وسط انتقادات واسعة من الجمهور والنقاد على حد سواء.

وعلى الرغم من زيادة عدد الأعمال المعروضة مقارنة بالعام الماضي، فإن التكرار والتطويل والمبالغة في التيمات الشعبية ألقت بظلالها على مستوى الإنتاج الدرامي لهذا الموسم.  

دراما رمضان 2025

تعرض القنوات المصرية هذا العام 39 مسلسلًا، مقارنة بـ34 عملًا في الموسم السابق، تتنوع بين الكوميديا، والدراما الشعبية، والأكشن، والفانتازيا، والتشويق. ومع ذلك، ورغم التنوع الظاهري، وتعاني معظم هذه الأعمال من ضعف الحبكة والتكرار المفرط، وهو ما جعل الجمهور ينصرف عن متابعتها باستثناء بعض الأعمال التي لاقت قبولًا نسبيًا، مثل "أولاد الشمس"، "النص"، "80 باكو"، و"أشغال شقة جدًا" و "لام شمسية".

ويُعد الاتجاه نحو المسلسلات ذات الـ15 حلقة خطوة إيجابية نالت استحسان النقاد، حيث تسهم في الحد من الإطالة غير المبررة التي طالما أضعفت جودة الدراما الرمضانية في السنوات الماضية.

ولكن على الرغم من هذا التغيير، فإن الموسم الحالي لم ينجح في تقديم محتوى قوي وجاذب للجمهور.  

انتقادات واتهامات بالتكرار وضعف المنافسة

واجهت الأعمال الرمضانية لهذا العام موجة من الانتقادات، حيث أشار النقاد إلى غياب التنوع الحقيقي، والاعتماد المفرط على النمط الشعبي كبطل أساسي في معظم الأعمال، إلى جانب احتكار صناعة الدراما من قِبل جهة إنتاجية واحدة تسيطر على أغلب الإنتاجات، مما أدى إلى ضعف المنافسة وغياب الابتكار.

ويؤكد المتابعون أن هذا الاحتكار أدى إلى تقديم أعمال متشابهة في الطرح والأسلوب، حيث تعتمد معظمها على نماذج متكررة من البطل الشعبي الذي يتحدى الجميع وينتصر في النهاية، دون تقديم قصص درامية حقيقية تعكس تطور المجتمع المصري أو تناقش قضاياه الراهنة بعمق.

انعكاس الأعمال الرمضانية على القيم المجتمعية

لم تقتصر الانتقادات على الجوانب الفنية فقط، بل امتدت إلى المحتوى المقدم وتأثيره على القيم المجتمعية. فقد أشارت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الدراما الحالية لا تعكس الصورة الحقيقية للمرأة المصرية، بل تقدمها في أدوار سطحية لا تليق بمكانتها وإنجازاتها.

كما عبّر العديد من المشاهدين عن استيائهم من ازدياد مشاهد العنف، والألفاظ غير اللائقة، والرسائل السلبية التي تروج لها بعض المسلسلات، والتي يرى البعض أنها تساهم في نشر سلوكيات غير محمودة بين الشباب، بدلًا من تعزيز القيم الإيجابية والمبادئ الأخلاقية.

الحاجة إلى تغيير شامل في الدراما المصرية

يرى المتخصصون أن الحل يكمن في إعادة هيكلة الصناعة الدرامية، وفتح المجال أمام المزيد من شركات الإنتاج المستقلة لتعزيز المنافسة، بالإضافة إلى ضرورة إشراك علماء النفس والاجتماع في عملية صناعة المحتوى، لضمان تقديم أعمال تحترم عقل المشاهد وتعكس التنوع الحقيقي في المجتمع المصري.  

ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أمس الأربعاء، عن تشكيل مجموعة عمل تعنى بوضع رؤية مستقبلية للإعلام والدراما، وضبط الأعمال الدرامية، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقال مدبولي خلال مؤتمر صحفي إن هناك تعليقات رصدت على الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان المبارك بأنها لا تعبر عن المعدن الحقيقي للمجتمع المصري ولا الواقع المصري.

وأفاد بأن مجموعة العمل ستضم خبراء ومتخصصين وأساتذة إعلام وشركات الإعلام بما فيهم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بهدف الوصول لرؤية شاملة من شأنها أن تعزز الهوية المصرية وتضمن عدم التقييد لحرية الفكر والإبداع.
وأكد رئيس الوزراء أن هذه الخطوة تأتي استجابة لما أثاره الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن ضرورة أن تعكس الأعمال الدرامية والإعلامية الواقع المصري الحقيقي، وتعزز القيم الإيجابية في المجتمع، خاصة بعد ردود الأفعال التي أظهرت وجود فجوة بين بعض الأعمال المقدمة في شهر رمضان والمعدن الأصيل للمجتمع المصري.

وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن هذا التوجه لا يهدف بأي حال من الأحوال إلى تقييد حرية الإبداع والفكر، وإنما يسعى إلى تقديم دراما تعبر بصدق عن الواقع المصري، وتتناول قضايا المجتمع بأسلوب احترافي يعزز الهوية الوطنية والانتماء، مع الالتزام بالثوابت الأخلاقية والحضارية.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية تمتلك إرثًا فنيًا وإعلاميًا كبيرًا، ومن الضروري العمل على استعادته وتطويره بما يواكب المتغيرات الحديثة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي هو إنتاج أعمال درامية على أعلى مستوى من الجودة، تظل خالدة في ذاكرة الأجيال وتعكس الصورة الحقيقية للمجتمع المصري.

وفي ظل هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على أن تحمل المواسم القادمة تغييرًا إيجابيًا يعيد للدراما المصرية بريقها، من خلال تقديم محتوى أكثر جودة وعمقًا، يحترم القيم المجتمعية ويعكس الصورة الحقيقية للمجتمع.

ومن جانبها، انتقدت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، غياب الصورة الحقيقية للمرأة المصرية في الدراما الرمضانية، مؤكدة أن الأعمال المعروضة لا تعكس دورها الفعلي في تحقيق الإنجازات الأسرية والمجتمعية، بل تروج لصورة مشوهة يتم تسويقها على نطاق واسع في العالم العربي.
وأضافت في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه يوجد حالة من الاستياء، تصل إلى حد الغضب، من المصريين المستنيرين تجاه المحتوى الدرامي، الذي بدلاً من ترسيخ القيم والأخلاق، يروج لسلوكيات منحرفة وأخلاقيات متدنية.
وأكدت ضرورة التصدي لهذه الظاهرة للحفاظ على القيم المجتمعية، مشيرة إلى أن الحل يكمن في الاستعانة بالمتخصصين في علم النفس والاجتماع، كما أوصى الرئيس السيسي، لضمان تقديم محتوى هادف يسهم في بناء المجتمع بدلاً من هدمه.

مقالات مشابهة

  • تأثير الدراما على الأجواء الرمضانية
  • أمانة الفنون بالجبهة يصدر توصياته حول أزمة الدراما
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: دراما رمضان بين التشويه والبناء
  • موعد عرض مسلسل آسر .. النسخة العربية من الدراما التركية ايزيل
  • رامي عياش: لست على علم بإعادة إنتاج المسلسلات التركية في الدراما اللبنانية
  • قصة تحدٍ وإنجاز.. رحلة رائدة التجديف المصرية إيما بناني لقيادة المنتخب البريطاني
  • دراما رمضان 2025.. موسم باهت وانتقادات حادة تدفع للتغيير
  • ليلى عز العرب: العمل الفني الناجح يجمع أفراد الأسرة حول الشاشة
  • الدراما العربية تحت المجهر.. حين يُشوه الواقع
  • الوسط الفني المصري يفجع بوفاة فنّان شهير