ما بعد السنوار.. تساؤلات ومسارات
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
«الحرب لم تنتهِ بعد». بدا ذلك التعبير، الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في لحظة انتشاء إثر مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» وقائد عملية السابع من أكتوبر (2023) ملغماً بمسارات متناقضة قد تذهب إليها الحوادث.
«سنواصل بكل قوة حتى إعادة الأسرى». كان ذلك شرحاً مبتسراً لا يكشف كامل توجهاته ولا طبيعة وسائله.
فهو يعني- من ناحية- المضيّ قدماً في الحرب على غزة، وجبهة إسنادها في لبنان، لأهداف لم يفصح عنها، لكنها تتجاوز مسألة الأسرى إلى إعادة ترتيب المنطقة كلها.
إنه مشروع حرب إقليمية يصعب استبعادها.
وهو من ناحية أخرى، لا يغلق أبوابه أمام الدعوات المتصاعدة من واشنطن وداخل إسرائيل نفسها لعقد صفقة حان وقتها يفرج بمقتضاها عن الرهائن والأسرى الإسرائيليين.
بنص تصريحاته: «هذه بداية اليوم التالي لحماس». أي يوم تالٍ؟!
يقيناً فهو لا يقصد العودة إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» برعاية أمريكية ومصرية وقطرية عند النقطة التي توقفت عندها.
إنه يطلب «النصر المطلق» للآلة العسكرية الإسرائيلية، أو الاستسلام الكامل لحركات المقاومة، وليست «حماس» وحدها.
بنفس درجة الالتباس أبلغ وزير دفاعه يوآف غالانت نظيره الأمريكي لويد أوستن: «مقتل السنوار حدث جوهري سيغير قواعد اللعبة». هناك فارق جوهري بين أن تكون الضربة موجعة، أو أن تكون قاتلة.
باليقين فإن آثارها السياسية والنفسية سلبية على الجمهور الفلسطيني ومقاتلي المقاومة، من دون أن يعني ذلك أي استعداد للتسليم بالشروط الإسرائيلية، أو رفع الرايات البيضاء.
ما الذي يمكن أن يتغير في قواعد اللعبة، إذا ما كانت إبادة جماعية وتجويعاً منهجياً وإذلالاً متعمداً للفلسطينيين ونفياً مطلقاً لحقهم في بناء دولة مستقلة؟ هل يقصد ممارسة أقصى درجات الضغط على «حماس» بعد قتل رئيسها؟
قد تتغير وجوه القادة من دون أن يطرأ أدنى تغيير على طبيعة الصراع وحتميته.
القضية في جوهرها قضية تحرر وطني، وأي كلام آخر تحليق في الأوهام.
ما دام هناك احتلال تكتسب المقاومة شرعيتها بغض النظر عمن يرفع رايتها.
المقاومة فكرة والأفكار لا تموت.. هذه حقيقة لا يجب نسيانها.
كان مثيراً للالتفات في الخطاب الأمريكي تحميل السنوار وحده مسؤولية إفشال التوصل إلى صفقة التبادل ووقف إطلاق النار وإعفاء نتنياهو بالوقت نفسه من الأدوار التي لعبها علناً ومباشرة في إفساد أية صفقات كلما بدا أنها ممكنة!
حسب نفس الخطاب فإن مقتل السنوار يعني إزاحة العقبة الرئيسية أمام «السلام».. أي سلام؟!
وهل بوسع الإدارة الأمريكية الحالية أن تتقدم بمبادرة جديدة لاستئناف التفاوض؟
ما الهدف بالضبط: هدنة مؤقتة لاستعادة الأسرى والرهائن؟.. أم وقف إطلاق نار مستدام في غزة يعقبه بالضرورة وقف آخر في جنوب لبنان؟
ما مغزى جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة الآن؟.. وهل تنطوي على أية جدية؟
قبل نحو أسبوعين على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا توجد أية فرص أمام الإدارة الحالية للحركة والتأثير في مجريات الحوادث. كل ما تستطيعه أن تستثمر في مقتل السنوار بدواعٍ انتخابية.
بمنطوق التصريحات الأمريكية المتواترة فإن هناك فرصة أمام نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة استناداً إلى «الإنجازات»، التي حققها.
المشكلة ليست في توصيف الإنجازات، حجمها وطبيعتها، بل في تعريف طبيعة الصراع واستحالة إلغاء وجود الشعب الفلسطيني فوق أراضيه، وقدر التعاطف الشعبي الدولي مع عدالة قضيته كما لم يحدث من قبل.
إننا أمام تجهيل متعمّد بمسؤولية نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة عن أبشع جرائم الحرب ونزوعها لتوسيع نطاق المواجهات بذريعة نجاعة الضغط العسكري، رغم أنها لا تستطيع كسب أي حرب من دون غطاء أمريكي كامل.
المستلفت- هنا- أن النيل من السنوار جرى بالمصادفة من دون معلومات استخباراتية عن تواجده في المكان، ولا كانت هناك قوات خاصة شاركت في المهمة.
توجه نتنياهو للتصعيد يأخذ أكثر من صيغة. الأولى، باسم «خطة الجنرالات» لتفريغ شمال غزة من سكانه كخطوة تفضي إلى إنشاء مستوطنات إسرائيلية، وربما التهجير القسري إلى سيناء في نهاية المطاف. والثانية، باسم «ضرب جبهة الإسناد في لبنان»، وفصم أي علاقة بين الجبهتين.
الأخطر أن إسرائيل تخطط لبناء شريط حدودي داخل الأراضي اللبنانية باسم الحفاظ على أمنها من دون أن تتذكر تجربتها الفاشلة السابقة في المكان نفسه.
والثالثة، باسم تصفية الحسابات مع إيران، وسيناريو توجيه ضربة عسكرية مهندسة إليها ماثل بقوة، لكنها قد تفلت عن أي حساب إلى اندلاع نيران أكبر وأخطر في الشرق الأوسط، وهذا ما تتحسب له الإدارة الأمريكية.
هل يعطل مقتل السنوار الضربة المحتملة لإيران؟ بكل وضوح: لا.. لكنها قد تخضع لتعديلات حتى لا يفسد المشهد الانتصاري لليمين الإسرائيلي المتطرف.
*نشر أولاً في صحيفة “الشروق” المصرية
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: مقتل السنوار من دون
إقرأ أيضاً:
انعقاد مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين بالعُلا
المناطق_واس
عقد مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين- اليوم – اجتماعه الخامس ضمن دورته الأربعين في محافظة العُلا، بحضور معالي رئيس الديوان العام للمحاسبة رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين عضو مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين الدكتور حسام بن عبدالمحسن العنقري، وبقيّة أعضاء مجلس الإدارة وذلك على هامش المؤتمر الثاني للاتحاد العربي لجمعيات المراجعين الداخليين.
واستعرض المجلس خلال الاجتماع أبرز أعمال عام 2024م، إلى جانب مناقشة البنود المدرجة على جدول الأعمال، التي تم اتخاذ العديد من التوصيات والقرارات بشأنها.
أخبار قد تهمك “حياكة السدو”.. فن تقليدي يجسد تراث الأجداد ويعزز الهوية الثقافية بمنطقة الباحة 21 فبراير 2025 - 3:49 مساءً المملكة تحتفي غدًا بذكرى تأسيس الدولة السعودية 21 فبراير 2025 - 3:47 مساءًوتطرق الاجتماع إلى المبادرات والبرامج النوعيّة التي أطلقتها الجمعية السعودية للمراجعين الداخليين خلال عام 2024، بهدف تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال المراجعة الداخلية، انطلاقًا من النجاحات التي حققتها المملكة في هذا المجال، ويسعى مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين إلى مواصلة جهوده المثمرة لتطوير المعايير المهنية ونشر الوعي بدور المراجعة الداخلية، بما يتماشى مع التطورات التقنية والمهنية العالمية، كما يهدف إلى دفع عجلة تطور المهنة وممارسيها من خلل وضع إستراتيجيات وخطط مستقبلية تسهم في توسيع آفاق المهنة وتواكب المستجدات العلمية والتقنية.
من جانب آخر أشاد أعضاء مجلس إدارة المعهد الدولي للمراجعين الداخليين وإدارته التنفيذية بالمؤتمر الثاني للاتحاد العربي لجمعيات المراجعين الداخليين، الذي أقيم في محافظة العلا تحت شعار “معًا للريادة”، مؤكدين حجم التطوّر المذهل الذي وصلت إليه مهنة المراجعة الداخلية في المنطقة العربية خلال السنوات القليلة الأخيرة.
ويُعد المعهد الدولي للمراجعين الداخليين المرجع المهني الأول عالميًا في مهنة المراجعة الداخلية، حيث تأسس عام 1941 ويقع مقره الرئيس في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويقدم المعهد فرصًا تعليمية وتطويرية شاملة، بالإضافة إلى معايير وإرشادات مهنية، وبرامج شهادات وبحوث تهدف إلى تعزيز المعرفة في مجالات المراجعة الداخلية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 21 فبراير 2025 - 3:55 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد21 فبراير 2025 - 3:45 مساءًمهرجان الرياضيات لغة العلوم يروي قصة العالم السعودي علي الدفاع أبرز المواد21 فبراير 2025 - 3:43 مساءًالشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري SRC تعلن إتمام تسعير أول صكوك دولية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي أبرز المواد21 فبراير 2025 - 3:40 مساءًانطلاق فعاليات يوم التأسيس في الجبيل الصناعية أبرز المواد21 فبراير 2025 - 3:13 مساءًرؤساء البعثات القنصلية والدبلوماسية المعتمدون بمنطقة مكة المكرمة يزورون مدينة ينبع الصناعية أبرز المواد21 فبراير 2025 - 3:08 مساءًزلزال بقوة 4.1 درجات يضرب شمال باكستان21 فبراير 2025 - 3:45 مساءًمهرجان الرياضيات لغة العلوم يروي قصة العالم السعودي علي الدفاع21 فبراير 2025 - 3:43 مساءًالشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري SRC تعلن إتمام تسعير أول صكوك دولية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي21 فبراير 2025 - 3:40 مساءًانطلاق فعاليات يوم التأسيس في الجبيل الصناعية21 فبراير 2025 - 3:13 مساءًرؤساء البعثات القنصلية والدبلوماسية المعتمدون بمنطقة مكة المكرمة يزورون مدينة ينبع الصناعية21 فبراير 2025 - 3:08 مساءًزلزال بقوة 4.1 درجات يضرب شمال باكستان "حياكة السدو".. فن تقليدي يجسد تراث الأجداد ويعزز الهوية الثقافية بمنطقة الباحة "حياكة السدو".. فن تقليدي يجسد تراث الأجداد ويعزز الهوية الثقافية بمنطقة الباحة تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن