المسيرات والذكاء الاصطناعي| أسلحة منخفضة التكلفة تهدد أمن إفريقيا
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في السنوات الأخيرة، باتت المسيرات (الطائرات بدون طيار) تلعب دورًا متزايد الأهمية في ساحات المعارك حول العالم، بما في ذلك القارة الإفريقية.
مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، تحولت هذه الطائرات إلى أدوات أكثر فتكًا وذكاءً، قادرة على شن هجمات دقيقة دون الحاجة إلى تدخل بشري.
وبينما تزداد المخاوف من انتشار هذه التكنولوجيا بين الحكومات والجماعات المسلحة، يحذر الخبراء من أن الإرهابيين قد يستغلون هذه المسيرات لتعميق الصراعات الدموية في المناطق الأكثر هشاشة، مثل منطقة الساحل.
وأصبحت الطائرات المسيرة جزءًا متزايد الأهمية في ترسانة الأسلحة المستخدمة في ميادين القتال من إثيوبيا إلى ليبيا ومالي، ومع انتشار المسيرات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بسرعة، تزداد مخاوف الخبراء بشأن كيفية استخدامها، سواء كانت في أيدي قوات الأمن أو الجماعات المتطرفة.
وذلك على عكس المسيرات التقليدية التي تعتمد على البشر لتوجيهها، فإن المسيرات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحديد الأهداف وضربها دون الحاجة إلى إشراف بشري. والخبراء يخشون أن تؤدي زيادة انتشار المسيرات ذاتية التحكم إلى تمكين الجماعات الإرهابية من إلحاق أضرار أكبر بالمدنيين، خصوصًا في منطقة الساحل، حيث لم تسهم الانقلابات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر في تحسين الأوضاع الأمنية، بل ربما زادت من تفاقم حالة انعدام الأمن.
في هذا السياق، يقول المحلل روبرت بوكياغا، في مقال له نُشر في مجلة «أفريكا ريبورت» مؤخرًا: "إن دخول المسيرات إلى أيدي الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل أضاف تعقيدًا جديدًا للوضع الأمني المتدهور، مما أدى إلى تصعيد التهديدات وتفاقم الثغرات الأمنية القائمة".
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت المسيرات أدوات شائعة للاستخدام في الأغراض المدنية والعسكرية، حيث تم استخدامها خلال جائحة كورونا (كوفيد-19) لنشر رسائل الصحة في المناطق العامة، وتوصيل الأدوية إلى المجتمعات النائية، وتطهير الأماكن العامة.
وفي المناطق التي تعاني من نشاط المتطرفين، يستخدم الطرفين المسيرات لجمع المعلومات الاستخبارية ومراقبة ساحات القتال.
وأصبحت الطائرات المسيرة منصات جوية منخفضة التكلفة قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة باستخدام قذائف الهاون والمتفجرات، وهو ما استخدمته القوات المسلحة السودانية لمهاجمة مقاتلي قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
أما المسيرات الأكثر تطورًا، كتلك التي حصلت عليها بعض الدول الإفريقية من تركيا وإيران، فهي قادرة على تعطيل الدبابات وتدمير مواقع العدو، كما فعل الجيش الإثيوبي ضد المتمردين التيغرانيين مرارًا في عام 2021.
ورغم أن هذه المسيرات العسكرية تُباع بملايين الدولارات، مما يجعلها بعيدة عن متناول العديد من الجماعات المتمردة، إلا أن الحكومات والجماعات المتطرفة يمكنها تسليح الطائرات رباعية المراوح (كوادكوبتر) المتاحة في الأسواق.
وأشارت مجلة «مودرن دبلوماسي» مؤخرًا إلى أن "الوضع ازداد تعقيدًا بسبب التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي والاستخدام المتزايد للمسيّرات في صراعات أوكرانيا والشرق الأوسط".
ويرى الدكتور جيمس باتون روجرز، المدير التنفيذي لمعهد كورنيل بروكس لسياسات التكنولوجيا، أن الصراعات في إثيوبيا وليبيا والسودان تمثل بداية عالم جديد تنتشر فيه المسيرات بشكل غير مسبوق".
كما قال روجرز لموقع «بيزنس إنسايدر»: "يمكننا أن نفهم كيف يمكن إساءة استخدام المسيرات من خلال النظر إلى الحوادث التي ألحقت أضرارًا بالمدنيين في نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبوركينا فاسو نتيجة استخدام الدول لهذه التقنية".
ويرى أن المسيرات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي قد تصبح جزءًا من ترسانة الإرهابيين، خاصة في منطقة الساحل التي تعاني من ويلات الإرهاب.
وفي هذا السياق، يقول الباحث أولومبا وأويولي وأوتشي: "من المحتمل أن تقع الأسلحة ذاتية التحكم في أيدي الجماعات الإرهابية والميليشيات في منطقة الساحل، وهو أمر مقلق للغاية، لأنها ستزيد من إراقة الدماء في صراع دموي لا يعرف الرحمة في الأساس".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الطائرات المسيرة أفريقيا إثيوبيا مالي السودان الإرهابيين الساحل الإفريقي أدوات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی فی منطقة الساحل قادرة على
إقرأ أيضاً:
"وكلاء الذكاء الاصطناعي".. ماذا ينتظرنا؟
مؤيد الزعبي
رغم أنَّ مصطلح "وكلاء الذكاء الاصطناعي" ليس بالمصطلح الجديد، فقد سمعنا به كثيرًا خلال الفترة الماضية، والذي يعني ببساطة أنه نظام ذكي مُستقل قادر على إدراك بيئته، ومعالجة المعلومات، واتخاذ القرارات، وتنفيذ الإجراءات لتحقيق أهداف محددة دون تدخل بشري، إلّا أنه برز مرة أخرى بعدما طرحت شركة Butterfly Effect الصينية وكيلها الاصطناعي "مانوس"، والذي أحدث ضجّةً كبيرة حول العالم لكونه قادرًا على تنفيذ مهام معقدة بشكل مستقل، مثل إنشاء مواقع إلكترونية مخصصة؛ بدءًا من اختيار القالب المناسب، وتصميم الهيكل، وإضافة المحتوى، وصولًا إلى إطلاق الموقع النهائي.
وهذا المستوى من الاستقلالية في اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام يعكس تقدمًا كبيرًا في مجال وكلاء الذكاء الاصطناعي ولهذا دعنا نبحر في هذا المصطلح ونكتشف معًا أنا وأنت عزيزي القارئ ماذا ينتظرنا في المُستقبل؟
في البداية، دعني أخبرك بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي سيكونون هم يَدُنا اليُمنى في كل ما نقوم به في حياتنا في قادم السنوات، هم من سيديرون لنا مواعيدنا كما لو كانوا أفضل سكرتير وهم أيضًا من سيكونون مساعدينا الشخصيين الذين طلباتنا لهم مجابة وحاضرة في الوقت واللحظة، وهم من سيكونون وكلاء سفرنا وهم مساعدينا في العمل وفي البيت وفي الشارع وفي المراكز التجارية، هم من سيختارون لك لباسك بناءً على شكلك وجسمك، وهم من سيختارون لك عطرك بناء على درجة حرارة الجو والمكان الذي تقصده، وهم من سيختارون لك تخصصك الدراسي ومسارك المهني، وهم من سيقودون سيارتك وينجزون لك مهامًا وأنت في طريقك للعمل، وهم من سيكونون طبيبك ومعالجك وجراحك الذي يجري عمليته ببراعة دون أي تدخل بشري لا في التحريك ولا في اتخاذ القرار.
تخيَّل معي، عزيزي القارئ، كيف ستكون مهام عملك بوجود وكيل ذكاء اصطناعي يساعدك على إتمامها. فحسب التقارير، هذا الوكيل سيقوم بما يزيد عن 50% من مهام عملك، فكما جاء في الفيديو التعريفي لـ"مانوس"، فهو قادر على مراجعة السير الذاتية المقدمة لوظيفة ما، وبعد أن يقوم بدراستها، يختار الشخص المناسب لهذه الوظيفة، وصحيح أن الأمر أعقد من مجرد قراءة سير ذاتية، إلّا أن هذا العمل الذي كان يتطلب الكثير من الوقت والجهد من موظفي الموارد البشرية، ها هو وكيل الذكاء الاصطناعي يختصر لك المُهمة ويُشيل عنك نصف العبء، والأمر لا يتوقف عند هذه المهمة فقط، فهناك الآلاف من المهام التي سيقوم بها وكيل الذكاء الاصطناعي في قادم الأيام.
فمثلًا، لو كنت مُتداوِلًا في أسواق الأسهم، وجعلت وكيل الذكاء الاصطناعي هو من يدير لك عملية التداول، فهو سيقوم بكل ما يلزم من دراسة الأسواق، وقراءة التقارير المالية، وقراءة ما يُكتب في الصحافة، ويدرس لك وضع الشركات وخططها المستقبلية، ويقوم لك بالتداول من بيع وشراء دون أن تتدخل أنت. أو على الأقل، يقدم لك اقتراحات حول أفضل الاتجاهات في السوق، وأنت تقوم بتأكيد العملية. وهذا ما سيحدث في البداية، ولكن يومًا بعد يوم سيختار هو بدلًا عنك، واختياراته ستكون مقنعة ومنطقية أكثر منك أنت، عزيزي المتداول.
في قادم الوقت، حتى لو كنت تعمل في وظيفة حساسة كوزير مثلًا، سيكون لديك وكيلك الاصطناعي الذي يخاطب وكيلًا اصطناعيًا لوزير آخر، ويتفق معه على كل الصيغ المتاحة للتبادلات التجارية أو السياسية أو حتى المجتمعية أو الفنية أو الرياضية، ويخرج لك باتفاق مبدئي لا ينقصه سوى توقيعك البشري ليدخل حيز التنفيذ، وحمدًا لله إن بقي التوقيع البشري له قيمة في قادم الأيام، فبمجرد أن أعطينا الذكاء الاصطناعي السلطة على اتخاذ القرارات، سيبدأ بتعلم كيفية اتخاذها بشكل أفضل يومًا بعد يوم، وكل المهارات البشرية الحساسة سيبدأ الوكلاء بتعلمها وإتمامها بسرعة تفوق قدرتنا على مجاراتهم.
ما نحن مقبلون عليه باختصار هو أن حياتنا العملية والشخصية ستتغير للأبد. فوكلاء الذكاء الاصطناعي سيصلون إلى بيوتنا ويدخلون مطابخنا، وسيطرقون أبواب غرف نومنا ليقوموا لنا بمهام كثيرة؛ هم من سيختار وجبات طعامنا، وهم من سيطلب لنا طلبيات احتياجاتنا المنزلية، وهم من سيضعون لنا ميزانيتنا، وهم من سيختارون لنا شكل علاقاتنا.
ما الذي سيأتي مستقبلًا؟!
ستصبح حياتنا مُنقسمة إلى جزأين: جزء يقوم وكلاء الذكاء الاصطناعي بملئه من مهام في العمل أو مهام حياتية، وجزء تقوم به أنت. وقد يكون هذا الأمر إيجابيًا في حالة أوكلنا لهذه الأنظمة ما يعكر علينا صفو الحياة، وجعلناها تساعدنا في تنفيذ أمور حياتنا وعملنا بطريقة أسرع وأسهل وأكثر دقة. ولكن في حال اعتمدنا عليها اعتمادًا كليًا، ستفوق علينا لدرجة أن تطغى، وتصبح الوكلاء تخاطب بعضها البعض وتدير حياتنا بناءً على صفقات من يشغل هؤلاء الوكلاء، أو نكون مجبرين على أن ندفع لهم جزءًا من أموالنا مقابل خدماتهم. فالأمر لن يكون مجانيًا، أعدك بذلك.
في النهاية، ما أردته هنا هو أن نفتح أعيننا للفرص المتاحة أمامنا مع هؤلاء الوكلاء. وأنا أتفق بأنهم سيكونون عونًا لنا في الكثير من الأمور، ولكن في مُعظم الأحيان ستكون قراراتهم مبنية على منطق عقلي أو حسابي. أما في حياتنا نحن كبشر، فإنَّ جزءًا كبيرًا من قراراتنا مبنية على الإحساس أو المشاعر، أو ما نسميه "إنسانية"؛ فكيف سيتعامل الوكلاء مع هذه النقطة تحديدًا؟ هو ما سنكتشفه أو ستكشفه لنا الأيام.
رابط مختصر