الإمارات وروسيا.. «اقتصاد المستقبل» يرسم مسارات التعاون
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
مصطفى عبدالعظيم (أبوظبي)
تتسم العلاقات الاقتصادية بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية، منذ عقود بالقوة والمتانة والتطور المستمر، حيث تجمع البلدين شراكة استراتيجية شاملة في المجالات كافة، الأمر الذي ساهم في تحقيق التعاون الاقتصادي قفزات مهمة في حجمه وتنوعه خلال السنوات الماضية، في العديد من القطاعات الحيوية.
وفيما تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تقدماً سريعاً في مختلف المجالات، برزت في السنوات الأخيرة مجالات «اقتصاد المستقبل»، لترسم مسارات جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين الجانبين، لاسيما في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والابتكار والاقتصاد الدائري، إلى جانب القطاعات الحيوية الرئيسية الأخرى.
في مارس من العام الماضي، اتفقت الإمارات وروسيا الاتحادية، خلال اجتماعات الدورة الحادية عشرة للجنة الحكومية المشتركة بين البلدين للتعاون في القطاعات الاقتصادية والتجارية والفنية، على تعزيز التعاون في القطاعات ذات الأولوية على الأجندة الاقتصادية للبلدين، والعمل المشترك وتبادل الخبرات والمعرفة في مجالات الابتكار والبيئة والتعليم والخدمات المالية، بما يخدم النمو الاقتصادي المستدام لاقتصاد البلدين الصديقين.
12 قطاعاً للتعاون الاقتصادي
خلال أعمال الدورة العاشرة من اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين الإمارات وروسيا الاتحادية، وضع الجانبان إطاراً جديداً للتعاون الاقتصادي، يشمل 12 قطاعاً ومجالاً حيوياً ومستقبلياً ترسم خريطة طريق للتعاون بين البلدين خلال المرحلة المقبلة. ويتضمن ذلك التجارة والاستثمارات، والطاقة، والصناعة والابتكار، والخدمات المالية والمصرفية والجمارك، والأمن الغذائي والزراعة، والتعليم والنقل، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام والثقافة والسياحة والرياضة، وحماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعة، والاقتصاد الدائري، والثورة الصناعية الرابعة، والفضاء.
قفزات التبادل التجاري
تصنف الإمارات ضمن أهم الدول العربية في التجارة الروسية، حيث تأتي في المرتبة الثانية، وبلغت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وروسيا 40.2 مليار درهم، مقابل 13 مليار درهم قبل عشرة أعوام فقط، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وروسيا منذ العام 2010 ولغاية نهاية 2023 نحو 204 مليارات درهم.
وأشارت بيانات وزارة الاقتصاد، إلى أن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين للعام 2022 قفز بصورة قياسية، وذلك بنسبة 108% ليصل إلى 39.6 مليار درهم، مقابل 19 مليار درهم خلال عام 2021.
وبلغ التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 13.7 مليار درهم عام 2013 و13.1 مليار درهم عام 2014، في حين بلغ 9.3 مليار درهم عام 2015، ونحو 7.6 مليار درهم في عام 2016، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 9.3 مليار درهم في عام 2017، وإلى 12.5 مليار درهم في عام 2018، وإلى 13.5 مليار درهم في عام 2019، قبل أن يتراجع في عام الجائحة 2020 إلى 9.4 مليار درهم، ليقفز بأكثر من 100% في عام 2021، ويصل إلى 19 مليار درهم، ثم إلى 39.6 مليار درهم خلال عام 2022، ويصل إلى 40.2 مليار درهم في 2023.
استثمارات بينية
تعد الإمارات الوجهة الأولى عربياً للاستثمارات الروسية، وتستحوذ على النسبة الأعلى من إجمالي استثمارات روسيا في الدول العربية، وفي المقابل، فإن الإمارات هي أكبر مستثمر عربي في روسيا، وتسهم بأكثر من 80% من إجمالي الاستثمارات العربية فيها، كما تعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، وتستأثر بنسبة 55% من إجمالي التجارة الروسية الخليجية.
ويتشارك البلدان إمكانات تنموية واسعة وآفاقاً إيجابية تقوم على أسس تاريخية راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، حيث توطدت روابط البلدين على مدار 5 عقود، وواصلت ازدهارها حتى تكللت بالشراكة الاستراتيجية القوية التي تجمع البلدين. أخبار ذات صلة برامج «ميرال» للتدريب تستقطب 1000 إماراتي وجهات الإمارات ضمن أهم خيارات السياح في العالم
4 آلاف شركة روسية
تحتضن أسواق الإمارات أكثر من 4000 شركة روسية، وبلغ عدد العلامات التجارية الروسية المسجلة في الإمارات 647 علامة، وتضم الإمارات 29 وكالة تجارية روسية مسجلة. وتتضمن قطاعات الاستثمار الروسي في الإمارات الأنشطة العقارية وتجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية، والصناعة التحويلية والمعلومات والاتصالات، إضافة إلى النقل والتخزين وقطاع التعليم والأنشطة المالية والتأمين، فضلاً عن الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية.
وتعد الإمارات مركزاً لإعادة توزيع المنتجات الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك لما تتمتع به من موقع جغرافي مهم كنقطة التقاء تجارية دولية، وخبرات مدربة في جميع مجالات العمل التجاري، وما تقدمه من تسهيلات وحوافز للمستثمرين.
التجارة والاستثمار
وتشكل الإمارات وجهة مهمة للتجارة والاستثمارات الروسية، للاستفادة من الميزات والفرص التي توفرها دولة الإمارات كواحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية تنافسية في المنطقة والعالم، لاسيما بعد التحديثات التشريعية الاقتصادية الأخيرة، والسماح بالتملك الأجنبي للشركات بنسبة 100% والانفتاح والمرونة في سياسات التجارة والاستثمار وتأسيس ومزاولة الأعمال، وإطلاق حكومة دولة الإمارات لمشاريع الخمسين التي تمثل خريطة طريق استباقية لاقتصاد المستقبل، وتعزيز التحول نحو نموذج اقتصادي مرن ومستدام وأكثر انفتاحاً على الشراكات والأسواق العالمية.
وتعتبر الشركات الروسية، الإمارات مركزاً مناسباً للإنتاج والخدمات اللوجستية لتنظيم إمدادات التصدير واستيراد المكونات والمعدات والمواد المطلوبة إلى روسيا.
استثمارات الإمارات
تمثل استثمارات الإمارات في روسيا أكثر من 80% من إجمالي حجم الاستثمارات العربية، يتركز معظمها في قطاعات الغاز والنفط والخدمات اللوجستية في روسيا، فضلاً عن تطوير الموانئ وتطوير البنية التحتية، وتصنيع الزجاج والنقل البحري والأنشطة العقارية، إضافة إلى قطاع الطيران والبناء والتشييد والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والنقل الجوي للركاب والبضائع والاستثمار في مجال صناعة طائرات الهليكوبتر والاستثمار في مجال البتروكيماويات، وفي مجال الرعاية الصحية. ويعمل البلدان معاً على تعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في روسيا، واستكشاف فرص التعاون في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر وتسييل الكربون وحلول الطاقة المتجددة. كما أقرا تشكيل مجموعة عمل للتعاون في مجال الطاقة المستدامة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات روسيا التعاون الاقتصادي التجارة الثورة الصناعية الرابعة الذكاء الاصطناعي التبادل التجاری غیر النفطی بین للتعاون الاقتصادی ملیار درهم فی عام الإمارات وروسیا بین الإمارات بین البلدین من إجمالی فی روسیا فی مجال
إقرأ أيضاً:
قمة D8 في مصر.. تشكيل اقتصاد الغد بفرص استثمارية واعدة
افتتحت مصر، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني الإسلامية للتعاون الاقتصادي (D8)، تحت شعار “الاستثمار في الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد”.
وانعقدت القمة في العاصمة الإدارية الجديدة بحضور قادة الدول الأعضاء وعدد من القادة الدوليين والمنظمات الإقليمية، حيث تسلمت مصر الرئاسة الدورية للمنظمة، ما يعكس التزامها بتعزيز التعاون بين الدول النامية لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
أهمية استضافة مصر للقمة وتأثيرها على الاقتصاد المصريتُعد استضافة مصر لهذه القمة فرصة ذهبية لتعزيز الشراكات الاقتصادية بين دول المنظمة التي تضم: بنجلاديش، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، تركيا، ومصر. من خلال هذه القمة، تسعى مصر إلى استعراض إنجازاتها الاقتصادية، خاصة في مجالات تطوير البنية التحتية، مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والمناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. كما أعلن الرئيس السيسي عن مبادرات مبتكرة تهدف إلى تبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، مثل "حياة كريمة" و"تكافل وكرامة"، ما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للتنمية الاقتصادية والشراكات الاستثمارية.
وتأسست منظمة الدول الثماني الإسلامية للتعاون الاقتصادي (D8) لتعزيز التعاون الاقتصادي بين أعضائها الذين يمثلون سوقًا ضخمة بأكثر من مليار نسمة، ويبلغ إجمالي ناتجهم المحلي حوالي 5 تريليون دولار. تسعى المنظمة إلى دعم مشروعات التنمية المستدامة، تعزيز التجارة البينية، وتحقيق التكامل الاقتصادي. وبهذا السياق، أكد الرئيس السيسي على أهمية التعاون المشترك لتجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول الأعضاء، مثل نقص التمويل والفجوة الرقمية، من خلال تنفيذ مشروعات مشتركة تركز على التكنولوجيا، الزراعة، الصناعة، والطاقة الخضراء.
مبادرات مصر لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاءأعلن الرئيس السيسي عن مبادرات رائدة خلال رئاسة مصر للمنظمة، منها:
1. تدشين شبكة لمديري المعاهد الدبلوماسية لتعزيز التعاون وتطوير الكوادر الدبلوماسية.
2. إطلاق مسابقة إلكترونية لطلاب التعليم ما قبل الجامعي في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
3. تأسيس شبكة للتعاون بين مراكز الفكر الاقتصادي لتبادل الأفكار حول تعزيز الاستثمار والتجارة.
4. عقد اجتماعات دورية لوزراء الصحة، مع استضافة مصر الاجتماع الأول عام 2025.
كما أعلن الرئيس السيسي عن نية مصر التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية، تأكيدًا لأهمية تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء، معربًا عن أمله في تحقيق تطلعات شعوب المنظمة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
واختتم الرئيس السيسي كلمته بالتأكيد على أهمية التعاون بين دول المنظمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشددًا على أن هذه القمة تمثل نقطة انطلاق نحو تعزيز الشراكات الاقتصادية وتجاوز التحديات المشتركة، بما يحقق تطلعات الشعوب نحو الرخاء والنمو.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، إن استضافة مصر للقمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثماني الإسلامية للتعاون الاقتصادي تعزز التعاون الاقتصادي بين مصر ودول المنظمة، التي تضم بنجلاديش، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، وتركيا.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القمة تبحث سبل دعم الشراكات الاقتصادية في مجالات متعددة، ما يعكس التزام الدول الأعضاء بتطوير العلاقات التجارية وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأشار الأمين إلى أهمية اللقاءات الثنائية التي تُعقد على هامش القمة بين الرؤساء والوفود المشاركة، كونها تتيح فرصة لعرض الفرص الاستثمارية الكبرى في مصر، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، واستعراض الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها مصر لتحفيز الاستثمار. مؤكدًا أن المنظمة تسعى إلى توسيع آفاق التعاون بين الدول الأعضاء.
وتابع قائلًا إن قيادة مصر للمنظمة هذا العام، وطرحها لمبادرات لدعم التعاون في مجالات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، تمثل خطوة رئيسية لتحقيق التكامل الاقتصادي. كما أشار إلى أن التعاون مع دول مثل تركيا وماليزيا يمكن أن يسهم في نقل التكنولوجيا وتعزيز الصناعات المشتركة، خاصة مع موقع مصر كبوابة لأفريقيا ومركز لوجستي للتصدير، مما يضمن تحقيق مكاسب متبادلة وتنمية مستدامة.