الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

قال الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)سور يوسف الآيات (1-3).


موسى والمعلم
كانت السلالة الثامنة عشرة الفرعونية المصرية قد وصلت إلى مرحلة من الضعف، حتى إن أجزاء من الدولة المصرية قد تمّ احتلالها من قبل دول وأقوام آخرين.
من الدول التي احتلت الجزء الشرقي من مصر هي الدولة الحثيّة في آسيا الصغرى، المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وتعرف بالأناضول التركية.
كان مؤسس الدولة الحثية، هو الملك «شوبيلوليوما الأول» «Suppiluliuma I» حكم (1355 – 1320 ق.م)، وفي زمن الملك الثاني «مورشيلي الثاني» «Mursili II» حكم (1321-1295 ق.م)، قام ذلك الملك بغزو سوريا التابعة لمصر حتى وصل إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر.
كان ذلك في زمن فرعون الذي تربى موسى في قصره، وهو في عام 1316 قبل الميلاد.
حينما بلغ موسى أشده، في أن يرحل إلى مسافات طويلة، للبحث عن العلم الذي لم يجده في مصر، فقد أوحي إليه أن يرحل إلى مجمع البحرين، وهما بحر إيلات وبحر السويس، منطقة رأس محمد بشرم الشيخ، وعند مجمع بينهما (السويس وشرم الشيخ) عند الصخرة، وهي الطور، سيجد المعلم الذي سيعلمه.
خرج موسى ومعه خادمه من قصر فرعون إلى السويس حيث بداية بحر السويس، ومن هناك بدأت قصة موسى مع المعلم.
قال الله سبحانه وتعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)
سورة الكهف الآية (60)
الفتى: العبد أو الخادم.
مجمع البحرين: منطقة رأس محمد بشرم الشيخ.
بلغ: وصل.
أحقب: أركبه وراءه.
قال الله سبحانه وتعالى:
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64).
سورة الكهف الآيات (61-64)
مجمع بينهما: في منتصف المسافة بين السويس وشرم الشيخ.
الحوت: سمكة، وفي وضع السمكة التي أمسك بها موسى وفتاه، فكانت من نوع القرموط، وهي شبيهة بالحية، وتخرج من البحر إلى اليابسة.
اتخذ سبيله في البحر سرباً: اندس تحت التراب إلى البحر.
فلما جاوزا: أي مرّا عن الصخرة، أي الطور.
ذلك ما كنا نبغ: كان موسى قد أوحى الله سبحانه وتعالى إليه أنه سيجد العلم عند الصخرة أي الطور، وذلك ما كان يبتغيه موسى.
قال الله سبحانه وتعالى:
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا (74) ۞ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا (76) فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82) 
سورة الكهف الآيات (65-82).
وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً: الملك هو مرشيلي الثاني، الذي كان مقيماً في إيلات، وأي سفينة تأتي من ناحية مصر، يأخذها غصباً.
لقد جئت شيئاً إمراً: أي أمراً عجيباً.
استردت مصر إقليمها الشرقي على يد ابن سيتي، حفيد رعمسيس مؤسس السلالة التاسعة عشرة، نحو عام 1301 قبل الميلاد، حيث حارب الحثيين في سوريا، وكسرهم وأبعدهم عن سوريا.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة الله سبحانه وتعالى ال ب ح ر

إقرأ أيضاً:

الدكتور يسري الشرقاوي يكتب: عام ترتيب الأوراق

نعم إنه عام إعادة ترتيب الأوراق، وإعلاء فقه الأولويات، والخروج من عنق الزجاجة اقتصادياً.

تحرّك قطار 2025 ، واستكمالاً لما كتبته فى مقالى السابق على صفحات جريدة «الوطن» تحت عنوان «أبشروا 2025»، وشرحتُ معللاً ببعض الأدلة والمؤشرات الاقتصادية رؤيتى حول الوضع الاقتصادى المصرى المتوقع خلال عام ٢٠٢٥، وتركت للقارئ كعادتى أن يستنبط ويعيش معى مدلولات الأرقام وانعكاسات الأحداث، وودت أن أؤكد فقط أنها رؤيتى الخاصة المبنية على قواعد تحليل منطقى وقراءة شديدة العمق لمجريات الأمور، ولعله من حُسن الطالع أن تأتى الأيام الأولى فى هذا العام مبشّرة فى ما يتعلق بمناخ المنطقة «الجيوسياسى»، الذى شهد انفراجة قوية فى واحدة من أشد الأزمات الجيوسياسية فى منطقتنا، وهى «أزمة غزة»، التى كانت لها انعكاسات سياسية واقتصادية سلبية للغاية بشكل مباشر أو غير مباشر، وتحديداً على مجريات الملف الاقتصادى المصرى، ولعلى هنا فى هذا المقال، وبعد هذه المقدمة أؤكد أن جرعات التفاؤل تتزايد، ولكن الحقيقة تقتضى أن نقول دوماً إن التفاؤل وحده لا يكفى، إلا كونه جزءاً من تحسين المناخ العام لبيئة الأعمال، وتنشيط الذهن فى اتجاهات درء الإحباط والنظر إلى المستقبل بشكل يبعث الأمل فى التحرّك الجاد، ولعلّ كل ذلك يجعلنى أقترب كثيراً من نتيجة أتعشم أن تُحقّق، وهى أن عام 2025 هو عام «خروج الاقتصاد المصرى من عُنق الزجاجة»، لكن ماذا علينا أن نفعل؟

وحتى لا نُطيل.. وتطبيقاً علينا جميعاً، حكومة وقطاعاً خاصاً، وبتوجهات ورضاء تام من القيادة السياسية أن نذهب سريعاً، ونُشكل مجموعات عمل للعصف الذهنى وتبادل الرؤى والتحليل والخروج قبل مطلع فبراير 2025 بإعادة مخططات رؤية مصر 2030 وفق تعديل جاد وحاسم لعدد من البرامج والأولويات، فى مقدمتها ترشيد العمل فى مشروعات البنية التحتية والتحوّل العاجل للاقتصاد الهيكلى الإنتاجى هذا العام، وتحديداً فى قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات لكى نستطيع توفير منتجات مصرية تصديرية، وفقاً لاحتياجات الأسواق العالمية لكى نُحقّق رقم مستهدف الصادر «140 مليار دولار»، لأن ذلك بالقطع لن يتحقّق إلا بالإنتاج، وكذلك توفير عدد من الغرف والليالى والبرامج السياحية والانتهاء من الارتقاء بإدارة المطارات وتطويل أساطيل النقل الجوى إذا كنا راغبين فى الاستفادة من افتتاحات المتحف الكبير -ورحلة طريق العائلة المقدسة- والتجلى الأعظم.

على صعيد آخر، علينا أن نتفهم بمنتهى البساطة أن عام 2024 كان مليئاً بالقسوة الاقتصادية لثلاثة أسباب (أعلى التزام دين وخدمة دين خارجى - نقطة تصافى تراكمات مشكلات وارتباك سياسات نقدية منذ فبراير 2022 أثرت فى عصب الاقتصاد المصرى ككل - خسائر وإنفاق يصل إلى 20 مليار دولار ما بين فقد فى دخل قناة السويس وتحمّل فواتير الأشقاء الضيوف)، إلا أنه كان أكثر عام فى تاريخ مصر الحديث فى معدلات جذب الاستثمارات الأجنبية، وفى مقدمتها صفقة رأس الحكمة، لذا علينا أن نتخذ منه نقطة انطلاقة ونعمل بجد وبترجمة وانعكاسات ملموسة فى زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، ومضاعفة رقم التبادل التجارى مع القارة الأفريقية، وكذا فى التوسّع فى اقتصاد «التعهيد والبرمجيات» ودعم هذا القطاع بشكل متميز وفاعل، والنقطة المهمة والأخيرة يجب ألا ننسى أن كل ما سبق يخدم الأولوية القصوى وقمة الأولويات، وهى «المواطن»، الذى يحتاج لأن يشعر ببصيص من النور والأمل ونسيم عوائد نواتج التنمية حتى نُحقّق له الحماية المجتمعية ونعطيه جرعة يُكمل بها مع الدولة يداً بيد فى معركة وملحمة العبور والوجود.

ولعلّ أحد أهم مرتكزات هذه المرحلة، التى تُشكل موجوداً أساسياً وأمراً مهماً فى بناء الإنسان المصرى هى الأيديولوجية السياسية والممارسة السياسية العادلة النزيهة الفاعلة، ولعلّ هذا العام أيضاً سيشهد تجديد دماء غرفتى التشريع، الأمر الذى أنصح دوماً فيه بإعادة النظر والفحص والتدقيق فى إنشاء وبناء وإعادة ترتيب التشكيلات الحزبية، سواء على معتقد سياسى راسخ أو معتقد اجتماعى أو اقتصادى أو تنموى، وأن تدريب الشعوب على ثوابت ومعايير فى اختيار الشخصيات التى تُثرى الحياة العامة والسياسية بشكل مُتزن ومتوازن وناضج يخضع لأدوات وآليات ومكتسبات فكرية وأيديولوجية، ولا يخضع للولاء الأمنى فقط، وإنما هناك أمور كثيرة تُسهم فى خلق حالة ارتياح شديد لدى المزاج العام والشارع العام عندما يشهد مزيداً من تكافؤ الفرص والجدية والحسم فى اختيار الكفاءات على حساب أهل الثقة وليس العكس، الأمر الذى سيكون مع باقى العناصر المذكورة طوق النجاة والطريق الحقيقى للخروج من عنق الزجاجة خلال عام 2025.

 

مقالات مشابهة

  • انطلاق اختبارات مسابقة القرآن الكريم بفروع الراوق الأزهري بأسيوط
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد حفل تخريج طالبات جامعة الشارقة دفعة “خريف 2024”
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد حفل زفاف حسن أحمد الجسمي
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إنهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد تخريج دفعة “الخريف 2024” من جامعة الشارقة
  • الدكتور يسري الشرقاوي يكتب: عام ترتيب الأوراق
  • المؤمن يجتهد في الدفاع عن أرضه وعرضه كما هو مأمور بذلك والنصر من عند الله سبحانه وتعالى
  • تكريم 400 متسابق من حفظة القرآن الكريم بأسوان
  • حميد النعيمي: قراء القرآن الكريم سفراء رسالة الإسلام السامية
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: 90% من حالات الإجهاض نعمة كبيرة