تلقّت المواطنة اللبنانيّة مريم اتّصالًا هاتفيًا من إدارة أحد المستشفيات لإبلاغها بتأجيل عمليّة استئصال اللوزتَين لابنتها الصغيرة. فوجئت مريم بالاتّصال وحاولت الحصول على موعد آخر، لكنها لم تفلح، وقيل لها إنّ كلّ العمليّات غير الطارئة سيتمّ تأجيلها حاليًا، بسبب الأوضاع الراهنة.

مريم نموذج لعشرات أو مئات الحالات التي تحاول الدخول إلى المستشفى من دون نتيجة بعدما قرّرت إداراتها استقبال الحالات الطارئة فقط بفعل الوضع الراهن في لبنان وظروف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله.

ولبنان الذي يعرف بسياحته الطبيّة، يرزح اليوم تحت وطأة أزمة طبيّة مستفحلة منذ السابع عشر من سبتمبر الفائت، يوم انفجرت مئات أجهزة الاتصال بعناصر حزب الله في الجنوب اللبناني وأيضًا في الضاحية الجنوبيّة بطريقة غامضة، وتسبّبت بمقتل وإصابة مئات منهم.

وفيما تتوالى الأحداث الأمنيّة الطارئة، ويُصاب مئات بل آلاف الأشخاص من جرّاء الحرب المستمرّة بين الحزب وإسرائيل، أصبحت المستشفيات وطواقمها الطبيّة أمام تحدّيات هائلة تتفاقم يومًا بعد يوم، خاصة بعد تعرّضها وتعرّض طواقمها الطبيّة في عدد من المناطق للاستهداف، وتوقّف 5 من هذه المستشفيات عن العمل، 4 منها في الجنوب وواحدة في البقاع.

أمّا المستشفيات الأخرى في "المناطق الساخنة" سواء في الضاحية، أم في البقاع الشمالي والجنوب، فتعمل بالحدّ الأدنى على المستويَين البشري والتقني، بعد تحويلها إلى مستشفيات ميدانيّة لمصابي الحرب بشكل خاصّ. 

وفي مراجعة لخريطة المشهد الصحيّ، يلاحظ أنّ المستشفيات الموزّعة على الأراضي اللبنانيّة كافة، تعاني من ضغوط كبيرة للحفاظ على خدماتها الصحيّة الأساسيّة.

نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان، سليمان هارون، أكد في حديث لموقع "الحرّة"، أنّ "المستشفيات تعاني الأمرّين، وهي لم تتعافَ بعد من الضربة الاقتصاديّة التي مرّ بها لبنان ودفعت إلى هجرة عدد كبير من الأطبّاء والممرّضين والممرّضات، لتأتي الحرب الحاليّة بشراستها فترفع جاهزيّة المستشفيات والطواقم الطبية كافة إلى حدّها الأقصى، سواء من أجل إسعاف المصابين أو لمتابعة علاج المرضى النازحين، إذ يعاني عدد كبير منهم من أمراض مزمنة تحتاج غسيل الكلى أو علاجات الأمراض السرطانية، أو حتى عمليّات جراحيّة كبيرة طارئة، كلّها تأمّنت وتوزّع المرضى على المستشفيات كافة بالتنسيق مع وزارة الصحّة من خلال غرفة عمليّات لا تهدأ، وهي تشكّل صلة الوصل بين الوزارة والمستشفيات كافة في لبنان بهدف تأمين العناية الصحية اللازمة".

وتابع هارون أنّ "الطواقم الطبيّة تعمل ليل نهار لإحاطة الوضع قدر المستطاع، لكنّ الأولويّة اليوم لمصابي الحرب والحالات المرضيّة الطارئة، أما الحالات غير الطارئة والعمليات الباردة فيتمّ تأجيلها إلى وقت لاحق".

ويضيف هارون أنه "على الرغم من الجهود المبذولة من وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض لتأمين السيولة الماديّة للمستشفيات التي تستقبل المصابين وتهتمّ بعلاجات النازحين، فإن المصروفات التي تتكبدها المستشفيات أكثر بكثير من تغطية كلّ الجهات الرسميّة الضامنة، لذلك، قد تتعثّر عمليات التغطية الطبيّة إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، في بلد يعيش حربًا تفوق قدرته على التحمّل ولم يتعافَ بعد من انهياره الاقتصادي".

يذكر أنّ لبنان يعاني أزمة مالية واقتصادية منذ عام 2019 حين خسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، وارتفع سعر صرف الدولار في السوق المحلية إلى حدود 90 ألف ليرة لبنانية، بعدما استقرّ في نهاية عام 1992 على سعر 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد بعد عامين على انتهاء الحرب اللبنانية والاقتتال الذي انتهى بتوقيع اتفاق الطائف ودخول لبنان مرحلة من الاستقرار السياسي والدخول في مرحلة الإعمار.

واللبنانيون خسروا مدّخراتهم في المصارف اللبنانية بفعل هذه الأزمة، بالإضافة إلى انهيار عدد كبير من المؤسّسات المحليّة والخارجيّة التي أقفلت في البلد بشكل كامل أو عمدت إلى إقفال بعض فروعها في المناطق. 

وهذا الواقع طال جميع المؤسّسات ومنها المستشفيات الخاصة التي لم تتقاضَ معظم مستحقّاتها من مؤسّسة الضمان، أو تقاضت بعضها بقيمة لا توازي قيمتها الفعليّة بعد انهيار قيمة العملة الوطنية.

ثمّ جاءت كارثة انفجار الرابع من أغسطس 2020، بعد عام على الأزمة المالية والاقتصادية، وأدّت إلى تدمير بعض المستشفيات أو أقسام منها على نحو كبير جدًا، خصوصًا أنّ معظم المستشفيات الكبرى تتمركز في بيروت وقد طالها هذا الانفجار بأضرار كبيرة، وهي لم تخرج بعد من هذه الأزمة التي كانت تكلفتها باهظة على إداراتها من ناحية الترميم والتجهيز. 

وعن المدّة الزمنية لاستمرار المستشفيات بالعمل على نحو طبيعي، يقول هارون في حديثة لموقع "الحرة" أنّنا "أمام أسابيع قبل الانهيار، والصورة سوداء في المستقبل القريب، بخاصّة إذا أقفلت المعابر الجويّة، البريّة والبحريّة".

ويختم بالقول: "أنا لا أريد أن أزرع الهلع في نفوس اللبنانيين، لكن هذا هو الواقع، فالطواقم الطبيّة تعمل فوق طاقتها، وقدرة التحمّل عندها بدأت في النفاد أمام حجم وهول الإصابات".

وبلغت  الحصيلة الإجمالية للقتلى والجرحى منذ بدء الحرب حتى الآن، وفق مركز عمليات الطوارئ العامة في وزارة الصحّة العامة، 2448 قتيلًا، و11471 جريحًا.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی لبنان الطبی ة ة التی

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية التركي: الحرب بين إسرائيل وإيران “احتمال كبير”

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران يجب “تقييمها على أنها احتمال كبير”، وأنه على تركيا والمنطقة أنا تكونا مستعدتين لهذا الاحتمال.

جاء ذلك في مقابلة مع إحدى القنوات التركية الخاصة، الخميس.

وأوضح فيدان، أن تركيا أشارت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في كافة المنصات إلى احتمال تصاعد الحرب.

وأضاف: “نحن لا ندعم بأي حال من الأحوال أي نزاع قد ينشأ مع إيران أو يؤدي إلى بداية قد تتحول إلى حرب”.

وأكمل: “نحن نعارض ذلك تمامًا، ولكن من جهة أخرى، إذا دافعت إيران عن نفسها بشكل مشروع، فإن ذلك حقها”.

وردا على سؤال حول أنباء تتحدث عن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، قال فيدان: “لم يصدر أي تأكيد من حماس بعد، ونحن في انتظار ذلك”.

وأردف: “لا يبدو من الممكن بالنسبة لنا أن نقبل هذه البيانات في الوقت الحالي إلا إذا تم التأكيد من قبل حماس، ولكن حتى الآن لم يأت من حماس أي تفنيد لهذه الأنباء”.

وأضاف فيدان: “للأسف تحولت غزة إلى مقبرة مفتوحة قُتل فيها عشرات الآلاف من الأبرياء وارتكبت إسرائيل فيها جرائم إبادة جماعية”.

وردا على سؤال حول لقائه مع الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله قبل مقتله، ذكر فيدان، أنه خلّص من اللقاء إلى نتيجة مفادها أن “حزب الله، لن يشن هجوما شاملا وسيحافظ على موقفه الحالي، وإذا هاجمت إسرائيل بيروت، فسوف يقاومها”.

ولفت إلى أنه في ذلك الوقت، كانت “إسرائيل تخطط لعمل عسكري للقضاء واحداً تلو الآخر، على حماس، وحزب اللهن والحوثيين في اليمن، وعناصر أخرى تشكل تهديدا لها”.

وأشار فيدان، إلى أن جميع التطورات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية الحالية على مستوى العالم تشير إلى مزيد من الانقسام والاستقطاب.

وحول مدى استعداد تركيا لحرب عالمية محتملة، أوضح فيدان أن العديد من المؤسسات في الدولة مشغولة بالإجابة عن هذا السؤال والاستعداد له.

ومشيرا إلى السياسة الخارجية والأمنية لتركيا، قال فيدان: “لا نطمع في أي شبر من أراضي أحد. نحاول بناء علاقاتنا على أساس التنمية الإقليمية والاستقرار وتحقيق الازدهار”.

ولفت إلى أن أكبر مشكلة في العلاقات الدولية “عدم القدرة على التنبؤ”، وأن الدول بحاجة إلى تعزيز سيطرتها على الاقتصاد والتكنولوجيا.

– تركيا ستحمي مصالحها

مقالات مشابهة

  • قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان تتزود بالماء والغذاء بعد انقطاع دام 3 أسابيع
  • هل يُحرض "روج أسود" على الطلاق؟.. رانيا يوسف تكشف تفاصيل المسلسل
  • محلل سياسي: نتنياهو يراهن على فرض أمر واقع لإبعاد القضية الفلسطينية
  • 5 مؤشرات إسرائيلية متزايدة على قرب الانهيار الكامل
  • خمس مؤشرات إسرائيلية متزايدة على قرب الانهيار الكامل
  • وزير الخارجية: «مصر الدولة الوحيدة التي تعمل على وقف الحرب في السودان»
  • القبض عليه وإعدامه.. محاكمة السنوار التي حلمت بها إسرائيل
  • وزير الخارجية التركي: الحرب بين إسرائيل وإيران “احتمال كبير”
  • المستشفيات اللبنانية هدف لإسرائيل.. العدوان أوقف بعضها عن العمل