فايننشال تايمز: دونالد ترامب رهان إيلون ماسك الأشد خطورة
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
إن الرهان الأكثر خطورة من بين العديد من الرهانات الجريئة التي تميزت بها مسيرة الملياردير والمخترع الأميركي إيلون ماسك المهنية؛ ذلك الذي وضعه على الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
فمن الأقمار الصناعية إلى السيارات الكهربائية، ومن رقائق الدماغ إلى الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، يمتلك ماسك سلسلة من الشركات التي تعتمد بشكل كبير على العقود والقواعد التي تضعها حكومة الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يعتقد معظم المحللين السياسيين أن أغنى رجل في العالم ربط سمعته وثروته بمسعى دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض عبر انتخابات تبدو فيها الحظوظ بينه وبين مرشحة الحزب الديمقراطي ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، متساوية.
سأكون في وضع سيئوأشارت الصحيفة البريطانية إلى المزحة التي أطلقها ماسك، في المقابلة التي أجراها معه هذا الشهر تاكر كارلسون، مقدم البرامج التلفزيونية الشهير السابق على قناة فوكس التلفزيونية، حيث قال عن ترامب: "إذا خسر، سأكون في وضع سيئ للغاية".
ومع دنو موعد انتخابات الرئاسة الأميركية، فإن مؤازرة ماسك لحملة ترامب أصبحت أقوى من ذي قبل. فقد كُشف هذا الأسبوع عن أن رجل الأعمال الملياردير تبرع بما لا يقل عن 75 مليون دولار لمجموعة العمل السياسي (أميركا باك) التي أنشأها هو نفسه تأييدا لترامب، والتي أنفقت بالفعل أكثر من 118 مليون دولار على جهود دعم الحملة، بما في ذلك الإعلانات واللافتات في الساحات والاتصال المباشر مع الناخبين بالطرق على أبواب منازلهم.
وذكرت الصحيفة أن ماسك استخدم منصة إكس (تويتر سابقا)، التي يملكها لضخ محتوى مؤيد لترامب، بما في ذلك بعض أكثر نظريات المؤامرة الصارخة التي تستحوذ على أنصار تيار اليمين.
وأضافت أن ماسك عاد الخميس إلى بنسلفانيا، أكثر الولايات المتأرجحة أهمية في الانتخابات، حيث طرح -من تلقاء نفسه- أمام الناخبين الحجج التي تجعل ترامب المرشح الأفضل للرئاسة.
لن نصل إلى المريخ
وقال ماسك، أمام ذلك التجمع الانتخابي، إن أكبر سبب لدعمه المرشح الجمهوري ينبع من الحاجة إلى "تشريعات منطقية"، مدعيا أن شركة (سبيس إكس) لتقنيات استكشاف الفضاء قادرة على بناء صاروخ عملاق أسرع من إجراءات إصدار الحكومة الرخصة اللازمة. وأردف قائلا: "إذا لم يتغير التعامل الحالي المتمثل في التضييق الناجم عن المبالغة في سن القوانين واللوائح المنظمة، فلن نصل إلى (كوكب) المريخ".
وتعلق فايننشال تايمز بأن ماسك -مالك شركات تسلا، وسبيس إكس، وإكس إيه آي للذكاء الاصطناعي، وإكس- يطمح إلى صياغة مستقبل البشرية عبر زرع شريحة "نيورالينك" الإلكترونية في الدماغ البشري، وصناعة روبوت منزلي ذكي، وسيارة بدون سائق للذهاب إلى العمل، وصاروخ لاستعمار المريخ.
ويبدو أن ماسك يضع رهانه على فوز ترامب الذي سيتيح له نفوذا كبيرا على كيفية تعامل الحكومة مع الشركات. وقد تؤتي هذه المقامرة -وفق الصحيفة- ثمارها إذا تمكنت شركة سبيس إكس وأقمارها الصناعية ستارلينك من الحصول على مزيد من العقود من جهاز الأمن الوطني الأميركي، أو إذا تمكنت تسلا من إقناع الجمهوريين المشككين في السيارات الكهربائية، وربما الحد من التحقيقات التي تجريها الجهات التنظيمية في سلامة تقنيتها للقيادة الذاتية.
وعد بمنصب مؤثرومن غير المرجح، في ظل رئاسة جديدة لترامب، أن تصطدم شركة (إكس) مع الإدارة الأميركية في ما يتعلق بمفهوم ماسك المطلق لحرية التعبير. فقد تعهد ترامب، في حال انتخابه، أن يتولى ماسك قيادة "إدارة الكفاءة الحكومية".
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن ماسك وترامب كانا قبل ذلك على طرفي نقيض في الجوانب السياسية؛ فبينما وصف الرئيس السابق التغير المناخي في كثير من الأحيان بأنه "خدعة"، دأب ماسك على المباهاة بأن مهمة تسلا هي "المساعدة في الحد من مخاطر التغير المناخي الكارثي". وسبق لرجل الأعمال الملياردير أن صوت في السابق لصالح الرئيسين جو بايدن وباراك أوباما ومرشحة الرئاسة السابقة هيلاري كلينتون، وجميعهم من الحزب الديمقراطي.
غير أن الوضع تغير الآن، ففي الأشهر القليلة التي خلت، لم يصبح ماسك أكثر مؤيدي ترامب تأثيرا فحسب، بل تبنى أيضا خطاباته النارية، بما في ذلك الادعاء بأن كامالا هاريس ستجعل الولايات المتحدة دولة الحزب الواحد من خلال تحويل المهاجرين غير الشرعيين إلى ديمقراطيين. وقال ماسك الخميس: "إذا لم يفز ترامب، فهذه ستكون الانتخابات الأخيرة".
ويزعم تريفور تراينا -وهو أحد المتبرعين لترامب والذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في النمسا في عهد الرئيس السابق- أن ماسك منخرط بشكل مباشر في السياسة لأسباب شخصية وليس لأسباب تجارية، "وبصفته الرجل الأغنى في العالم، فإن ماسك لا يحتاج إلى أي شيء، فهو يشارك فقط".
وبالنسبة لشركة تسلا، يكمن خطر تدخل ماسك في الانتخابات في أنه ينفر عملاء الشركة الطبيعيين؛ إذ يقول 13% فقط من الجمهوريين إنهم ربما يفكرون بجدية في شراء سيارة كهربائية، وفقا لمركز بيو للأبحاث، مقارنة بـ 45% من الديمقراطيين.
إذا فاز ترامبوتنقل الصحيفة عن أندرو بالمر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة أستون مارتن، القول إن الإستراتيجية التي يتبعها ماسك "عالية المخاطر وكبيرة العوائد أيضا. فإذا فاز ترامب، سيبدو (إيلون) عبقريا، أما إذا خسر ترامب فلن يبدو ذكيا".
غير أن بعض منافسي ماسك في وادي السيليكون يعتقدون أن الأهداف التي ينشد تحقيقها في تسلا، طويلة المدى، ويقولون إنه يدرك أن أعمال شركته الأساسية هذه تتعرض لتهديد متزايد من السيارات الكهربائية الصينية الأرخص ثمنا ومن تكنولوجيا البطاريات التي تتقدم بسرعة.
لكن دعم الملياردير الأميركي للرئيس السابق جعله هدفا لهجوم منافسته هاريس ونائبها المرشح تيم والز. فقد وجهت له نائبة الرئيس انتقادات لاذعة، مستخدمة اسمه في مناشداتها لجمع التبرعات لحملتها الانتخابية.
أما والز فقد خاطب تجمعا حاشدا لعمال نقابات ولاية ميشيغان، محذرا من أن الجمهوريين لا يهتمون "إلا بأصدقائهم المليارديرات من أمثال ماسك"، متابعا أن "هذا الرجل يريد أن يصبح قيصرنا الاقتصادي، ويريد طرد العمال ويخرق النقابات، ويريد أن ينقل صناعة السيارات إلى المكسيك ويصدرها بقطع غيار صينية الصنع".
غير أن ماسك يصر على أن يتصرف فقط من منطلق حرصه على البلاد. وقال في التجمع الخميس: "أنا ناشط سياسي الآن.. لأنني أعتقد أن مستقبل أميركا ومستقبل الحضارة على المحك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات أن ماسک
إقرأ أيضاً:
بسبب تكلفتها الباهظة.. إيلون ماسك يشعل الجدل حول الطائرات المقاتلة التقليدية
يحتدم النقاش في دوائر صناعة الأسلحة والمؤسسة العسكرية حول مستقبل الطائرات المقاتلة التقليدية في ظل تزايد استخدام الطائرات المسيرة وما أظهرته من فعالية على مختلف الجبهات، وقد تفاقم الجدل بعد أن أثار إيلون ماسك مسألة التكلفة المرتفعة لصناعة طائرات إف-35.
وقالت الكاتبة سيلفيا فايفر في تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، إن إيلون ماسك الذي عيّنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على رأس وزارة الكفاءة الحكومية، بهدف القضاء على إهدار موارد الحكومة الفدرالية، ركّز على هدف محدّد في الآونة الأخيرة: أسطول البنتاغون المُكلف من طائرات إف-35 المقاتلة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يديعوت أحرونوت: وثائق سرية تكشف متى علمت واشنطن بنووي إسرائيلlist 2 of 2هل ساعدت أوكرانيا المعارضة السورية في إسقاط نظام الأسد؟end of list ماسك يشعل الجدلوأكدت الكاتبة أن ماسك -المدافع بشدة عن التكنولوجيا ذاتية التشغيل- سخر طوال الأسابيع القليلة الماضية من طائرة "لوكهيد مارتن" في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أضافت تعليقاته وقودًا إلى الجدل المحتدم في دوائر الصناعات الدفاعية وعملائها، ويتمحور حول جدوى الاعتماد على الطائرات المقاتلة المأهولة ذات التكلفة الباهظة، في ظل الضغوط الهائلة على الميزانية، وما أظهرته الطائرات المسيرة من قدرة تدميرية في أوكرانيا وغيرها من المناطق.
وقال لورينز ماير، الرئيس التنفيذي لشركة "أوتيريون" في الولايات المتحدة، والتي تعمل على تطوير برمجيات لتمكين أسراب الطائرات المسيرة من التواصل مع بعضها البعض "بنفس الطريقة التي تم بها استبدال أجهزة الكمبيوتر المركزية بأجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية، نتساءل هل ستظل هذه المنصات الكبيرة المأهولة مناسبة بعد أن أصبح لدينا أنظمة أخرى غير مأهولة ولا ضرر من تلفها".
إعلانوذكرت الكاتبة أن القوات الجوية الأميركية أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستؤجل اتخاذ قرار بشأن الشركة التي ستصنع الطائرة المقاتلة الجديدة كجزء من برنامج الجيل القادم للهيمنة الجوية، والذي كان من المقرر الإعلان عنه آخر العام الحالي، مما يعني أن قرار المضي قدمًا في هذا المشروع وكيفية تنفيذه سيكون بيد إدارة ترامب القادمة.
وقالت شركة "لوكهيد مارتن" إنها ستعمل مع "الإدارة القادمة، تمامًا كما فعلنا خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى".
برامج مكلفةوأشارت الكاتبة إلى أن هذا الجدل في حد ذاته ليس جديدًا، لكن التطورات الحالية قد تحمل في طياتها تأثيرات كبيرة على المقاولين التقليديين الذين يتعامل معهم الجيش الأميركي، مثل شركة "لوكهيد مارتن"، وكذلك على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ومطوري الطائرات المسيرة الحريصين على التوسع في سوق الصناعات العسكرية، وهو يتزامن مع خطط مُكلفة تدرسها الحكومات الغربية للجيل القادم من الطائرات المقاتلة التي من المنتظر أن تأخذ مكان الطرازات الحالية.
وأوضحت الكاتبة أن جميع هذه الخطط والبرامج الغربية -ولا سيما برنامج القتال الجوي العالمي المشترك بين المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، ومشروع نظام القتال الجوي المستقبلي المشترك بين فرنسا وألمانيا وإسبانيا- صُمّمت قبل أن يؤدي النزاع الأوكراني إلى تطوير الطائرات المسيرة بشكل غير مسبوق.
وقد تم تصميم البرنامجين على أساس أن تؤدي الطائرات المقاتلة مهامها القتالية بينما تحيط بها طائرات أسراب من الطائرات المسيرة.
ويؤكد جاستن برونك، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن طبيعة الطائرات المقاتلة المركزية لا يزال قيد النقاش ضمن برامج الجيل القادم، مضيفا أن إطلاق هذه البرامج في وقت لاحق سوف يتزامن مع المزيد من التطورات المتوقعة في صناعة الطائرات ذاتية القيادة.
إعلانوحسب الكاتبة، فإن برنامج القتال الجوي العالمي الذي تقوده شركة "بي إيه إي سيستمز" البريطانية، و"ليوناردو" الإيطالية، و"ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" اليابانية، هو الأكثر طموحا من حيث الجدول الزمني، حيث تعهدت الشركات المصنعة بأن تكون الطائرة المقاتلة الجديدة في الخدمة بحلول عام 2035، لكن معظم الخبراء يعتقدون أنها ستكون في نهاية المطاف نسخة تجريبية.
أما البرنامج الفرنسي الألماني الإسباني فإنه يطمح إلى الانتهاء من المشروع عام 2040، مما قد يمنح شركاءه الصناعيين "إيرباص" و"داسو للطيران" مزيدًا من الوقت لمراعاة التقدم المحرز في مجال التكنولوجيا ذاتية القيادة قبل اتخاذ قرار نهائي.
وقد أقر مايكل شولهورن، رئيس قسم الدفاع والفضاء في إيرباص، أنه نظرًا لطول الفترة الزمنية والتوترات الجيوسياسية الحالية، فمن المنطقي تسريع تطوير الأنظمة المستقلة للبرنامج على المدى القصير.
عواقب وخيمةوأضافت الكاتبة أن أي قرار بالتخلص من المقاتلات التقليدية بشكل كامل سيكون له عواقب بعيدة المدى، ليس على الجيوش فحسب، بل أيضا على شركات صناعة الأسلحة، ولهذا يعتبره معظم الخبراء أمرًا مستبعدًا.
فمن منظور قطاع الصناعات الدفاعية، سيخسر المصنعون جزءًا كبيرًا من الإيرادات التي يجنونها من خدمة الطائرات وصيانتها. ومن الناحية التشغيلية، لا تزال الطائرات المقاتلة أكثر كفاءة في الوقت الحالي من الطائرات المسيرة، ويقول برونك في هذا السياق إن هناك "مجموعة كاملة من المهام" التي تقوم بها الطائرات المقاتلة حاليًا والتي يصعب جدا القيام بها بطائرة غير مأهولة.
كما يرى الخبراء أن الأنظمة الحالية التي يتم التحكم فيها عن بعد لا تزال تفتقر إلى المدى والقدرة الحربية التي تتمتع بها الطائرات المقاتلة ذات التكلفة العالية، إذ إن الطائرات المسيرة المنخفضة الثمن عرضة للقرصنة الإلكترونية والتهديدات الأرض-جوية، أما الطائرات غير المأهولة الأكثر تعقيدا فهي أكثر تكلفة بكثير.
إعلانويتساءل بايرون كالان، المدير الإداري لمجموعة الأبحاث "كابيتال ألفا بارتنرز"، إذا كانت الطائرات دون طيار هي "الحل الوحيد للمشاكل العسكرية، فلماذا نرى أوكرانيا تريد طائرات مقاتلة مأهولة ومركبات مدرعة"، مضيفًا أنه لولا هذه القناعة ما كانت الصين لتصنع طائرات مقاتلة من طراز جي-20 وسفن بحرية مأهولة وتحتفظ بأكبر قوة دبابات في العالم.
ويقول مارك غونزينغر، مدير قسم المفاهيم المستقبلية وتقييم القدرات في معهد ميتشيل لدراسات الفضاء، وأحد أبرز المؤيدين لطائرة إف-35، إن "الطائرات ذات الطواقم في برنامج الجيل القادم للهيمنة الجوية لن تكون مجرد طائرات مقاتلة، بل ستكون مقاتلة، وقاذفة، وطائرة استشعار، وقاعدة إشراف في أرض المعركة، ومنصة للهجمات الإلكترونية".
وأضاف أن سيناريوهات المناورات العسكرية للجيش الأميركي "أثبتت الحاجة إلى الحفاظ على قوة مأهولة متوازنة في المستقبل"، معتبرا أن الذكاء الاصطناعي عامل مساعد، لكنه لن يحل محل البشر في العمليات القتالية.