رواندا… ماربورغ إلى انحسار واسع
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
كيغالي- أبدى مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس إعجابا بمستوى الرعاية الصحة الذي قدمته رواندا للمرضى الذين أصيبوا بفيروس ماربورغ. وأثنى في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا اليوم الاحد على “العمل الذي قامت به رواندا على مدى سنوات لتعزيز نظامها الصحي، وتطوير القدرات اللازمة للرعاية الحرجة ودعم الحياة”.
وكشف غيبرييسوس عن أن المنظمة سجلت ما قد تكون المرة الأولى “التي يتم فيها إزالة أنبوب التنفس الاصطناعي وأجهزة الإنعاش عن مرضى مصابين بفيروس ماربورغ في إفريقيا”، ما يعني تعافيا كاملا لمصابين كان يمكن أن يفارقوا الحياة، بحسب مدير عام منظمة الصحة العالمية.
بدوره أعلن وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا أن بلاده لم تسجل أي حالة إصابة جديدة أو حالات وفاة بفيروس ماربورغ منذ 5 أو 6 أيام على الأقل. وأضاف خلال المؤتمر الصحفي في كيغالي، إن هذه المعلومات “ هي فرصة لمواصلة تتبع كل حالة مخالطة على حدى قبل أن نضع نهاية نهائية لهذا الوباء”.
وكشف نسانزيمانا أن أحد مراكز العلاج المختصة لا تزال تعالج ثلاثة من المصابين، وأنهم “ يظهرون علامات تعاف جيدة قد تمكن الفرق الطبية تسريحهم من المركز العلاجي خلال وقت قريب”.
وأكد نسانزيمانا أن البلاد سجلت 15 حالة وفاة بسبب الفيروس من مجمل حالات الإصابة منذ اكتشاف الفيروس، وقال إن غالبيتهم من فرق الاستجابة الطبية، وأكد أن 44 مصابا آخرا قد تعافوا بشكل كامل.
وأرجع الوزير ارتفاعا حالات التعافي لسرعة التشخيص والاستجابة. وبحسب إحصائيات وزارة الصحة الرواندية فإن حالات الوفاة بسبب الإصابة لا تزيد على 24% من مجمل الذين أصيبوا.
في سبتمبرفي 27 من سبتمبر/ايلول من العام الحالية أعلنت وزارة الصحة في رواندا تأكيد أول إصابة بمرض فيروس ماربورغ، وتم الإعلان بعد اختبار عينات دم أخطت من أشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض، وجاءت النتائج إيجابية في حينه.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنه وبحلول 29 سبتمبر تم الإبلاغ عن إجمالي 26 حالة مؤكدة، بما في ذلك ثماني وفيات. وشكل العاملون في المجال الصحي أكثر من %70 من المصابين آنذاك. ومنذ ذلك الحين، أكدت منظمة الصحة العالمية أنها تنسق مع حكومة رواندا الاستجابة.
Today @WHO DG @DrTedros joined @nsanzimanasabin, Minister of Health in #Rwanda, for an update on the #Marburg outbreak situation and response:
"Leadership at the top level is essential in any outbreak response and this is what we see here in Rwanda." pic.twitter.com/0QCbvPuRw6
— WHO Rwanda (@WHORwanda) October 20, 2024
منعطف الأسبوع الثالثأوجزت وزارة الصحة في مؤتمر صحافي حضره أيضا علماء مختصون في “علوم الأوبئة” مسار الأيام الأولى لاكتشاف الإصابات والتعامل معها، وقال وزير الصحة إن “ الأيام الأولى كانت الأكثر تعقيدًا” لكن مسار الإصابات “بقي مستقرة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من انتشار ماربورغ في البلاد”.
وأضاف أنه في نهاية الأسبوع الثالث بدأت السلطات تلحظ “انخفاضا في معدلات الإصابة بنحو 50% “ واصفا المعطى “ أفضل مؤشر يمكنك رؤيته على أن تفشي المرض بدأ ينحسر بنهاية الأسبوع الثالث، وأكد الوزير أن معدل الإصابات راهنا انخفض بأكثر من 92%.
جينوم السلالة الحاليةوفي المؤتمر الصحافي، تحدث الوزير أيضا عن سلالة الفيروس التي يتم التعامل معها في البلاد، وقال إنهم “ وجدوا أن جميع السلالات تشترك في أصل حيواني واحد، مما يعني أن الفيروس انتقل من الحيوان إلى الإنسان مرة واحدة فقط”. وأضاف أن التحليل الوراثى للفيروس (الجينوم) أظهر أن 4 من السلالات أتت متطابقة، مما يشير إلى انتشار سريع في وقت قصير”.
وأكمل الوزير شارحا أهمية رسم الخريطة الجينية للفيروس فقال “إن المختصين عثروا على بعض الطفرات، لكن أيا منها لا يشير إلى أن الفيروس ينتشر بسهولة أكبر أو يصبح أكثر حدة”، وأضاف “ أنه من المثير للاهتمام أن سلالة تفشي المرض تشترك في سلف مشترك مع سلالة عام 2014 مما يُظهر معدل طفرة محدودة” واصفا الأمر بأنه “علامة جيدة”.
وشددت وزارة الصحة على لسان الوزير إن السلطات المختصة “ تواصل تحليل البيانات السريرية جنبًا إلى جنب مع النتائج الجينية لفهم ديناميكيات الانتقال بشكل أفضل”.
وزارة الصحة الرواندية قدمت في مؤتمرها الصحافي أيضا، معلومات حول كيفية متابعة المتعافين من الإصابة، حيث تبقى السلطات على تواصل مع المتعافين وأي أشخاص من عائلاتهم أو محيطهم القريب.
Abakize indwara iterwa na virus ya Marburg ndetse n'imiryango yabuze ababo tubabe hafi kandi dukomeze kubashyigikira.#DutsindeMarburg pic.twitter.com/ieuyTbtH5B
— Ministry of Health | Rwanda (@RwandaHealth) October 20, 2024
منافد البلادوعلى صعيد مع منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية، أكدت السلطات القيام الاستمرار بتطبيق الإجراءات الوقائية للتحقق من إبقاء التفشي تحت السيطرة وصولا للقضاء على انتشار المرض.
وقال وزير الصحة إن السلطات تجري فحوصات عند نقاط الدخول كافة، لا سيما في مطار العاصمة الدولي “للحرص على عدم ارتكاب أي خطأ حول الإصابات المحتملة أو الشك في وجود إصابات”.
وختم الوزير بالقول إن جميع المؤشرات الإيجابية “ لا تعني نهاية ماربورغ في البلاد، لكنها خطوة كبيرة إلى الأمام نحو وقف هذا التفشي”.
بدوره شدد أمين عام منظمة الصحة العالمية من العاصمة كيغالي على أن إن المنظمة “لا تزال تنصح بعدم فرض قيود على السفر أو التجارة لأنها خطوة غير ضرورية ويمكن أن تضر باقتصاد رواندا” وشكر الدول التي استجابت لنداء منظمة الصحة العالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات منظمة الصحة العالمیة وزارة الصحة وزیر الصحة
إقرأ أيضاً:
مصرع 11 سودانياً في انهيار منجم ذهب.. ومخاوف من فوضى التعدين الأهلي
أعلنت السلطات السودانية، الأحد، مصرع 11 شخصاً وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة، جراء انهيار بئر تقليدية للتنقيب عن الذهب في منطقة "هويد" الصحراوية الواقعة بين ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، في أحدث حادث يكشف عن حجم المخاطر التي يواجهها عمال المناجم الأهليون في البلاد.
وأكدت الشركة السودانية للموارد المعدنية، في بيان رسمي، أن الانهيار وقع داخل منجم "كرش الفيل" الذي يقع بين مدينتي عطبرة وهيا، مشيرة إلى أن الحصيلة أولية، وجاءت بعد تحرٍّ ميداني وتنسيق مع الجهات المختصة.
وقال البيان إن المصابين نُقلوا إلى مستشفى "أبو حمد" في الولاية الشمالية لتلقي الرعاية الطبية العاجلة، فيما لفت إلى أن الشركة كانت قد أوقفت في وقت سابق العمل بالمنجم نفسه، محذرة من مخاطره الجسيمة على حياة المواطنين.
تحذيرات سابقة وإصرار على العمل
وحذّرت الشركة من مغبة تجاهل قرارات وقف النشاط في المناجم المحفوفة بالمخاطر، داعية المواطنين إلى الالتزام بتعليمات السلامة، وعدم المجازفة بالأرواح في سبيل المكاسب السريعة، خاصة في ظل تكرار مثل هذه الحوادث خلال السنوات الماضية.
ويُعد قطاع التعدين الأهلي في السودان أحد أكبر مصادر العمل والدخل غير الرسمي، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني مواطن يعملون في هذا القطاع المنتشر في مناطق نائية وصحراوية، تحت ظروف قاسية ووسط انعدام شبه تام لمعايير السلامة المهنية، وهو ما يجعلهم عرضة متكررة للكوارث والانهيارات.
الذهب.. ثروة السودان وأزمته
يعتمد السودان بشكل كبير على الذهب كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، بعد أن فقد نحو 75% من عائداته النفطية إثر انفصال جنوب السودان في عام 2011، وهو ما دفع البلاد إلى التوسع في التنقيب عن الذهب لتعويض خسائرها الاقتصادية.
وتُظهر بيانات حكومية أن الذهب يمثل أكثر من 80% من إجمالي عائدات الصادرات، ما يعزز مكانته كمورد استراتيجي في بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة وتضخم قياسي وانهيار في قيمة العملة المحلية.
ويضم السودان أكثر من 40 ألف موقع تعدين أهلي، ويُنتج نحو 80% من الذهب المستخرج من البلاد من قبل عمال مناجم غير نظاميين. وتنتشر عمليات التنقيب التقليدي من أقصى شمال البلاد إلى غربها وشرقها، وتشمل مناطق صحراوية مثل عطبرة، وسلسلة جبال البحر الأحمر، وصولاً إلى إقليم دارفور.
احتياطي هائل وإنتاج متصاعد
وفقاً لتقديرات وزارة الطاقة والتعدين، يبلغ احتياطي السودان من الذهب نحو 1550 طناً، بينما بلغ إنتاجه في عام 2022 حوالي 18.6 مليون غرام، أي ما يعادل قرابة 93 طناً، ليحتل بذلك المركز الثالث أفريقياً بعد جنوب أفريقيا وغانا، بحسب بيانات المسح الجيولوجي الأمريكي.
وتسعى السلطات السودانية إلى زيادة الإنتاج عبر منح تراخيص لأكثر من 85 شركة محلية وأجنبية للتنقيب عن الذهب، أملاً في جذب الاستثمارات ورفع إيرادات الدولة، في ظل تراجع المساعدات الخارجية وشح النقد الأجنبي.
تنظيم هش.. واستنزاف للموارد
ورغم أهمية قطاع الذهب للاقتصاد السوداني، إلا أن عمليات التعدين التقليدي ما زالت تُدار في الغالب بعيداً عن الأطر الرسمية، وسط شكاوى من التهريب المنظم لكميات كبيرة من الذهب عبر الحدود، وضعف الرقابة، وتراجع العائدات الفعلية التي تدخل خزينة الدولة.
ويطرح انهيار منجم "كرش الفيل" مجدداً سؤالاً ملحاً حول قدرة السلطات على تنظيم هذا القطاع الحيوي، والحد من مخاطره البيئية والإنسانية، خصوصاً أن الحوادث المماثلة لا تكاد تغيب عن النشرات الإخبارية.
ويطالب نشطاء وخبراء في مجال الثروات الطبيعية بضرورة تقنين عمليات التعدين الأهلي، وتوفير الحد الأدنى من شروط الأمان، إلى جانب إدماج هذا القطاع في الدورة الاقتصادية الرسمية، بما يضمن حماية العمال وتحقيق مكاسب حقيقية للدولة والمجتمعات المحلية.
وفي بلد يعيش أزمات متراكمة، ويواجه شبح التفكك والحرب الأهلية، يبدو أن ثرواته المعدنية، وعلى رأسها الذهب، باتت سلاحاً ذا حدّين؛ فهي تمثل الأمل في إنعاش الاقتصاد، لكنها قد تتحول إلى لعنة ما لم تُدار بحكمة وتحت رقابة صارمة.