عقدت مديرية أوقاف الفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة، (17) أسبوعا دعويا بعنوان: "سمات الشخصية الوطنية".ضمن فعاليات مبادرة “بداية جديدة لبناء الإنسان”.

جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور أسامه الأزهري وزير الأوقاف، وتحت إشراف الدكتور محمود الشيمي مدير أوقاف الفيوم، وبحضور نخبة من الأئمة والعلماء المميزين.

العلماء: حب الوطن والحفاظ عليه فطرة إنسانية أكدها الشرع الحنيف 

وخلال هذه اللقاءات أكد العلماء أن حب الوطن والحفاظ عليه فطرة إنسانية أكدها الشرع الحنيف, فهذا نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقول مخاطبًا مكة المكرمة قائلاً : “واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ الله ، وَأَحَبُّ أَرْضِ الله إلى الله، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ ؛ ما خَرَجْتُ”، ولما هاجر (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة واتخذها وطنًا له ولأصحابه الكرام لم ينس (صلى الله عليه وسلم) لا وطنه الذي نشأ فيه ولا وطنه الذي استقر فيه، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): (اللهمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ)، وعَنْ أَنَسٍ (رَضِيَ الله عَنْهُ) ” أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا”، وظل (صلى الله عليه وسلم) يقلب وجهه في السماء رجاء أن يحول الله (عز وجل) قبلته تجاه بيته الحرام بمكة حتى استجاب له ربه، فقال سبحانه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ }، فأكرمه (صلى الله عليه وسلم) بالتوجه إلى بيت الله الحرام , حيث أول بيت وضع للناس، وحيث نشأ (صلى الله عليه وسلم) في كنف هذا البيت وتعلق به عقله وقلبه.

وأوضح العلماء أن سمات الشخصية الوطنية تعني حسن الولاء والانتماء للوطن، والحرص على أمن الدولة الوطنية، واستقرارها، وتقدمها، ونهضتها ورقيها، كما تعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعًا، دون أي تفرقة على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس أو اللغة، غير أن تلك الجماعات الضالة المارقة المتطرفة المتاجرة بالدين لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية، فأكثر تلك الجماعات إما أنها لا تؤمن بالدولة الوطنية أصلاً من الأساس، أو أن ولاءها التنظيمي الأيديولوجي فوق كل الولاءات الأخرى وطنية وغير وطنية.

وفي الختام أكد العلماء أنه حيث تكون المصلحة، ويكون البناء والتعمير، فثم شرع الله وصحيح الإسلام، وحيث يكون الهدم والتخريب والدمار فثمة عمل الشيطان وجماعات الفتنة والدمار والخراب، وأن العلاقة بين الدين والدولة ليست علاقة عداء ولن تكون، فالدولة الرشيدة صمام أمان للتدين الرشيد، وإن تدينًا رشيدًا صحيحًا واعيًا وسطيًّا يسهم وبقوة في بناء واستقرار دولة عصرية ديمقراطية حديثة تقوم على أسس وطنية راسخة وكاملة، وإن دولة رشيدة لا يمكن أن تصطدم بالفطرة الإنسانية التي تبحث عن الإيمان الرشيد الصحيح , على أننا ينبغي أن نفرّق وبوضوح شديد بين التدين والتطرف، فالتدين الرشيد يدفع صاحبه إلى التسامح والرحمة والصدق ومكارم الأخلاق، والتعايش السلمي مع الذات والآخر، وهو ما ندعمه جميعًا، أما التطرف والإرهاب الذي يدعو إلى الفساد والإفساد والتخريب والدمار والهدم واستباحة الدماء والأموال، فهو الداء العضال الذي يجب أن نقاومه جميعًا، وأن نقف له بالمرصاد، وأن نعمل بكل ما أوتينا من قوة للقضاء عليه حتى نجتثه من جذوره، وفي هذه المعادلة غير الصعبة يجب أن نفرق بين الدين الذي هو حق، والفكر الإرهابي المنحرف الذي هو باطل، موقنين أن الصراع بين الحق والباطل قائم ومستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، على أن النصر للحق طال الزمن أو قصر، حيث يقول الحق سبحانه: { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: 18).

وأشار العلماء إلى أن الوطنية الحقيقية ليست مجرد شعارات ترفع أو عبارات تردد، الوطنية إيمان وسلوك وعطاء، الوطنية نظام حياة وإحساس بنبض الوطن وبالتحديات التي تواجهه، والتألم لآلامه، والفرح بتحقيق آماله، والاستعداد الدائم للتضحية من أجله، فالشخصية الوطنية هي التي على استعداد لأن تحترق لتنير دروب الوطن، ولأن تفتديه بنفسها وما تملك، وتعرف للوطن حقه وقدره، وتدرك أنها بلا وطن كالسمك بلا ماء، وكالطائر بلا هواء. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوطن أوقاف العلماء الشخصية الوطنية العلم الوطنية بوابة الوفد جريدة الوفد صلى الله علیه وسلم ى الله ع

إقرأ أيضاً:

إغلاق العقول

#إغلاق_العقول

د. #هاشم_غرايبه
قليلون من الناس يعرفون أن أعظم الأدباء الفرنسيين بلا منازع “فيكتور هيجو” كان مسلما، وربما أقل عددا هم من يعلمون أن شاعر الروس الأكبر “بوشكين” والذي يسمى “شمس الشعر الروسي”، كان مسلما أيضا.
ولو بحثت في محرك “غوغل” عن أسماء عظماء أوروبيين اعتنقوا الإسلام لوجدت أسماء آلاف من المشهورين، لكنهم جميعا تم التعتيم عليهم واخفاء قصص إسلامهم، إنما لن تجد إسمي الأديبين اللامعين “فيكتور هيجو” و “بوشكين” من بينهما.
لماذا هذا الإنكار طالما أن الغرب يتبجح بأنه علماني يحترم عقائد الناس ولا يتدخل في خياراتهم!؟.
الإجابة واضحة، وهو أن الغرب لايريد أن يعرف الناس قصص من كسروا الحصار الأوروبي التاريخي للإسلام بهدف الحد من وصوله الى أوروبا، الذي سيتم حتما لمن يترك لقناعاته، بلا توجيه تضليلي.
فمعرفة أن هؤلاء المفكرين انفلتوا من الحصار سيغري الكثيرين بحذو حذوهم.
كان اختياري للإثنين من بين كثيرين مقصودا، لأنهما جاءا من بيئتين تعتبران من أشد المناطق الأوربية عداء للإسلام.
تاريخيا كانت فرنسا منبت أغلب الحملات الصليبية، وقد جابها بطرس الناسك لتحشيد الدهماء خلف أمراء الحروب، مدعيا أن الرب استجار به لينقذ قبره من المسلمين الوثنيين.
والى اليوم نجد الفكرة ذاتها في عقول الساسة الفرنسيين، لا يختلف القومي اليميني منهم عن اليساري العلماني، بل يتوحدون مع الملحدين في أنهم لا ينكرون من الدين إلا الإسلام فقط، وهذا يفسر أنهم لا يستخدمون ذريعة حرية الراي إلا إن كان هجوما على المسلمين أو سخرية بمعتقدهم ونبيهم، فيما لن تجد انتقادا واحدا لليهودية أو المسيحية أو حتى البوذية، كما يفسر الموجة العارمة من التضامن مع رسامي الكاريكاتير المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعادة نشر تلك الرسوم في كل الصحف، رغم اعترافهم بتفاهتها.
الروس يفترض أنهم باعتناقهم الأرثوذوكسية الشرقية بخلاف الأوروبيين الغربيين، أنهم أقرب الى الإسلام منهم، لكنهم فعليا لا يقلون حقدا، وظلت حروب الروس على الدولة العثمانية مستمرة رغم أنهم لم يكونوا يهددون بلادهم، فقد كانت فتوحاتهم موجهة الى أوروبا، واستغلوا وجود الأرمن (الوحيدين من بين الشعوب الآسيوية الوسطى الذين لم يدخلوا الإسلام)، وجدوا في حمايتهم من الإسلام مسمار جحا، وذريعة دائمة لشن الحرب، ودعمهم الأوروبيون في ذلك رغم العداء التاريخي التقليدي بينهم، فعتموا على كل الفضائع التي كان يرتكبها الأرمن بحق الأتراك مع كل غزوة روسية، وركزوا فقط على الرد بترحيلهم وتفريقهم بين مختلف شعوب المنطقة، ودعوا ذلك مذبحة الأرمن، تماما مثلما يتغاضون الآن عن كل الفضائع اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين، لكنهم حينما يرد أهل غزة ببضعة صواريخ على المستعمرات المحاذية، تعلو أصواتهم بالشجب والإستنكار.
لم تتغير روسيا الليبرالية حاليا عنها تلك القيصرية أيضا فقد رأينا الأسقف الأكبر وهو يبارك الطيارين الروس المتوجهين لقصف المدنيين المسلمين في المدن السورية، ويعتبر ذلك استكمالا للحرب المقدسة القديمة التي كان يشنها القياصرة.
أما من كان ذا قلب سليم، وفتح عقله للفهم، شرح الله صدره للإيمان، والدليل على ذلك هذين الأديبين العملاقين، فلم يؤثر وجودهما في بيئة معادية لهذا الفكر، ولا خوفهما من فقدان الشهرة والنجاح على إيمانهما.
لقد تعرف “بوشكين” على الإسلام وتعلم العربية أثناء تواجده في بلاد القوقاز، وكتب عدة قصائد أهمها قصيدته في مديح النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته، التي يقول مطلعها: “لقد جبت القفر الكئيب متعثرا ..يعذبني ظمأ روحي”.
بالطبع لم يكن ذلك مقبولا، فتم تدبير مؤامرة توريطه في مبارزة قتل على أثرها وعمره لم يتجاوز عمره 38 عاما.
أما “هيجو” فلأنه يتربع على قمة أمجاد فرنسا الأدبية، فقد هال المتعصبين إسلامه في تلمسان في الجزائر، فرفضوا تسميته لنفسه أبا بكر بدلا من فيكتور، لكن ما أثبت حقيقة إيمانه أنه رفض دفن إبنه بمراسم كنسية، ووصى بذلك لنفسه عند موته، كما أكده مجموعة من القصائد لم يمكنهم طمسها فانتشرت، وأهمها قصيدة “السنة التاسعة للهجرة”، وفيها يمجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقصائد أخرى في تمجيد أبي بكر وعمر.
عند موته رفضت الدولة تنفيذ وصيته، فشيع بجنازة ماسونية..لكن ذلك لن يضيره..”رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ” [لإسراء:25].

مقالات مشابهة

  • أوقاف الفيوم تنظم ندوة حول حرمة الغش بمسجد العتيق بالعامرية
  • انطلاق فعاليات اليوم الأول من الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم
  • هل الدعاء على المخالفين يعكس روح الإسلام؟
  • وكيل أوقاف الفيوم يجتمع بمدير إدارة أبشواي لمتابعة الانضباط الإداري والدعوي
  • إغلاق العقول
  • أوقاف الفيوم تحتفل بذكرى الإسراء والمعراج بمسجد عمرو بن العاص
  • لماذا حذر النبي من الكذب المتعمد عليه ؟ .. علي جمعة يجيب
  • آثار الفيوم تعقد مؤتمرها الخامس فى مايو القادم
  • أوقاف الفيوم تواصل افتتاح المساجد بعد إعادة الإحلال والتجديد 
  • علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين جديدين بمحافظة الفيوم وسط ترحيب الأهالي