في إطار التزامها المستمر بالمشاركة المجتمعية وإيمانها بضرورة منح الفرص لكل المواهب الفنية، عقدت مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" بالتعاون اليونسكو جلسة نقاشية حول دور الفن والثقافة في دعم الفنانين اللاجئين وتمكين البشر في ضوء معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وذلك بحضور ومشاركة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، ونادين عبد الغفار مؤسسة آرت دي إيجيبت.

 


وناقشت الجلسة أهمية خلق مساحة لسماع أصوات تستحق أن تُسمع مثل الفنانين اللاجئين، كما استعرضت الأعمال الفنية والأشغال اليدوية التي شارك بها 20 فنانا من السودان في فعاليات معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" ضمن النسخة الرابعة من معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" (CIAD)، والذي تنظمه مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" في الفترة من ١٠ إلى ٣٠ أكتوبر الجاري وذلك في ثلاثة مواقع رئيسية بمنطقة وسط البلد وهي سينما راديو، والمصنع، وآكسس آرت سبيس. 


وقالت نادين عبد الغفار، مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت": "نؤمن في أرت دي إيجيبت بضرورة إتاحة الفن للجميع، وأنه الوسيلة التي يمكن من خلالها التعبير عن المجتمع وقضاياه، وتعريف الآخرين بالهوية والثقافة". مضيفة أن الروابط بين مصر والسودان وثيقة وتضرب في أعماق التاريخ.

وتابعت : " ووسط الأزمات التي يمر بها، تمثل مشاركة الفنانين السودانيين في "حي القاهرة الدولي للفنون" خاصة السيدات منهن تكريما وتقديرا لقوة المرأة السودانية ومرونتها، ويسلط الضوء على شجاعتها وتضحياتها وسط فوضى الحرب.


وأشارت "عبد الغفار" إلى أن أعمال الفنانات السودانيات تعكس تجاربهن والثقافة المحلية وهو ما يرفع وعي زوار حي القاهرة الدولي للفنون بالقضايا الهامة وبمدى التأثير العميق للصراع على حياة هؤلاء النساء، وتشجع الجمهور على التفاعل بعمق مع الأعمال الفنية، والتعرف على قوة القصص البصرية في الدعوة إلى السلام والعدالة، وكيفية تعامل الفن مع فكرة الانتقال إلى دولة أخرى بالنسبة لسكان مناطق الصراعات خاصة النساء.


وقالت نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة: "يأتي تعاون منظمة اليونسكو مع مؤسسة أرت دي إيجيبت في تنظيم معرض للفنانات السودانيات ضمن معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" في إطار جهود منظمة اليونسكو الممتدة لدعم المجتمع والفنانين السودانيين وإبراز إبداعهم وقدرتهم على التعبير عن مجتمعهم المحلي والقضايا التي يواجهونها". 


وأكدت مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، على أهمية تطبيق توصية عام 1980 بشأن وضع الفنانين واتفاقية عام 2005 والتي تدعو إلى حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي وآليات دعمها؛ لذلك يأتي تنظيم المعرض ليوفر منصة هامة يمكن للفنانات السودانيات من خلال مشاركتهن فيها الترويج لأعمالهن الفنية ورسائلهن، وعرض تعبيرهن الإبداعي، ومشاركة وجهات نظرهن وخبراتهن، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يواجهنها كفنانات في مرحلة انتقالية.


وأشارت "سانز" إلى أهمية الاستماع إلى أصوات النساء في حرب السودان؛ وتسليط الضوء على قصصهن والتي غالبا ما يتم تجاهلها وسط الصراع، ومن خلال الأعمال الفنية المميزة لهن نتعرف على روايتهم الخاصة في مواجهة الأزمات وقصص صمودهن والمرونة والأمل في مواجهة الشدائد التي لا يمكن تصورها، مؤكدة على أهمية وضع خارطة طريق وصياغة استراتيجيات العمل وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة من القطاع العام والجمعيات المهنية والمجتمع المضيف.


وقالت الفنانة هالة نور الدين، أن مشاركتها هذا العام هي الثانية مع أرت دي ايجيبت حيث سبق شاركت في الدورة الماضية بعد خروجها من السودان بعد الحرب مباشرة، وأضافت أنه لا توجد أي كلمة يمكن أن تعبر عن التجربة المريرة التي مروا بها والصدمة التي عاشوها من لحظة معرفتهم ببدء الحرب، وكان لديهم بريق أمل أن كل شيء سينتهي وتعود البلاد كما كانت، ولكن لم يحدث هذا.


وتابعت في حديثها : " أن أصعب شيء في الدنيا هي الحرب، وأصعب قرار أن تخرج من بيتك؛ لذلك تعتبر لوحاتها اسقاطات من التجربة المريرة التي عاشتها هناك.


كما عبرت عن سعادتها بما تفعله أرت دي ايجيبت من تجميع لكافة الفنون حول العالم في مكان واحد، فالفن هو الأمر الوحيد الذي في استطاعته أن يخرجنا من الضغوط النفسية، ويعطينا متنفس وحياة.


وقالت الفنانة ريان جمال، أن الحقيبة هي أهم شيء في الحرب فهي البيت وهي المستقبل الذي تحمل بداخله الماضي، كما أنها حاضرهم حيث يحملون بداخلها أوراقهم.


وأضافت : "أن الحقيبة تحوي على ذكرياتهم عن وطنها السودان، واستطاعت أن تضع في حقيبتها رسمة واحدة وهي ما تذكرها بحياتها في السودان.


وتابعت ريان في حديثها، أن المعارض الفنية نقطة التقاء عالمية؛ حيث يعبر الكل عما بداخله بنفس الطريقة، لا اللغة أو الجنسية تهم هنا، فاللغة هنا هي الفن الذي يشترك فيه الجميع. 


وتحدثت عن الحرب قائلة : " أنه أقسى على النساء لأنهن من يخضن الرحلة ويواجهن العالم، غير الاعتداءات التي يتعرضن لها طوال الطريق؛ فالتحديات صعبة والتجربة مريرة وصعب أن تُحكى لذلك تحاول النساء التعبير عنها بالفن.


وتحدث الفنان محمد عثمان، عن معرض حي القاهرة للفنون قائلا إن أرت دي إيجيبت تقوم بعمل رائع حيث يلتقي الكثير من فنانين العالم في مكان واحد فتكون فرصة للتعرف على أنواع مختلفة من الفنون الإبداعية.


وأضاف : "أن الفن هو مفتاح لإلقاء الضوء على المشاكل والصراعات، فكل ما يحاول الفنانون فعله هو التعبير عما يحدث حتى يكون هناك بريق أمل لأن ما حدث مؤسف وصعب ولا يتمنى أحد الحرب، وهو يحضر لعمل كبير قريبا عن الحرب والسلام.
وقالت الفنانة السورية منار محيي الدين، أنها رسمت حقيبة مرسومة عليها قلب بشري وريشة تعبر عن بداية الحرب، وهي نعبر عما فعلوه أو ما قرروا مغادرة سوريا؛ فقد وضعوا أشياءهم الضرورية في هذه الشنطة، وكان أول ما وضعته هو أدوات الرسم لأنها مهمة جدا بالنسبة لها.


وأضافت : " أن الحقيبة تعبر عن كل ما هو ضروري والريشة على الحقيبة هي الحرية بشكل عام، وحرية المرأة بشكل خاص؛ فالمرأة حرة ويجب أن تخرج من القوقعة التي وضعتها فيها المجتمعات العربية.


وتابعت أن تأثر الشخص بالحرب يرجع إلى طبيعة شخصيته، ولكن الخوف على المرأة أكبر لأنها كائن عاطفي أكثر، ويوضع عليها الكثير من القيود أثناء الحرب.


وأعربت أكاتسوكي كاتاهاشي، أخصائي برنامج الثقافة للمكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، عن سعادتها بالتعاون مع "أرت دي إيجيبت" في تنظيم معرض الفنانات السودانيات في القاهرة هذا العام والذي سبقه ورشة عمل، مشيرة إلى أن المعرض يمثل لهؤلاء الفنانات فرصة للتعبير عن أنفسهم ومشاركة تجاربهم في مجتمعهم وأيضًا رحلتهم من بلادهم إلى القاهرة، مؤكدة أن المعرض يعزز فكرة التفاعل والحوار بين اللاجئين والمجتمع المضيف في مصر. 

حي القاهرة الدولي للفنون


يشار إلى أن "حي القاهرة الدولي للفنون" معرضًا موازياً للنسخة الرابعة من معرض "الأبد هو الآن"، المقرر إقامته في منطقة أهرامات الجيزة في الفترة من ٢٤ أكتوبر إلى ١٦ نوفمبر، ويشارك فيه عدد من الفنانين من مصر والسعودية وأمريكا، بلجيكا وإيطاليا وفرنسا، ويقدم كل منهم أعمالا تتنوع بين الفيديو، المنحوتات، اللوحات، والعروض الحية، ما يظهر تفاعل الفن المعاصر مع السرديات التاريخية والثقافية لمنطقة وسط البلد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المواهب الفنية الفن الفن والثقافة الفنانين اللاجئين مؤسسة آرت دي إيجيبت السودان حي القاهرة الدولي للفنون حی القاهرة الدولی للفنون آرت دی إیجیبت أرت دی إیجیبت فی القاهرة

إقرأ أيضاً:

عظة البابا فرنسيس بمناسبة يوبيل الفنانين وعالم الثقافة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 ترأس عميد دائرة الثقافة والتربية الكاردينال تولينتينو دي مندونسا قداساً احتفاليا في البازليك الفاتيكانية نيابة عن البابا فرنسيس وذلك احتفالاً بيوبيل الفنانين وعالم الثقافة،وقد شارك في الاحتفال الديني عدد كبير من الممثلين عن عالم الفن والثقافة قدموا من روما، إيطاليا، ومختلف بلدان العالم خصيصا لهذه المناسبة اليوبيلية. أثناء القداس قرأ نيافته على الحاضرين عظة البابا والتي توقف فيها عند أهمية الدور الواجب أن يلعبه الفنانون في عالم اليوم مشددا على ضرورة الالتزام في بناء الجسور وخلق فسحات للقاء والحوار.

 

تطرقت عظة البابا إلى إنجيل اليوم الذي يحدثنا عن المسيح فيما كان يعلن التطويبات لتلاميذه ولحشد كبير من الناس. لقد سمعنا التطويبات مرات عديدة، ومع ذلك لم تتوقف عن إدهاشنا "طوبى لكم أيها الفقراء، لأن لكم ملكوت الله. طوبى لكم أيها الجياع الآن لأنكم سوف تشبعون. طوبى لكم أيها الباكون الآن، لأنكم سوف تضحكون". هذه الكلمات  تابعت عظة البابا – تقلب منطقنا الدنيوي وتدعونا إلى النظر إلى الواقع بعيون جديدة، بنظرة الله، حتى نتمكن من رؤية ما وراء المظاهر والتعرف على الجمال حتى وسط الضعف والمعاناة.

يحتوي الجزء الثاني من مقطع الإنجيل على كلمات قاسية ومنبّهة: ولكن ويل لكم أيها الأغنياء، لأنكم قد تلقيتم عزاءكم، ويل لكم أيها الشباعى الآن، لأنكم سوف تجوعون. ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم سوف تحزنون وتبكون. إن التناقض بين "طوبى لكم" و"ويل لكم" يذكرنا بأهمية التمييز حيث نجد أمننا.

وتوجه البابا في عظته إلى الحاضرين في البازيليك الفاتيكانية وقال لهم: كفنانين وممثلين عن عالم الثقافة، أنتم مدعوون لأن تكونوا شهودا على الرؤية الثورية للتطويبات. مهمتكم ليست فقط لخلق الجمال، ولكن للكشف عن الحقيقة والخير والجمال المخبأ في طيات التاريخ، ولإعطاء صوت لمن لا صوت لهم، لتحويل الألم إلى رجاء.

إننا نعيش في زمن الأزمات المالية والاجتماعية المعقدة، لكن أزمتنا هي قبل كل شيء أزمة روحية، أزمة معنى. دعونا نطرح على أنفسنا أسئلة حول الوقت والمسار. أنحن حجاج أم نتجوّل وحسب؟ هل رحلتنا لها وجهة، أم أننا نفتقر إلى أي وجهة؟ الفنانون لديهم مهمة مساعدة الإنسانية على عدم فقدان طريقها وأفق الرجاء.

 

هذا وذكرت عظة البابا بكلمات الشاعر جيرارد مانلي هوبكنز، الذي كتب أن "العالم مشحون بعظمة الله، وهي تبرق كلمعان الرقائق المهزوزة". مهمة الفنان هي اكتشاف هذه العظمة الخفية والكشف عنها، ما يجعلها محسوسة لأعيننا وقلوبنا. كما أدرك الشاعر نفسه "الصدى الرصاصي" و"الصدى الذهبي" في العالم.  ولفت البابا إلى أن الفنانين حساسون لهذه الأصداء، ومن خلال عملهم، ينخرطون في التمييز حول الأصداء المختلفة لأحداث هذا العالم ويساعدون الآخرين على فعل الشيء نفسه.

من هذا المنطلق فإن الرجال والنساء الذين يمثلون عالم الثقافة مدعوون لتقييم هذه الأصداء، وشرحها لنا وإظهار المسار الذي يقودنا إليه. إما أنها أغاني مغرية أو دعوات إلى إنسانيتنا الحقيقية. ولا بد من تقديم نظرة ثاقبة للمساعدة في التمييز بين ما يشبه "القشور المتناثرة بفعل الرياح" وما هو صلب، "مثل الأشجار المزروعة عند مجاري المياه"، القادرة على أن تؤتي ثمارها.

أيها الفنانون الأعزاء، كتب البابا فرنسيس، أرى فيكم حراس الجمال الذي يعرف كيف ينحني على جراحات عالمنا، وكيف يستمع إلى صرخة أولئك الفقراء والمتألمين والجرحى والسجناء والمضطهدين واللاجئين. أرى فيكم حراس التطويبات. إننا نعيش في زمن يتم فيه تشييد جدران جديدة، عندما تصبح الاختلافات ذريعة للانقسام بدلا من فرصة للإثراء المتبادل. ولكنكم، أيها الرجال والنساء في عالم الثقافة، مدعوون إلى بناء الجسور، وإلى خلق مساحات للقاء والحوار، وتنوير العقول وتدفئة القلوب. قد يقول البعض: ما الجدوى من الفن في عالم جريح؟  أليست هناك أمور أكثر إلحاحا، وأكثر واقعية وأكثر ضرورة؟

وأكدت عظة البابا أن الفن ليس ترفا، لكنه شيء تحتاجه الروح. إنه ليس هرباً من الواقع، لكنه مسؤولية ودعوة إلى العمل، إنه نداء وصرخة. والتربية على الجمال الحقيقي هي تربية على الرجاء. والرجاء لا ينفصل أبدا عن مآسي الوجود: إنه يمر عبر نضالاتنا اليومية، ومصاعب الحياة وتحديات عصرنا.

في الإنجيل الذي سمعناه اليوم، تابعت عظة الحبر الأعظم، يقول يسوع: طوبى للفقراء والمتألمين والودعاء والمضطهدين. إنه قلب للمنطق وثورة في المنظور. والفن مدعو للمشاركة في هذه الثورة، كما أن العالم يحتاج إلى فنانين نبويين وإلى مثقفين شجعان ومبدعين للثقافة.

في ختام العظة التي قرأها الكاردينال مندونسا على المشاركين في القداس طلب البابا من الفنانين أن يتركوا إنجيل التطويبات يرشدهم، وتمنى أن يكون فنهم إعلاناً لعالم جديد، آملا أن يُظهر ذلك شعرُهم، وشجع الجميع على عدم التوقف عن البحث وعن طرح التساؤلات وعن المجازفة. وكتب فرنسيس أن الفن الحقيقي ليس أبدا أمراً مريحاً إذ يوفر سلام الأرق. وذكّر بأن الرجاء ليس وهما وبأن الجمال ليس يوتوبيا، وختم مؤكدا أن موهبتهم ليست بفعل الصدفة، لكنها دعوة لا بد من التجاوب معها بسخاء وشغف ومحبة.

مقالات مشابهة

  • عظة البابا فرنسيس بمناسبة يوبيل الفنانين وعالم الثقافة
  • سارة سحاب: والدي يمثل البوصلة الفنية لي
  • وفاة والدة الفنان محمد فاروق شيبا.. تفاصيل
  • استمرار الحرب يفاقم الازمة الانسانية في السودان .. حماية المدنيين من مبادئ القانون الدولي
  • مهرجان القاهرة يعلن إدارته الفنية الجديدة من برلين 
  • مهرجان القاهرة السينمائي يعلن رئيس الإدارة الفنية للدورة الـ46 من برلين
  • القانون يحدد مواصفات الأطعمة التي يتناولها الطفل.. تفاصيل
  • 16 فبراير.. افتتاح معرض "سيمفونية بالألوان" للفنانة التشكيلية رندة فؤاد
  • الإذاعة المصرية منارة الإعلام التي رسمت تاريخ الأمة.. تفاصيل
  • إبداع اليافعين في القصة القصيرة ضمن الورش الفنية بمعرض جازان للكتاب