رأيت النار تلتهم أجساد أطفالي.. أب يستذكر تفاصيل مأساته بغزة
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لتكون هذه المرة السابعة منذ بداية العام، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. ولكن هذه المرة، أتى الهجوم بنتائج مدمرة أكثر من سابقاتها.
اندلعت النيران وسط فوضى القصف، والتهمت أجساد النازحين، وبرزت صورة مؤلمة لشاب يحترق وهو يستغيث، من دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب لإنقاذه من جحيم اللهب.
واستذكر أحمد الدلو، والد شعبان، تفاصيل ذلك اليوم المفجع، فقال: "كنا نجلس معا حين سقطت علينا كرة من النار. فقدت عقلي حين رأيت أطفالي يحترقون. شعبان وزوجتي كانا في وسط النيران، وابنتاي وابناي الآن في العناية المركزة".
حينها، اندفع أحمد نحو النيران لإنقاذ عائلته، فسحب ابنه الأصغر عبد الرحمن وابنته رهف إلى بر الأمان، في حين تمكنت ابنته الكبرى من الهرب وهي تحترق. وأضاف الوالد: "نظرت إلى شعبان وفكرت أنه ربما يستطيع النجاة بنفسه، فركزت على إنقاذ إخوته الصغار". لكن مع الأسف، استشهد شعبان ولم يستطع النجاة.
انتقل أحمد، وهو خياط بسيط من غزة، مع عائلته إلى مستشفى شهداء الأقصى في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ظنا منه أن المكان سيمنحهم الأمان بعيدا عن القصف والدمار. فالأوامر الصادرة من الجيش الإسرائيلي أكدت على الانتقال إلى "المناطق الآمنة"، وكانت أسوار المستشفى هي الخيار الأخير.
"لم أتخيل يوما أن تستهدف الخيام هنا"، لم يكن يعلم والد شعبان أن جيش الاحتلال لن توقفه أسوار المستشفيات عن قصف الأبرياء في قطاع غزة.
يوم مفجعكان شعبان شابا واعدا، فقد قال والده إنه حقق 98% في امتحانات الثانوية العامة، وكان عازما على أن يصبح طبيبا، "بذلت قصارى جهدي لأوفر له منحة دراسية في الخارج، لكنه فضل البقاء هنا والتحق بهندسة الحاسوب. كان شابا ذكيا وله مستقبل مشرق".
واستشهاد شعبان كان مؤلما بشكل خاص، حيث إنه نجا بأعجوبة من غارة جوية أخرى في وقت سابق من الشهر الجاري. كان يتلو القرآن مع أصدقائه في المسجد حين تعرض للقصف في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، ما أسفر عن استشهاد 25 منهم. نجا شعبان بإصابات طفيفة وقتها، كما روى شقيقه محمد.
وروى محمد: "في يوم المحرقة، حاولت أنا ووالدي إنقاذ عائلتنا، لكن الناس منعوني خوفا علي. شاهدت أخي يرفع يديه إلى السماء مرددا الشهادتين قبل أن يستشهد".
ولم تقتصر المأساة على عائلة أحمد وحدها. تتذكر أم محمد، نازحة أخرى وشاهدة على مشهد الحريق الذي التهم عائلة الدلو، أنها رأت "نارا كأنها من حلم. أم شعبان وابنها اشتعلا أمام عينيّ، ولم أستطع مساعدتهما. شعرت كأن القيامة قد قامت، وكأن الموت كان قريبا جدا منّي ومن بناتي السبع".
وأفاد المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، الدكتور خليل الدقران، بأن هذا الهجوم هو الأعنف حتى الآن، حيث احترقت ما بين 40 و50 خيمة، ما أسفر عن سقوط 4 شهداء وأكثر من 40 مصابا، معظمهم من النساء والأطفال.
وأوضح الدقران أن الإصابات كانت مروعة، حيث أصيب العديد من الفلسطينيين بحروق من الدرجة الثانية والثالثة. كما أشار إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحة حارقة محظورة دوليا خلال هجماتها على النازحين.
وبعد أيام من هذا الهجوم، أعلن عن وفاة عبد الرحمن، الشقيق الأصغر لشعبان، متأثرا بجراحه، مما زاد من عمق المأساة التي تعيشها عائلة الدلو.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مسؤول بغزة للجزيرة: الاحتلال يتلاعب بأولويات البروتوكول الإنساني
قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف إن الاحتلال الإسرائيلي لا يترك فرصة للتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا أنه يتلاعب بأولويات البروتوكول الإنساني.
ونفى معروف، في لقاء مع الجزيرة، دخول أي بيوت متنقلة إلى قطاع غزة، كاشفا عن دخول ما نسبته 4% فقط من احتياجات القطاع الفلسطيني من الخيام.
وأكد معروف أن الاحتلال يتلاعب بالأولويات رغم المطالب الفلسطينية بشأن أنواع وكميات محددة للإيواء العاجل، مشيرا إلى أنه يريد التنغيص على الفلسطينيين بعد 15 شهرا من المعاناة والقتل والتدمير والتخريب.
ونهاية الشهر الماضي، كشفت مصادر للجزيرة أن البروتوكول الإغاثي ينص على أن مزودي المساعدات يشملون الأمم المتحدة ومنظمات دولية وهيئات غير حكومية، وأن دخول المساعدات بمعدل 600 شاحنة يوميا مع دخول معدات للدفاع المدني وصيانة البنية التحتية.
وقالت المصادر للجزيرة إن البروتوكول الإنساني يدعو لإدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة إلى غزة لاستيعاب النازحين، وينص على أن المساعدات تتضمن مواد إغاثية ومعدات إنسانية من حكومات ومنظمات دولية.
وقال معروف إن أولويات الإيواء العاجلة تحتل ذات الدرجة من الأهمية مثل الوقود والمعدات الثقيلة والخيام والمولدات الكهربائية والأدوية والمستلزمات الطبية، مشيرا إلى أن الاحتلال يدخل احتياجات إنسانية أخرى مرتبطة بالسلال والطرود الغذائية.
إعلانوتطرق المتحدث نفسه إلى عدم التزام الاحتلال بآلية الخروج من معبر رفح، إذ نص الاتفاق على إخراج 150 من المصابين والجرحى وفق فئات محددة، وقلّص هذا العدد إلى 50 تقريبا مع التلكؤ في منع بعض الجرحى والمرافقين.
وشدد معروف على ضرورة وجود ضغط حقيقي على الاحتلال لتنفيذ كافة بنود الاتفاق خاصة إدخال الاحتياجات التي وردت نصا في البروتوكول الإغاثي الإنساني مثل خزانات المياه والمواسير لإصلاح البنية التحتية وغيرها.
وأشار إلى أن النازحين العائدين لشمال غزة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعد عودة مئات الآلاف من محافظات الجنوب والوسط.
وأواخر الشهر الماضي، قال معروف للجزيرة إن شمال قطاع غزة يحتاج ما لا يقل عن 120 ألف خيمة لإيواء النازحين العائدين إلى الشمال، محذرا من كارثة إنسانية إن لم يتم توفير مستلزمات إيواء عاجلة.
وأمس الثلاثاء، أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 545 ألف فلسطيني عبروا من جنوب غزة إلى الشمال، منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة الدوحة والقاهرة وواشنطن. ويشمل أيضا إدخال 600 شاحنة محملة بالمساعدات يوميا.
ويتزامن حديث المسؤول الإعلامي الحكومي بغزة مع تأكيد قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للجزيرة عرقلة الاحتلال الإسرائيلي تطبيق بعض البنود المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفق القيادي في حماس، فإن جيش الاحتلال يمنع حتى اللحظة إدخال المعدات الثقيلة وفق ما نص عليه الاتفاق، مما يحول دون انتشال جثث الشهداء وجثث الأسرى الإسرائيليين تحت الأنقاض.