سواليف:
2025-03-12@15:18:13 GMT

مبتدأ وخبر

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

#مبتدأ_وخبر

د. #هاشم_غرايبه

المبتدأ: يروى أن أحد الأعراب كان لا يفتأ يحكي لزوجته وأولاده حكايات عن بطولاته في سالف الأيام، ويشير الى سيف صديء معلق في صدر البيت قائلا: بهذا السيف الذي ورثته كابرا عن كابر، قطعت رؤوس العديد من الوحوش والغيلان.
وفي ليلة عاصفة اشتدت ظلمتها سمع الأولاد صوتا مريبا خارجا فالتصقوا بأبيهم خائفين، لكنه طمأنهم أن ذلك ربما كان من صوت الريح، في اللحظة التالية سمع الجميع الصوت واضحا، فركضت الأم لتلتصق بالكتلة الآدمية التي تعلقت بالأب المرتعد، وعندما سمع زمجرة منكرة في الخارج سحب السيف من غمده مغمغما: يجب أن أكون على قدر التحدي.


تكوّم الأطفال مع أمهم في الركن الأبعد عن الباب وهو واقف امامهم، وقد اخفت العتمة امتقاع وجهه وارتجاف يده، لأن الحقيقة التي يخفيها أن هذا السيف لم يستعمل قط إلا استعراضا في الدبكات والحنجله.
اقتربت الزمجرة أكثر وقد باتت قريبة من الباب.. فصرخ الأطفال رعبا، وطلبوا من ابيهم أن يخرج ليقتل الوحش قبل أن يدخل ويفتك بهم، إلا أن الأب قال لهم بصوت مرتجف: لا لن أسمح له بأن يفرض علي زمان ومكان المعركة، سأقاتله حين يدخل، وتعلقت أعين الجميع بباب الخيمة المسدل وإذ برأس كلب يظهر، ليدخل عليهم كلب هزيل ألجأه الجوع والبرد الى خبائهم.
ضحك الأطفال فرحا بزوال الخطر، أما الأب الذي كادت قدماه أن تخذله ارتجافا، فقال مكابرا: الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفانا حربا!.
الخبر: منذ أن تأسست الأنظمة العربية، أرهقت مواطنيها ماليا، وعطلت كل مشاريع التنمية بذريعة أن كل شيء يجب أن يوظف للمعركة مع الكيان اللقيط، كما حرمت مواطنيها من حق التعبير عن الرأي والحريات العامة، بحجة أن الجميع يجب أن يصطفوا خلف القيادة الملمهمة لتحقيق النصر.
تحمل الناس كل ذلك بانتظار تحرير فلسطين، لكن تبين من تسريب لمناقشات مؤتمر القمة في الرباط عام 65، والتي كانت سرية على شعوب الأمة فقط لكنها متاحة للعدو، أنه لا توجد خطة للتحرير، بل حتى لا توجد نية أصلا، بل انقسم الزعماء الى فريقين: الأول يرفض مبدأ التحرير أصلا لأنه ملتزم مع الغرب بحماية الكيان اللقيط، والآخر يدعي نية التحرير لكن بالشعارات فقط.
وكشفت هزيمة 67، كم هما الفريقان مخترقان من أعداء الأمة، فانهزمت جيوشها التي بنتها الشعوب بعرق الجبين عشرين عاما خلال ست ساعات ..وقبل بدء المعركة!.
لم يحاسب أحد أياً من هذه الأنظمة، وبقيت مستمرة في مهزلة وعودها الكاذبة، غير أنها استبدلت بشعار التحرير، الحل السلمي، وبعد أربعين سنة أخرى، صبرت فيها شعوبها أيضا، ازدادت فيها فقراً وفقدت المزيد من حقوقها وكرامتها، ولما أن استهلكت قصة تحرير فلسطين، فقد تحولت الى الادعاء بأن هذه الجيوش، ما هي إلا لحماية المواطنين من الإرهاب المزعوم، لكن ذلك ما كان الا تحويلا لعقيدتها من عسكرية لحماية الوطن، الى قوات أمنية لحماية النظام، التزاما بإملاءات آلهتهم (الشيطان الأكبر)،التي يعبدونها من دون الله، وأوجدت لهم بشماعة محاربة (الإرهاب!) تغطية على فسادهم، و تبريرا جديدا لفشلهم.
انتهت مسرحية الإرهاب، لكن لم تنته المبررات للفشل والفساد، فتحولوا الى الحديث عن مواجهة التحديات مرة، والصمود أمامها مرة أخرى والتصدي لها مرات أخر، من غير توضيح لهذه العبارات الغامضة، لأنها شماعة أخرى لتحميل الشعوب مسؤولية فشلهم.
المشكلة أن هذه الشعوب قد باتت تعلم أن هذا الأب الرعديد لا يجرؤ على مقاتلة قطة، وأن هذا السيف المتمنطق به، صدئ من قلة الإستعمال، بل لم يستعمله يوما، فيقتل به أي دخيل، ولو كان فأراً، فلا يستعمله إلا ضد أهل بيته.
رغم ذلك فهو يفرض عليهم أن يعتبروا هذا السيف بتارا، وأن أمانهم واطمئنانهم عائد الى مضاء حده، لكن شعوبهم يعلمون أن العبرة ليست بطول السيف أو عرضه، بل باليد التي تحمله وبصدق نية حامله في محاربة العدو، لذلك يتمنون لو قوي قلبه وهدد به يوما ذلك الوحش القابع في وسط حيّهم، والذي يعتدي عليهم طوال الوقت، فهم يعرفون أنه ليس غولا لا يقهر كما يوهمهم أبوهم، بل مجرد كلب هزيل، ما صوّره كوحش فتاك إلا الجبن والتآمر!.

مقالات ذات صلة كم ستصمت الأمة على الإبادة بغزّة! 2024/10/20

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه هذا السیف

إقرأ أيضاً:

الخلايا النائمة التي تقوم الليل إيمانا واحتسابا

اتفقت وسائل الإعلام على تسمية أعداء الحكومة المستترين، بالخلايا النائمة، وكانت نشطت في وقت السحور في الساحل السوري، وهي خلايا متربصة ومتحفزة تتقنع وتتلثم لكن لا تنام، وقد انبعثت بعد ثلاثة شهور من سقوط الأسد ونظامه البائد، ولم يبُدْ بعد فلا تزال منه بقايا فلول غير قليلة.

انبعثت الخلايا، والسوريون لم يشمّوا أقفية أيديهم بعد، كما تقول الأمثال السائرة، فخطفوا أنفارا من الأمن، وارتكبوا مجازر بحق آخرين، وحرقوا جثثهم (ليس لإخفاء الجريمة إنما تنكيلا وإرصادا)، فنفرت لهم جماهير الثورة العسكرية والمدنية، فرأينا أرتالا من المتطوعين بلغت في تقدير المقدرين نحو نصف مليون متطوع، خفافا وثقالا، رجالا وركبانا، وقد استعظم المراقبون عدد المستنفرين، وتذكروا انقلاب تركيا سنة 2016. فقد أحسّ جمهور الثورة السورية بالذعر والغضب معا؛ الذعر من سرقة ثورته ومن عودة أعتى نظام سياسي وأظلمه، والغضب من تغافل القيادة الجديدة وحلمها بالفلول ووضع الندى في موضع السيف.

ووقعت تجاوزات وحدثت انتهاكات من قتل مضاد ونهب انتقامي، ويرجح أنَّ سببه الأكبر هو تأخر قصاص القتلى، فأكثر الثورات استقرارا وأطولها عمرا، كان أكثرها دماء، الثورة في فرنسا وثورة إيران وسواهما. والسبب الثاني هو بطء التقاضي في محاكم العدالة السورية الجديدة، التي يمكن وصفها بالانتقائية، فالقيادة الجديدة تحاول جهدها تدوير المربعات والمثلثات، تعفو هنا، وتعاقب هناك، عين على الشرعية الممنوحة من الغرب -مصدر الشرعيات السياسية- وعين على الشرعية الداخلية، والشرعية الغربية الأمريكية مقدّمة على الداخلية؛ الشرعية الداخلية يمكن انتزاعها بالقوة أما الخارجية فلا تؤخذ إلا بالرضى بل بالطاعة.

يقول مكيافيللي: إنَّ الحنين في الثورات والأنظمة الساقطة إلى زمن الدكتاتور الراحل يقع غالبا بعد سنة من سقوطه، وليس الأسد بدكتاتور يُحنّ إليه إلا من أتباعه وأوليائه، فهي عِشرة، والعشرة لا تهون إلا على الرفيق البعثي، إلا إن كان حنينا مرضيا كحنين المازوشيين، وفي فيلم سوق المتعة يحنُّ السجين المحرر إلى سجنه، فيبني سجنا ويستأجر سجانه السابق ليعذبه.

حنّ الموالون إلى زمن التشبيح الجميل والقتل تحت التعذيب، حيث كانت الرموز رموزهم، والعزة عزتهم، والدولة دولتهم، والرواتب وإن كانت قليلة لكنها جارية وتسند الجرة السحرية، اشتاقوا إلى رئيسهم السابق الهارب، صاحب أجمل رقبة سورية، وسبب تأخر الحنين أنّ حرارة السقطة عطلت الإحساس بالألم إلى حين، أو أن الثائرين على القيادة الجديدة والحانين إلى دولة الغنيمة، أنفقوا جلّ مدخراتهم، أو أن أموالا وردت إليهم، وأوامر فلبوها، والفقر يذكي الحنين والانتقام أيضا.

وقد أُضيفت أسباب أخرى إلى انبعاث ثورة خلايا قيام الليل الأسدية، التي أطلقوا عليها اسم درع الساحل، منها: أنهم قتلة، لا أمل في العفو عنهم، وقد خسروا مناصبهم وعزهم ومجدهم، ورواتبهم، سوى أنهم مدعومون من قوى دولية، أولها إيران التي تصفهم بالثوار في وسائل إعلامها الكثيرة، وبالمقاومة أيضا، وتصف القيادة الجديدة بالإرهابية، تليها روسيا، المهددة بخسارة حمامها الدافئ في حميميم. وروسيا تعمل بصمت وتأنّ، وكانت آوت مئات الأسر العلوية لجأت إليها في القاعدة، ونقلت أخبار عن توكيلات مكتوبة تطلب من روسيا تدخلا دوليا. تساعد إيران وروسيا دول عربية وصيفة للدولتين المذكورتين، تخفي بغضا فوقه رضى، للثورات العربية عامة، والإسلامية خاصة.

وإن كون سوريا أهم دولة عربية، لتوسطها، وحيوية شعبها، سببٌ آخر، وهي مجاورة لتركيا الصاعدة، ويجري الحديث في وسائل التواصل عن الانبعاث الأموي ردّا على تصدير التشيع.

بل إن نازحين ومهاجرين شدّوا المئزر وهمّوا بالتشمير إلى سوريا بعد وقوع عمليات "درع الساحل"، خوفا من احتمال عودة النظام، الذي راع الشعب، ولا تكاد تجد أسرة سورية سنية (من غير اعتذار عن ذكر اللفظ) إلا وقد نُكّل بها ونكبت. تأخر القصاص، والقيادة الجديدة تحابي بعض المتهمين، وتغضي عن بعضهم الآخر، وهي تتقدم -الشعب الذي يريد الانتقام- بكثير، إما لأنها تريد الاستقرار وتتلمس طريقها الوعر، أو لأن الدولة المنكوبة تريد الاستفادة من أموالهم، فالخزنة خالية، وسوريا محاصرة، والقيادة محاصرة بين "صديق فأعيا أو عدو مداجي"؛ وهما مرضاة لمجتمع دولي معاد، وعربي علماني، يتوجس من الثورات الإسلامية، يضاف إلى ما ذكر من تردد القيادة السورية الجديدة وثقل الميراث الدموي الطويل.

أما مطالب نخبة السوريين ونشطاء الإعلام التواصلي، فعجيبة، كأن تتوجس نخبة من تجنب الرئيس الشرع ذكر الديمقراطية، وذكر بدلا منها الشورى، ويتخوف معارض له متابعون كثر من محظورات التمثيل التلفزيوني في غرفة النوم، ويستنكر آخر طول اللحى، ورابع يندد بالذكورية، فالذكورية تهمة، وخامس يندد بالجلابية التي يرتديها الرئيس في صور قديمة.. الجميع يحبون الإناث والتأنيث، والوجه الحليق، ويريدون مدينة فاضلة الآن وحالا، علمانية وديمقراطية وتحارب الإرهاب، تكثر في حكومتها الإناث السافرات الجميلات، وفي مسلسلاتها غرف نوم بمشاهد "جريئة". يقول الخائف على خسارة المشاهد الجريئة: "إن السعودية نفسها لم تعد تتقيد بهذه المحظورات".

وصفقت خلايا إعلامية ساهرة لأخبار تشي بصدور قانون قيصر جديد ضد القيادة الجديدة، بل إن معارضا سنيا معروفا قضى ردحا من الزمن في المعتقلات جاهر بحنينه إلى الأسد وفضّله على الرئيس الجديد الذي لم يحكم بعد!

يصعب تمييز غث الأخبار السائلة من سمينها، والصادق منها والكاذب، والتوثق من الصور المختلقة، وهي لمذبوحين وقتلى ما زالوا أحياء، وهنات الأمور مثل الحزن على نصب السيف الدمشقي الذي كسي بالبلاستيك في الشتاء وليس بالحرير! يقولون إنّ النصب هو لسيف دمشقي، صممه فنان مصري، والأمر يحتاج إلى شاهدين، فارسين، عدلين، ورئيس يضع السيف -وليس النصب- في مواضعه، غير خالط بين الندى والعدا.

x.com/OmarImaromar

مقالات مشابهة

  • طريقة استرداد الأموال التي تم تحويلها بالخطأ عبر إنستاباي
  • نايف حمدان يصرح عن عدد الخيول التي يمتلكها.. فيديو
  • شباب ليبيا يناقشون التحديات التي تواجه الاقتصاد
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يدهش أنصاره بوصلة رقص يظهر من خلالها براعة كبيرة في التحكم بــ(السيف)
  • عودة السانات والراسطات والناس الواقفة قنا !!
  • التعليم تنشر أسماء المدارس التي تعمل في وسط قطاع غزة
  • ما المعطيات العسكرية التي أدت إلى اتفاق دمشق وقسد؟
  • الإطار التنسيقي يدين المجازر التي يتعرض لها المواطنون في سوريا
  • الخلايا النائمة التي تقوم الليل إيمانا واحتسابا
  • أمريكا تندد بالمجازر التي حدثت في الساحل السوري