قبل شهر، كانت ضاحية بيروت الجنوبية تضيق بقاطنيها وأبنيتها، وتزدحم شوارعها وأسواقها، لكن ما أن كثّفت إسرائيل غاراتها ضد حزب الله، حتى تحولت مساحة منكوبة، هجرها سكانها ما عدا شبان يتجولون على دراجاتهم النارية بين الركام.

وسوّت الغارات الإسرائيلية الكثيفة على ضاحية بيروت الجنوبية، أحد أبرز معاقل حزب الله، منذ 23 سبتمبر (أيلول)، أبنية كاملة بالأرض، ودمرت بعضها الآخر وهشّمت واجهات شقق ومحال ومؤسسات تجارية.

وتحولت بعض الأحياء التي طالتها غارات متلاحقة إلى أكوام ركام هائلة.
ومنذ مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، بغارات إسرائيلية ضخمة على حارة حريك، تسود حالة من عدم الثقة في المنطقة.

فوق دراجاتهم النارية، يراقب شبان من أبناء المنطقة حركة العابرين والسيارات، ويتأكدون من أن الوافدين من سكان المنطقة جاؤوا على عجل لتفقد منازلهم وأخذ احتياجاتهم.
ويقول محمّد، الذي أمضى 25 عاماً من حياته في ضاحية بيروت الجنوبية، إنه عاد إلى المنطقة لأخذ ملابسه، لأنه غير قادر على شراء ثياب جديدة مع ارتفاع الأسعار في بلد يعيش انهياراً اقتصادياً متمادياً منذ خمس سنوات.

إسرائيل تفجر قرى بالكامل جنوب لبنان - موقع 24قالت مصادر أمنية محلية، إن الجيش الإسرائيلي دمر عدة قرى في جنوب لبنان بشكل كامل تقريباً، حيث ساوى المنازل والبنايات بالأرض.

ويوضح متحفظاً عن كشف اسمه الكامل: "طلب مني بعض الشباب ألا أتأخر كثيراً لأن مسيرات تحلق باستمرار، ويمكنها أن تقصف في أي لحظة".
وفرّ محمّد من منزله بعد الغارات التي أودت بنصرالله في 27 سبتمبر (أيلول)، ويقيم منذ ذلك الحين لدى أقاربه في بيروت.
عند فراره، يروي محمّد: "خرجنا من دون أن نرتدي أحذيتنا، وظننا أننا لن نرى منزلنا مرة أخرى"، على غرار ما فعله جيرانه.

استهداف "متعمد"

إذا كان البناء حيث شقة عائلته لا يزال صامداً رغم الضربات في محيطه، إلا أن حوالي 320 مبنى في بيروت وضاحيتها قد تدمرت وفق ما تقدر منى فواز مديرة البحوث في "مختبر المدن بيروت" التابع للجامعة الأمريكية.
وتشير أستاذة الدراسات والسياسات المدنية أنه خلال الحرب المدمرة التي خاضها حزب الله وإسرائيل واستمرت 33 يوماً صيف 2006، أظهر مسح أن 1332 مبنى من طبقات عدة تضرر بشكل جسيم، وسُوي 281 بالأرض، ما أجبر مئة ألف شخص على النزوح من مساحة تقدر بحوالي عشرين كيلومتراً مربعاً.
وابتلعت الغارات الإسرائيلية التي قتلت نصرالله أبنية بأكملها في منطقة حارة حريك، وتصدعت الأبنية المجاورة بشكل لا يخول سكانها العودة إليها.
وباتت أحياء بأكملها منكوبة مع تطاير إسفلت طرقاتها وانفجار أنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي فيها وتقطع الأسلاك الكهربائية وخطوط الهاتف وتدليها في كل ناحية.
وبحسب فواز، فإن الطائرات الإسرائيلية "تستهدف بشكل متعمد كل ما يسمح للحياة بالاستمرار" من خدمات "لا تعد من البنى التحتية لحزب الله"، وعلى "نطاق جغرافي أوسع" مما كان عليه الحال خلال حرب 2006.
وسبق لحارة حريك، وهي منطقة تضم مقرات مؤسسات ومكاتب تابعة للحزب ونوابه، أن نالت نصيبها من القصف والأضرار صيف 2006.

وبقيت منطقة برج البراجنة المجاورة حينها بمنأى عن الأضرار، إلا أن قاطنيها وجدوا أنفسهم هذه المرة تحت رحمة الغارات.

"نخاف العودة"

على وقع الغارات، نزح غالبية سكان ضاحية بيروت الجنوبية، والذين يقدّر عددهم بين 600 ألف إلى 800 ألف إلى مناطق أخرى، ما عدا جنوب البلاد وشرقها، التي يتحدر معظمهم منهما، وحيث تشنّ إسرائيل غارات أيضاً.
ويعيش غالبية النازحين في مراكز إيواء مؤقتة أو في شقق مستأجرة أو لدى أقاربهم ومعارفهم.

حرب بلا حدود: القصف في لبنان..والبكاء في السنغال - موقع 24ضم حسين هاشم ابنته المصابةعند وصولها إلى السنغال، على متن رحلة لإعادة الفارين من الصراع المتصاعد في لبنان، ولكن ابنه، 14 عاماً، لم يكن معها لأنه قُتل بعد قُصف منزلهم، وفق الأب المكلوم.

وأثار تدفق النازحين حساسيات وارتيابا وتوترات في بعض المناطق، في بلد لطالما عانى من المشاحنات والانقسامات الطائفية والسياسية، خصوصاً بعد استهداف إسرائيل شققاً يقيم فيها نازحون في مناطق بعيدة عن معاقل حزب الله وغير محسوبة عليه سياسياً وطائفياً.
قبل 37 عاماً، وُلد حسن وترعرع في محلة المريجة في ضاحية بيروت الجنوبية. وطالت المنطقة الشهر الحالي غارات كثيفة، قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت مقراً كان رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين، أبرز المرشحين لخلافة نصرالله، موجوداً فيه، من دون أن يتضح مصيره.
يتذكر حسن الذي نزح من منزله صباحات الحي مع "الأصدقاء وألعاب الأطفال ورائحة الخبز وتبادل التحية بين الجيران".
ويبدي حزنه للدمار الذي لحق بمدارس ومحال وأبنية وحتى بسوبرماركت كان يعتمدها كعلامة بارزة لتحديد الطريق إلى منزله.
ويقول: "نخاف من العودة بعد الحرب، ونكتشف كم خسرنا من أصدقاء، على غرار العام 2006".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بيروت بيروت حزب الله بيروت إسرائيل وحزب الله ضاحیة بیروت الجنوبیة حزب الله

إقرأ أيضاً:

غارتان إسرائيليتان على منطقة زقاق البلاط في العاصمة بيروت

قالت مراسلة RT، مساء يوم الاثنين، إن غارات إسرائيلية استهدفت منطقة زقاق البلاط في العاصمة اللبنانية بيروت.

وذكرت مراسلة RT أن "الغارة الإسرائيلية في وسط بيروت تبعد فقط 100 متر من خط النار عن السراي الحكومي".

ووثقت مقاطع فيديو تصاعد أعمدة الدخان إثر الغارة الإسرائيلية العنيفة على المنطقة.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن "الغارة طالت محيط حسينية الزهراء في المنطقة المذكورة، ما أسفر عن سقوط جرحى وفق المعطيات الأولية".

وأفادت بأن "الغارة على زقاق البلاط شنت بصاروخين وأن هناك تحركا كثيفا لسيارات الإسعاف نحو المكان".

مقالات مشابهة

  • مراسل سانا: أصوات الانفجارات التي سمعت في مدينة تدمر ناجمة عن عدوان إسرائيلي استهدف أبنية سكنية والمدينة الصناعية فيها
  • أردوغان: سنواصل النضال ضد الفوضى التي تثيرها سياسات الاحتلال
  • البريقة: تطوير البنية التحتية لتحسين الخدمات في المنطقة الجنوبية
  • هذا ما شهدته الضاحية الجنوبية أمس
  • المولوي: الغارات التي تطالُ بيروت إجرامية ولبنان لا يقبل بانتهاك سيادته
  • الأسواق تفتقد روّادها... موسم الأعياد مُرحّل
  • غارتان إسرائيليتان على منطقة زقاق البلاط في العاصمة بيروت
  • اجتماع تنسيقي بين مديرية أمن الشاطئ ومصلحة الجوازات المنطقة الجنوبية
  • إسرائيل: المستهدف بالغارة على بيروت هو رئيس قسم العمليات في الجبهة الجنوبية لحزب الله
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: استهدفنا 6 مواقع تابعة لحزب الله في الغارات على بيروت