طهران- في خضم التوتر المتصاعد بين تل أبيب وطهران واستنفار الأخيرة تحسبا لهجوم إسرائيلي محتمل، تستضيف إيران مناورات "أيونز 2024" البحرية، بمشاركة روسيا وسلطنة عمان وعدد آخر من القوات البحرية لعدة دول، منها المطلة على المحيط الهندي، في حين تشارك فيها الهند وتايلند وبنغلادش وباكستان وقطر والسعودية بصفة مراقب.

وتحت شعار "معا من أجل محيط هندي آمن ومستقر"، أعلن الأدميرال مصطفى تاج الديني، المتحدث باسم المناورات، عصر اليوم الأحد، انتهاء التمرينات شمالي المحيط الهندي بإجراء الوحدات البحرية المشاركة استعراضا -خلال المرحلة الأساسية- أمام "مدمرة جماران" الإيرانية.

وفي مؤتمر صحفي كان قد عقده عصر أمس السبت، أوضح الأدميرال تاج الديني، أن المناورات تشمل تنظيم ورشات عمل تخصصية لنقل الخبرات بمبادرة إيرانية، وذلك فضلا عن التدريبات الميدانية التي تشمل سيناريوهات مختلفة، بما فيها احتواء الحريق والبحث والإنقاذ ومعالجة التسربات النفطية.

وأضاف القيادي العسكري الإيراني، أن بحرية بلاده ونظيرتها الهندية تتوليان رئاسة لجنتين في مؤتمر "آيونز"؛ "اللجنة الأمنية" و"العمليات الإنسانية"، مؤكدا أن التدريبات الراهنة التي أطلق عليها اسم "أيمكس 2024" تهدف إلى تعزيز الأمن الجماعي في المنطقة، وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف وإظهار حسن النية والقدرات اللازمة لحماية السلام والصداقة والأمن البحري.

استضافت إيران مناورات "أيونز 2024" في 19 و20 من الشهر الجاري (الصحافة الإيرانية) تمرينات دورية

من ناحيته، أوضح الباحث في الشؤون العسكرية محمد مهدي يزدي، أن قوات من بحرية الجيش والحرس الثوري وقوات حرس الحدود وإدارة الموانئ والشؤون البحرية الإيرانية شاركت في مناورات "أيونز 2024" وتدربت مع القوات البحرية العمانية والروسية على حماية التجارة الدولية، وتبادلت معها المعلومات والتجارب بشأن عمليات الإنقاذ والإغاثة البحرية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح يزدي أن مؤتمر "أيونز" تشكل عام 2008 بمبادرة من البحرية الهندية، وبمشاركة 25 بلدا غالبيتها من الدول المطلة على المحيط الهندي، لمواجهة التحديات الأمنية التي سبقت توقيت الاجتماع الأول، حيث تقرر أن تعمل الدول الأعضاء في هذا التكتل من أجل تعزيز التعاون البحري ومواجهة التهديدات الأمنية التي تعرقل التجارة الدولية.

وتابع أن مؤتمر "أيونز" قد أجرى فعاليات وتمرينات عسكرية سنوية منذ تشكيله، بهدف تعزيز الأمن الجماعي في المحيط الهندي بمشاركة الدول المطلة عليه، ومواجهة التهديدات الأمنية والكوارث البيئية، مؤكدا أن بلاده سبق أن استضافت خلال السنوات الماضية مناورات مشابهة لنسخة 2024.

أمن إقليمي

وتشمل مناورات أيونز -وفق يزدي- جلسات لتنسيق العمل المشترك لمواجهة أي طارئ في المحيط الهندي، واصفا مؤتمر "أيونز" بأنه مبادرة إقليمية لضمان الأمن الجماعي بمشاركة الدول المطلة على البحار والمحيطات، من دون الحاجة إلى قوات أجنبية ودولية قد تكون السبب الأساس وراء انعدام الأمن في المنطقة.

ويشير الباحث العسكري إلى التوتر المتفاقم في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث حشدت بعض الدول الغربية أساطيلها البحرية في المياه الإقليمية، مؤكدا أن القطع البحرية الإيرانية سجلت حضورا بارزا في مناورات "أيونز 2024" لرفع استعدادها العملي والتمرن على الخطط والسيناريوهات المحتملة في مضيق هرمز فبحر عُمان مرورا بالمحيط الهندي، وصولا إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

وشاركت في مناورات "أيونز 2024" أبرز القطع البحرية التابعة للجيش والحرس الثوري الإيرانيين، بما فيها مدمرتا "جماران" و"ألبرز"، وسفينتا "الشهيد سليماني" و"ألماس" وعدد آخر من البوارج والقاذفات البحرية، في حين شاركت البحرية العمانية بسفينة "مبشّر"، وحضرت سفينة "مركوري" المناورات عن الجانب الروسي.

مناورات "أيونز" تشمل جلسات لتنسيق العمل المشترك لمواجهة التحديات في المحيط الهندي (الصحافة الإيرانية) رسالة المناورات

ويرى الخبير الإيراني المختص في الشؤون الأمنية محمد قادري، أن هناك ارتباطا وثيقا بين المناورات التي استضافتها بلاده في إطار التمرينات العسكرية الدورية بين أعضاء تكتل أيونز وبين التطورات الإقليمية، التي يقول عنها إنها أضرّت بالأمن البحري من خلال "عسكرة الدول الغربية أعالي البحار دعما لكيان الاحتلال الإسرائيلي".

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر الباحث الإيراني عسكرة المياه الدولية منذ العام الماضي تتعارض مع هدف مؤتمر "أيونز"، الرامي إلى ترسيخ الأمن الجماعي في المحيط الهندي، بمشاركة الدول المعنية وليس القوى الأجنبية، موضحا أن مناورات أيونز تذكّر بقدرة الدول الإقليمية على ضمان أمن مياهها وتعاونها من أجل مكافحة القرصنة، وتجدد رفضها الحضور العسكري الأجنبي في المنطقة.

وأشار قادري إلى أن الحضور العسكري للقوات الأجنبية في المياه الإقليمية أدى إلى زعزعة أمنها خلال السنوات الماضية، حيث تزايدت أحداث ناقلات النفط فيها، مضيفا أن القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني تلعب دورا بارزا في إرساء الأمن شمالي المحيط الهندي وضمان الممرات المائية القريبة منه.

واعتبر المتحدث نفسه، أن إجراء مناورات "أيونز 2024" ترسل رسالة واضحة للقوى الغربية وداعمي الاحتلال الإسرائيلي أنه لم يعد بإمكانهم إنقاذ تل أبيب من عزلتها عبر إطلاق "ممر الشرق الأوسط الجديد"، الذي تريد له أن يربط الهند بالقارة الأوروبية مرورا بالشرق الأوسط.

مستدركا أن جغرافيا المناورات تدل على حرص الدول المشاركة فيها على ضمان أمن الممرات الرئيسية الرابطة بين الشرق والغرب وكذلك بين الشمال والجنوب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی المحیط الهندی الأمن الجماعی

إقرأ أيضاً:

بعد زيارة عراقجي لدول المنطقة .. ما هي الرسائل التي تسعى إيران لإيصالها؟

سرايا - في ضوء الضربات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة وتصاعد الأزمة بعد الحرب الصهيونية الدامية على غزة ولبنان واستمرار مسلسل اغتيال القادة، توجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء الماضي، إلى عمان، في زيارة هي الأولى له إلى الأردن منذ توليه منصبه في آب (أغسطس) الماضي، بهدف بحث التطورات الإقليمية.


وقالت وكالة "رويترز" إنه كان من المقرر أن تشمل الجولة مصر وتركيا أيضا، في إطار جهود دبلوماسية تهدف لتهدئة الأوضاع المتوترة في المنطقة.

وآنذاك، صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بأن هذه الزيارات تأتي لـ"تعزيز الدبلوماسية الإيرانية، ولتحقيق السلام والاستقرار الإقليميين، في ظل تصاعد المخاوف من اتساع دائرة الصراع".
وفي عمان، حذر جلالة الملك عبدالله الثاني من أن استمرار القتل والتدمير سيبقي المنطقة رهينة العنف وتوسيع الصراع.


وشدد جلالته على ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان كخطوة أولى نحو التهدئة، مجددا التأكيد أن الأردن لن يكون ساحة للصراعات الإقليمية.


وأكد محللون سياسيون أن طهران أرادت إيصال جملة من الرسائل التي من بينها أنها غير معنية بتصعيد الحرب بالإضافة إلى أنها لا تريد أن تسمح أي دولة في المنطقة باستخدام أجوائها لعبور الطائرات الحربية الإسرائيلية نحو إيران.

 


وفي هذا السياق، أكد الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية د.عامر السبايلة: يمكن النظر لهذه الزيارات المكوكية من زاويتين اثنتين.

 


ولفت السبايلة إلى أن الزاوية الأولى، تكمن باستشعار إيران بأن الضربة الإسرائيلية حتمية، وبالتالي فإن الزيارات هي محاولة للاحتواء عبر تفعيل الدبلوماسية وعزل المحيط الجغرافي وممارسة ضغط من قبل هذه الدول.

 


وأكد أن هذا قد يؤدي لحرب شاملة وبالتالي محاولة التواصل مع الأطراف جميعها، وعدم تحويل إيران إلى هدف للجميع.

 


وأوضح أن الزيارة ترسل رسائل على صعيد هذه الدول أنها لا ترغب في التصعيد وغير معنية بحرب شاملة وغير معنية أيضا بأن تدخل المنطقة في هذه الحرب.

 


وفي الوقت نفسه، بين السبايلة أن الزاوية الثانية، هي محاولة طهران أن تقول للدول الواقعة في جغرافيا الصراع فيما بين إسرائيل وإيران، أن ردودها في النهاية يمكن أن تطال الجميع وهي ترى في هذا الموضوع رغبة بتخفيف التصعيد وتحويل هذه الدول إلى ضاغط على الولايات المتحدة لمنع الاستهداف.

 


إلى ذلك، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي، أن إيران ما تزال تعتقد أنه بإمكانها ترميم علاقاتها مع دول المنطقة لكن بشرط الحفاظ على وكلائها بحجة المقاومة.

 


وأضاف الماضي "في كل الزيارات التي تمت، هناك فهم مختلف من الدول المستضيفة وإيران حيث تريد طهران أن تسوق نفسها كدولة عاقلة وفاعلة ضمن الحدود المتعارف عليها في التنافس الإقليمي".

 


وتابع "لكن الدول التي استضافت وزير الخارجية الإيراني لديها مخاوف وعدم اطمئنان من عدم صدقية الموقف الإيراني لأن كل التقديرات السياسية والإستراتيجية تقول إن طهران لا تملك خيارات كثيرة".

 


وأوضح الماضي أن هذه التقديرات تدور حول محاولات وقف تدخلاتها السافرة في بعض الدول العربية وبالتالي وقف حالة عدم الاستقرار التي تدعمها إيران، أو أنها تستمر بنفس السياسات وبالتالي عليها وعلى المجموعات التابعة لها أن تتحمل تبعات مثل هذه المواقف.

 


وقال "لن تتوقف دولة الاحتلال ومن خلفها الولايات المتحدة من ممارسة أقصى الضغوط على إيران في هذا الظرف بالذات لأن الفرصة المتاحة لن تتكرر في الخلاص من مصادر التهديد على الأمن القومي الإسرائيلي من قبل الأدوات الإيرانية في المنطقة وخاصة حزب الله"، كما يعتقد الكيان الصهيوني.

 


بدوره، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د.خالد شنيكات، إن زيارة عراقجي لدول في المنطقة لها عدة أسباب وتحمل ملفات مختلفة.

 


وأشار شنيكات إلى أن الملف الأول هو التأكيد على استمرارية العلاقة بين إيران ودول المنطقة، مبينا أن طهران تريد إبقاء حلقة تواصل أو اتصال ما بينها وبين الدول في محيطها وبشكل خاص مع الأردن ومصر ودول الخليج.

 


ولفت إلى أن القضية الأخرى، ترتكز حول التحذير من مغبة توسع الصراع لأن إيران حتى منذ بدء معركة طوفان الأقصى، كانت تشدد في كل سياستها على أنها لا ترغب بالتوسع في الصراع لسبب أو آخر.

 


وقال إنه عقب الرد الصاروخي الإيراني بعد اغتيال حسن نصر الله وإسماعيل هنية، كان هناك خشية من ضربة إسرائيلية تدفع طهران للانخراط بشكل كلي في الحرب.


وبين شنيكات أنه لهذا تحذر إيران وتريد إيصال رسائل سواء بشكل مباشر عبر إعلامها أو عبر أطراف غير مباشرة أو عبر الاتصال حتى بالولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة، أنها لا تسعى للحرب.


وأضاف أن القضية الأخرى التي تسعى طهران هي التأكيد على أنها سترفض استخدام أجواء دول المنطقة لعبور الصواريخ الإسرائيلية عبر أجوائها باتجاه إيران.


وقال إن إيران تعتبر أن هذا السلوك لا يمكن التسامح معه وقد يواجه برد.


وأشار شنيكات إلى أن القضية الأخيرة التي تود إيران التأكيد عليها هي بالضغط قدما على كل دول العالم المعنية بالصراع في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار في غزة ولبنان.


وقال إن إيران ومنذ البداية وبحسب تصريحات دبلوماسييها، تؤيد وقف إطلاق النار ووقف الحرب في قطاع غزة.
وأكد شنيكات أن هذا ما تود طهران التأكيد عليه على الأقل في ضوء الرسائل التي ينقلها إعلامها او تصريحات الدبلوماسيين لديها من الرئيس الإيراني ووزير الخارجية أو غيرهم.


وأضاف "من جهة أخرى، نجد أيضا تهديدات لإسرائيل بان الرد الإيراني هذه المرة قد يكون ساحقا. وقد يكون كارثيا بالنسبة لدولة الاحتلال".


ولفت إلى أن هذه التحذيرات تأتي أيضا من أجل الضغط على تل أبيب لثنيها عن القيام بضربة على إيران.

 

الغد 

إقرأ أيضاً : حزب الله يعلن قصف صفد بالصواريخإقرأ أيضاً : شهداء وجرحى في غارات على بعلبك وجنوب لبنانإقرأ أيضاً : العدوان يدخل يومه 380 والاحتلال يواصل ارتكاب المجازر

مقالات مشابهة

  • صحيفة عبرية تنتقد مناورات بحرية خليجية بمشاركة إيران وتقول إنها تهدف لتعزيز شرعية طهران (ترجمة خاصة)
  • في عيدها الـ57.. قائد القوات البحرية: إغراق المدمرة إيلات يوم الكرامة واستعادة الثقة -حوار
  • "البحرية السلطانية" تختتم تمريني "IMEX24" و"نسيم البحر"
  • بعد زيارة عراقجي لدول المنطقة .. ما هي الرسائل التي تسعى إيران لإيصالها؟
  • المكسيك: ضبط 8.3 طن من المخدرات في المحيط الهادئ
  • إيران تبدأ مناورات بحرية مشتركة مع روسيا وسلطنة عُمان
  • البحرية السلطانية تختتم مشاركتها في تمرين أم أكس 24
  • البحرية السلطانية تختتم التمرين السنوي العسكري العُماني الهندي المشترك نسيم البحر ٢٠٢٤
  • مناورات بحرية بمشاركة إيران شمال المحيط الهندي