الضمير الإنساني تحت أنقاض غزة
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
د. أحمد بن علي العمري
الضمير الإنساني.. القانون الإنساني.. القانون الدولي.. الكرامة الإنسانية.. العدالة الدولية.. حقوق الإنسان.. الحرية الإنسانية.. المساواة العالمية.
كلها عناوين فضفاضة تهاوت عالميًا واحدة تلو الأخرى حتى توارت جميعها عن الأنظار تحت أنقاض غزة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع شرقه وغربه وحتى عربه ومسلميه الذين لفهم السكوت المطبق وصمتوا صمت القبور حتى عبارات الشجب والتنديد والاستنكار الفارغة التي كنَّا نسمعها لم تعد مسموعة أو ظاهرة وكأنّها أضحت رماد الأنقاض.
إذا ما تفكرنا مليئا فإننا سنجد أن من يتزعم هذه الشعارات العالمية دول العالم الغربي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ولكن إذا عرفنا أن هذه الدول العظمى بأسلحتها تدمر إسرائيل غزة بلا رحمه ولا هوادة فلربما نفهم سبب سكوتها.
لقد دمرت إسرائيل غزة بأبشع صور الدمار التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية أجمع منذ هرقل مرورا بجنكيزخان وهتلر لنصل إلى نتنياهو حتى وصل الأمر إلى قصف مدرسة بها لاجئون نصبوا لأنفسهم خياماً فتحترق هذه الخيام فلا يجدون الماء لإطفاء الحرائق؛ بمعنى أن الماء والغذاء والدواء ممنوع وصوله لهؤلاء البشر وهناك من مات منهم جوعا وكأنهم حيوانات تنفق لا بشر يتعذبون.
وإذا كان هناك من يدعي كذباً أن المجاهدين يتخذون من العامة دروعًا بشرية فقد كان الدليل الواضح والصريح الذي دحض كل السرديات الملفقة، وهو استشهاد المجاهد البطل يحيى السنوار- رحمة الله عليه- فقد استشهد الرجل وهو زعيم حماس وحيدًا فوق الأرض وليس تحتها مُقبلًا غير مدبر، بلا دروع بشرية، ولا بين الأسرى كما كانوا يدعون كذبًا وقد شاهدنا كيف نكلوا بجثته.
إنَّ الإجرام الإسرائيلي بحق غزة وكذلك بحق لبنان، يفوق كل المصطلحات السابقة للطغيان والغلو، ولا بُد أن يكون هناك مصطلح جديد يبتكر لهذه المناكر التي تجاوزت حد اللفظ والنطق الحالي. لكن تبقى المقاومة الصامدة المؤمنة المحتسبة الثابتة المتعلقة بالأرض تعلق الجذر بالتربة التي تردد دائمًا وأبدًا "باقون ما بقي الزعتر والزيتون".
وهنا أتذكر قول الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي في قصيدته التي كتبها في شهر سبتمبر عام 1933م
إذا الشعب يومًا أراد الحياة
فلا بُد أن يستجيب القدر
ولا بُد لليل أن ينجلي
ولا بُد للقيد أن ينكسر
وهنا لا بُد لي أن أوجه كلمة لبعض الإخوة من أبناء جلدتنا المتأثرين بالإعلام الغربي الطاغي وبعض الإعلام العربي للأسف الشديد، وأقول لهم: هل تعتقدون أن إسرائيل لو قضت على غزة وفلسطين ولبنان، ستقف عند هذا الحد لا والله؛ بل ستتقدم إلى سوريا وإلى العراق وسيصل الدور على الجميع، فهل من الأفضل لنا أن نتقي النار وهي بعيدة أم ننتظرها حتى تحرقنا؟
من لديه عقل يجب أن يفهم أن التشفي بالقادة والأبطال والمقاومين لهو ذل في الدنيا وخزي في الآخرة. كما إن البعض يعتقد أنه باستشهاد قائد تنتهي المقاومة، وتاريخ المقاومة لم يرتبط يومًا باسم شخص مهما كانت مكانته وأهميته.
إنَّ استشهاد القادة يضيف إلى الإصرار والعزيمة قوة خارقة وهي قوة الانتقام وقد وضح ذلك بالدليل القاطع فيما حصل للمقاومة اللبنانية بعد استشهاد قادتها وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله وقد حققوا ما كان ينظر إليه أنه من المستحيلات؛ حيث وصلوا لمقر نتنياهو، مؤكدين أنهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا.
وهنا أتذكر قول الإمام الشافعي رحمة الله عليه: "ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج"؛ فالإيمان بالله وعدالة السماء سبب في انفراج الأمور وفك الكُرب.
فلنصبر ولنصمد، ومن لديه خير فيلقله، ومن ليس لديه فليصمت، فإذا كان الكلام من فضة فإنَّ السكوت من ذهب.
حفظ الله بلاد المسلمين من كل شر ومكروه.
حفظ الله عُمان وشعبها وسلطانها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المركزي الفلسطيني يجتمع برام الله.. وعباس يشتم المقاومة ويطلب تسليم الأسرى الإسرائيليين
بدأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اجتماع المجلس المركزي، اليوم الأربعاء، بمهاجمة حركة المقاومة الإسلامية حماس ومطالبتها بتسليم أسرى الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
ويعقد المجلس المركزي الفلسطيني، دورته الـ 32 في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، في ظل مقاطعة كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة المبادرة الوطنية، يومي 23 و24 نيسان/ أبريل، لبحث قضايا "مصيرية"، منها مسألة اختيار نائب لرئيس منظمة التحرير.
وشتم عباس حركة حماس خلال كلمة افتتاحية أمام أعضاء المجلس المركزي قائلا: "يا أولاد الكلب سلموا الرهائن وخلونا نخلص"، مشددا على ضرورة وقف حرب الإبادة في قطاع غزة.
محمود عباس على الهواء في مؤتمر المجلس المركزي الفلسطيني :
ياولاد الكلب سلموا الرهائن
وخلونا نخلص . pic.twitter.com/I8aBmUZmLJ
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" عن عباس بقوله: "نواجه مخاطر جمة، هي أقرب ما تكون إلى نكبة جديدة تهدد وجودنا، وتنذر بتصفية قضيتنا الوطنية كلها، تنفيذا لمخططات من صنعوا نكبة شعبنا الأولى، وصولا إلى نكبة عام 1967، وبعد ذلك نكبة الانقلاب عام 2007، الذي استخدمه عدونا لتمزيق نسيجنا الوطني، ولمنع قيام دولتنا المستقلة".
وذكر أنه "يجب وقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل تام من أراضي القطاع، وكذلك وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مدننا وقرانا ومخيماتنا في الضفة الغربية، ومنع الانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والخليل، وجميع المناطق الفلسطينية".
ويناقش اجتماع المجلس المركزي عدة ملفات أبرزها: وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، ورفض خطط التهجير في القطاع والضفة الغربية المحتلة والتي تروج لها الولايات المتحدة وإسرائيل، فضلا عن رفض الاستيطان، وتشريع انتخاب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحسب وكالة "وفا".
ويأتي الاجتماع فيما يرتكب الاحتلال بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
والثلاثاء، بررت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قرار عدم المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي، باعتباره "خطوةً مجتزأة، لا يمكن أن يكون بديلا عن الخطوات التي حدّدتها جولات الحوار ومخرجاتها المُكررة، والتي جرى تعطيل تنفيذها أكثر من مرة".
لكنها أكدت على "التزام الجبهة بمواصلة الحوار مع حركة فتح وكافة القوى الوطنية والإسلامية من أجل بناء وحدة وطنية قائمة على برنامج واستراتيجية وطنية".
وتعد الجبهة الشعبية ثاني أكبر فصيل بعد حركة فتح، في منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، والتي تأسست عام 1964 لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية.
فيما أرجعت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مقاطعتها لاجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني إلى كونها "متأخرة"، قائلة إن هذا الاجتماع "كان يجب أن يعقد منذ شهور لبلورة استراتيجية وطنية كفاحية موحّدة للتصدي لحرب الإبادة والتجويع والتهجير في غزة والضفة الغربية".