مواطنون: السريحة يشترونه ب ٤٥ جنيهًا للكيلو.. والنشا أشهر طرق إعادة تدويره
فى كل شوارع مصر تطوف سيارات نقل ينطلق منها عبر ميكروفونات صوت طالباً شراء الزيت المستعمل بسعر 45 جنيهاً للكيلوجرام الواحد.
إلى هنا قد يبدوالمشهد عادياً خاصة أن الزيت المستعمل يمكن استخدامه فى أغراض صناعية عديدة أشهرها صناعة الصابون.
ولكن هذا المشهد الذى قد يبدوعادياً يخفى خلفه واقعاً مرعباً يهدد صحة ملايين المصريين بأخطر الممارسات, حيث يعاد تدوير الزيت المستعمل بطرق بدائية جداً ويعاد بيعه على أنه زيت «فريش» وجديد, وبأسعار مغرية للشراء!
والكارثة تبدأ من ارتفاع تكاليف المعيشة وسعى الأسر المصرية إلى التوفير، فتلجأ العديد من ربات البيوت إلى طرق بدائية لإعادة تدوير زيت الطعام الفاسد بدلًا من التخلص منه، إحدى هذه الطرق تتمثل فى تنقية الزيت باستخدام النشا، وهى طريقة بسيطة وفعالة تساعد على توفير المال والاستفادة من الزيت مرة أخرى.
تشرح سميرة مصطفى- من سكان منطقة شبرا الخيمة، ربة منزل، كيفية تطبيق هذه الطريقة قائلة: «أبدأ بتسخين الزيت على نار هادئة حتى يصبح دافئاً، ثم أخلط ملعقة كبيرة من نشا الذرة مع نصف كوب من الماء البارد، وأضيف الخليط إلى الزيت مع التحريك المستمر، فيمتص النشا الشوائب العالقة، وبعد غلى الزيت لدقائق قليلة، أتركه ليبرد ثم أصفيه باستخدام قطعة قماش أوفلتر».
ورغم فعالية هذه الطريقة فى تنقية الزيت، تحذر ربات المنازل من إعادة استخدام الزيت أكثر من مرة بعد تدويره، تفادياً لتكون مواد ضارة نتيجة التسخين المتكرر.
يقول أحمد محمود- من حى إمبابة، إنه فوجئ بالسريحة الذين يجوبون شوارع الحى بشكل يومى، ويطرقون أبواب المنازل لشراء الزيت المستعمل والمحروق الذى تم استخدامه عدة مرات فى الطهى، ما أثار دهشته هو سعر الشراء الذى يعرضونه، والذى يصل إلى 45 جنيهًا للكيلوالواحد، هذا السعر قد يبدو جذابًا لربات المنازل فى ظل الأوضاع الاقتصادية الطاحنة، وكان فى السابق يتخلصن من هذا الزيت كنوع من النفايات، لكن وراء هذا العرض المغرى تكمن أسئلة عدة حول مصير هذا الزيت.
يقول أحمد: «السريحة بيشتروا الزيت من الناس بـ45 جنيهاً للكيلو، وهوسعر مغرى بالنسبة لحاجة كنا بنرميها، بس اللى مش واضح هو بيعملوا إيه بالزيت ده بعد ما يجمعوه؟ لما سألتهم، قالولى إنه بيتعاد تدويره وبيتباع تانى، فى السرجات وأفران الفينووده اللى خلانى أستغرب، إزاى زيت محروق واتحرق من الحرارة العالية يرجع نضيف ويتباع من جديد؟».
هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة، خاصة فى ظل تزايد التقارير التى تحذر من خطورة إعادة استخدام الزيوت المحروقة على الصحة العامة.
وأكدت عبير محمود- ربة منزل من شبرا الخيمة، أن «الزيت اللى بنرميه بيكون خلاص اتحرق، وإعادة استخدامه خطر جدًا على الصحة، مش ممكن الزيت اللى اتحرق أكتر من مرة يكون نضيف بعد التدوير، ده بيبقى سم قاتل مليان مواد ضارة بالصحة».
تؤكد عبير: «أنا سمعت إن الزيت ده لما بيتباع للمطاعم بيرجع يستخدم فى إعداد الطعام، وده بيكون كارثة، لأنه بيكون مليان مواد سامة وبيسبب السرطانات»، هذه المخاوف ليست مجرد افتراضات، بل تُدعمها إحصائيات تشير إلى تزايد معدلات الإصابة بالسرطان فى مصر، وارتباطها المباشر باستخدام زيوت محروقة ومعاد تدويرها فى عمليات الطهى، قائلة «الناس مش بتاخد بالها، بس استخدام الزيت ده بيسبب أمراض خطيرة، أنا شخصيًا بطلت أشترى أكل من المطاعم الشعبية اللى ممكن تستخدم الزيت ده، لأنه ببساطة بيموت الناس ببطء».
يروى شريف، مواطن من حى المطرية، قصة مشابهة، «السريحة بيمروا علينا كل يوم، بيشتروا الزيت المستعمل يجمعوه، والمطاعم الشعبية بتاخده لأن سعره رخيص جدا بعد عملية الفلترة بمادة النشا، المشكلة إن الزيت ده بيكون مليان سموم، وإحنا اللى بندفع التمن لما نلاقى الناس بتمرض ويموتوا بسبب السرطان وغيره من الأمراض».
وحذر الدكتور سعيد متولى خبير الصحة الغذائية، من المخاطر الصحية الكبيرة المرتبطة بتناول زيت الطعام المستعمل أوشراء الزيت من مصادر غير معروفة، حيث يمكن أن يتسبب ذلك فى تعرض المستهلكين للعديد من الأمراض الخطيرة.. وقال: « مع كل عملية تسخين، يتحلل الزيت تدريجياً وتبدأ فيه تغييرات كيميائية خطيرة تؤدى إلى تكون مواد سامة، مثل الألدهيدات، التى ربطتها الدراسات العلمية بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، فضلًا عن احتمالية الإصابة بأنواع معينة من السرطان، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدى استخدام الزيت المستعمل إلى تراكم الدهون الضارة فى الجسم، مما يعزز من احتمالية حدوث التهابات مزمنة ومشاكل صحية أخرى على المدى الطويل.»
وأضاف: «إعادة تدوير الزيت دون معايير صحية صارمة يشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، وللأسف كثير من المطاعم الشعبية تعتمد على هذه الزيوت المعاد تدويرها بطرق بدائية غير لآمنه، ما يعرض صحة المواطنين للخطر».
وتابع: «شراء زيت الطعام من منافذ غير رسمية أو مجهولة المصدر لرخص ثمنه هو أمر يشبه إلى حد كبير من يبيع صحته ببضعة جنيهات، فالزيوت التى يتم بيعها فى هذه المنافذ غالباً ما تكون مستعملة ومعاد تدويرها دون مراعاة أى معايير صحية، ما يعنى أن المستهلكين قد يتناولون زيتاً يحتوى على مواد كيميائية خطيرة أو ملوثات غير مرئية.
ونصح خبير التغذية المستهلكون بعدم إعادة استخدام الزيت أكثر من مرة، والتأكد دائماً من شراء الزيوت من منافذ معتمدة وموثوقة، وقال: «يفضل استخدام زيوت صحية مثل زيت الزيتون أوزيت دوار الشمس التى تتحمل درجات الحرارة المرتفعة بشكل أفضل وتقل فيها احتمالات تكون المواد الضارة، الحفاظ على معايير سلامة الغذاء ليس مجرد خيار اقتصادى، بل هواستثمار طويل الأجل فى صحة الأسرة والمجتمع.
وأعرب الدكتور حمدى عرفة- أستاذ الإدارة المحلية عن استيائه من إهمال بعض رؤساء الأحياء والمراكز والمدن، وعدم التصدى لسريحة جمع زيوت الطعام من المنازل، بشكل غير منظم، مما يشكل خطرًا على الصحة العامة والبيئة.
وقال «عرفة» إن إعادة شراء الزيوت المستعملة ينطبق عليها قانون الباعة الجائلين رقم 105 لعام 2012، والذى ينص على معاقبة البائع الجائل الذى يقوم بهذه الممارسات بالحبس لمدة شهر وغرامة 500 جنيه فى المخالفة الأولى، ثم الحبس لمدة 6 أشهر وغرامة 5000 جنيه فى حالة التكرار، وفى حال تسببت هذه الزيوت فى أضرار صحية للمواطنين، فإن العقوبات تتفاقم لتصل إلى الحبس لمدة عامين أو السجن المؤبد فى حالة الوفاة.
وأكد عرفة أن انتشار الباعة الجائلين فى الشوارع والميادين وقيامهم بشراء الزيوت المستعملة وإعادة بيعها وتدويرها يعد انتهاكًا للقانون، حيث إن 96% من هؤلاء الباعة لا يحملون تراخيص قانونية لمزاولة عملهم، قائلاً: «لا يمكن أن نتحدث عن تطبيق العقوبات على الباعة الجائلين دون أن نبحث أولًا عن حلول لمشاكلهم الأساسية، مثل توفير فرص عمل بديلة لهم وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، ما يخفف من الأعباء الاقتصادية عنهم قبل فرض العقوبات».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزيت المستعمل سم قاتل شوارع مصر مواطنون
إقرأ أيضاً:
"الأشموني" يعاين موقع هبوط أرضي محدود بالطريق خلف مصنع الزيوت بالزقازيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انتقل المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية في الساعات الاولي من صباح اليوم لموقع هبوط أرضي جزئي محدود بالطريق خلف مصنع الزيوت والصابون وأمام مزلقان قوات الأمن بمدينة الزقازيق والتابع للهيئة العامة للطرق والكباري وذلك لمعاينته على الطبيعة والوقوف على أسباب حدوثه في حضور شعبان أبو الفتوح رئيس مركز ومدينة الزقازيق والمقدم ياسر رضا بإدارة مرور الشرقية.
ووجه المحافظ رئيس مركز الزقازيق بالتنسيق مع الهيئة العامة للطرق والكباري والمرور وشركة مياه الشرب والصرف الصحي والحماية المدنية وكافة الجهات المعنية للتواجد بموقع الهبوط الارضي للوقوف على أسبابه مع رفع درجة الإستعداد القصوى لحين الإنتهاء من أعمال الإصلاح ورد الشيء لأصله وفتح الطريق أمام عبور السيارات والمواطنين.
كما كلف محافظ الشرقية المسئولين بتجهيز المعدات اللازمة للقيام بأعمال الردم وإصلاح الهبوط بعد الوقوف على الأسباب مع ضرورة تواجد رجال المرور بالموقع لتنظيم الحركة المرورية وتعديل مسار مرور السيارات بالطريق باعتباره من الطرق الرئيسية بالمدينة.
وأكد محافظ الشرقية أن المحافظة تولى إهتماماً كبيراً برفع كفاءة البنية التحتية لشبكة الطرق الرئيسية والداخلية والفرعية وتهيئة الطرق أمام حركة السيارات وعبور المواطنين.