جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-01@09:46:26 GMT

أمن الهوية والتراث الثقافي

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

أمن الهوية والتراث الثقافي

 

علي بن سهيل المعشني

asa228222@gmail.com

 

في عالمنا المُعاصر، أصبح غزو الثقافات بعضها البعض، أمرًا يشكل تهديدًا حقيقيًا للهوية، والإرث الإنساني للمجتمعات والدول؛ وذلك من خلال الغزو المعلوماتي الهائل الذي أدى إلى النفاذ المُباشر إلى عقول وسلوكات المجتمعات؛ سواء عبر وسائل الإعلام أو التكنولوجيا أو أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة؛ الأمر الذي يُعرِّض كيان الإرث الثقافي الإنساني للخطر.

والتحولات العالمية المتسارعة، وخاصةً في ظل العولمة والتقدم التقني، تجعل الحاجة إلى حماية الهوية والإرث الثقافي ضرورة ملحة. لذا، ينبغي، وضع آلية ومنهجية متكاملة تكون بمثابة خط الدفاع الأول للحفاظ على الإرث الثقافي والهوية لكل مُجتمع، من خلال نظام وقانون عالمي محمي ومتعارف عليه.

العالم اليوم أصبح أشبه بقرية صغيرة؛ حيث تشكل التدفقات التقنية والكم الهائل من المعلومات بيئة خصبة تحمل تيارات ثقافية متعددة، والأخطر من ذلك هو ما يُعرف بالسطو الثقافي، مما يهدد بتشويه الهويات الثقافية، وتذويبها أو انتزاعها من مواطنها إلى مواطن أخرى. إن هذا الخطر يستدعي تكاتف الجهود لوضع ضوابط تحمي إرث كل دولة وهويتها الوطنية.

ولحماية التراث والإرث الثقافي للدول والشعوب، من الضروري أن تكون هناك ملكية فكرية دولية، يتم من خلالها تسجيل كافة مُفردات التراث المادي وغير المادي، وينبغي أن يكون هذا النظام معترفًا به دوليًا، ويعامل شأنه شأن حقوق الملكية الفكرية للأفراد والعلامات التجارية السارية حاليًا، وربط هذه الملكية بقانون دولي ينظم هذا الجانب المهم من الإرث والهوية الإنسانية، بما يضمن حمايته من السرقة أو التشويه.

بالطبع هناك فنون ومواقع أثرية تمَّ تسجيلها في التراث العالمي اليونسكو وهي قليلة ونادرة ولا تمثل أي نسبة. قياسا بالمخزون الهائل من الإرث الثقافي لكل بلد. وينقسم التراث العالمي إلى قسمين مادي وغير مادي.

ويشمل التراث المادي القلاع والحصون والبيوت القديمة، وكل ما يمثل تاريخ المجتمع من آثار وأحياء تراثية. أيضًا، يضم التراث المادي اللباس التقليدي، الأكلات الشعبية، وجميع المنتجات التراثية والمهن الحرفية التي تعتبر جزءًا من الهوية الوطنية، هذه العناصر المادية ليست مجرد أشياء ملموسة، بل هي رموز تاريخية تعكس المنتج التراثي التاريخي لكل مجتمع عبر الأزمان.

أما التراث غير المادي، فيتجسد في اللغات واللهجات والشعر والفنون الشعبية، والقصص والأساطير التي تعكس أدب وحكمة الأجيال السابقة. كما يشمل العادات والتقاليد التي تشكل نسيج المجتمع الثقافي وتساهم في استمرارية الخصوصية الثقافية لكل مجتمع. إنَّ هذه المظاهر اللامادية تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية، وهي تحمل في طياتها القيم الفردية والجماعية للمجتمعات عبر التاريخ.

وتتحمل الأجيال الحالية من دول وكيانات مجتمعية وأفراد مسؤولية تاريخية تجاه الإرث الثقافي المتوارث عبر الأجيال، وينبغي تسخير كل الإمكانيات المتاحة من أجل إحياء هذا التراث ونقله نقيًا صافيًا إلى الأجيال القادمة، بوصفه حقًا إنسانيًا مشروعًا لهم. إن الحفاظ على هذا التراث ليس مجرد واجب وطني، بل هو ضرورة ملحة. ويشكل فقدان أي جزء منه خسارة للبشرية بأسرها.

والعالم مهتم جدًا بالأمن السيبراني الإلكتروني ويصرف عليه مليارات الدولارات سنويًا، والجدير بالحماية كذلك العقل  الإرث الثقافي الإنساني التاريخي لكل دولة ومجتمع.

وأخيرًا.. إنَّ أمن الهوية والإرث ليس مجرد قضية؛ بل هو مسؤولية جمعية تتطلب تعاونًا وتكاملا بين كل المعنيين في العالم وذلك من خلال وضع قوانين وتشريعات دولية لحماية التراث المادي وغير المادي الإنساني؛ الأمر الذي يضمن استمرار التنوع الثقافي والحضاري على هذا الكوكب.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وفد من الشارقة يناقش قضايا التعليم والثقافة والتراث في عُمان

الشارقة - «الخليج»

اختتم وفد رسمي من إمارة الشارقة، برئاسة دائرة العلاقات الحكومية، زيارة إلى سلطنة عمان استمرت من 28 إلى 30 يناير الماضي، بهدف تعزيز التعاون الدولي الثقافي والإنساني بين الجهات الثقافية والتراثية في السلطنة، والمكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية في الشارقة، ومناقشة قضايا التراث الثقافي والتعليم، وتبادل الخبرات في حفظ وصون التراث.
ترأس الوفد الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وضم مديري عدد من المكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية التي تتخذ من إمارة الشارقة مقرات لها وهم: أيمن عثمان الباروت، الأمين العام للبرلمان العربي للطفل، وسالم عمر سالم، مدير المكتب الإقليمي للإيسيسكو في الشارقة، وناصر عبد الكريم الدرمكي، نائب المدير الإقليمي لمركز إيكروم الإقليمي بالشارقة. وشملت الزيارة لقاءات مع مسؤولين عمانيين وزيارات ميدانية. وشهدت الزيارة تسليط الضوء على دور المكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية في الشارقة، كما بحث الوفد تحديات التعليم، والتراث، والتنمية الثقافية، مع استعراض أفضل الممارسات العالمية. وقال الشيخ فاهم القاسمي: «عكست اللقاءات التي أجريناها مع المسؤولين في سلطنة عُمان مدى تطابق رؤانا حول أهمية التعاون الإقليمي في مختلف القضايا التنموية». استهل وفد الشارقة زيارته إلى سلطنة عمان بلقاء مع سعيد بن سلطان البوسعيدي، وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب، حيث ناقش الطرفان أوجه التعاون الثقافي والرياضي بين الإمارة والسلطنة.
وتضمنت الزيارة محطة في المتحف الوطني بمسقط، وفي جامعة السلطان قابوس، عقد الوفد اجتماعاً مع الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس الجامعة للتعاون الدولي. كما زار الوفد بيت الزبير، المتحف التراثي العماني الواقع في قلب مسقط. وزار وفد الشارقة النادي الثقافي في مسقط. كما تضمنت الجولة زيارة إلى وزارة الإعلام، التقى خلالها الوفد بمحمد البلوشي، وكيل الوزارة، لمناقشة دور الإعلام في توثيق التراث.
واختتمت الزيارة بجولات شملت وزارة التربية والتعليم، ودار الأوبرا السلطانية، ومتحف «عمان عبر الزمان».

مقالات مشابهة

  • وفد من الشارقة يناقش قضايا التعليم والثقافة والتراث في عُمان
  • هزاع بن زايد: «الإمارات للدراسات» يدفع البحث العلمي
  • إلزام طلاب الثانوية بالزي الرسمي.. حرص على ربط الأجيال بالهوية السعودية الأصيلة
  • الهوية الوطنية مستقبل الأجيال والمجتمعات
  • مباحثات يمنية أمريكية لحماية التراث الثقافي اليمني في واشنطن
  • الهيئة الملكية لمحافظة العُلا توقع شراكات جديدة مع مؤسسات إيطالية لتعزيز التعاون في مجال التراث الثقافي
  • صالون الأوبرا يناقش مصر وإستراتيجيات الدفاع عن التراث الثقافي في معرض الكتاب
  • «الإدارية العليا» تمنح قاضية المقابل المادي عن رصيد إجازتها 448 يوما
  • إقبال جماهيري كبير على فعاليات "الأسبوع الثقافي المصري" في قطر| صور
  • إقبال جماهيري على فعاليات "الأسبوع الثقافي المصري" في قطر