جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-20@20:48:44 GMT

أمن الهوية والتراث الثقافي

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

أمن الهوية والتراث الثقافي

 

علي بن سهيل المعشني

asa228222@gmail.com

 

في عالمنا المُعاصر، أصبح غزو الثقافات بعضها البعض، أمرًا يشكل تهديدًا حقيقيًا للهوية، والإرث الإنساني للمجتمعات والدول؛ وذلك من خلال الغزو المعلوماتي الهائل الذي أدى إلى النفاذ المُباشر إلى عقول وسلوكات المجتمعات؛ سواء عبر وسائل الإعلام أو التكنولوجيا أو أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة؛ الأمر الذي يُعرِّض كيان الإرث الثقافي الإنساني للخطر.

والتحولات العالمية المتسارعة، وخاصةً في ظل العولمة والتقدم التقني، تجعل الحاجة إلى حماية الهوية والإرث الثقافي ضرورة ملحة. لذا، ينبغي، وضع آلية ومنهجية متكاملة تكون بمثابة خط الدفاع الأول للحفاظ على الإرث الثقافي والهوية لكل مُجتمع، من خلال نظام وقانون عالمي محمي ومتعارف عليه.

العالم اليوم أصبح أشبه بقرية صغيرة؛ حيث تشكل التدفقات التقنية والكم الهائل من المعلومات بيئة خصبة تحمل تيارات ثقافية متعددة، والأخطر من ذلك هو ما يُعرف بالسطو الثقافي، مما يهدد بتشويه الهويات الثقافية، وتذويبها أو انتزاعها من مواطنها إلى مواطن أخرى. إن هذا الخطر يستدعي تكاتف الجهود لوضع ضوابط تحمي إرث كل دولة وهويتها الوطنية.

ولحماية التراث والإرث الثقافي للدول والشعوب، من الضروري أن تكون هناك ملكية فكرية دولية، يتم من خلالها تسجيل كافة مُفردات التراث المادي وغير المادي، وينبغي أن يكون هذا النظام معترفًا به دوليًا، ويعامل شأنه شأن حقوق الملكية الفكرية للأفراد والعلامات التجارية السارية حاليًا، وربط هذه الملكية بقانون دولي ينظم هذا الجانب المهم من الإرث والهوية الإنسانية، بما يضمن حمايته من السرقة أو التشويه.

بالطبع هناك فنون ومواقع أثرية تمَّ تسجيلها في التراث العالمي اليونسكو وهي قليلة ونادرة ولا تمثل أي نسبة. قياسا بالمخزون الهائل من الإرث الثقافي لكل بلد. وينقسم التراث العالمي إلى قسمين مادي وغير مادي.

ويشمل التراث المادي القلاع والحصون والبيوت القديمة، وكل ما يمثل تاريخ المجتمع من آثار وأحياء تراثية. أيضًا، يضم التراث المادي اللباس التقليدي، الأكلات الشعبية، وجميع المنتجات التراثية والمهن الحرفية التي تعتبر جزءًا من الهوية الوطنية، هذه العناصر المادية ليست مجرد أشياء ملموسة، بل هي رموز تاريخية تعكس المنتج التراثي التاريخي لكل مجتمع عبر الأزمان.

أما التراث غير المادي، فيتجسد في اللغات واللهجات والشعر والفنون الشعبية، والقصص والأساطير التي تعكس أدب وحكمة الأجيال السابقة. كما يشمل العادات والتقاليد التي تشكل نسيج المجتمع الثقافي وتساهم في استمرارية الخصوصية الثقافية لكل مجتمع. إنَّ هذه المظاهر اللامادية تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية، وهي تحمل في طياتها القيم الفردية والجماعية للمجتمعات عبر التاريخ.

وتتحمل الأجيال الحالية من دول وكيانات مجتمعية وأفراد مسؤولية تاريخية تجاه الإرث الثقافي المتوارث عبر الأجيال، وينبغي تسخير كل الإمكانيات المتاحة من أجل إحياء هذا التراث ونقله نقيًا صافيًا إلى الأجيال القادمة، بوصفه حقًا إنسانيًا مشروعًا لهم. إن الحفاظ على هذا التراث ليس مجرد واجب وطني، بل هو ضرورة ملحة. ويشكل فقدان أي جزء منه خسارة للبشرية بأسرها.

والعالم مهتم جدًا بالأمن السيبراني الإلكتروني ويصرف عليه مليارات الدولارات سنويًا، والجدير بالحماية كذلك العقل  الإرث الثقافي الإنساني التاريخي لكل دولة ومجتمع.

وأخيرًا.. إنَّ أمن الهوية والإرث ليس مجرد قضية؛ بل هو مسؤولية جمعية تتطلب تعاونًا وتكاملا بين كل المعنيين في العالم وذلك من خلال وضع قوانين وتشريعات دولية لحماية التراث المادي وغير المادي الإنساني؛ الأمر الذي يضمن استمرار التنوع الثقافي والحضاري على هذا الكوكب.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة: الصراعات والحروب في المنطقة تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة

بحضور السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي..

وزير خارجية مصر يؤكد أهمية الدبلوماسية في تحويل التحديات إلى فرصوزير الصحة العراق يستعرض مساعي الدولة في إعادة الإعمار من خلال التنمية البشريةوزير صحة فلسطين يتوجه بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي لكل ما قدمته مصر من دعم للشعب الفلسطينيوزير صحة اليونان: نسير في التنمية بالحفاظ على الثروة البشريةمساعد سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبلاد العربية يثمن جهود مصر في التنمية البشرية بالتوازي مع التنمية الاقتصاديةنائب رئيس صندوق الأمم المتحدة للسكان تؤكد حرص الصندوق على دعم تحويل النمو السكاني من عبىء إلى قوة للتنمية

أدار الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، جلسة حوارية بعنوان «الاستفادة من التحديات: التنمية البشرية في أوقات الأزمات» لتبادل الخبرات والرؤى حول التحديات التي واجهتها عدد من الدول، والخطوات العملية التي اتخذتها لتعزيز التنمية البشرية.

يأتي ذلك ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية PHDC24، والذي تعقد نسخته الثانية برعاية وتشريف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 21 حتى 25 أكتوبر الجاري، تحت شعار «التنمية البشرية من أجل مستقبل مستدام».

شارك في الجلسة الحوارية السفير بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور صالح مهدي الحسناوي وزير الصحة بجمهورية العراق، والدكتور ماجد أبو رمضان وزير الصحة بدولة فلسطين، والسيد أدونيس جورجياديس وزير صحة اليونان، والسيدة ديان كيتا ممثلة سكرتير عام الأمم المتحدة ونائب رئيس صندوق الأمم المتحدة للسكان، والدكتور عبدالله الدردري مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبلاد العربية.

وفي مستهل الجلسة الحوارية، أكد الدكتور خالد عبدالغفار، أهمية الموضوعات التي تناقشها الجلسة في وقت يواجه فيه العالم تحديات غير مسبوقة، مؤكدًا أن الحروب والصراعات والتغيرات المناخية، التي تشهدها العديد من الدول قد تختلف في طبيعتها لكنها تتشابك في تأثيرها على التنمية البشرية ومستقبل الأجيال القادمة.

وأكد نائب رئيس الوزراء، أنه لا يمكن إغفال دور القوة الناعمة والدبلوماسية في دعم التنمية البشرية خلال الأزمات، لافتًا إلى أنهالتعاون بين الدول ومشاركة الخبرات تعد من أهم الأدوات لتعزيز قدرات مواجهة التحديات المشتركة، موضحًا أن الدول بحاجة إلى سياسات واستراتيجيات شاملة تتعامل مع التحديات العالمية ليس فقط من الجانب الاقتصادي، بل أيضًا في مجالات الصحة والتعليم، والحماية الاجتماعية،

استشهدت الجلسة الحوارية، بعدد من النماذج للدول التي تواجه تحديات في مجال التنمية البشرية منها تجربة فلسطين، التي ما زالت تعيش في خضم الصراعات، وهي مثال حي على قوة الإنسان رغم الظروف الصعبة، وكذلك العراق وما تشهده من جهود جبارة لإعادة البناء بعد سنوات من الحرب، بالإضافة إلى التجارب المهمة في اليونان ومصر، حيث أثرت الأزمات الاقتصادية بشكل مباشر على الإنسان، ورغم ذلك استطاعت الدولتين التكيف والبدء في مسار التعافي.

وردًا على التساؤلات الموجهة خلال الجلسة النقاشية، أكد السفير بدر عبدالعاطي، أهمية دور الدبلوماسية في العمل على تحويل التحديات إلى فرص، والحد من تأثير التداعيات السلبية لهذه التحديات بدافع للعمل الجماعي، حيث لا تستطيع الدولة بمفردها مواجهة هذه التحديات، داعيًا في هذا الصدد إلى أهمية التشارك والعمل الدبلوماسي الفعال في حشد الجهود الدولية لمواجهة التحديات، موضحًا العديد من أنواع الدبلوماسية التنمية تتحقق من خلال العمل مع المجتمع المدني وبرامج التمويل التي تقدمها مصر لأشقائها رقمية تعمل على استفادة الاطر الجديدة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

واستعرض الدكتور ماجد أبو رمضان وزير الصحة بدولة فلسطين، تأثير النزاعات على مستقبل الشعب الفلسطيني الذي عانى ولا زال يعاني منها، متوجهًا بالشكر للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، نيابة عن الحكومة والشعب الفلسطيني، لكل ما قدمته مصر من الدعم، والدور المميز في العمل المستمر لوقف العدوان على فلسطين، كما تقدم بالشكر لوزارة الصحة المصرية، لكل ما قدمته من جهود طبية واستجابتها لاحتياجات القطاع الصحي بفلسطين خلال الفترة الأخيرة.

وأكد وزير الصحة الفلسطيني، أن الصراعات تستهدف المواطن الفلسطيني ومحو الهوية في قطاع غزة، وليس فقط تدمير البنية التحتية، مشيرًا إلى أن فلسطين كانت قد استطاعت السير لتحقيق 7 من أهداف التنمية المستدامة، لكنها عادت لنقطة الصفر نتيجة لهذه الصراعات، مشيرًا إلى أهمية التركيز على رأس المال البشري، وضرورة الدعم الدولي الحقيقي، قائلا: «إننا كشعب فلسطيني لدينا إرادة قوية لإعادة بناء كل ما دمره العدوان في فترة قصيرة لكن نحتاج مؤازرة الشعوب معنا».

واستعرض السيد أدونيس جورجياديس وزير صحة اليونان، جهود اليونان في التنمية الاقتصادية والإجراءات التي تتبعها اليونان للتنمية والحفاظ على الثروة البشرية، مشيرًا إلى مساعي اليونان في مختلف المجالات، وعلى رأسها الاهتمام بالعنصر البشري كركيزة أساسية في عملية التنمية الاقتصادية للدولة.

واستعرض الدكتور صالح مهدي الحسناوي، مساعي العراق في إعادة الإعمار من خلال التنمية البشرية، موضحًا أن العراق شهد تدميرًا في البنية التحتية، مشيرًا إلى استراتيجيات الدولة العراقية لتنمية الطفولة المبكرة، وزيادة التغطية الصحية الشاملة، لافتًا إلى التحدي الذي وقف أمام العراق للاستفادة من ثروات شبابه الذين يمثلون 60% من المجتمع، وكيف تغلب العراق على هذا التحدي من خلال استحداث برنامج المشاريع الصغيرة، وتطوير مهارات الشباب والمشاركة الحقيقة للنساء في التنمية المجتمعية، فضلًا عن الخطوات التي يتبعها العراق لمرونة التنمية البشرية.

ولفتت السيدة ديان كيتا ممثلة سكرتير عام الأمم المتحدة ونائب رئيس صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى أهمية انعقاد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية، مشيرة إلى التقدم الذي حققته مصر لا سيما في النظام الصحي، مشيرة إلى دعم صندوق الأمم المتحدة للقطاع الطبي في مصر، منوهة إلى أهمية نموذج العيادات الطبية المتنقلة في وصول الخدمات لكافة المناطق وحصول المواطنين عليها، كما استعرضت دعم صندوق الأمم المتحدة للدول في تحويل النمو السكاني من عبىء إلى قوة للتنمية.

وقال الدكتور عبدالله الدردري مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبلاد العربية: «السكان في المنطقة العربية يشكلون 5% من سكان العالم، وفي منطقتنا 30% من إجمالي النزاعات، ورغم ذلك فإن المنطقة العربية من لديها أفضل المؤشرات في التنمية البشرية، مما يدل على هشاشة تلك النزاعات».

وأشار مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للبلاد العربية، إلى معالجة النزاعات بالعملية السياسية، يتطلب معالجة المشكلات من خلال ضمان سير مؤشرات التنمية البشرية في مسارات متوازية مع بعضها من خلال تمكين الصحة والتعليم والاقتصاد، من خلال بناء بنية تحتية قوية، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن مصر حققت إنجازًا عالميا في كفاءة البنية التحتية، فضلًا عن جهودها في التنمية التنمية البشرية بالتزامن مع التنمية الاقتصادية.


 

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة الفلسطيني يشيد بالدور الإنساني والتاريخي لـ «مصر» في القضية الفلسطينية
  • الضمير الإنساني تحت أنقاض غزة
  • وزير الصحة: الصراعات والحروب في المنطقة تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة
  • اليونسكو تساعد الأجيال المستقبلية على صون التراث الثقافي غير المادي
  • محللون وإعلاميون: شهادة السنوار حدث سيخلده التاريخ وشخصيته ستلهم الأجيال
  • النائب أيمن محسب: هدم المسرح العائم «مرفوض».. ونطالب الدولة برؤية لحماية الإرث الثقافى
  • مبروكة تبحث مع وزيرة الثقافة الجزائرية التعاون في الفنون والتراث 
  • شخص يقتل شقيقه بسبب خلاف على الإرث في بغداد
  • المسؤولة الأمريكية عن الوضع الإنساني بغزة: لن نوقف إرسال الأسلحة لإسرائيل