من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لك الله يا مصر (١١)
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ عن الدور المصرى الذى ما زال حاضرًا وبقوة فى المشهد السوداني، وخير دليل على ذلك ان مؤتمر القاهرة الأخير هو الوحيد من بين المسارات الإقليمية والدولية الأخرى الذى تمكن من تقديم رؤية شاملة وكاملة فى تناول الأزمة السودانية، هذا المؤتمر عبارة عن مبادرة غير مسبوقة فى عمر الأزمة خصوصًا على صعيد شموله من حيث الأطراف المشاركة فى الداخل السودانى والخارج، أو من حيث الموضوعات المتناولة والتى تمثل كل جوانب الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية، فضلًا عن تأكيده أن القضية والحل سودانيان بالأساس ويجب أن تحل الأزمة على المستوى السودانى من دون إملاءات أو تدخلات خارجية، والحديث عن «تراجع الدور المصرى أو غياب تأثيره كما يتصور أو يصوره البعض» هو أمر «غير صحيح ومغرض»، فالموقف المصرى يتصاعد من أجل إيجاد حل للأزمة الطاحنة والمستعرة فى جارتها الجنوبية، يمكن القول إن الحديث فى الوقت الحاضر فى ما يتعلق بالدور المصرى لم يعد حول انحياز مصر لحساب طرف على حساب طرف آخر، والذى كان رائجًا بداية الأزمة لكنه لم يعد موجودًا الآن، فواقع الأمر أن الموقف المصرى منذ بداية الأزمة كان الوقوف إلى جانب الشعب السودانى ودعم خياراته انطلاقًا من الروابط التاريخية بين البلدين والمصالح المشتركة.
عند الحديث عن الدور المصرى فى السودان يجب أن نلاحظ أننا فى أزمة وتعثر وعدم القدرة على التوصل إلى حل فى كل المؤتمرات التى عقدت بما فى ذلك المؤتمر الذى عقد بالقاهرة، فهناك رواسب تاريخية تحكم النظرة المتبادلة بين البلدين تظهر على السطح فى وقت الأزمات، فمصر الآن أمام فرصة مهمة لاستعادة تأثيرها وذلك عبر تأكيد التعاطى مع السودان بصورة قائمة على الندية فى العلاقات والمصالح المتبادلة والمشتركة، والانفتاح على التيارات والأطراف السياسية كافة والتفاعل مع المبادرات العربية والدولية وعدم النظر إليها على اعتبار أنها جزء من التاريخ المصرى، ومطلوب من مصر أن تخرج من دائرة الموقف الملتبس أو الذى يؤيد ضمنًا أحد الأطراف لتأخذ موقف الأخ الأكبر الذى تهمه المصلحة العامة للسودان، وبخاصة أن الحرب تهدد أمن مصر من حدودها الجنوبية وكل حدودها تشهد حروبًا ونزاعات، وهنا أعتقد أن أولويات السياسة المصرية لوقف الحرب يمكنها أن تحدث اختراقًا إذا استطاعت أن تجمع طرفى الحرب البرهان وحميدتي، وأن تستمع مصر بعد ذاك لوجهات نظر القوى السودانية السياسية والمجتمعية من خلال اجتماعات أو مبعوث دبلوماسى محدد، ومن ثم النظر فى إمكانية عقد مؤتمر أو مائدة مستديرة، وأن تنظر مصر للملف السودانى باعتباره شأنًا سياسيًا وليس من وجهة نظر أمنية، فالأزمة السودانية وصلت طورًا يمكن معه انفراط عقد الأمن بصورة يصعب السيطرة على تداعياته فى الإقليم والعالم الذى يعانى أزمات متعددة، وأن التعثر فى التوصل إلى تفاهمات بين أطراف الصراع أدى إلى ضرورة اللجوء إلى طرق أخرى، قد تعزز دور المنابر القائمة أصلًا، وأن التوصل لتفاهمات متعلقة بالعملية السياسية لمرحلة ما بعد الحرب مسألة من المهم رسم ملامحها منذ وقت مبكر، فنحن الآن أمام بداية جديدة لطبيعة جديدة حيال السودان، عنوانها الأبرز هو وقف الحرب والدخول فى عمليات سلام، ولا نستطيع أن نخمن طبيعة هذا السلام وحدوده.
لنا هنا وقفة عزيزى القارئ أمام نداء مشترك للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لقد قالت ٨ منظمات إنسانية دولية إن الحرب المستمرة منذ عام ونصف العام فى السودان حولت حياة السكان العالقين فى مناطق القتال إلى «جحيم»، والجهود المبذولة حتى الآن للحد من العنف وإنهاء معاناة السودانيين ليست كافية، وتتفاقم الكارثة الإنسانية بشكل كبير، مع وصول الحرب إلى ١٣ ولاية من ولايات السودان الـ١٨، ولقد شهدت وتيرة الصراع في السودان ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بلغ العنف أعلى مستوى له منذ اندلاع القتال منتصف أبريل ٢٠٢٣، ولقد جاء إعلان قائد قوات "الدعم السريع"، عن اللجوء إلى ما سماه الخطة (B) وتعبئة قواته، فى وقت يشهد فيه السودان تصاعدًا ملحوظًا فى أعمال العنف والاشتباكات بين الأطراف المتنازعة. هذا التصعيد يأتى بالتزامن مع بدء الجيش هجومه البرى والجوى الذى استمر لأكثر من ثلاثة أسابيع، ما يزيد من حدة التوتر فى البلاد، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإخوان الإرهابية إلى السودان لك الله يا مصر الدور المصري
إقرأ أيضاً:
مهزلة إخوان السودان في محكمة العدل الدولية
بعد أن ابتلى الله السودانيين بنظام حكم الإخوان، لم يقف هؤلاء الدجالون عن الإساءة للدولة السودانية ومواطنيها، على مر السنين التي حكموا فيها البلاد، فأول ما افتتح به هؤلاء المهووسون عهدهم، إعلانهم للحرب الإعلامية غير المبررة على الدول العربية، خاصةً مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وحاولوا اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وفتحوا البلاد على مصراعيها لأكبر وأخطر جماعات التطرف الديني والإرهاب، على رأسها تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، لم يقفوا عند حد إيواء الإرهاب الإقليمي وحسب، بل أصبحوا وكر لأفاعي الإرهاب الدولي، باحتضانهم الفنزويلي "كارلوس" صاحب أسوأ سجل إجرامي في العالم، ووفروا الحماية الرسمية لعتاة التكفيريين الهاربين من ديارهم لارتكابهم فظائع يندى لها الجبين، ومن أولئك التكفيريين المدعو "الخليفي"، أحد رموز جماعة التكفير والهجرة، الذي ارتكب أبشع مجزرة بشرية بمسجد حي "الثورة" بأم درمان في يوم من أيام الجمعة، وكرر أحد اتباعه ذات المأساة في شهر من شهور رمضان بحي "الجرّافة" بنفس المدينة، لقد بدأ سيل الدماء البريئة للمواطنين السودانيين مع مجيء نذير الشؤم – نظام حكم الدكتاتور البشير الإخواني، الذي استهزأ بسفك دماء عشرة آلاف من مواطني دارفور، أمام كاميرا تلفزيون السودان، فلا يوجد نظام سياسي أذاق السودانيين الأمرين غير نظام حكم الإخوان.
ما جرى في محكمة العدل الدولية يعتبر مهزلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وينطبق على وفد الجيش المختطف من تنظيم الإخوان المثل السوداني "الخاتنة الغلفاء"، فالوجوه الكالحة التي ظهرت ممثلة للجماعة المجرمة اللائذة بالفرار إلى بورتسودان، هي ذاتها الوجوه الموصوفة في الآية الكريمة (وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة)، فبدلاً من تسليم قائدها الدكتاتور عمر البشير الصادرة بحقه مذكرة توقيف من محكمة الجنايات الدولية، فعلت ما تفعله "الخاتنة الغلفاء"، في سلوك هبيل أدهش العالم بسذاجته، وأضحك علماء اللغويات للأداء المخجل الذي قدمه مبعوثها، بلغته الانجليزية الركيكة التي لا تليق بمندوب (دولة) في محفل دولي، كان على هذا الوفد الإخواني تقديم دفوعاته عن رئيس حزبه المجرم أحمد هارون، المطلوب القبض عليه هو الآخر من ذات المحكمة التي طالبت باعتقال الدكتاتور عمر البشير (رأس الدولة)، بدلاً من مناطحة دولة الإمارات، إنّ هؤلاء ليسوا مؤهلين أخلاقياً لتقديم شكوى ضد كديسة (قطّة)، ناهيك عن أن يتنطعوا ليقيموا دعوى بحق دولة محترمة لها دورها الفاعل في المحيطين الإقليمي والعالمي، إنّ شرذمة إخوان السودان يمثلون خطراً داهماً على الأمن القومي للبلدان الإفريقية والعربية، وعلى الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية وضع حد لسلوكهم الإجرامي المهدد لأمن هذه البلدان، فالأمن القومي لهذه الدول رهين باستئصال الإخوان من القارة الإفريقية والبلدان العربية.
على التحالف السياسي السوداني "صمود" الممسك للعصا من منتصفها، أن يعي حجم الخطر القادم من مغبة التساهل مع قيادة الجيش المرتهنة لأجندة تنظيم الإخوان، وأن يخرج رموزه الفرحين بدخول كتائب البراء بن مالك الجناح العسكري للإخوان القصر الجمهوري، عليهم أن يخرجوا من موقفهم العاطفي، فحرب الإخوان في السودان ليست معركة ضد غزو أجنبي كما روّجت لذلك آلتهم الإعلامية، إنّها حرب ضد الشعب السوداني، بدأت مع استيلائهم للسلطة بالغصب والقوة الجبرية، بواسطة الضباط الموالين لهم داخل الجيش، فهذه الحرب في حقيقتها بدأت منذ صبيحة الفاجعة 30 يونيو 1989 ميلادية، فمنذ فجر ذلك اليوم المشؤوم لم يقف الإخوان عن إزهاق أرواح السودانيين شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، ولو تقاصرت همم القوى السياسية عن أداء دورها التاريخي والأخلاقي، وإن مضت في خطها الساعي لعقد اتفاق مع جماعة الهوس الديني، ليبشر السودانيون بحقب عجاف لا تعي لا تنطق، كحقب أهل الكهف إلّا أنهم في كهفهم سوف يحتسون الأسى ويؤرقوا، فهم أمام خيار واحد وهو دحر جماعة الإخوان، وتخليص الدولة ومؤسساتها من عبثها الذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود، فالحرب الدائرة الآن ليست حرب كرامة، وإنّما هي حرب من أجل تخليص الوطن من عصابة إجرامية اختطفت الدولة ومؤسساتها وجيرتها لصالحها، فلم يجني الفرد السوداني من منظومة حكم الإخوان غير الدمار والخراب، وفقدان النفيس من المال والعزيز من الأنفس، فكفى تصفيقاً للباطل.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com