بوابة الوفد:
2025-04-02@23:20:47 GMT

الهوية والمنفى عند كنفانى وجيمس جويس

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

تحظى قضايا الهوية والمنفى باهتمام ملحوظ فى الأدبين العربى والأيرلندي، حيث يجسد المنفى تجربة مزدوجة، فردية وجماعية، تلقى بظلالها الثقيلة على شعور الإنسان بالانتماء وهويته الثقافية. ففى الأدب العربي، يتجلى المنفى عادةً فى سياقات الاحتلال والحروب والهجرة القسرية، ما يخلق شعورًا بالفقدان والاغتراب، أما فى الأدب الأيرلندي، فيُناقَش المنفى من خلال التهجير الناتج عن الاحتلال البريطانى والمجاعات، مسلطًا الضوء على الصراع الداخلى بين التمسك بالجذور والرغبة فى الوصول إلى الحرية الشخصية.

فى أعمال الفلسطينى غسان كنفاني، تتجسد معاناة الفلسطينيين نتيجة التهجير وضياع الوطن، بينما يعالج الايرلندى جيمس جويس فى رواياته مفهوم الهوية الفردية فى ظل الاستعمار البريطانى لأيرلندا.

فى رواية «رجال فى الشمس»، يصوّر كنفانى مصير الفلسطينيين الذين يبحثون عن وطن جديد وهوية ضائعة بين أطلال وطنهم، حيث تموت الشخصيات مختنقة فى خزان ماء مهجور، رمزًا لضغوط التهجير النفسية والمادية التى يعانيها الفلسطينيون. وفى «عائد إلى حيفا»، يصوِّر كنفانى الزوجين الفلسطينيين اللذين يواجهان حقيقة فقدان منزلهما وابنهما، ما يعمّق شعورهما بالمهانة والضياع وهما يعيشان على حدود الوطن.

وفى رواية صورة الفنان فى شبابه لجيمس جويس، يستكشف الكاتب موضوع النفى كوسيلة للتعبير عن الحرية الشخصية، خصوصًا من خلال صراع ستيفن ديدالوس مع الهوية الوطنية والضغوط الخانقة للتقاليد الدينية والاجتماعية والثقافية. رحلة ستيفن هى رحلة نفى ذاتي، جسديًا وروحيًا، حيث يرفض التقاليد المتعلقة بالقومية الأيرلندية والكاثوليكية من أجل تشكيل هويته الفردية كفنان، ويأتى إعلانه الشهير بأنه سيطير «بعيدًا عن تلك الشِباك» من القومية واللغة والدين ليجسد سعيه نحو الحرية، ليس فقط من القيود الخارجية، بل أيضًا من التوقعات المجتمعية المتأصلة فى ذاته. فى النهاية، يصوّر جويس النفى كخطوة ضرورية للتطوّر الفنى والشخصي، حيث تُكتشف الحرية الحقيقية فى رفض الأدوار المفروضة واحتضان هوية مستقلة يتم اختيارها بحرية.

يُبدع كنفانى فى نسج لوحة رمزية، تفيض بألوان المعاناة، حيث تتحدث الأشياء من دون كلمات، وكل رمز يحمل بين طياته قصة جماعية لشعب يرزح تحت وطأة النسيان. شخوصه ليسوا مجرد أفراد، بل نوافذ تُطل على جراح الوطن، وأحداثه عناقيد من آمال تقاوم الاندثار. وفى حين يختار كنفانى أن يعبر عن نضال أمة بأكملها، يمضى جويس فى رحلة الغوص داخل أصداف النفس البشرية، مستخرجًا لآلئ الصراع الداخلى بأدق تفاصيلها. شخوصه تهمس بحرياتها المأسورة بين قضبان الدين والمجتمع، باحثة عن مخارج من متاهات القيود.

وعلى الرغم من أن كنفانى وجويس يقفان على ضفاف متباعدة، تفصلهما بحار الجغرافيا وأقاليم الثقافة، إلا أنهما يتوحدان فى فضاء الهوية والمنفى، حيث تتصارع الأرواح بين أسوار الغربة وصدى الأسئلة الملحة عن الوطن المحتل الذى يسكن القلوب، والحرية التى تتوق لها الأرواح.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ى قضايا الهوية

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية عربي: نثقُ في الدور اليمني لمواجهة مشروع “التهجير” 

الجديد برس..|

أكّـد وزير خارجية تونسي سابق، ثقتَه المطلقة في دور صنعاء في إفشال مخطّط الرئيس الأمريكي ترامب، الرامي إلى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة.

وقال رفيق عبدالسلام، في تدوينة على (إكس) إنه “يثق شخصيًّا في اليمن وأهل اليمن في مقاومة مشروع التهجير أكثر من أي نظام عربي آخر كبلته الاتّفاقيات والحسابات”.

مُضيفاً: “بينت التجربة القريبة أن اليمن جمع بين طرفي الحكمة وسلطان القوة وهو يرمي بسهمه في الاتّجاه الصحيح ونحو الهدف الصحيح “. مؤكّـداً أن “أهل اليمن يضربون بقوة الله وبأسه ولا يبالون أَو يلوون على شيء”.

مقالات مشابهة

  • الحرية الأكاديمية في خطر: قرارات ترامب تهدد تمويل الجامعات الأميركية
  • مناخ بورسعيد يستجيب لشكوى المواطنين بشأن الصرف الصحي بمنطقة الحرية الكبيرة
  • مصر تجدد الثقة في الرئيس وترفض التهجير في العيد.
  • حزب «الوعي» يطلق «وثيقة سند مصر» لدعم الوطن في مواجهة التحديات ورفض مخطط التهجير
  • الحرية المصري: وقفات الشعب المصري بساحات المساجد تؤكد رفض مصر القاطع لجرائم إسرائيل أمام العالم
  • الحرية المصري: الحراك الشعبي ضد التهجير يؤكد موقف مصر التاريخي تجاه القضية الفلسطينية
  • مصر: الوقفات المليونية أكدت مساندتها للشعب الفلسطيني ورفض التهجير
  • الرئاسة الفلسطينية: عملية التهجير الداخلي بغزة مدانة ومرفوضة
  • الرئاسة الفلسطينية تحذر من عمليات التهجير القسري والتصعيد العسكري
  • وزير خارجية عربي: نثقُ في الدور اليمني لمواجهة مشروع “التهجير”