الأسبوع:
2025-01-20@12:07:58 GMT

في ذكرى رحيل موسوعة الفكر ( 1 / 3 )

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

في ذكرى رحيل موسوعة الفكر ( 1 / 3 )

فى الحادى والثلاثين من أكتوبر الحالى تحل الذكرى الرابعة عشرة لرحيل العالم والمفكر والفيلسوف والأديب الدكتور"مصطفى محمود" حيث وافته المنية فى 31 أكتوبر 2009 بعد صراع طويل مع المرض، وبعد حياة زاخرة بالعلم والإيمان. لقاءات عديدة جمعتني بهذا الإنسان العصيّ على النسيان. أهداني الكثير من مؤلفاته التي تربو على 88 كتابا.

آخر لقاء جمعني به كان فى السادس من أكتوبر 2009 عندما كان طريح الفراش. عدته يومها للاطمئنان عليه، ولم يكن قادرا على التحدث معى وقتئذٍ. إنه النموذج المبهر فكرا وعلما وبحثا. مفكر غير تقليدى، مجدد فى انتقائه للكلمة وصوغه للجملة وارتياده للفكرة، وفى سوقه البراهين والأدلة على أى موقف من مواقف الحياة، ولهذا كان لكل أفكاره وخواطره وكتاباته عنصر جذب أخاذ، فكثر محبوه وقراؤه. وانعكس تأثيرها فى محيط تعددت اتجاهاته، واختلفت نوازعه لا سيما مع عباراته المجلوة بإيقاع شاعرى. كانت أولى سماته أنه مفكر تحركه ذاتيته أولا وقبل كل شىء، وهى التى تضفي على أفكاره وكتاباته ذلك البريق الذي يخطف الأبصار ويشدها إليه.

وأستدعى هنا اللقاء الذي أجريته معه عام 87، وفيه سلطت الأضواء على قضايا ذاتية قد تمسه وحده وقد تمس آخرين. عرجت على موضوع الاغتراب ومدى معاناته منه، وحجم الاغتراب لديه. و بصوته الهادئ الذى كان دوما أقرب إلى الهمس مضى قائلا:

"الاغتراب صفة الفنانين بوجه عام. وهنا أتذكر بيت شعر لأبي العتاهية يقول فيه:

طلبت المستقر بكل أرض فلم أر لي بأرضٍ مستقرا

فليس هناك بيت مثله يعبر عن الاغتراب وحقيقة الاغتراب، فهو الإحساس بالفجوة بين النفس و الآخرين. كما أن سبب الاغتراب الأعمق نجده عند الصوفي، فهو إحساس الإنسان فى الدنيا بأن الدنيا ليست وطنه باعتبار أن جميعنا جئنا من الله، وهو وطننا. منه المبتدأ وإليه المنتهى وبين يديه المقر. وفيما عدا ذلك لا مفر ولا مستقر. ذلك لأننا أشبه ما نكون بمخلوقات فى المنفى منذ نزولنا إلى الأرض".

وهنا قلت له: إذن هو إحساس داخلى بالبعد؟

فقال: "هو كذلك. يشعر المرء معه ــ يستوى فى ذلك المؤمن والكافر ــ بأن هذا الكون الذى يحتويه ليس وطنه الأصلى، وليس مملكته وبلده. والسبب أن لديه ذكرى ما قد تكون باهتة أو واضحة ترتكز على أن وطنه هو لدى الله سبحانه وتعالى. من حيث جاء وإلى حيث ينتهى.. " وأن إلى ربك المنتهى".

وفي معرض التعليق قلت: "وما الفرق بين المؤمن والكافر أمام هذا الإحساس؟"

فأجابني قائلا: "المؤمن يشعر شعورا واضحا بهذه المسألة ويسميها باسمها. والكافر يشعر بها شعورا باهتا ولا يسميها باسمها. وإنما يسميها غربة. اسم أفرنجى لحالة أدركها الصوفى بوجدانه وعبر عنها وسماها باسمها. ولا أدل على هذا من أن أول كلمة قالها المسيح وهو فى المهد: " إني عبد الله آتاني الكتاب"، فهذا هو الانتماء الوحيد الحقيقى حيث العبودية لله سبحانه وتعالى، والخلق لله وحده. وهذا هو الانتماء الحقيقي. لكننا فى الغربة نسمع انتماءات مختلفة.. جزائرى.. تونسى.. لبنانى.. زملكاوى أهلاوي كلثومي فيروزى. انتماءات متعددة. لكن الإنسان يشعر بأنها انتماءات لا تغنى، وإذا كان من أهل الكفر سماها "غربة" وعلى ذلك يقول: " ألقى بنا فى عالم غريب". وإذا كان مؤمنا فإنه يدرك أن انتماءه الحقيقي من الله وإلى الله، فهذا هو سبب الغربة العميق".

وللحديث بقية..

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

الطيب كحل العيون.. رحيل قيدوم القراء ومدرس الأمراء

انتقل إلى عفو الله صبيحة اليوم السبت 17 رجب 1446 الموافق 18 يناير2025 بمدينة الرباط، شيخ قراء المغرب الفقيه الطيب كحل العيون، عن عمر ناهز 94 عاما. وكان رحمه الله من أول القراء الذين ذاع صيتهم بالمغرب في بداية عقد الأربعينات، حيث أسِر صوتُه الشجي المغاربة بترتيله للقرآن الكريم بالطريقة المغربية الأصيلة.

لقد تعرف الكثير من المغاربة خلال فترة الأربعينات من القرن الماضي، على الحاج الطيب كحل العيون، الذي ولد بمراكش سنة 1931، واستمتعوا بصوته العذب، عبر أثير إذاعة دار سي سعيد بمراكش، التي كانت تبث ترتيله للقرآن الكريم. برز تعلُّق الطيب كحل العيون بالقرآن الكريم منذ طفولته، إذ حفظه كاملا وعمره دون الثانية عشرة. وفي ربيعه السادس عشر، اختاره الشيخ محمد بلحسن لإمامة التراويح بمسجد ابن يوسف الشهير بمراكش، كما تلا القرآن أمام الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله ، في حفل مهيب بقبيلة أحمر ناحية أسفي.

درس الراحل بجامعة ابن يوسف بمراكش، وسافر إلى القاهرة حيث تابع دراسته بكلية دار العلوم، كما حصل على شهادة عليا من دار الحديث الحسنية في علوم القرآن والسنة النبوية، ومارس التدريس في ثانوية محمد الخمس بمراكش، وكان عضوا في لجان تحكيم حفظ القرآن الكريم وتجويده، داخل المغرب وخارجه. . كما أن المغفور له الحسن الثاني رحمه الله، عينه لتحفيظ القرآن الكريم لصاحبات السمو الأميرات وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد مع تدريس المواد الإسلامية. والطيب كحل العيون، عالم بامتياز وهو ذلك الإنسان الذي تربى على أخلاق القرآن وتربيته، وبالقرآن وخدمته نال الفقيد الذكر الحسن.
ستشيع جنازة الفقيد الغالي رحمه الله، من منزله بحي ابن سينا، أمام محطة القطار القديمة بأكدال. وستؤدى صلاة الجنازة على جثمانه الطاهر، عقب صلاة عصر يومه في مسجد الشهداء.

رحم الله الفقيد شيخ القراء في العالم الإسلامي، الشيخ الطيب كحل العيون وغفر له وجزاه أحسن الجزاء عن خدمته للقرآن الكريم.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

كلمات دلالية الطيب كحل العيون القارئ

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. أوبرا الإسكندرية تحيي ذكرى مرور 50 عاما على رحيل أم كلثوم
  • رحلة النبي (3): الإسراء والمعراج.. الصلاة هدية السماء ومعراج المؤمن
  • الطيب كحل العيون.. رحيل قيدوم القراء ومدرس الأمراء
  • نور الإيمان.. تعريفه وأركانه وأثره في حياة المسلم
  • المؤمن يجتهد في الدفاع عن أرضه وعرضه كما هو مأمور بذلك والنصر من عند الله سبحانه وتعالى
  • سيمون تسترجع ذكرياتها مع فاتن حمامة في ذكرى رحيل سيدة الشاشات العربية
  • متى تصبح عمليات التجميل جائزة شرعًا؟ أزهري يوضح
  • أزهري يوضح الفرق بين التجميل الضروري والتغيير المبالغ فيه
  • ذكرى رحيل فاتن حمامة..أيقونة السينما المصرية التي خلدت تاريخها بفن راقي
  • مفتي الجمهورية من مسجد مصر الكبير| الفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراض .. الغش خيانة لله ورسوله والمؤمنين| فيديو