كيف تستطيع أمريكا استرجاع تفوقها بين القوى العظمى؟
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
ترجمة: نهى مصطفى
منذ بداية ولايته السابقة كرئيس للولايات المتحدة، أطلق دونالد ترامب تحذيرًا بشأن عودة المنافسة بين القوى العظمى. وأكدت استراتيجية الأمن القومي لإدارته أن خصوم الولايات المتحدة يسعون إلى تقويض مكانتها الدولية. هذه النظرة كانت جديدة نسبيًّا في ذلك الوقت، ولكن اليوم يتقاسم جزء كبير من مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية تقييم ترامب الأساسي.
إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فسوف يواجه ساحة جيوسياسية أكثر خطورة من تلك التي تركها قبل أربع سنوات. واستئناف السياسة الخارجية التي انتهجها في ولايته الأولى لن يكون كافيًا للتعامل مع البيئة المعقدة التي تسلح فيها خصوم الولايات المتحدة بسرعة، وفي حالة روسيا وإيران، بخوض حروب إقليمية. لقد انتقلت المنافسة إلى مرحلة الصراع، الذي قد يكون مقدمة لحرب أوسع.
ستحتاج إدارة ترامب الثانية إلى تعديل في العقلية لضمان قدرة الولايات المتحدة على حماية نفسها واستعادة الردع في عالم متزايد الخطورة. الولايات المتحدة بحاجة إلى تبنّي استراتيجية «التفوّق»، وهو مفهوم عسكري يشير إلى الجمع بين القدرات الكافية لضمان انتصار واضح. ولتحقيق التفوق، يجب أن تكون القوات الأمريكية قادرة على اتخاذ المبادرة، الحفاظ على حرية الحركة، والحد من ردود الأفعال السلبية من الخصوم. وبتطبيق هذا النهج على نطاق أوسع، يتعين على الولايات المتحدة أن تسعى لامتلاك مزايا عسكرية، سياسية، واقتصادية كبيرة، أو تطوير هذه المزايا على منافسيها.
في الواقع، تكافح الولايات المتحدة لتحقيق هذه القدرات في كل مسارح المنافسة الجيوسياسية. ويشكل التصلب البيروقراطي عائقًا أمام أي استراتيجية شاملة. ولكن ترامب، بغرائزه التنافسية وميله إلى تحدي الوضع الراهن، قد يكون القائد القادر على دفع الولايات المتحدة نحو هذه القدرات. كرئيس، سيحتاج إلى تعزيز القدرات العسكرية للبلاد، دعم القاعدة الصناعية المحلية، تقليل الاعتماد الاقتصادي الخارجي، وتعزيز التحالفات الرئيسية -وكل ذلك في سبيل تعزيز موقف الولايات المتحدة في مواجهة المخاطر الجيوسياسية المتزايدة.
البعد الدفاعي: تتجاوز المنافسة بين القوى العظمى المجال العسكري. فهي تنتشر في مناطق جغرافية مختلفة، كما يتضح من تزايد تدخل الصين في أمريكا اللاتينية لتعزيز مصالحها بالقرب من الولايات المتحدة. وتشمل هذه المنافسة الحرب بالوكالة. كما أن المنافسة تشتد في الفضاء، حيث تتعاون روسيا وكوريا الشمالية في تطوير ونشر أقمار صناعية متقدمة لشن حرب فضائية.
كانت استجابة الولايات المتحدة بطيئة جدًا إزاء هذه التطورات. ولا تزال أطر السياسات القديمة، مثل أنظمة مراقبة الصادرات التي تعود إلى الحرب الباردة، تعوق التعاون العسكري مع الحلفاء وتبطئ مبيعات الأسلحة. وعلى الرغم من إدراك الإدارات الأمريكية لاعتماد البلاد على الإمدادات الخارجية من المعادن الحيوية على مدى العقود الأربعة الماضية، فإن ذلك لم يُترجم إلى إجراءات جدية لمعالجة هذا الضعف.
تعزيز الموقف العسكري للولايات المتحدة هو المفتاح لاستراتيجية التفوق؛ لأن القوة العسكرية هي التي تدعم وتؤمّن المزايا الاقتصادية والسياسية للبلاد. واليوم، تراجعت القوة العسكرية الأمريكية مقارنة بالقوى الأخرى. ويشير تقرير حديث، مؤيد من الحزبين، إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني في طريقه ليصبح «منافسًا عسكريًّا ندًا للولايات المتحدة، إن لم يكن متفوقًا عليها». لعكس هذا الاتجاه، تحتاج واشنطن إلى تطوير قدرات كافية لردع أي أعمال عدوانية تهدد مصالحها. وهذا يعني امتلاك القدرة -وإثبات الاستعداد- لشن حملات عسكرية مستدامة في مسارح متعددة.
هذه القدرة ضرورية لإعادة إرساء الردع، وللتغلب على الخصوم في حال فشل الردع. ولتحقيق هذا المستوى من القدرة العسكرية، يتطلب الأمر تغييرًا جذريًّا في التخطيط الدفاعي بواشنطن، الذي يعتمد حاليًّا على خوض صراع رئيسي واحد. على إدارة ترامب أن تشرح للشعب الأمريكي أهمية زيادة الإنفاق الدفاعي، والعمل مع الكونجرس لتأمين الدعم الحزبي لهذا الجهد، مثلما فعلت إدارة ريجان في العقد الأخير من الحرب الباردة.
النقطة الرئيسية هنا ليست مواكبة كل خصم، بل تطوير قدرات حربية تمنح الولايات المتحدة مزايا غير متماثلة. ففي أوكرانيا، عطلت الطائرات دون طيار الدبابات والسفن الحربية الروسية. وفي صراع محتمل حول تايوان، يمكن للصواريخ المضادة للسفن والصواريخ الباليستية متوسطة المدى تقويض مزايا الصين الجغرافية.
الأجندة الاقتصادية: التفوّق العسكري يتطلب أيضًا أن تتمكن الولايات المتحدة من تجديد قوتها البشرية والمواد والذخائر بمعدلات عالية. ولتحقيق ذلك، يجب تعزيز القدرات الاقتصادية. تحتاج واشنطن إلى السعي نحو سيادة اقتصادية أكبر، وتقليص الاعتماد على المواد الحيوية المستوردة من دول غير موثوقة.
الخطوة الكبرى تكمن في تحفيز الاستثمارات في الصناعة المحلية، وخاصة في القطاعات التي تعزز قاعدة التصنيع العسكري. ويتلخص جزء من الحل في فرض التعريفات الجمركية لحماية القطاعات الرئيسية، مثل البطاريات المتطورة. ومن الممكن أن تساعد التعريفات الجمركية في مواجهة الدعم وممارسات الإغراق التي تنتهجها الصين وتشجيع الشركات الخاصة على نقل استثماراتها من الصين وإعادتها إلى الولايات المتحدة أو إلى الدول الشريكة للولايات المتحدة. يجب أيضًا خفض تكلفة ممارسة الأعمال في الولايات المتحدة وتبسيط عمليات المراجعات البيئية، إلى جانب تقديم حوافز ضريبية وبرامج لدعم الإنتاج المحلي.
إعادة التصنيع ستساعد في مواجهة جهود الصين لإضعاف الولايات المتحدة. فالشركات الصينية تغمر الأسواق الأمريكية بمنتجات مدعومة في قطاعات استراتيجية مثل الصلب، أشباه الموصلات، والمركبات الكهربائية. وهذا يزاحم الإنتاج المحلي ويجعل الجيش الأمريكي يعتمد على السلع المصنوعة في الصين.
بالإضافة إلى تقليص الاعتماد على الصين، يجب على الولايات المتحدة أن تواصل السعي نحو ما وصفته إدارة ترامب الأولى بـ«هيمنة الطاقة»، وذلك عبر زيادة إنتاج النفط الصخري والغاز الطبيعي من خلال تخفيف القيود التنظيمية وتشجيع الابتكار التكنولوجي. فقد تجاوزت روسيا بالفعل لتصبح أكبر منتج للغاز الطبيعي في عام 2011، وأصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم في عام 2018، متجاوزة روسيا والمملكة العربية السعودية. ورغم أن إدارة بايدن حولت التركيز نحو سياسات التغير المناخي، فإنه من المتوقع أن يعمل ترامب في ولايته الثانية على الاستفادة من الثروات النفطية والغازية الوفيرة في الولايات المتحدة، التي يمكن أن توفر الدعم للحلفاء الأوروبيين وغيرهم من الدول.
إلى جانب الاستفادة من النفط والغاز، من المرجح أن تتضمن استراتيجية الطاقة الجديدة لإدارة ترامب دعم مشروعات الطاقة المتقدمة مثل الانشطار والاندماج النووي، إضافة إلى تحديث البنية التحتية للطاقة. والعودة إلى سياسة الهيمنة على الطاقة، التي تعترف بالدور المركزي للوقود الأحفوري حتى تصبح مصادر الطاقة البديلة قادرة على تلبية احتياجات الولايات المتحدة بشكل فعال وبسعر تنافسي، ستسمح لواشنطن بالخروج من الحلقة الاقتصادية المفرغة مع الصين. فبينما تتجه الولايات المتحدة وأوروبا نحو الطاقة البديلة، تعتمد بشكل متزايد على الصين كمصدر رئيسي لمكونات الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، والبطاريات. هذا الاعتماد يعزز هيمنة الصين في هذا القطاع. وبالتالي، فإن استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري يمنح الولايات المتحدة مجالًا أوسع للتحرك اقتصاديًّا، مع إعطاء الوقت لبناء قاعدة صناعية للطاقة المتجددة في الدول الغربية.
مطلوب أصدقاء: بالإضافة إلى الجهود الاقتصادية والعسكرية، ستحتاج إدارة ترامب إلى تعزيز علاقاتها السياسية مع الدول الصديقة لتحقيق التفوّق. ففي عالم معقد وتنافسي، تكون الدول التي تمتلك حلفاء وشركاء أكثر هي الأقدر على مواجهة التحديات. لكن التحالفات القوية لا تكفي بمفردها، لتحقيق التفوق العسكري، فيجب على الحلفاء الالتزام بتطوير قدراتهم العسكرية وتكامل جيوشهم مع القوات الأمريكية. على الولايات المتحدة أن توضح لشركائها أن دورهم هو تحمّل عبء الاستجابة الأولية للصراعات الإقليمية، بينما يأتي دور الولايات المتحدة في تقديم التعزيزات والقدرات المتخصصة.
وينبغي على واشنطن التفكير في إقامة علاقات جديدة مع بلدان خارج تحالفاتها التقليدية. ويمكن أن يكون التركيز على الشراكات الثنائية والتحالفات المصغرة أكثر فعالية من الاعتماد على الهيئات المتعددة الأطراف. كذلك، يجب أن تسعى الولايات المتحدة إلى إقامة علاقات اقتصادية مع الدول النامية، التي تواجه تحديات اقتصادية وتغيّرًا مناخيًّا. وقد تعتمد إدارة ترامب على موقف أكثر واقعية تجاه قضايا المناخ، من خلال إدراك أن إزالة الكربون السريعة قد تكون مكلفة اقتصاديًّا للدول النامية.
إعادة ضبط السياسات: هدف استراتيجية التفوّق ليس السعي إلى الصدارة كما كان الحال في الماضي. فقد تغيّرت موازين القوى العالمية، مما أدى إلى تراجع القوة النسبية للولايات المتحدة مع نمو القدرات العسكرية للدول الأخرى. وإذا أرادت واشنطن الحفاظ على حرية الحركة وحماية الحريات التي يتمتع بها الأمريكيون منذ فترة طويلة، فإنها بحاجة إلى استراتيجية التفوّق لتلبية التحديات الملحّة.
في النهاية، التفوّق لا يتعلق بالسعي نحو الصدارة بأي ثمن، بل هو حول ضمان أن الولايات المتحدة ستظل قادرة على حماية مصالحها في عالم يزداد خطورة.
ناديا شادلو نائبة مستشار الأمن القومي السابق للولايات المتحدة
المقال نشر في Foreign Affairs
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: للولایات المتحدة الولایات المتحدة الاعتماد على إدارة ترامب
إقرأ أيضاً:
تعرّف على القضايا الثلاث التي ستشغل ترامب بالفترة القادمة. . ما هي خطّته؟
نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، مقالا، لخبير في كلية الإعلام بجامعة بار إيلان، إيتان جلبوع، جاء فيه إن: "ثلاث قضايا رئيسية ستشغل ترامب وإسرائيل في الأشهر القادمة، وهي: "اليوم التالي" في غزة، انضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، وصياغة استراتيجية لوقف القنبلة الإيرانية".
وأوضح المقال، أن: "اليمين في إسرائيل تهلّل عندما فاز دونالد ترامب في انتخابات 2024 للرئاسة الأمريكية. قالوا إن العلاقات معه ستكون أقرب وأفضل بكثير من تلك التي كانت في عهد إدارة جو بايدن".
وأردف: "ألمح رجال نتنياهو إلى أن ترامب قد يأمر بهجوم عسكري مُشترك من إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، أو على الأقل لن يعارض مثل بايدن الهجوم الإسرائيلي".
"سموتريتش أعلن بالفعل أن عام 2025 سوف يكون سنة تطبيق السيادة بالضفة الغربية" أبرز التقرير مشيرا إلى أن: "تأثير ترامب على الاتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى ووقف الحرب في غزة، هو مؤشر على ما قد يأتي والذي قد يخذل من يتوقع حرية يد إسرائيلية بالمنطقة".
وأوضح: "الاتفاق الحالي يشبه إلى حد كبير ما اقترحه نتنياهو لبايدن في مايو 2024. حينها تراجع بسبب تهديدات بن غفير وسموتريتش بتفكيك حكومته. في الاتفاق هناك تنازلات كان نتنياهو قد تعهد بعدم تقديمها".
واسترسل: "صحيح أن قاعدة الائتلاف توسّعت مع دخول غدعون ساعر للحكومة، وقضية النار الإيرانية تعرضت لهزائم، لكن الفرق الرئيسي بين مايو 2024 ويناير 2025 هو ترامب. منذ فوزه في الانتخابات، طالب نتنياهو بإنهاء المفاوضات بشأن إطلاق الأسرى ووقف الحرب في غزة قبل مراسم تنصيبه".
ومضى المقال بالقول: "اعتقد نتنياهو أنه من الأفضل تأجيل الاتفاق حتى بعد التنصيب، لكي يتمكن ترامب من أخذ الفضل. لم يفهم أن هناك قادة لهم أولويات أخرى. عندما اقترب تاريخ التنصيب ولم تحقق المفاوضات تقدمًا كافيًا، مارَس ترامب وأفراد فريقه ضغطًا على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك نتنياهو، للوفاء بالموعد المحدد".
"ترامب يعرف نتنياهو، ويعلم أنه غير موثوق ولا يثق فيه. لذلك، أرسل إليه مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ليوضح له أنه كان يعني ما قاله، وأنه لن يقبل أي حيل لإفشال الاتفاق" بحسب المقال.
وأبرز: "فقط بعد هذه الزيارة، أرسل نتنياهو رئيس الموساد ورئيس الشاباك، ونتسان ألون، إلى الدوحة، لإغلاق الاتفاق. شرح لبن غفير وسموتريتش أنه لا مفر من قبول توجيهات ترامب للحصول على مواقف داعمة منه بخصوص قضايا أخرى مثل إيران والضفة الغربية".
وأضاف: "حتى هذه الأمل يجب أخذه بحذر. أراد نتنياهو واليمين في إسرائيل فوز ترامب لأنهم افترضوا أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في فترة ولايته الثانية، ستكون مشابهة لتلك التي كانت في فترة ولايته الأولى. من غير المؤكد أن هذه الفرضية ستثبت صحتها".
إلى ذلك، أبرز كاتب المقال أنه: "في فترة ولاية ثانية، يصوغ الرؤساء أولويات مختلفة ويتصرفون بطريقة مختلفة لتحقيقها. علاوة على ذلك، في حالة ترامب، بدأت فترة ولايته الأولى في 2017 وانتهت قبل أربع سنوات. انتظر أربع سنوات أخرى حتى عاد إلى البيت الأبيض".
وأكد: "كان ترامب، أول رئيس في التاريخ مرّ بتجربة عزله مرتين في الكونغرس ودخل البيت الأبيض كمجرم مدان. إنه يبحث عن تصحيحات. أول تصحيح في الشؤون الداخلية قد تحقق بالفعل. فاز في الانتخابات وأصبح ثاني رئيس في التاريخ فشل في المحاولة الأولى للحصول على ولاية ثانية، وانتظر أربع سنوات، ثم عاد وفاز".
"أول من فعل هذه النقلة هو جروفر كليفلاند في عام 1893. ترامب يريد تصحيحًا أيضًا في الشؤون الخارجية -الفوز بجائزة نوبل للسلام-. كان يعتقد أن الجائزة كانت من نصيبه عندما نظم اتفاقيات إبراهيم" بحسب الخبير في كلية الإعلام بجامعة بار إيلان.
وأوضح: "منذ عدة أيام قال إنه لو كان اسمه أوباما، لكان قد حصل على الجائزة منذ زمن، في إشارة إلى أن أوباما حصل على الجائزة قبل أن يبدأ ولايته. يظهر ترامب كشخص يسعى للسلام. يريد إنهاء الحروب وعدم فتح حروب جديدة. يريد التركيز على الشؤون الداخلية وتنفيذ إصلاحات إدارية في الحكومة ومواضيع مثل الهجرة وأمن الحدود والتنظيمات والصناعة والضرائب والصحة والتعليم أو المناخ".
في الشؤون الخارجية، وفق المقال، فإن ترامب مثل أسلافه أوباما وبايدن، يريد التركيز على الصراع مع الصين. هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعله يسعى لإنهاء الحروب في أوكرانيا وفي منطقتنا. لا يريد أن يعيق الشرق الأوسط خططه الأكثر أهمية سواء في الولايات المتحدة أو في العالم.
وقال الخبير نفسه: "ترامب مهتم جدًا بإدخال السعودية في اتفاقيات إبراهام. أولاً، لأنها الطريقة للحصول على جائزة نوبل للسلام. ثانيًا، للأعمال، وثالثًا، لاستكمال المحور العربي السني ضد إيران. مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، تطلب السعودية بيانًا إسرائيليًا يتضمن أفقًا سياسيًا للفلسطينيين واتفاقيات أمنية واقتصادية مع واشنطن".
"من الواضح للجميع أنه لا يوجد أي احتمال أن توافق إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية في المستقبل المنظور، كما أن هناك حاجة لتغييرات كبيرة في سلوك السلطة الفلسطينية التي ستستغرق سنوات لتحقيقها. لكن أفق سياسي، والامتناع عن الضم والتوسع الكبير للمستوطنات في الضفة الغربية، هي مطالب قد يقبلها ترامب، إذا كانت هي الثمن الذي ستدفعه السعودية مقابل التطبيع" وفق المقال.
وأشار إلى أنه: "أثناء المفاوضات على اتفاقيات إبراهام، أصرّت الإمارات العربية المتحدة على تعهد من نتنياهو بالامتناع عن الضم، على الأقل لمدة عامين، وقد وافق. إيران تخشى أن يفرض ترامب عليها عقوبات أو يمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجوم على منشآتها النووية".
وأضاف: "حكومة إيران تهتم ببقاءها لذلك أبدت استعدادًا للدخول في مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد مع إدارة ترامب. كان هذا موضوع الحوار بين سفير إيران لدى الأمم المتحدة وإيلون ماسك، الرجل الذي سيؤثر بشكل كبير على ترامب في ولايته الثانية".
قال ترامب إنه: "قد يكون مهتمًا بمثل هذه المفاوضات. سيصدر تصريحات تهديدية ولن يستبعد الخيار العسكري كما فعل أسلافه، لكن مثل إنشاء المحور السني بمشاركة السعودية وإسرائيل، ستكون هذه الخطوات موجهة لتحقيق تنازلات كبيرة من إيران".
وأضاف: "هدف استراتيجي آخر لترامب هو تفكيك الروابط بين إيران وروسيا والصين، ويمكن لاتفاق نووي تحقيق ذلك أيضًا. ترامب يحمل محبة كبيرة لإسرائيل ومن المتوقع أن يساعدها في إزالة القيود على الأسلحة، وفي الصراع ضد الأمم المتحدة ووكالاتها ومحاكمها، وفي الحملة ضد المتظاهرين المناهضين لإسرائيل والمعادين للسامية في الجامعات الأمريكية".
وختم المقال بالقول: "سيتطلب منه الاستجابة لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك الترتيبات لاتفاقيات السلام. حكومة نتنياهو الحالية غير قادرة على التعاون مع ترامب في القضايا الإقليمية، وقد يجد نفسه مرة أخرى بين مطرقة بن غفير وسموتريتش وسندان ترامب".
واستطرد: "هذه الحسابات الائتلافية لا تهم ترامب، وسيضطر نتنياهو لمواجهتها، وإلا فإنه سيجد نفسه في مسار تصادمي مع ترامب، الذي وصفه بأنه أكبر صديق لإسرائيل في البيت الأبيض".