لجريدة عمان:
2024-10-20@20:57:28 GMT

ما لم يفهمه الغرب... ولن يفهمه

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

تُعرف المقاومة لغة بأنها الممانعة وعدم الرضوخ لتغيّرات وقوى مفروضة من الخارج، وهي رد فعل طبيعي على الظلم والاستبداد والاحتلال، وتمثل الإرادة الجماعية للشعوب -بمختلف دياناتها وأعراقها- نحو الحرية والكرامة والعدالة. وعلى مر العصور منذ الإنسان البدائي، إلى عصرنا هذا، ظهرت المقاومة بأشكال مختلفة، متكيّفة مع الظروف المحيطة بها كرمز للتحدي والصمود.

وسواء كانت مقاومة مسلحة أو نضالًا سلميًّا فإنها تعبّر عن رفض الاستسلام والخنوع وتجسّد التطلع نحو الحرية والكرامة والعدالة. ففي العصور القديمة، بدأت المقاومة كرد فعل على الغزوات والاحتلالات، حيث قاومت الجماعات والشعوب الغزاة والديكتاتوريين بأساليب وطرق متنوعة. ومع مرور الزمن تطورت أشكال المقاومة لتشمل حركات التحرر الوطني في مواجهة الاستعمار والاحتلال، وكذلك حركات الحقوق المدنية التي ناضلت ضد التمييز العنصري والظلم الاجتماعي. وبعودة عابرة للتاريخ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، خلال الاستعمار الإسباني للأمريكتين، الذي بدأ في ٢٤ سبتمبر ١٤٩٣م وانتهى في ١٣ يوليو ١٨٩٨م، نرى كيف أسهمت حركات المقاومة، وتحديدًا بقيادة الفنزويلي سيمون بوليفار الذي توفي في عام ١٨٣٠م، في استقلال بوليفيا وكولومبيا وإكوادور وبيرو وبنما وفنزويلا وإنهاء الاستعمار الإسباني لها، حتى استحق بحق لقب «الليبرتادور» أي «المحرر». وفي القارة الأوروبية أمثلة كثيرة على ذلك، منذ العصور الوسطى، حتى العصر الحديث والذي حاربت واحتلت القوات العسكرية لألمانيا النازية فيه، خلال الفترة من ١٩٣٩م إلى ١٩٤٤م كلا من بولندا والدنمارك والنرويج وبلجيكا ونيذرلاند ولوكسمبورج وفرنسا ويوغسلافيا واليونان وجزءا شاسعا من الاتحاد السوفييتي، والتي بدورها بالتعاون بالطبع مع بريطانيا وغيرها من الدول، قاومت هذا الاحتلال حتى استسلمت ألمانيا النازية في مايو من عام ١٩٤٥م. ولا يمكن الحديث عن مقاومة المحتل، دون الإشارة إلى ثورة التحرير الجزائرية التي انطلقت في الأول من نوفمبر ١٩٥٤م بعد ١٢٤ سنة من استعمار فرنسا للجزائر سنة ١٨٣٠م، وانتهت بإعلان الاستقلال في الخامس من يوليو ١٩٦٢م، متوّجة ٧ سنوات من الكفاح المسلح، استشهد خلالها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري. ولا يمكن في هذا المقام، أن نغفل المقاومة الليبية للغزو الإيطالي لأراضيها في عام ١٩١١م، والذي أعلنت فيه روما في عام ١٩١٢م ليبيا مستعمرة إيطالية، والدور التاريخي لمقاومة هذا الاحتلال، الذي قاده المجاهد الكبير الشهيد عمر المختار لما يقارب ٢٠ عامًا، أوقع خلالها خسائر فادحة في صفوف الإيطاليين، حتى أعدِم بتاريخ ١٥ سبتمبر ١٩٣١م، والذي قال مقولاته الخالدة «نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت» و«صاحب الحق يعلو وإن أسقطته منصة الإعدام». ولا يمكن أن نتجاوز المقاومة الفيتنامية للولايات المتحدة الأمريكية منذ عام ١٩٥٥م حتى تم سحب جميع القوات الأمريكية في ١٥ أغسطس ١٩٧٣م. وهذه الأمثلة تعد غيضًا من فيض فيما سجله التاريخ لحركة مقاومة المحتل، وبالتالي، تعد حركة المقاومة الفلسطينية إحدى أقوى حركات المقاومة في العالم؛ نظرًا لاستمرارها على مدى عقود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. فشعوب ودول العالم تعلم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، أنه قبل ١٤ مايو ١٩٤٨م لا يوجد ما يسمى بإسرائيل. وأن هذا الكيان الهجين كان نتيجة للمؤتمر الأول للمنظمة الصهيونية، الذي عُقد برئاسة تيودور هرتزل في مدينة بازل بسويسرا بتاريخ ٢٩ أغسطس ١٨٩٧م، بعد أن شعر هرتزل بالإحباط بسبب عدم حماس أغنياء اليهود بالمساعدة في تمويل مشروعه بالعمل على إقامة وطن قومي لليهود، يكون، إما في فلسطين أو الأرجنتين أو أوغندا. وقد نجح هرتزل خلال هذا المؤتمر في الترويج لفكرة استعمار فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك. والذي أكده بعد ذلك وزير خارجية بريطانيا أرثر جيمس بلفور في ما يسمى وعد بلفور أو تصريح بلفور ”Balfour Declaration“، وهي الرسالة التي أرسلها بلفور بتاريخ ٢ نوفمبر ١٩١٧م إلى أحد أغنياء اليهود في بريطانيا، اللورد ليونيل والتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد حكومة بريطانيا إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وبعدها تم تهجير عشرات الآلاف من اليهود من أوروبا الشرقية وغيرها من الدول وتجميعهم على مدى عقود في فلسطين؛ بهدف تغيير الطبيعة الديموغرافية لفلسطين العربية، وإقامة الكيان المزعوم في عام ١٩٤٨م. لذا، لم يكن هناك قبل هذا العام ما يسمى بدولة إسرائيل، لدرجة أن جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني خلال الفترة من ١٩٦٩م إلى ١٩٧٤م كانت تحمل الجنسية الفلسطينية، وأعلنتها مرارًا -خلال تلك الفترة- أنها فلسطينية الجنسية. فكيف تأتي اليوم الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب وتسوغ أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها في مواجهة المنظمات الفلسطينية الإرهابية -حسب قولها- ومنذ متى كان مقاومة الاحتلال إرهابا، خاصةً، وأن الكيان الصهيوني وعلى مدى أكثر من ٧٦ عامًا مارس كل أنواع الإجرام والقتل والتنكيل والإذلال تجاه أصحاب الأرض الأصليين وهم الفلسطينيون، وآخرها ما يحدث على مرأى العالم من مجازر وإبادة جماعية بحق المدنيين العزل في غزة، وبدعم عسكري واستخباراتي واقتصادي كامل ومعلن من قبل هذه الدول للكيان الصهيوني. لذا، فإن المقاومة فكرة وعقيدة لدى كل شعوب الأرض، تجاه المحتل، واستشهاد البطل الكبير المجاهد يحيى السنوار -والتهليل الغربي لذلك- وقبله القائد إسماعيل هنية وفي لبنان حسن نصر الله لن يوقف المقاومة بأي حال من الأحوال -وهذا ما أكدته الأحداث على الأرض بعد استشهادهم- وعلى الولايات المتحدة والدول الغربية أن تعي أن الفكرة لا تموت، وأن المقاومة عبر التاريخ لا يمكن في النهاية إلا أن تنتصر على من خالف طبيعة الكون وسنة الحياة في عيش الشعوب بحرية وكرامة وسيادة على أوطانها، وأن تتوقف عن الدعم الفاضح لهذا الكيان المجرم الغاصب والحفاظ على ما تبقى من ماء وجهها أمام شعوب هذه المنطقة وشعوب العالم بمن فيها شعوبها... ولا أعتقد أنها ستعي ذلك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن فی عام

إقرأ أيضاً:

يحيى السنوار.. نهاية استثنائية لقائد فلسطيني حطّم غرور الكيان "خاوة"

غزة - خــاص صفا

استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في رفح جنوبي قطاع غزة، بعد حياة حافلة بمقاومة "إسرائيل"، توّجها بقيادته معركة "طوفان الأقصى" التاريخية.

وأكد نائب رئيس حماس في غزة خليل الحية، خلال كلمة تابعتها وكالة "صفا" استمرار حركته على نهج الشهيد القائد يحيى السنوار، مشددًا على أن "التاريخ سيدوّن أن السنوار كتب السطر الأول في حرب التحرير ونهاية الاحتلال".

من هو يحيى السنوار؟

ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة عام 1962، بعد أن نزحت أسرته من مدينة المجدل التي لا تبعد سوى 10 كم شمال القطاع، عقب احتلالها من "إسرائيل" في نكبة عام 1948.

تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في الدراسات العربية.

نشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.

تعرض السنوار للاعتقال أول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وقضى أربعة أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه ليمكث في السجن 6 أشهر من دون محاكمة.

مطلع العام 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل أربعة عملاء للاحتلال، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).

تولى السنوار، خلال فترة اعتقاله، الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" في السجون لدورتين تنظيميتين، وأسهم في تخطيط وتنفيذ المواجهة مع إدارة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.

وتنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من وضع صحي صعب، حيث اكتشف أن لديه نقطة دم متجمدة في الدماغ ما استدعى عملية جراحية استمرت لسبع ساعات.

تحرر يحيى السنوار بصفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، التي أجبرت فيها المقاومة، ولاسيما كتائب القسام، الاحتلال على الإفراج عن نحو 1050 أسيرًا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

بعد تحرره من السجن، عاد السنوار لممارسة عمله السياسي في حركة حماس إلى جانب نشاطه العسكري في قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام.

انتخب يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021.

وخلال قيادته حركة حماس في غزة نجح السنوار في توطيد العلاقات الداخلية مع الفصائل، وعمل على تعزيز "الحاضنة الشعبية" للمقاومة، وقدّم عديد الخطوات المهمة على طريق إنهاء الانقسام الداخلي.

في 2024 انتُخب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي سلفه إسماعيل هنية في طهران.

اعتبرت "إسرائيل" الشهيد السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى التي بدأت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية كبيرة، وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.

ويقول محللون في الشأن الفلسطيني إن السنوار أصبح من أهم القادة في تاريخ فلسطين، مشيرين إلى أن صعوده اللافت خلال السنوات الماضية دليل على وجود غيره يتأهب للصعود، وإثباتٌ أن للمقاومة جدوى مستمرة.

ومهما كان ما يُنسب إلى السنوار، من شدة أو حزم أو بأس، فإن إنجازه الأعظم كان كسر حاجز الخيال، وإعادته الأمل إلى المؤمنين بالعدل والحرية في أن تتحطم الأساطير واحدة تلو الأخرى.

وأثبت السنوار- بأفعاله التي ترجمت أقواله- أن كسر الاحتلال ممكن، كما أثبتت حماس باختيارها له رئيسًا لمكتبها السياسي بالإجماع أن قيادتها تتفق مع السنوار على أن هذا الاحتلال لن يُكسر إلا كما قال: خاوة!.

مقالات مشابهة

  • بن حبتور: المقاومة هي الضامن الوحيد الذي سيقتلع الكيان الصهيوني ويفشل مشروعه
  • 200 صاروخ من حزب الله تشعل شمال الكيان وحيفا
  • تحالف الفتح: الدول العربية متواطئة مع الكيان الصهيوني وباتت تدعمه بصورة علنية
  • عملياته حزب الله في تصاعد وإعلام العدو يكشف عن خيبة كبيرة داخل الكيان
  • حزب الله يواصل ضرباته الصاروخية في عمق الكيان الصهيوني الغاصب
  • خبير يشن هجوما لاذعا على الأطروحة الفائزة بجائزة نوبل في الاقتصاد .. ما السبب؟
  • الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينعى شهداء غزة وعلى رأسهم السنوار
  • يحيى السنوار.. نهاية استثنائية لقائد فلسطيني حطّم غرور الكيان "خاوة"
  • حزب الله يعلن الانتقال إلى مرحلة تصعيدية جديدة مع الكيان الإسرائيلي