تسود ظاهرة السلاسل السينمائية في هوليود منذ عقود، ففي الـ20 عاما الأخيرة شاهدنا الكثير من الأفلام التي تمتد لجزءين أو ثلاثة، بل امتد بعضها كعالم متكامل من أكثر من 30 فيلما كأفلام "مارفل". لكن العام الجاري بدأ يشهد ظاهرة جديدة تتمثل في إعادة الإنتاج أو إعادة تقديم أعمال قديمة بأبطال جدد مع القليل من الاختلافات.

نرصد فيما يلي أربعة أفلام صدرت في 2024 هي في حقيقتها إعادة إنتاج أفلام قديمة، بعضها تستعيد أعمالا من التسعينيات والثمانينيات، وأخرى من عامين فقط، لتسليط الضوء على هذه الظاهرة السينمائية التي قد تكشف عن عجز هوليود عن إيجاد أفكار جديدة، بالإضافة إلى مقارنة هذه الأعمال بأصولها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جاكي شان يخوض تجربة جديدة في سلسلة "فتى الكاراتيه"list 2 of 2"هيل بوي: الرجل الملتوي" محاولة غير ناجحة لإنقاذ البطل المظلومend of list فيلم "الغراب"

فيلم "الغراب" (The Crow) من إخراج روبرت ساندرز وبطولة بيل سكارسغارد، هو إعادة إنتاج لفيلم صدر عام 1994 حمل الاسم ذاته من إخراج تيم بوب وبطولة أليكس بروياس وبراندون لي -ابن الأسطورة بروس لي- الذي توفي خلال التصوير.

يبدأ الفيلم بمقتل خطيبين على وشك الزواج بصورة عنيفة، ينكل فيها المجرمون بالضحيتين، ويموت الشاب في الحال بعد إلقائه من النافذة، في حين تعاني الشابة من آلامها لساعات قبل وفاتها. وبعد عام من هذه الأحداث ونتيجة لأسطورة قديمة حول العودة من الموت إن حدث بشكل مؤلم وحزين، يخرج إريك من قبره لينتقم لنفسه وخطيبته، مطهرا المدينة من أسوأ مجرميها ممثلي الرأسمالية الجشعين الذين يخلطون العنف بالسحر.

أسهمت وفاة الممثل الرئيسي قبل عرض الفيلم في طبع هالة من الأيقونية على العمل، غير أنها ليست العامل الوحيد، إذ قدم "الغراب" تجربة مميزة من الناحية السينمائية، سواء من حيث القصة أو التصوير أو التمثيل، ويمكن اعتبار رسم شخصية إريك وحتى مكياجه كمصدر إلهام لشخصيات سينمائية أخرى لاحقة، منها شخصية جوكر هيث ليدجر على سبيل المثال، ويُلاحظ أن كلا الممثلين لم يبق على قيد الحياة ليتمتع بالمجد الذي حققته أفلامه.

تحول فيلم "الغراب" لسلسلة سينمائية من بطولة ممثلين آخرين، ثم انتهت هذه السلسلة، وتتم استعادة الشخصية في إعادة إنتاج للقصة في 2024، ليقدم دور إريك الممثل بيل سكارسغارد في نسخة باهتة من الفيلم الأصلي، قدمت القصة نفسها تقريبا لكن من دون أصالة حقيقية، فأصبح العمل مجموعة من المشاهد الدموية بلا روح، وفشل نقديا وتجاريا فشلا مدويا.

فيلم "القاتل" الملصق الدعائي لفيلم "القاتل" (الجزيرة)

كذلك يُعد "القاتل" (The killer) من هونغ كونغ الذي أنتج سنة 1989 من الأيقونات السينمائية التي أثرت على العديد من المخرجين مثل كوينتين تارنتينو وروبرت ردوريغز، وأخرجه جون وو ليخرجه من نطاق المحلية إلى العالمية، والأهم أن وو وضع فيه لبنة سماته السينمائية التي ستستمر في باقي مسيرته.

وعلى عكس الكثير من الأفلام السينمائية، خصوصا في تلك الحقبة، نجد البطل يعمل كقاتل محترف يقتل مقابل المال، غير أنه ذو مبادئ شديدة الصرامة، فلا يقتل سوى الأشرار، لكن في آخر مهامه يصيب مغنية شابة وبريئة في عينيها لتفقد بصرها في الحال، وتظل تطارد ضميره حتى يتعرف عليها ويحاول مساعدتها لإجراء عملية جراحية. وفي سبيل ذلك، يعود من اعتزاله ليقوم بعملية أخيرة يتقابل خلالها من ضابط شرطة ذكي وشريف، فتبدأ بينهما علاقة صداقة من نوع خاص.

فيلم "القاتل" في نسخته الأولى يتمحور حول الشرف والصداقة حتى وإن جمع بين شخصيتين متنافرتين تماما، فالحدود بين الخير والشر ليست قاطعة، وتبرز قيم أخرى بشكل أهم، أيضا ميز الفيلم أسلوب تصوير مشاهد الحركة (الأكشن)، مثل استخدام السرعة البطيئة في بعض المشاهد، واستخدام الدموية بشكل فني.

وفي 2024 يعيد جون وو تقديم الفيلم مرة أخرى بالاسم نفسه في نسخة أميركية مع إجراء بضعة تغييرات، منها وقوع الأحداث في فرنسا، واستبدال القاتل بقاتلة أنثى، غير أن أساس الفيلم لا يزال ثابتا، فهو عمل عن الصداقة التي تجعل شخصين متناقضين يتحدان ضد الشر والفساد في عاصمة النور.

لم يحقق "القاتل" زخم النسخة القديمة نفسه، غير أنه لم يظهر بشكل كارثي مثل "الغراب" على سبيل المثال.

فيلم "حانة على الطريق" الملصق الدعائي لفيلم "حانة على الطريق" (الجزيرة)

تعد نسخة العام 1989 من "حانة على الطريق" (Road house) أحد أكثر الأفلام مشاهدة على الإطلاق، وتتمتع بشعبية مستمرة منذ عرضه حتى الآن، وقد حقق إيرادات تساوي ميزانيته أربع مرات، هذا بالإضافة للحفاوة عند إعادة عرضه لاحقاً.

الفيلم من إخراج رودي هيرنغتون، وبطولة باتريك سويزي الذي يقدم دور جيمس دالتون، الشاب الذي يعمل حارسا في الحانات ليحميها من السكارى المشاغبين، وهو الأبرع في عمله هذا، لذلك يتقاضى أموالاً طائلة.

يعينه صاحب إحدى الحانات الجديدة لحماية استثماره، وهناك ينخرط مع أهالي المدينة الصغيرة وزملائه في العمل، ويقع في حب طبيبة شابة، ثم يكتشف أن هناك شبكة من الفساد تنغص على سكان البلدة عيشهم، فيتحول من حارس للحانات إلى محقق العدالة.

يتميز الفيلم بمشاهد الأكشن، سواء من حيث تصويرها أو تصميمها أو أدائها، فعلى الرغم من قامة البطل المتوسطة، فإنه يتمتع بقدرات قتالية عالية، مستقاة من أساليب القتال الآسيوية التي شهدت خلال السبعينيات والثمانينات مجدها من الناحية السينمائية.

على الجانب الآخر، أعاد المخرج دوغ ليمان تقديم الفيلم نفسه في 2024 من بطولة جيك غيلينهال، الذي يقدم دور جيمس دالتون لكن هذه المرة مفتول العضلات.

يعاني البطل نفسيا نتيجة لتسببه في موت أحد أصدقائه، غير أن الهدف من توظيفه في هذه النسخة كان من البداية خدعة حتى يحرر البلدة من الأثرياء الذين يرغبون في تحويلها إلى منتجع سياحي.

افتقد فيلم "حانة على الطريق" في نسخته الأحدث الكثير من حيوية وتلقائية الجزء الأول، خصوصا مع محاولة التركيز على الألم النفسي الذي تعاني منه الشخصية الرئيسية، ولم تماثل مشاهد الأكشن الجزء الأول من حيث الإبداع.

فيلم "لا تتحدث بالشر" الملصق الدعائي لفيلم "لا تتحدث بالشر" (الجزيرة)

يقدم فيلم "لا تتحدث بالشر" (Speak No Evil) نوعا آخر من إعادة الإنتاج، فهو نسخة أميركية من فيلم دانماركي يحمل الاسم ذاته من إنتاج 2022. تدور أحداث العمل الأصلي حول أسرة هولندية تلتقي عائلة دانماركية في منتجع بإيطاليا خلال فصل الصيف، وتتلقى الأسرة دعوة من أخرى لإمضاء عطلة نهاية الأسبوع في مزرعتها النائية. وعلى الرغم من شكوك الأم، فإن الزوج يميل للموافقة، ليكتشفا هناك أن أصحاب الدعوة كاذبون وأن الدعوة ليست سوى فخ.

ينتمي الفيلم لنوعية أفلام الإثارة والتشويق، ويستعرض قيم العصر الحديثة التي تجعل الأبطال لا يستطيعون التعامل بشكل سليم مع غرابة الأسرة الأخرى، ووضع هذه الغرابة تحت إطار الاختلافات الثقافية، مع الخوف من الظهور كأشخاص غير متفهمين أو غير ودودين، ووضع السيناريو شخصياته في مواقف تجعل معاييرهم الأخلاقية على المحك.

نجح الفيلم الدانماركي من الناحية التجارية والنقدية، الأمر الذي ساهم في سرعة تحويله إلى نسخة أميركية ناطقة بالإنجليزية من إخراج جيمس واتكينز وبطولة جيمس ماكفوي، غير أن صناع الفيلم الحديث لم يكتفوا فقط بتغيير اللغة، إنما أحدثوا بضعة تغييرات لتتناسب مع الفروق الثقافية، بين الدانمارك وهولندا من ناحية، وأميركا وبريطانيا من ناحية أخرى، وحافظ في الوقت ذاته على الإثارة والتشويق مع أداء تمثيلي ممتاز، وربما في بعض النواحي أفضل من الفيلم الدانماركي.

بالإضافة إلى الأفلام الواردة أعلاه، هناك أعمال أخرى يمكن اعتبارها إعادة إنتاج صدرت هذا العام، منها فيلم "هيل بوي" (Hellboy) و"الأعاصير" (Twisters)، لتصبح هذه ظاهرة 2024 السينمائية، ودليلا على تجاه بعض صناع السينما ومنتجيها للماضي بدلاً من السعي نحو المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما إعادة إنتاج من إخراج غیر أن

إقرأ أيضاً:

2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط

رأى إميل حكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه إذا كان المزيج الضخم من الحلقات المأساوية والمذهلة والاستراتيجية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سيستغرق وقتاً ليستقر، فإن ما حصل سيترك بلا شك آثاراً بعيدة المدى.

أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وبعض الحكمة

وفي مقال له بصحيفة فايننشال تايمز، أشار حكيم إلى أن المجتمعات المشرقية المتنوعة والهشة تمر بتحولات تاريخية جذرية. لكنه يرى أن هذه المجتمعات، في ظل هذا المسار، من المستبعد أن تجد دعماً خارجياً كبيراً بالنظر إلى التردد المحلي والإرهاق العالمي. ويصاحب إعادة ترتيب المنطقة عنف كبير ومنافسة متجددة.

معاناة الفلسطينيين

يختبر الفلسطينيون في غزة من معاناة غير مسبوقة على أيدي الجيش الإسرائيلي، ويرى حكيم أن الرهان الدموي الفاشل لحماس، مع عجز شركائها عن إنقاذ الوضع، يشكل تذكيراً واضحاً بأن المسار الوحيد لتحقيق الدولة الفلسطينية هو تدويل القضية والتوصل إلى حل متفاوض عليه.

وبرز التحالف الذي نظمته السعودية ودول عربية وأوروبية أخرى لدعم حل الدولتين كأكثر الوسائل ترجيحاً لتحقيق هذا الهدف. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/KV3fyeIVVu pic.twitter.com/NDwyn9yaS7

— Mtro. Sergio J. González Muñoz (@ElConsultor2) December 22, 2024

ويتعين على الفلسطينيين أن يقتنعوا بأن هذا الحل أكثر من مجرد رقصة دبلوماسية رمزية، بل يتعين عليهم أيضاً أن يظهروا ملكيتهم للمسار  من خلال إصلاح طال انتظاره للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك، تظل مثل هذه التطلعات عُرضة للتعنت الإسرائيلي والغضب المحتمل من جانب دونالد ترامب.

العقلية الخطيرة لإسرائيل

وأتاح الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لها تجاهل الحاجة إلى تحقيق سلام عادل يضمن الأمن للجميع.

لكن هذه العقلية التي ترتكز على الأمن فقط لها عواقب عكسية؛ فهي مكلفة، وتعزز الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفر الشركاء الحاليين والمحتملين في المنطقة الذين يخشون توسع الصراع ليشمل إيران أو منشآتها النووية. 

لكن لهذه العقلية القائمة على الأمن وحسب عواقب عكسية. فهي مكلفة وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة وتنفّر الشركاء الحاليين والمحتملين في الجوار والذين يخشون أن توسع إسرائيل الصراع من خلال ضرب القيادة الإيرانية والمنشآت النووية. كما أن خسائر السمعة بنتيجة حرب غزة هائلة، وتلوح في الأفق مسؤوليات قانونية.

ويبدو أن سلطة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وأتباعه المتطرفين أصبحت مضمونة في وقت تتزايد الانقسامات الداخلية حول طبيعة الدولة الإسرائيلية.

قوتان متعارضتان

أما اللبنانيون، فيواجهون دينامية معاكسة. إذ يتعين على حزب الله الاعتراف بانهيار استراتيجيته العسكرية وروايته الأيديولوجية، إلى جانب تراجع صدقيته. في ظل هذه الظروف، يبدو إحياء روح القتال التي يتبناها حزب الله مهمة صعبة، خاصة في ضوء الجراح العميقة التي أصيب بها، وخسارته المفاجئة لسوريا، وأوضاع أنصاره المتدهورة.
والعديد من اللبنانيين يرون فرصة لإصلاح دولتهم، لكنهم يدركون أيضاً خطر استفزاز حزب الله الجريح، ما قد يؤدي إلى صراع داخلي. 

How 2024 reordered the Middle East https://t.co/OwLrFZSzBJ

— FT World News (@ftworldnews) December 22, 2024 المفارقة السورية وفي سوريا، تذوق السوريون طعم الحرية لأول مرة بعد عقود من القمع. ويرى حكيم أن انهيار نظام الأسد حدث دون مشاهد عنف طائفي جماعي مخيفة، بينما أظهرت الإدارة الجديدة في دمشق ضبط نفس وحكمة نسبية.
ويتطلب تأمين السلام في سوريا جهوداً ضخمة من الكرم والتفاني في إدارة الحكم الشامل، في ظل وجود مفسدين داخليين وخارجيين. ويبدو أن السوريين كشفوا عيوب السياسة الواقعية، رغم أنهم الآن بحاجة إلى حسن نية أجنبية.
ولتحقيق مصالحة عربية كردية، يتطلب الأمر اعتدالاً تركياً ودبلوماسية أمريكية، مع احتمال أن تسهم الوساطة الروسية في طمأنة المجتمع العلوي.
حذار الرضا عن النفس

ختاماً، أكد حكيم أن إيران خسرت الكثير نتيجة الأحداث الأخيرة. فبينما كانت تسعى لتعزيز نفوذها في دول منهارة ومجتمعات منقسمة، وجدت نفسها منخرطة في حروب أضعفتها.

في المقابل، استغلت تركيا هذا الوضع لتتفوق على إيران في الساحة الجيوسياسية المركزية للمنطقة، وهي سوريا.

ورغم هذه التحولات التاريخية، لم يشهد العالم أزمة هجرة ضخمة، أو حرباً مطولة بين دول، أو هجوماً إرهابياً كبيراً خارج المنطقة، أو تأثيراً مستداماً على أسعار النفط والتجارة العالمية. لكن حكيم يحذر من أن هذا الشعور بالرضا عن النفس قد يكون مقدمة لمفاجآت غير مرغوب فيها.

مقالات مشابهة

  • 2024.. العام الذي أعاد تشكيل خريطة الشرق الأوسط
  • خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي
  • أفلام ديزني بلس الجديدة لمشاهدتها في رأس السنة 2024
  • حصاد 2024|نجوم الفن المصري مكرمون من المهرجانات السينمائية المصرية والعربية.. فنانو مصر تاج على رأس الفن العربي
  • المفوضية تعتمد النتائج النهائية «لانتخابات المجالس البلدية»  
  • 4 أفلام في دور السينما قبل عام 2025.. بطل الدشاش يعود بعد غياب 5 سنوات
  • فليك: تلقينا هزيمة محبطة للغاية قبل التوقف
  • الراديو 9090 يتربع على عرش الإذاعات بجائزة «الأفضل» في 2024 (صور)
  • من التشويق إلى الدراما.. أفضل أفلام عام 2024 عليك أن تشاهدها قبل نهاية العام
  • تجميد الأصول.. ما العقوبات التي طالب الشرع برفعها عن سوريا؟