يرى المحلل الإسرائيلي يغيل ليفي، في مقال نشره بصحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن الدوافع الأساسية للحرب التي تشنها إسرائيل على غزة ولبنان ليست دينية كما قد يظن البعض، بل تعود إلى جذور علمانية عسكرية تتغلغل في الثقافة السياسية الإسرائيلية منذ عقود.

وقال ليفي في مقاله إن الحديث المتزايد عن سيطرة مجموعات يمينية متطرفة وذات ميول دينية على الحكومة الإسرائيلية، هو "تحليل سطحي" للحرب.

ويعتبر أن القوى المحركة لهذه الحرب ليست مدفوعة بمساعٍ دينية كما يروج لها، بل تتصدر المشهد مؤسسات عسكرية ومجموعات علمانية تسعى لتحقيق أهداف إستراتيجية دون الالتفات للعواقب السياسية.

وأحد أبرز النقاط التي طرحها ليفي لتبرير تقليله من أهمية التيارات الدينية، التي تؤثر بشكل كبير على سياسات الحكومة الإسرائيلية، هو قوله إن "القيادات العسكرية التي تشرف على العمليات الجوية والاستخباراتية، بما في ذلك المشاريع التكنولوجية المتطورة، هي قيادات علمانية وليست مشحونة بالدوافع الدينية أو الولاءات لحكومة نتنياهو".

وأضاف "هذه القيادات تنتمي في معظمها إلى الوسط واليسار العلماني في إسرائيل، ولكنها مع ذلك كانت مسؤولة عن القصف المكثف في غزة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، والذي تسبب في سقوط آلاف الضحايا من المدنيين الفلسطينيين".

حماس الانتقام

وانتقد المحلل الإسرائيلي بشدة ما وصفه بـ"حماس الانتقام" لدى بعض أعضاء هذه الفرق، قائلا: "تلك الرغبة في الانتقام ليست مقتصرة على الفئات الدينية أو اليمينية المتطرفة، بل إنها تمتد لتشمل أيضا قطاعات من العلمانيين"، وهذا يعكس، وفقا له "مزيجا من القومية والميل العسكري الذي يخترق كل أطياف المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك المثقفون والقيادات السياسية في الوسط واليسار".

ولفت ليفي النظر إلى أن شعار "القضاء على حماس" الذي تتبناه الكثير من الأوساط السياسية، بما فيها المثقفون من اليسار، هو ما دفع الحكومة إلى تبني أهداف غير واقعية من الناحية السياسية. وأضاف أن "الجميع يصمت" أمام هذه الأهداف، حتى من كانوا يعارضون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في السابق، عندما يصر الجيش على تنفيذ خططه العسكرية.

مسؤولية الإعلام

ولا تقتصر انتقادات ليفي على المؤسسات العسكرية أو السياسية، بل تمتد لتشمل وسائل الإعلام الإسرائيلية التي وصفها بأنها "اتبعت بشكل أعمى أجندة الحرب وتجاهلت إلى حد كبير الأضرار والدمار الذي لحق بالمدنيين في غزة".

وهذه التغطية الإعلامية، وفقا له، "ليست نتيجة لهيمنة دينية أو توجهات يمينية متطرفة، بل هي جزء من ثقافة عسكرية تضع الأولوية للقدرة العسكرية والتكنولوجية على حساب الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية".

وفيما يتعلق بالجبهة الشمالية، قال ليفي إن "التصعيد مع لبنان لم يكن مدفوعا بضغوط من وزراء اليمين المتطرف في الحكومة، بل جاء نتيجة للمنطق العسكري التقليدي الذي يفصل بين الأهداف العسكرية والسياسية"، مشيرا إلى أن "الجيش الإسرائيلي، متحمس بتفوقه التكنولوجي والعسكري، مضى قدما في تنفيذ هذه العمليات دون أن يتوقف ليفكر في العواقب السياسية على المدى الطويل".

وأكد ليفي أن حرب الإبادة على غزة ليست مجرد أداة في يد نتنياهو لخدمة أهدافه السياسية، بل إنها تنبع من "ثقافة سياسية إسرائيلية علمانية تعمقت وتجذرت على مر السنوات".

وأفاد الكاتب أن الطبقة العلمانية، وخصوصا "الشريحة البيضاء"، تحاول الآن "التبرؤ من المسؤولية عن النتائج الكارثية للحرب على المستويين الأخلاقي والإستراتيجي، لكنها في الواقع تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية".

واختتم ليفي مقاله بتحذير واضح: "يجب على هذه الفئة أن تواجه نفسها وتتحمل مسؤولية الدماء التي سفكت والتي ستُسفك"، مشيرا إلى أن "تبرئة الذات لن تخفف من تبعات الحرب على إسرائيل ولا على المنطقة كلها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

المولوي: الغارات التي تطالُ بيروت إجرامية ولبنان لا يقبل بانتهاك سيادته

قال وزير الداخلية بسّام المولوي، اليوم الإثنين، إن الغارات الإسرائيلية التي تطالُ بيروت "إجرامية"، مشيراً إلى أن لبنان لا يريد الحرب والآمال معقودة على وقف إطلاق النار، وأضاف: "العدو الإسرائيلي يُمعن في تدمير المباني واستهداف المدنيين وهناك مناطق عديدة في بيروت لم تعُد آمنة بسبب الغارات الإسرائيليّة".    وفي حديثٍ عبر قناة "الجديد"، ذكر المولوي أنَّ المسودة الأميركية تؤكد تطبيق القرار 1701، مشيراً إلى أنَّ "الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان والإدارة الأميركية تضغط بكل صدق وجدية للوصول إلى وقف لإطلاق النار"، وتابع: "نعوّل على المجتمع الدولي في مواصلة ضغطه على العدو الإسرائيلي للقبول بتطبيق القرار 1701 الذي يمثل الشرعية الدولية ولبنان يتقيّد به".   وأكمل: "الدولة اللبنانية لا تقبل بإنتهاك سيادتها ونعدّ العدة لانتشار الجيش في جنوب لبنان، والتصعيد الإسرائيلي الأخير هدفه الضغط على لبنان ونحنُ لا نفهم ولا نتفهم خرق إسرائيل للسيادة اللبنانية".   وأضاف: "لا نُفرط بالتفاؤل في ظلّ الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للبنان وخصوصاً عمق بيروت والمناطق الأخرى، تطبيق القرار 1701 يستوجب وقف الاعتداءات على جنوب لبنان والعدو الإسرائيلي خرق هذا القرار آلاف المرات ولبنان ملتزم بنشر الجيش في الجنوب".   واعتبر المولوي أن أحد أهداف العدو الإسرائيلي هو إحداث فتنة داخلية في لبنان، مشيراً إلى أنَّ هذا الأمر لن يحصل ولا يجب أن يحصل، وأضاف: "اللبنانيون احتضنوا بعضهم وعدد الإشكالات في المناطق خلال فترة الحرب لا تُذكر وجلها كانت بين النازحين حصراً، وتعليماتنا واضحة لسائر الأجهزة الأمنية للسهر على أمن اللبنانيين. كذلك، فإن القوى الأمنية موجودة في المناطق التي لا يزال المواطنون يمكثون ضمنها في جنوب لبنان".   وتابع: "هاجسنا الأول هو الحفاظ على المؤسسات الأمنيّة اللبنانية وهناك عدة اقتراحات قوانين موجودة في البرلمان يجري العمل عليها للوصول إلى اقتراح موحد يحافظ على الجيش وأدائه".   وأضاف: "ليس سراً أنه يجري العمل على التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة وهذا أمرٌ نجده في هذه المرحلة لاسيما الحرب ضرورياً".   وختم: "إن تطبيق إتفاق الطائف يُخرج لبنان من أزماته، وعندما يتوحّد اللبنانيون على فكرة يُكتب لها النجاح، كما أنه لبناء الدولة يجب احتضان كل اللبنانيين وعدم استثناء أي مكوّن لبناني وهذا الوطن لا يقوم إلا على التوافق والتضامن والتماسك والوحدة".


مقالات مشابهة

  • العاهل الأردني يؤكد ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان
  • المولوي: الغارات التي تطالُ بيروت إجرامية ولبنان لا يقبل بانتهاك سيادته
  • الرئيس السيسي يطالب بالتحرك لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان
  • مصطفى خليل رئيس الوزراء الذي غير الحياة السياسية بمصر.. لماذا رفض كتابة مذكراته؟
  •  اللواء أسامة محمود: الحريديم يرفضون الخدمة العسكرية خوفا من القتل في غزة ولبنان
  • باحثة: لبنان تحول لمسرح للعمليات العسكرية بسبب الهجمات الإسرائيلية
  • اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية واليهود المتشددين الرافضين للخدمة العسكرية
  • مقتل شخص وإصابة 3 آخرين في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت رأس النبع وسط بيروت
  • رئيس وزراء العراق يؤكد أهمية وضع حد للحرب التي تستهدف غزة ولبنان
  • جدعون ليفي: هكذا غدا التطهير العرقي والقتل الجماعي قيمة عليا في إسرائيل