حسابات خاطئة: ماذا لو انخرط الخليج في الصراع الإيراني الإسرائيلي؟”
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
20 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، تبدو العلاقات السعودية الإيرانية على مفترق طرق.
ومنذ اتفاق الوفاق بين الرياض وطهران في مارس 2023، شهدت العلاقات تحسناً ملحوظاً، وهو ما ساهم في تقليل التوترات في الخليج.
ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في الصراع الإيراني الإسرائيلي تشكل تهديداً لهذه العلاقة، خاصة مع تصاعد العنف في لبنان وغزة.
إيران تواجه اليوم تحدياً وجودياً يتمثل في الضربات الإسرائيلية على حزب الله، حليفها الأكثر أهمية في “محور المقاومة”، إضافة إلى التهديدات المحتملة من إسرائيل.
وعلى الرغم من رغبة طهران في الحفاظ على الانفراج مع دول الخليج، إلا أن التصعيد العسكري قد يدفعها إلى اتخاذ مواقف أكثر عدائية إذا ما شعرت بأن الدول الخليجية قد تنخرط في أي دعم مباشر أو غير مباشر للعمليات العسكرية الإسرائيلية أو الأميركية ضدها.
من جهة أخرى، تحاول دول مجلس التعاون، بقيادة السعودية، الحفاظ على التوازن الدقيق بين دعم الاستقرار في المنطقة وتجنب الانخراط في صراع مفتوح مع إيران.
ولقد أوضحت الرياض وشقيقاتها الخليجيات أنهن لن يتورطن في أي عمل عسكري ضد طهران، وهو ما يعكس رغبة في الحفاظ على الأمن الاقتصادي والسياسي، خاصة بعد تجربة هجمات أرامكو عام 2019 التي أبرزت قدرة إيران على توجيه ضربات قوية للبنية التحتية النفطية.
في هذا السياق، تبرز عدة محاور للخلاف المحتمل بين السعودية وإيران.
الأول هو كيفية التعامل مع التصعيد الإسرائيلي الإيراني اذ ان إيران قد تلجأ إلى الضغط على دول الخليج لعدم السماح باستخدام أراضيها أو أجوائها لأي عمليات تستهدفها، وهو ما قد يضع الدول الخليجية في موقف صعب إذا ما تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى.
المحور الثاني يتعلق بالتحالفات الإقليمية حيث إيران تسعى إلى منع توسع اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وهي ترى في تعزيز علاقاتها مع السعودية وسيلة للحد من هذا النفوذ. في المقابل، قد تجد السعودية نفسها في موقف معقد، حيث ترغب في تحسين علاقاتها مع إيران ولكن دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.
أما المحور الثالث فهو مرتبط بالصراعات في غزة ولبنان.
طهران تسعى إلى حشد دعم خليجي لوقف إطلاق النار في هذه المناطق، لكنها تدرك أن السعودية وغيرها من دول الخليج قد تكون مترددة في الانخراط العميق في هذه الصراعات، خاصة إذا ما رأت أن دعم إيران لهذه الأطراف يزيد من حدة الصراع ولا يساهم في تهدئته.
على المدى البعيد، قد يشهد الانفراج بين السعودية وإيران تحديات كبيرة إذا لم تتمكن الدولتان من إيجاد أرضية مشتركة حول القضايا الأمنية الإقليمية فيما إيران ستظل تسعى للحفاظ على علاقاتها مع دول الخليج، ولكنها في الوقت نفسه ستواصل الدفاع عن مصالحها في مواجهة التهديدات الإسرائيلية. وفي حال شعرت طهران بأن الخليج يتجه نحو دعم التحالف الأميركي الإسرائيلي ضدها، فقد تتخذ خطوات انتقامية، بما في ذلك استهداف المصالح الاقتصادية الحيوية في الخليج.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: علاقاتها مع دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني الإرادة السعودية؟
كتب رئيس التحرير : عبدالله الحارثي
يسأل المرء في كثير من الأحيان.. كيف حدثت كل هذه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية في أقل من عقد من الزمان.. كيف أصبحت المملكة وجهة سياسية واقتصادية ومصدر ثقل إقليميًا ودوليًا!؟
مهما تعددت الإجابات، تبقى الوصفة السحرية في السعودية واحدة؛ وهي الإرادة. هذه الإرادة التي جسدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، التي أخذت السعودية إلى مصاف دول العالم الأول بكل ثقة واقتدار.
ونحن اليوم في الذكرى الثامنة لبيعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يمكن أن ترى حجم الإنجازات العميقة للمملكة العربية السعودية، وهي تسير بخطى متوازنة سياسية واقتصادية واجتماعية؛ إذ تحولت المملكة خلال الأعوام الماضية إلى نقطة جذب للعالم الخارجي ومحط الأنظار؛ نظرًا للتحولات والإنجازات المذهلة، التي باتت حديث دوائر القرار الغربي، وكذلك آسيا التي أصبحت الجناح الثابت في السياسة السعودية الخارجية.
على المستوى السياسي، أصبحت المملكة ماركة سياسية- ليس على المستوى الإقليمي- بل ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ نتيجة القراءات السياسية العميقة الحكيمة لكل ما يدور في هذا العالم، ويعود ذلك إلى المبادئ الناظمة للسياسة الخارجية السعودية، وهذا ما حرص سمو ولي العهد على ترسيخه وتعزيزه مع قادة العالم؛ إذ يحظى باحترام وتقدير جميع الأوساط السياسية والشعبية في العالم.
فما زالت المملكة العربية السعودية على الثوابت والمبدأ، التي بذل قادتها منذ تأسيس هذه البلاد، واستمرت الجهود؛ من أجل أن تقوم وتصل إلى هذا المستوى، نجد أن الحصاد السعودي ضخمًا وعميقًا للغاية؛ إذ تتبوأ المملكة مواقع متقدمة على المستوى السياسي والاقتصادي، وحضورًا لافتًا على المستويات الأخرى.
هذه المبادئ السياسة، لم تمنع السعودية من خطوات التغيير والتحديث بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن السؤال، كيف أحسنت هذه الدولة قيادة دفة التغيير بكل ثقة واقتدار، وكيف باتت حاضرة على المسرح الدولي بشكل منقطع النظير.. كيف يجري كل ذلك في ظل الحفاظ على الجوهر السعودي، وبهذه السرعة!؟
الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالإرادة السياسية، والرؤية الثاقبة للمستقبل، التي وضعها سمو ولي العهد، وكيف يمكن اتخاذ خطوات قوية وواثقة، هذا ما عمل عليه، وحرص على جعل المستحيل ممكنًا، فخلال العامين المنصرمين، مرت السعودية بمحطات حاسمة؛ وفق رؤية 2030، التي حولت السعوديين -عمومًا- إلى عقليات من نوع جديد؛ تؤمن بالتغيير الإيجابي والبناء لهذا الوطن- أحد ركائز الشرق الأوسط وثوابت استقراره. وأصبح طموح السعوديين عنان السماء. وعد ولي العهد؛ فأوفى وتحولت الأقوال إلى أفعال.
تدرك السعودية أن النجاح السياسي يكمن في التوازن بالعلاقات الدولية والتنوع، وهذا يتطلب علاقات وطيدة مع كل الدول الفاعلة في العالم؛ لذا لم تعتمد السعودية على العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية فحسب؛ بل رسخت مبدأ تنوع العلاقات السياسة في الشرق والغرب، ويرى المتابع الآن أن العلاقات السعودية الصينية في قمة التنسيق والتفاهم على المستوى السياسي والاقتصادي، زد على ذلك العلاقة مع جمهورية روسيا الاتحادية، التي تقف في المسرح الدولي على الضفة الأخرى من السياسة الأمريكية، ومع ذلك تمتلك المملكة العربية السعودية علاقات متوازنة مع كل الأطراف الدولية، على مبدأ احترام الخيارات السياسية والمصالح المشتركة.
ويمكن القول: إن أكثر المبادرات السياسية قبولًا في المرحلة الراهنة هي المبادرات السعودية السياسية، التي بدت وكأنها الدولة المتفق عليها عالميًا، خصوصًا في النزاعات الكبرى؛ مثل النزاع الروسي الأوكراني، حيث بدأت السعودية الدخول في هذا الميدان منذ العام 2023، حين دعت الرئيس الأوكراني فولديمير زيلنسكي إلى القمة العربية في جدة، إضافة إلى عقد السعودية قمة خاصة بالحرب الروسية الأوكرانية في العام ذاته، ومن هنا بدأ عملاق الدبلوماسية السعودي يدخل من أجل إرساء عالم متوازن، يسوده السلام من أوروبا إلى آسيا، وما هذا إلا دليل على أن سمو ولي العهد، هو الشريك الموثوق به، ويحظى بتقدير الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية روسيا الاتحادية؛ كونه صانع سلام واستقرار للمنطقة والعالم، ومقدرة المملكة على نزع فتيل الأزمات؛ بما تملكه من ثقل سياسي ودبلوماسي واقتصادي.
وعلى الرغم من الامتداد السياسي للمملكة على مدى السنوات الماضية، ودورها الحالي في تقريب وجهات النظر بين روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، ونجاحها في عقد قمم في هذا الإطار، إلا أن العمق العربي للسعودية ما يزال حاضرًا من سورية إلى العراق، مرورًا باليمن، اختتامًا بالقضية الفلسطينية، التي ما زالت القضية الأساسية والمركزية للسعودية.
نعم القضية الفلسطينية؛ هي الملف الأكثر حضورًا في الدبلوماسية السعودية في المحافل الدولية؛ إذ تعتبر المملكة هذا الملف أولويتها من منطلق إسلامي وعروبي، وكذلك من واجبها حيال قضايا الحق، ولعل الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وبيان الخارجية السعودية العميق، الذي أكد على حق الفلسطينيين والإسرائيليين معًا في العيش ضمن دولتيهما، وضرورة خفض التصعيد؛ منعًا لأي انزلاقات عنيفة على مستوى المنطقة، يثبت مصداقية، وبُعد النظرة السياسية السعودية لشرق أوسط آمن خالٍ من العنف، وقادر على العيش بأمان.
وقد قدمت المملكة العديد من المبادرات السياسية حول القضية الفلسطينية؛ منها مبادرة السلام في العام 2000، التي أصبحت نقطة توافق لدى كل القوى العالمية، فضلًا عن أدوار سياسية إيجابية لعبتها السعودية في أكثر من دولة عربية.
لقد رسمت السياسة السعودية في السنوات الثماني الماضية خطوطًا سياسية كدولة عظمى لها امتداد إقليمي ودولي؛ لذا من يراقب المشهد الشرق أوسطي، يرى دور السعودية الواضح في دعم القيادة السورية الجديدة؛ من أجل مصلحة الشعب السوري، واستضافت المملكة في فبراير الماضي اجتماعًا دوليًا من أجل إنقاذ الشعب السوري، وهي مستمرة حتى الآن في دعم القضايا العربية وشعوبها، من منطلق أن السعودية هي عمق العالم العربي والإسلامي والعكس صحيح.
ومرة أخرى، يسأل المرء.. كيف للسعودية أن تتعامل مع كل هذه القضايا، وكيف لها أن تنجح في القيادة على المستوى الإقليمي والدولي، وحتى الداخلي؟ لا جواب سوى الإرادة السياسية والمصداقية، التي تتمتع بها السعودية على مدى عقود، إلى أن جاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان؛ ليجعلا المملكة في المكان الصحيح، وعلى الطريق الصحيح.