فيلم المادة.. مزيج من الغرائبية والفانتايزيا في حياة فتاة الاستعراض
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
امرأتان تتكاملان في مواجهة قدرهما من خلال الاستبدال الذي يفضي بهما إلى الكارثة
يحضر الزمن بقوة عاملا مهما وفاعلا في المشهد السينمائي ويتعدى مجرد كونه قوة تقسم من خلالها مسارات الأحداث ونمو الدراما وتدفق السرد الفيلمي إلى كونه تحديا وجوديا استثنائيا يدفع بالشخصيات إلى مواجهات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تحديات مصيرية في محاولة التلاعب بالزمن أو مقترباته أو السعي لتغيير مساره بشكل ما، ومن هنا انشغلت السينما مبكرا بهذا العنصر المهم وشهدنا العديد من الأفلام السينمائية التي يطغى عليها هذا العامل الحيوي الخطير ويحضر في ذهني فيلمان هما الحلقي – للمخرج رايان جونسون والقضاء والقدر للمخرجين مايكل وبيتر سبيرج وهما فيلمان نوعيان يلامسان كل الإشكاليات التي تحدثنا عنها وبالطبع هما فيلمان يشكلان امتدادا لنوع فرعي من الأفلام التي تعنى بقضية الزمن.
وفي هذا الفيلم للمخرجة الفرنسية كورالي فارغيت تبدو المقاربة مختلفة فيما يتعلق بالزمن من منطلق أن التحدي يتعلق بتقدم السن الذي تبدو آثاره على نجمة الايروبيك والاستعراضات المشهورة اليزابيث سباركل، تقوم بالدور الممثلة المعروفة ديمي مور، فهي في ذروة شهرتها تشعر أن تلك الماكنة الإعلامية الرأسمالية الضخمة تبحث عن جيل جديد يكون بديلا عنها، جيل يدرك طبيعة الزمن المعاش وإيقاعه، وفي وسط تلك التساؤلات تنقلنا المخرجة إلى إشكالية جديدة تتعلق بقهر الزمن من خلال الاستنساخ.
ها هي اليزابيث تتلقى عرضا لتغيير حالها وتجديد شبابها وهكذا تتابع الخطوات التي يرشدها إليها شخص مجهول يترك صناديق صغيرة فيها إرشادات وحقن طبية، وها هي وحيدة تنقل نفسها إلى عالم مجهول فبمجرد حقن نفسها بحقنة تجديد الحياة تكون قد انتقلت إلى عالم آخر وهنا سوف ننتقل إلى مساحة خيالية وفانتيازيا مفضية إلى الرعب والخيال العلمي، إذ ينشق ظهرها ليخرج الكائن البديل أو نسخة منها وإذا النسختان تتجاوران وهما ممددتان في فضاء من السيراميك الأبيض فيما يشبه غرفة حمام واسعة تضم الشخصيتين الأسيرتين بين يدي المجهول وهن لا يعرفن عن مصيرهن.
هذه التحولات الجذرية في حياة الشخصية يقابلها نسيج بصري غزير أصبحت فيه كثير من المشاهد ذات عمق لوني وشكلي ملفت للنظر وهو ما برع في تقديمه مدير التصوير بنجامين كراكون بالإضافة إلى الإدارة الفنية المتقنة والتي أسهمت في تقديم خطاب بصري نقلنا إلى نوع من الفانتازيا والغرائبية التي سيطرت على الشخصيتين.
تقابل ذلك هالة من السخرية من أولئك الذين يتحكمون بصناعة النجوم وكيف أطلقوا اليزابيث وكيف تناسوها وكيف تبنوا "سو" – الشخصية المستنسخة التي تتدفق شبابا، وهم ثلة من حملة الأسهم والأثرياء الذين كل همهم تحقيق الأرباح بالاستثمار في النجوم ونشر ملصقات ضخمة لإطلالتها.
إنه حقا مزيج تعبيري مدهش زاد من جماليته الاستخدام الملفت للمونتاج والانتقالات المكانية والزمانية الحادة إذ ليس بالضرورة أن تراعي المخرجة السلاسة البصرية في المشاهدة بل كانت هنالك انتقالات مفاجئة وقطع حاد في الانتقال ببين الأزمنة أو في لقاء الشخصيتين أو حاجة كل منهما إلى الأخرى في إطار أخذ الأدوية والحقن المشتركة وما يسري في عروقهما بشكل مشترك.
وفي هذا الصدد تتحدث الناقدة مونيكا كاستيلو من موقع روبرت ايبرت،
قائلة إنه "كما حدث مع فيلمها الأول "الانتقام"، تقدم المخرجة فارغيت عملا إبداعيا محكمًا يركز على عدد قليل جدًا من الشخصيات ومن خلال تعاون ملفت مع فريق عمل متميز وخاصة من يقف خلف الكاميرا أي مدير التصوير السينمائي بنيامين كراكون، الذي قدم عالما بصريا من الألوان الوردي والأزرق الصارخ حتى أنه حول بعض المشاهد إلى لوحات لونية جريئة ومشرقة استكملتها الأزياء من تصميم إيمانويل يوتشنوفسكي، التي تدمج المزيد من الألوان والمواد الجذابة لتشكيل جانب من جوانب كل شخصية على حدة".
ولعل ما يمكن التوقف عنده بصدد الأداء المتميز للممثلة الكبيرة ديمي مور تلك المرأة التي تكافح كراهية الذات، ومعاملة المجتمع لها، ومحاولة قهرهم جميعا وتخطي عنصر الزمن وعامل السن من خلال استخدام ذلك العقار السحري.
يقول الناقد اليكس لافينسون في موقع ريفيو، "إنه فيلم يتدفق بالألوان، مميز، ساخر، استفزازي، دموي ومثير للاشمئزاز في بعض الأحيان وهي كلها كلمات يمكن استخدامها لوصف هذا الفيلم الذي فيه الرعب الجسدي الغريب الذي يقوم على تصوير تدمير المرأة لنفسها تحت الضغط الذكوري، ويجري ذلك بطرق درامية ساخرة إذ لا يستغرق الأمر وقتًا طويلا حتى تظهر تجربة سباركل مع المادة كرعب جسدي كامل، مليء بكمية وفيرة من الدماء، والعنف المواجه وإساءة معاملة الذات".
بالطبع في قسم آخر من الفيلم تعمد المخرجة إلى إيجاد خط سردي يغادر منطقة الفانتازيا والغرائبية إلى الصدمة البصرية مما لا ينصح به لذوي القلوب الضعيفة من قبيل شق قسم كبير من الجسد وعمليات الخياطة ثم بدء المسخ الذي سوف يضرب اليزابيث ويحولها إلى كائن غريب وهما صورتان صادمتان ما بين اليزابيث النجمة الجميلة المتدفقة حياة وحيوية إلى تلك العجوز المتهالكة التي تشوه جسدها ومع ذلك ها هي تلبس المعطف الأصفر نفسه والنظارة الشمسية السوداء لتخرج من جديد.
هذا التحول تمعن فيه المخرجة تفصيلا وغرائبية ولا معقولا عندما تقع تشوهات خطيرة في الجسد وخاصة عندما تتحول اليزابيث إلى كومة من اللحم التي لا تنتظم في شكل كائن بشري وهو ما سوف تظهر عليه في الحفل الختامي وحيث ينتظرها صانعو النجوم بفارغ الصبر بالإضافة إلى جمهور ضخم اكتظت به الصالة ولكن ها هي اليزابيث تقلب العرض رأسا على عقب وتتحول المشاهد على الخشبة وأمام الجمهور العريض إلى سريالية ووحشية مسرفة وهو ما يعيدنا إلى ذلك النوع من الأفلام التعبيرية الصادمة من مدرسة بازوليني وسكوليموفيسكي وغيرهما.
هذا القسم الأخير من الفيلم أزاح تلك الجماليات التي تحدثنا عنها فيما سبق، وصرنا أمام مظاهر صادمة وتوقف النمو السردي والتعبيري بالتزامن مع قرار اليزابيث التوقف نهائيا عن المضي في أخذ الجرعات السحرية التي تشبه تأثير الخلايا الجذعية التي تسرع النمو وهي سعادة ترتبط بتوقف الشيخوخة وتعطل الإحساس بتقدم السن في مقابل دور سو الشابة المكملة والنصف الثاني لاليزابيث وها هما تعصفان بحياة بعضهما.
• حاز على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي الدولي - 2024
• ( لا ينصح بالمشاهدة العائلية ولا ذوي القلوب الضعيفة).
..
إخراج/ كورالي فارغيت
تمثيل/ ديمي مور – اليزابيث سباركل، مارغريت كوالي – سو، دينيس كويد - هارفي
مدير التصوير/ بنجامين كراكون
موسيقى/ رافيرتي
تقييمات/ آي ام دي بي 8 من 10، روتين توماتو 90%، ليتربوكس 4 من 5،
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
رئيس الهلال حضوراً..!
تأمُلات
كمال الهِدَي
. تابعت الفيديو الذي صوره رئيس نادي الهلال السوباط من (حديقة) البيت الأبيض فزادت حسرتي على نادي الحركة الوطنية، هلال الملايين.
. على المستوى الشخصي لا يجذبني اللمعان الزائف، وأرى دائماً أن كل من يحترم نفسه لابد أن يبجل أي مؤسسة ينتمي لها.
. والهلال بالنسبة لي (كان) مؤسسة محترمة وذات إرث ثري لا فريق كرة قدم والسلام.
. ولهذا ظللت أشعر بالأسى منذ أن تولى أمره رويبضات هذا الزمن ورجال مال يدرك غالبية الأهلة من أين يجنون أموالهم، وكيف صاروا أرقاماً في هذا الزمن الأشتر، لكنهم، أي الأهلة يصمون آذانهم عن كل ذلك طالما أن هناك من يجلب لهم المحترفين الأجانب (متوهمين) أن هذا هو المُنتهى، وأن الهلال سوف يتسيد القارة الأفريقية كروياً.
. والمحزن في الأمر حد الفجيعة أن الأموال تأتي من أنشطة تساهم في قتل أهلنا ودمار بلدنا، فكيف يثيرنا البريق الزائف لهذه الشخصيات لمجرد أنهم ينفقون على نادٍ أسسه الرعيل الأول من الأهلة لكي يكون منارة ومنصة لمناهضة المستعمر ونحن من يتكلمون عن ثورة الوعي!
. كيف أكون واعياً وثورياً. مناهضاً لحكم العسكر وفي ذات الوقت أقبل بأن يتولى شأن واحد من أعظم أندية البلد جوكية وخُدام هؤلاء العسكر، هذه حالة تستوجب الدراسة إن لم تتطلب معالجات نفسية، فهو تناقض لا يُفهم إطلاقاً.
. ويمضي بعض المضللين لأبعد من مجرد الصمت تجاه هذا الوضع غير السليم بإنخراطهم في مبادرات الغرض منها إضفاء المزيد من الزخم علي ما يجري في الهلال وتخدير وإلهاء المزيد من جماهيره.
. فمبادرة (دولار الهلال) التي أطلقها البعض في الزمن الخطأ لم يكن هدفها إطلاقاً جني المال، فالمال متوفر بكثرة من الأنشطة التي تساهم في قتل السودانيين ودمار الوطن كما أسلفت.
. وكثيراً ما سألت: كيف ولماذا تضاعف الصرف علي الهلال عشرات المرات في زمن الحرب، فالطبيعي أن يعاني أي رجل أعمال في مثل هذه الظروف إن لم يكن متكسباً من الحرب!
طرحت هذا السؤال عشرات المرات لكنه يقع على آذان صماء لأن الكثيرين يبحثون عن الفرح الزائف ولو كلفهم ذلك التخلي عن المباديء وهو ما يتعارض تماماً مع فكرة أن تكون ثورياً.
ما دعاني اليوم لخط هذه السطور هو أن الفيديو الذي صوره السوباط من حدائق البيت الأبيض إستفز عقلي ففيه إستخفاف بعقول الناس وإعتراف ضمني بأن الرجل يتكسب من خدماته للجيش ونفاقه وكذبه على قادة هذه المؤسسة وعلى البسطاء من شعبنا.
. فقد ذكر السوباط أنه شارك في تنصيب ترمب كشخصية (مستقلة) مضيفاً أنه إلتقى بوزراء أمريكيين لكي يوضح لهم أن الحرب تجري في السودان بين قوات مسلحة تمثل رمز الدولة وقوات متمردة.
. قبل أن أكمل الفيديو ترحمت كثيراً على الطيب عبد الله وعبد المجيد منصور، وسألت الله طول العمر والعافية لطه البشير والسماني وآخرين من الرجال القامات الذين أداروا الهلال في وقت مضى.
. ولعنت هذا الزمن الأغبر الذي صار فيه من اليسير على كل من هب ودب أن يصبح إدارياً كبيراً في هذا النادي العريق، طالما توفر له المال (الساهل) ووظف عدداً من أرزقية الإعلام و (المطبلاتية).
. فقد كشف السوباط دون دراية منه عن أهداف تمثيليته (البايخة).
. إذ كيف وصلتك دعوة كشخص (مستقل) لحضور تنصيب ترمب! ومن تكون حتى تصلك الدعوة أصلاً! هل لأن ترمب (هلالابي) أسعدته إنتصارات الأزرق الأخيرة، أم ماذا!
. نحن لسنا رجرجة ودهماء يا سوباط لكي تنطلي علينا مثل هذه التمثيليات وهذا الحديث الأجوف.
. فات عليك أن من لم يموتوا فقد (شقوا) المقابر.
. وليس صعباً علي أي مواطن أمريكي أو زائر أن يحضر مثل هذه المناسبات من حدائق البيت الأبيض، أو أي ساحة تتوفر فيها لافتات ليقف أمام أي منها ويسجل من الفيديوهات ما يشتهي.
. قلت أنك إلتقيت عدداً من الوزراء الأمريكيين وقدمت لهم إيجازاً عن الحرب الدائرة في السودان، دون أن تسمي لنا من هم هؤلاء الوزراء الذين إلتقيتهم!
. ولأن السوباط رجل كثير المال وبسيط الفهم توهم أن الأمريكيين لا يعرفون أن من صنع هذه القوات المتمردة ومكنها من ثروات وموارد السودان هي القوات المسلحة التي تمثل (رمز البلد) حسب وصفه.
. وكشف بسذاجته عن ميوله السياسية ورغبته في إستمرار الحرب التي يتكسبون منها جميعاً، فليس هناك (مستقلاً) غيرك أجهد نفسه بتمثيل مثل هذا التمثيلية (البايخة).
. وفات عليه أيضاً أن هؤلاء الأمريكيين يدركون أن مجلس الأمن عندما أراد في وقت مضى تصنيف (الجنجويد) كمليشيا متمردة فإن أول من وقف أمام مشروع القرار ذاك هو مندوب حكومة الكيزان الذين ينتمي لهم السوباط (المُستقل) - الذي يبدو لي أنه كان يريد االقولأنه شخص (مُستغِل) - لكنه خلط بين الحرفين ولم يميز بين (القاف) و (الغين).
. فهو ونائبه وعدد من مجلس إدارته يستغلون إسم الهلال وجماهيره العريضة لجني المزيد من المال والشعبية لتنظيم دمر هذا البلد وأذل أهله وجرف عقول الملايين منهم.
. ولأن هناك دائماً أرزقية وإعلاميين لا يهمهم سوى المال فقد سارعت حائطية ( الكرامة) لإصدار مانشيت ساخناً حول حضور السوباط المفترض لحفل تنصيب ترمب.
. وبالطبع ستحذو حذو الكرامة التي يقبض إعلاميوها رواتبهم من السوباط كل من صحيفة وقناة الزرقاء وستتابعون تطبيلهم وخداعهم للناس بهذه التمثيلية البايخة، فأغلبهم يقبضون من الرجل ولذلك سيهمهم كثيراً إرضاء ولي النعمة مثلما سعى هو لإرضاء ولي نعمته (البرهان) وبقية الكيزان المؤثرين.
. هو ياخي إنت لولا عصر الانحطاط الذي نعيشه ما كان من الساهل أن تمر من أمام نادي الهلال دع عنك أن تترأسه داير كمان تدخل البيت الأبيض كمدعو رسمياً لحضور حفل تنصيب رئيس أمريكي!!
. ولعبة إلتقاط الصور مع بعض الشخصيات التي رتبها لك طارق حمزة (الشفت) فيما يبدو لن تنطلي علينا هي الأخرى.
. فأمريكا أيضاً بها أرزقية وشخصيات (خفيفة) من شاكلة تلك المرأة التي تجوب القنوات كمسئولة سابقة مفترضة لتلميع جيشكم وجماعتكم الفاسدة.
. فأحترم عقولنا يا سوباط ويكفي أنك جلبت شريكك العليقي لكي تتراسا الهلال معاً بقولك له أنك لا تفهم في الكرة شيئاً ولابد أن يكون بجوارك في المجلس كمشجع نشط ووجدتما من الأقلام الرخيصة من يطبلون لكما.. يكفي ذلك فلا (تقرفنا) أكثر.
kamalalhidai@hotmail.com