ترينتو – هل ينجح الذكاء الصناعي في معالجة ما عجز عن حله "الذكاء البشري" في أزمة التغير المناخي التي تهدد حياة ملايين البشر في مختلف أصقاع العالم؟ سؤال حاول الإجابة عنه المشاركون في مؤتمر التغير المناخي المنعقد في مدينة ترينتو شمالي إيطاليا، إضافة إلى مناقشة محاور أخرى.

وتصب موضوعات المؤتمر كلها في خانة إيجاد نموذج استدامة ناجع يقلص إلى حد كبير من آثار التغير المناخي سواء على مستوى الزراعات الغذائية أو ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تهدد القطبين المتجمدين وغابات الأمازون والمحيطات.

الذكاء الاصطناعي والمناخ

في إحدى جلسات المؤتمر، ناقش خبراء من مختلف الاختصاصات إمكانية الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي للتقدم بعلوم المناخ من خلال تحسين عمليات الاستشراف والتتبع، ومراقبة انحسار الغابات، والتعامل مع كم هائل من البيانات.

لكن اللافت في هذا الموضوع هو أن الذكاء الاصطناعي يعدّ من أكبر المستنفدين للطاقة بسبب مراكز البيانات والمخازن التي تستهلك سنويا من الكهرباء ما يفوق ما تنتجه دولة مثل إيطاليا أو أستراليا خلال الفترة ذاتها، بحسب خبراء.

وهذا ما يطرح عددا من الأسئلة حاول المشاركون في الجلسة الإجابة عنها، ومن بين هذه الأسئلة: كيف يمكننا الاستفادة بأقصى حد ممكن من الذكاء الاصطناعي مع الحد من آثاره السلبية على الكوكب؟ وما التشريعات الواجب إصدارها لضمان توزيع عادل لمكاسب ومصاريف الحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في معالجة أزمة التغير المناخي بين الجمهور والحكومات والشركات؟

وأجمع المتدخلون في الجلسة على أن الذكاء الاصطناعي يمكن فعلا أن يغير قواعد اللعبة في المعركة ضد التغير المناخي، لكن ذلك يتطلب رؤية ومسؤولية مشتركة من جميع الأطراف، وهو الحاجز الذي يقف أمام الاستفادة الفعلية من ثورة الذكاء الاصطناعي رغم العديد من المبادرات الناجحة وخاصة استخدام الطائرات المسيرة (الدرون) لجمع البيانات وزرع البذور ورش المبيدات بطريقة علمية دقيقة لا تؤثر على البيئة المحيطة.

وطرحت جلسة أخرى من جلسات المؤتمر المفارقة في صناعة الأغذية الزراعية، وكيفية تحويل المشاكل إلى فرص. وتكمن المفارقة في احتجاجات المزارعين في عدة مدن أوروبية ضد تشريعات الاتحاد الأوروبي بخصوص التغير المناخي التي شكلت محور الجدل في الانتخابات الأوروبية عام 2024، في الوقت الذي تعتبر فيه الزراعة من أكبر المتضررين من التغير المناخي.

واستعرض المشاركون في الجلسة آثار التغير المناخي على عدة أنواع من الصناعات الغذائية ودور الأخيرة في تفاقم ظاهرة التغير المناخي.

وفي هذا السياق، لاحظ المتدخلون أن الأغذية بمختلف أنواعها متسببة في التغير المناخي ومتأثرة به في الوقت ذاته. وطالبوا بتشجيع الاستثمارات في التكنولوجيا المتقدمة، وبترسيخ ممارسات أعمال مستدامة يمكن أن تحول هذا التحدي إلى فرصة للقطاع بأكمله.

الأحداث الكبرى والمناخ

ومن بين المسائل الأخرى التي لها أثر مباشر في التغيير المناخي الأحداث العالمية الكبرى مثل الألعاب الأولمبية ومنافسات كأس العالم.

وفي هذا الإطار، ناقشت جلسة بعنوان "الأحداث العالمية في القرن الحادي والعشرين والاستدامة كنموذج أساسي.. من باريس إلى كورتينا-ميلانو"، أحد أكثر المواضيع حساسية في الوقت الحالي وهو كيف أصبحت الاستدامة موضوعا مركزيا للأحداث العالمية، خاصة مع تحضير إيطاليا لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية القادمة في ميلانو-كورتينا؟

ولفتت الجلسة إلى أن أولمبياد باريس 2024 كان قد حدد هدفا طموحا لأن يكون أول حدث رياضي دولي محايد للكربون، ويروج لمبادئ "القيام بأقل" و"القيام بشكل أفضل". ومع ذلك، ثبت أن هذه الأهداف المستدامة لا تزال تواجه العديد من التحديات.

وفي ظل استعداد إيطاليا لاحتضان الألعاب الأولمبية الشتوية في ميلانو-كورتينا عام 2026، يتطلع الباحثون إلى الوصول لما وصفوها بـ"منهجيات عملية ومتقدمة نحو الاستدامة".

ويطرح هذا الحدث تحديات فريدة، ليس فقط لأنه ينظم في أماكن مختلفة، ولكن أيضا بسبب هشاشة النظام البيئي للمنطقة التي سينظم فيها الأولمبياد الشتوي. ونصح المشاركون بالتعلم من التجارب السابقة "لضمان أن تصبح الاستدامة إرثا، وليس فقط هدفًا لهذه الألعاب".

وحاول المؤتمر -على مدى 3 أيام- إعطاء دفعة جديدة للنقاش العالمي حول أزمة المناخ، والقيام بدور المحفز لأفكار جديدة، وتوفير الحلول لما يعدّه "الخطر الصحي الأكبر الذي تواجهه البشرية".

وشارك فيه باحثون وطلبة وسياسيون وخبراء في الاقتصاد وإدارة المدن، وقسّمت أعماله على مجموعة فرق تحاول الخروج بوثيقة موحدة في ختامها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی التغیر المناخی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي (رؤية المستقبل)

منذ بداية الحياة على كوكب الأرض، عمل الإنسان على عمارتها وتعلم العلوم ونقل المعرفة ونشرها بين مختلف الأجناس والأعراق. وفي كل عصر تنبثق علوم جديدة تذلل صعوبات الحياة وتسهل عيش البشرية، فعلى سبيل المثال، كانت الزراعة والصيد وتربية المواشي في الماضي هي أساس الحياة. ومع مرور الوقت ونمو العلم والتطور الفكري، ظهرت الاختراعات التي تسهم بعد توفيق الله عز وجل في تحسين جودة الحياة.

مع تقدم الحياة، بدأت البشرية بالتطور والتحضر، وانتقلت إلى الحياة المدنية الحديثة، مما أدى إلى ازدهار العلوم والأبحاث والإبداع والابتكارات، ولا سيما في مجال العلوم التقنية والصناعية التي ساعدت البشر في بناء الحضارة.

في القرن الحادي والعشرين، برز التقدم التقني والاختراعات التي كان لها عظيم الأثر في تحسين جودة الحياة، وبدأ التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو فرع من فروع علوم الحاسوب يهدف إلى إنشاء أنظمة قادرة على محاكاة الذكاء البشري. يشمل ذلك القدرة على التعلم، التفكير، الفهم، التعامل مع اللغة، حل المشكلات، واتخاذ القرارات. ويمكن تقسيم الذكاء الاصطناعي إلى نوعين رئيسين:

1. الذكاء الاصطناعي المحدود: وهو نوع من الذكاء الاصطناعي مصمم لأداء مهام محددة، مثل التعرف على الصور أو معالجة اللغة الطبيعية.
2. الذكاء الاصطناعي العام: وهو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يمتلك القدرة على فهم وتعلم أي مهمة عقلية يقوم بها البشر، ولا يزال هذا النوع في طور البحث والتطوير.

تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية، الرؤية الحاسوبية، وغيرها.
وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يواجه أيضًا بعض التحديات مثل مشكلات الخصوصية والأخلاقيات، بالإضافة إلى مخاوف بشأن استبدال الوظائف، فمن المهم التوازن في النظر إلى هذه التقنية، حيث إنها تقدم فرصًا جديدة، تتطلب أيضاً تأمين إستراتيجيات للحد من المخاطر المحتملة.

ما زال الذكاء الاصطناعي في تقدم هائل؛ فمنذ بدايته قبل سنوات مضت، بدأ يكبر ويتطور في كل عام. وهو الآن في مرحلة النمو، لكن الخدمات التي يقدمها تدهش العقول. فقد فاق البشر في جمع المعلومات وصناعة المنتجات، وبدأ يحاكيهم ليصبح مستشارًا لهم. ورغم أنه لا يزال في مرحلة النمو، إلا أن تصور ما سيحدث عندما يصل إلى مرحلة النضج يثير الدهشة.

في تجربتي مع أحد برامج الذكاء الاصطناعي، ما زلت مدهوشاً من النتائج التي حققتها. عندما استخدمته لتصفح العديد من القضايا المهمة وطرح الاستفسارات، شعرت كما لو أنني أتشاور مع مستشاري الشخصي. وكانت إجاباته غالبًا لا تتعدى 15 ثانية، حيث يقدم لي مستخلصًا من المعرفة والتوجيه. على سبيل المثال، استشرته في تحاليل طبية، وقدّم لي الاستشارة، كما استفسرت عن بعض النتائج فقدم لي الإرشادات اللازمة، وكذلك استفسرت عن صور الأشعة السينية، وحصلت على إرشادات في هذا الأمر. وبصراحة شديدة، وقفت حائرًا أمام ذلك “المستشار” الذي يعرف كل شيء ويوفر لي ما توصل إليه البشر من معارف. سبحان الله الذي وسع علمه كل شيء وسخر لنا هذه الأداة.

في السنوات العشر القادمة، سوف تتغير الحياة إذا استمر التقدم في الذكاء الاصطناعي، حيث إنه سيدخل في جميع العلوم وسيُسهّل على البشرية الكثير من الأمور. وسوف يُختصر الوقت في الأبحاث، والمساعدة في اكتشاف العلوم، وسيدخل الجامعات ليذلل الصعوبات.

يواجه الذكاء الاصطناعي تحديات مع الجيل القديم المتعلم الذي يعده عائقًا للعلم والتعلم، لكنه يجد قبولًا وترحيبًا من الجيل الجديد الذي يراهن على نجاحه ويخلق فرصًا جديدة. سيكون هذا الصراع بمثابة نهاية كما انتهت تحديات أخرى في أزمنة مضت، وسيخرج لنا جيل جديد يتعامل مع الذكاء الاصطناعي باحترافية؛ فهذا استشراف للمستقبل.

سيأتي وقت تُجرى فيه عمليات طبية كاملة عبر الذكاء الاصطناعي، بل وقد تُجرى عمليات طبية من استشاريين متخصصين وهم في بلدانهم، بينما تُجرى العملية في بلد آخر عبر الذكاء الاصطناعي، فلا حاجة إلى السفر. وكل ذلك بإذن الله وتوفيقه، الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

وفي الختام، أدعو كل فرد في وطننا الغالي، المملكة العربية السعودية، إلى الدخول في هذا العلم واستخدامه الاستخدام الأمثل. فبرامج الذكاء الاصطناعي كثيرة، ومستخدموها سيُخلق لهم فرص وظيفية جديدة، وستزداد لديهم المعرفة ويتسع فكرهم وتنمو مهاراتهم، فنصيحتي للقادة أصحاب الهمم والطموح: تعلموا برامج الذكاء الاصطناعي ودربوا مديري مكاتبكم على ذلك، سوف تختصرون الكثير وتكونون سابقين لغيركم وتحمدون العاقبة.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي (رؤية المستقبل)
  • 600 مليون مستخدم صيني لـ«الذكاء الاصطناعي»
  • الإمارات: استخدام تكنولوجيا الفضاء لمواجهة التغير المناخي
  • التعاون مع إيطاليا باستخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة
  • مشاهد مرعبة لاعتداءات جنسية على أطفال بواسطة الذكاء الاصطناعي
  • العراق يرحب بمبادرة الشرق الأوسط الأخضر ويؤكد التزامه بمكافحة التغير المناخي
  • الذكاء الاصطناعي ينتج فيديو غريب حول مصر القديمة
  • وزير الثقافة: الذكاء الاصطناعي قفزة تكنولوجية كبرى في حياتنا اليومية
  • وزير الثقافة يشهد انطلاق فعاليات مؤتمر الشارقة الدولي للذكاء الاصطناعي