يمانيون:
2024-12-21@00:28:28 GMT

الكيانُ الصهيوني صنيعةُ الأمم المتحدة

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

الكيانُ الصهيوني صنيعةُ الأمم المتحدة

يمانيون/ بقلم د عبدالرحمن المختار

ما تُسَمَّى دولةُ “إسرائيل” تُمَثِّلُ النموذَجَ الوَحيدَ والفريدَ بينَ دولِ العالَمِ في العصرِ الحَديثِ التي اختلفت نشأتُها كليًّا عن نشأةِ جميعِ الدول.

في مقالَينِ سابقَينِ أحدهما بعنوان (دولةُ إسرائيل خطيئةُ منظمة الأمم المتحدة) والآخر بعنوان (المنظَّمةُ الدوليةُ حملت سِفاحًا وأنجبت مسخًا سفّاحًا) أوضحت وبشكل مفصل كيفية نشأة كيان الاحتلال الصهيوني، وكيف وظّفت القوى الاستعماريةُ الغربية منظمةَ الأمم المتحدة؛ لإسباغ صفة الدولة على الكيان الوظيفي الصهيوني، الذي خططت هذه القوى لإنشائه، ليمثل قاعدة متقدمة ورأس حربة لها في المنطقة العربية، عقب إقلاعها عن أُسلُـوبها الاستعماري التقليدي القائم على الاحتلال العسكري المباشر، وإخضاع الشعوب بقوة السلاح، وما ترتب على ذلك من أثمان باهظة دفعتها القوى الاستعمارية الغربية، لتتحول هذه القوى بعد تأسيس منظمة الأمم المتحدة سنة 1945م إلى أُسلُـوب استعماري جديد قائم على التواجُد العسكري في المنطقة العربية، وإخضاعِ أنظمتها الحاكمة وشعوبها، بالقوة الناعمة، وبعناوينَ متعددة شرعنتها اتّفاقيات شكلية مع أنظمة الحكم الوظيفية في المنطقة العربية، مع احتفاظ القوى الاستعمارية الغربية بنموذج لأُسلُـوبها الاستعماري التقليدي في هذه المنطقة، تجسد في قاعدتها الاستعمارية المسماة (دولة إسرائيل)، حين استخدمت هذه القوى الكيانَ الدولي (منظمة الأمم المتحدة) الذي أنشأته لمنح مشروعية دولية زائفة لكيانها الوظيفي الصهيوني؛ للتغطية على مشروعها الاستعماري القائم على أُسلُـوبها الجديد، وفي ذات الوقت تمويه أُسلُـوبها الاستعماري القديم الذي جسده الكيان الصهيوني الوظيفي في المنطقة العربية.

وسنتحدث في هذا الموضوع عن تنافس القوى الاستعمارية الغربية على ثروات الشعوب العربية، وبدأت بعض ملامح هذا التنافس تطفو على السطح؛ فبعد أكثر من عام على عملية (طُـوفَان الأقصى) في السابع من أُكتوبر من العام الماضي، وما تلا ذلك من مواقفَ معلَنةٍ للقوى الاستعمارية الغربية مندّدة بعملية (طُـوفَان الأقصى)، ومتوعدة بالانتقام من منفذيها الإرهابيين، حسب وصف من تقاطروا من حكام القوى الاستعمارية الغربية إلى عاصمة كيانها الصهيوني الوظيفي، للتعبير عن مواقفهم، التي كان يمكنهم التعبير عنها من عواصم بلدانهم دون حاجة للحضور إلى عاصمة كيان الاحتلال، لكن حضورهم ارتبط بشدة الألم، الذي تسببت به عملية (طُـوفَان الأقصى) في جسم القوى الاستعمارية الغربية؛ فبادر حكامها بالتقاطر، رؤساء ورؤساء حكومات ووزراء خارجية وممثلين لتكتلاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، الجميع أعلن صراحة العزم على الانتقام، تحت عنوان (دعم حق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس)، وهو عنوان زائف، الهدفُ منه تغطيةُ همجيةِ ووحشية وانحطاط القوى الاستعمارية الغربية، ولم يكن هناك من فرق يُذكَر بين مواقف القوى الاستعمارية الغربية في ما يتعلق بالتزامها بأمن “إسرائيل”، وحقها في الدفاع عن النفس والتزام هذه القوى بتزويد كيانها الصهيوني الوظيفي بكافة أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية، التي تكفل تفوقه وانتصاره على الإرهابيين في قطاع غزة، حسب وصف تلك القوى الاستعمارية الإجرامية، التي جسدت وعودها ووعيدها بتلك الصورة المفرطة في الإجرام الوحشية والهمجية، عندما اشتركت في اقتراف جريمة إبادة جماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة استمرت أفعالها وتتابعت على مدى أكثر من عام، وامتدت لنطاق جغرافي أوسعَ من النطاق الجغرافي لقطاع غزة، وهذه القوى مشتركة في الجريمة بصور وأفعال ومستويات متعددة.

الرئيس الفرنسي يفضحُ المخطّط:

ونتيجة لذلك طفت على السطح بعضُ الاختلافات بين القوى الاستعمارية الشريكة في الجريمة الناتجة عن تنافسها على تقاسم المصالح والنفوذ، وقد ظهرت هذه الاختلافات في صورة مواقفَ محدّدة في بريطانيا وفرنسا، وغيرها من عواصم القوى الاستعمارية الغربية، متعلقة بحظر بعض رُخَصِ السلاح إلى الكيان الصهيوني الوظيفي، وآخر هذه المواقف ما ورد على لسان الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مخاطبًا نتن ياهو بأن عليه أن يتذكر أن دولة “إسرائيل” أنشأتها الأمم المتحدة، والرئيس الفرنسي بهذا القول يشير إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) لسنة 1947م الذي قسم أرض فلسطين إلى قسمين تقام على كُـلّ قسم منهما دولةٌ لليهود ودولة للفلسطينيين، ويجب على نتن ياهو -وفقًا لتذكير مانويل ماكرون- الالتزامُ بالقرارات الدولية!

والحقيقة أن هذا التنبيه من جانب الرئيس الفرنسي لا يمثل صحوة ضمير، ولا نزعة انتصار للإنسانية المهدَرة لأكثرَ من عام في قطاع غزة، بل إن هذا الموقفَ يعبِّرُ عن انزعَـاجٍ فرنسي؛ بسَببِ اختلال توازن معادلة تقاسم مصالح القوى الاستعمارية الغربية، وميل مؤشرها الأعلى لصالح الإدارة الأمريكية، ومن ثَمَّ فاستدعاء الذاكرة الفرنسية لذلك الحدث المشؤوم المتمثل في إعلان الأمم المتحدة إقامَةَ كيان الاحتلال الوظيفي الصهيوني، ليس القصد منه إلا تنبيه الإدارة الأمريكية إلى أهميّة إعادة ضبط معادلة توزيع المكاسب الناتجة عن الاشتراك في جريمة الإبادة الجماعية من جانب جميع القوى الاستعمارية الغربية؛ فليس من العدالة -وَفْقًا لتنبيه الرئيس ماكرون- أن تستحوذَ الإدارةُ الأمريكية بأعلى معدَّلٍ من نسبة تقاسُم المكاسب والمصالح والنفوذ في المنطقة العربية في حين تكون نسبة غيرها من القوى الشريكة في جريمة الإبادة الجماعية متدنية أَو هامشية، وإن كان نتن ياهو قد تولَّى الردَّ على الرئيس الفرنسي بإنكار إنشاء كيانه من جانب الأمم المتحدة، إلا أن الحقيقةَ أن ذلك الردَّ جاء نيابةً عن الإدارة الأمريكية، ويمثِّلُ تحديًا للرئيس الفرنسي ولجمًا لشهيته المفتوحة للمزيد من المكاسب على حساب جهود الإدارة الأمريكية، ونتن ياهو في رده على الرئيس الفرنسي ينفذ ما كلّفته به الإدارة الأمريكية التي اعتادت على إسناد مهامَّ مماثلةٍ إلى الكيان الصهيوني الوظيفي وغيره من الكيانات الوظيفية العربية.

وقد تحدَّثَ الأمينُ العامُّ لحزب الله سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله –رضوان الله عليه- في حوار لقناة “الميادين” عن مؤامرة دولية تستهدفُه شخصيًّا، وتحدث بشكل صريح عن طلب محمد بن سلمان من الإدارة الأمريكية العمل على تصفيته جسديًّا؛ فكلفت الإدارة الأمريكية بهذه المهمة الكيان الوظيفي الصهيوني الإجرامي، لكن هذه الإدارة حذّرت في ذات الوقت، وكما أوضح القائدُ الشهيد سماحة السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه– من أن تنفيذ مثل هذه العملية يمكن أن تكون لها تداعيات إقليمية خطيرة؛ فالتزم محمد بن سلمان بتغطية كافة التكاليف المترتبة على عملية الاغتيال الإجرامية، وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية اعتادت على تكليف الكيانات الوظيفية في المنطقة دون اعتبار لشركائها الآخرين من القوى الاستعمارية الغربية، التي تغض الطرف أحيانًا عن بعض التجاوزات، لكنها لا تقبل بذلك في حالات أُخرى، وكما هو حال موقف الرئيس الفرنسي اليوم الذي نبَّه الإدارةَ الأمريكية وذكَّرها بالنشأة غير الطبيعية للكيان الوظيفي الصهيوني، وأن هذا الكيان صنيعة القوى الاستعمارية مجتمعةً في ذلك الحين، وهو ما يعني أن هذا التنبيه يتضمن رسالة مهمة وحساسة إلى الإدارة الأمريكية مضمونُها ضرورةُ إعادة ضبط معادلة توزيع المصالح الاستعمارية إلى مستوىً أقربَ للتوازن في ما بينها.

والرئيس الفرنسي عندما أطلق التنبيه للإدارة الأمريكية في هذه المرحلة بالتحديد إنما يرجع ذلك إلى إدراكه أن الإدارة الأمريكية ذاهبة إلى الاستحواذ بثروات المنطقة واستبعاد شركائها من القوى الاستعمارية أَو منحها فُتَاتًا من الوليمة، خُصُوصًا بعد ذلك البيان المشترك الأمريكي الفرنسي الذي تم التوافق عليه في الشهر الفائت لوقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا على طول الحدود بين لبنان و”إسرائيل”، غير أن الإدارة الأمريكية كانت تسعى من خلال كُـلّ ذلك إلى توفير المزيد من المساحات الزمنية للكيان الصهيوني الوظيفي لتنفيذ المخطّطات الإجرامية لهذه الإدارة، وعلى رأسها اغتيال الأمينِ العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، وإدراكُ ماكرون لمخطّطات الإدارة الأمريكية الاستحواذية دفعه إلى التنبيهِ السابِقِ علنًا؛ إذ لم يسبق لأَيٍّ من القوى الاستعمارية إثارةُ واقعة إنشاء الأمم المتحدة لكيانِ الاحتلال الصهيوني الوظيفي.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوى الاستعماریة الغربیة فی المنطقة العربیة الإدارة الأمریکیة الرئیس الفرنسی الأمم المتحدة هذه القوى من القوى

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية تكشف : الكيان الصهيوني يخفي استشهاد عدد كبير من الأسرى في سجونه

الثورة نت/وكالات كشف مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، علاء السكافي، أن سلطات كيان العدو الصهيوني تخفي بشكل متعمد استشهاد أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في سجونها، في وقتٍ تواصل سياسة الإخفاء القسريّ بحق أسرى قطاع غزّة منذ بدء السابع من أكتوبر 2023. وأوضح “السكافي”، في تصريحات إعلامية، الخميس، أنه حتى 7 أكتوبر 2024، تبلغت المؤسسات الحقوقية والمؤسسات المعنية بشؤون الأسرى من سلطات الكيان باستشهاد 40 معتقلاً داخل سجون العدو. وأشار إلى أن العدو كشف عن مصير الـ40 معتقلاً بعدما قدمنا التماسات للمحكمة العليا لدى الكيان لمعرفة مصير معتقلين مختفين قسراً أو لم يعرف مصيرهم، ليكشف الاحتلال مصيرهم أنهم توفوا في السجون دون إعلان من إدارة سجون الاحتلال عن وفاتهم. ولفت مدير مؤسسة الضمير الحقوقية إلى أن “هذا السلوك يعزز معلوماتنا بوجود أعداد كبيرة من الشهداء داخل المعتقلات”. وقال “هناك أسرى من غزة أفرجت عنهم قوات العدو أكدوا في شهاداتهم اعتقال أعداد من المواطنين سواء من المشافي أو مراكز الإيواء أو من داخل المدن ومخيمات النزوح أو عند المرور عبر حواجز قوات العدو، والأخير ينفي وجودهم لديه في المعتقلات، لذلك نحن نخشى على مصير هؤلاء المعتقلين”. وأوضح “السكافي”، أنَّ مؤسسة “الضمير” قدمت طلبات لفتح تحقيق لمعرفة أسباب وفاة المعتقلين، وللحصول على وثائق رسمية تفيد باستشهاد المعتقلين، وذلك للحصول على دليل إدانة للاحتلال وتقديمه أمام مختلف الجهات الدولية في إطار ملاحقته قضائياً. وشدد على أنَّ هناك سياسة ممنهجة تعبر عن توجه واضح لدى الاحتلال نتيجة ضم المجتمع الدولي وتخاذله تجاه حماية المعتقلين. وبين أن ارتفاع جرائم القتل يأتي ترجمة للامتيازات التي أقرها الوزير المتطرف بن غفير لجنود العدو الذين يمارسون جرائم القتل ضد المعتقلين الفلسطينيين. وطالب مدير مؤسسة الضمير الحقوقية المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ملف استشهاد المعتقلين كملف مستقل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المعتقلين، ومطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقيام بمسؤولياتها ودورها في زيارة السجون وتفقد أوضاع المعتقلين. وصباح اليوم، استشهد أسير فلسطيني من قطاع غزّة داخل معتقلات العدو، جراء تعرضه للتعذيب في ظلّ تصاعد اعتداءات وجرائم العدو ضدَّ الأسرى الفلسطينيين، وتزامنًا مع جرائم الإخفاء القسري لأسرى غزة. وقالت مصادر عائلية، إن الصليب الأحمر أبلغ بارتقاء الأسير محمد أنور لبد، من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، داخل سجون الاحتلال. وقبل أيام، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ارتقاء الأسير علاء مروان حمزة المحلاوي البالغ من العمر42 عامًا، من مدينة غزة.

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني يطلق النار على أهالي درعا السورية
  • منظمة حقوقية تكشف : الكيان الصهيوني يخفي استشهاد عدد كبير من الأسرى في سجونه
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تسرّع ضم الضفة الغربية وانتهاك القانون الدولي
  • الكيان الصهيوني يقتحم طولكرم ويفرض حصارًا على مخيمها
  • أبو عبيدة: نبارك الهجوم الصاروخي اليمني على قلب الكيان الصهيوني "تل أبيب"
  • صواريخ يمنية تدك عمق الكيان الصهيوني (نص البيان)
  • الأمم المتحدة تحذر من خطوات الاحتلال لترسيخ ضم الضفة الغربية
  • المفوضية الأممية: الكيان الصهيوني يسرّع وتيرة خطوات ضم الضفة
  • المفوضية الاممية:الكيان الصهيوني يسرّع وتيرة خطوات ضم الضفة
  • رئيس وزراء أيرلندا: لن يستطيع الكيان الصهيوني إسكاتنا