صدى البلد:
2025-04-07@05:10:56 GMT

نورهان حشاد تكتب: ‏حُسن الظّن .. أناقة فِكر

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

حُسن الظن بالله من العبادات القلبية التي تنبعث من القلب وتنعكس آثارها على الجوارح و تدل على إيمان العبد بربه، ويقينه برحمته وعفوه وفضله وقدرته وإحسانه.

تخيل حين يكون ظنك بالله جميلاً ورائعاً ومدهشاً؛ كم ينالك من الطمأنينة والرضا والفرح والسرور!

تخيل حين يكون ظنك بأرحم الراحمين أنه لن يخذلك في مواقع أنت تحتاج توفيقه ونصرته سبحانه .

حسن الظن بالله من العبادات الجليلة التي يبنغي أن يملأ المؤمن بها قلبه في جميع أحواله ويستصحبها في حياته، في هدايته، في رزقه، في صلاح ذريته، في إجابة دعائه، في مغفرة ذنبه، فيما قدره وقضاه,في كل شيء.
فمتى ماكنت كذلك كان الله معك فسيكفيك الله ماأهمك وسيرتب بفضله شتات أمرك.

في زمننا هذا الحديث عن حسن الظن بالله تعالى هذا مقامه، لا سيما وقد وقع الشك والريبة في قلوب كثير من الناس الذين يخشون على أرزاقهم، ويقلقون على مستقبلهم، كيف سيعيشون؟ وكيف سينفقون على عيالهم؟ كيف؟ وكيف؟ فأقول لك أخي الحبيب ، أختي الحبيبة : ينبغي أن نحسن الظن بالله، مهما تكالبت علينا هموم الدنيا؛ فإن لنا ربًّا رحيمًا، فلا نقلق.

حسن الظن بالله هو ان نأمن بأن إختياراته لنا افضل من اختياراتنا  لأنفسنا ، وعواقب اختياراتنا  غير معروفة لنا بس بنعرف نتائج بسيطة لها، اما الله يعلم عاقبة كل شيء وكيف يسير لذا اتخذ لنا افضل خيار حتى لو كرهنا باللحظة الحالية.

حسن الظن بالله أمر أوجبه الله تعالى لأن الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله، وثقوا بما عند الله، وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال.

هناك قصص ومواقف مشرفة في حسن الظن بالله تعالى، قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار، قال كلمة تجسد من خلالها حسن الظن بربه، وقوة توكله عليه، وأنه قطع الأسباب كلها إلا حبل الله، وأغلق الأبواب جميعها إلا باب الله؛ إنها كلمة: ((حسبي الله ونعم الوكيل))، فماذا كان نتيجة حسن ظنه بربه تعالى؟ يأتي الأمر السريع، من رب سميع: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} .  

وأيضا ضرب زوجته هاجر عليها السلام المثل في الثقة، وحسن الظن بالله  تعالى؛ وذلك لما أوحى الله تعالى لإبراهيم أن يهاجر بها ورضعيهما إسماعيل ليسكنهما مكة، فنفذ الأمر ووضعهما هناك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، وسقاءً فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقًا، فتبِعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، ((قالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا))، فماذا كان نتيجة حسن ظنها بربها تعالى؟ نبعت من تحت قدمي رضيعها ماء زمزم، وبُنِيَ عندهم البيت الحرام، وجعله الله تعالى محلًّا تشتاق إليه القلوب؛ كما قال تعالى: {أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} .


نعلم جيداً أن أحيانًا لا يملك المرء ما يُدافع به ظروف الحياة إلا حُسن ظنّه بالله تعالى, خاصة حينما تنفد الأسباب من يده
ولا يبقى غير اتكاله واعتماده على ربّه, ويقينه بتدبير الله بالخيرة التي لا يتسعها إدراكه القاصر, وإيمانه بالحديث القدسي عن النبي ﷺ: (أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي
ما شاء)“

توقُّع الجميل من الله تعالى"؛ وذلك بأن يظن المؤمن المغفرة له إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب الكفايةوفي الحديث؛
" إن حسن الظن بالله تعالى، من حسن العبادة "‏ومن أحْسَنَ ظنَّه بالله تعالى، كان الله تعالى له كما ظن، والعكس بالعكس.  

حسن الظن بالله يفتح أبوابا ويُعبد طرقات ويزيل ظنون السوء والكثير والكثير. حسن الظن بالله بوابة تحقيق المستحيل، واستشعار برحمة وعطاء وقوة الله العظيم المجيب. يقول ابن مسعود: قسماً بالله ما ظَنّ أحدٌ بالله ظنَّا إلا أعطاه الله ما يظنّ، وذلك لأنّ الفضل كله بيد الله. ولو جمعنا عقول الناس كافة لن تتصور مدى عطاء ورحمة وقدرة الله العظيم المجيب.. دعك من وساوس الشيطان، ودعك من أصحاب سوء الظن، انت تحب الله والله يحبك، ظُن بالله ما أردت لكن احم ظـنك بالله من وساوس الشيطان؛ لأنه يريدك أن تكون سيّء الظن بربك والعياذ بالله. إذا استشعرت بأن ما تريده مستحيل الحدوث على طبيعة الواقع أو كان ما تريده صوره لك عقلك أنه صعب، تذكر النار التي جعلها الله العظيم برداً وسلاما على النبي إبراهيم وقارنها بحلمك، فقدرة الله لا تتصورها عقول البشر كافة.

إذا عصيت الله فارجع الى الله واستغفره وظن بالله أن يتوب عليك، فـخطيئتك ليست أكبر من مغفرة الله، الله يفرح بتوبة عبده. اذا أقبلت على هدف، اعزم وتوكل على الله وظن بالله أن يحققه لك، «سبحان الله الذي لا يعجزه شيء».

قل للذي ملأ التشــاؤم قلــبه .. ومضى يضيق حولنا الآفاقا سر السعادة حسن ظنك بالذي .. خلق الحياة وقسم الأرزاقا ظُن بالله خيراً ثق بوعد الله، صدِّق قول الله، اعتمد على الله، توكَّل على الله، فهو حسبنا ونعم الوكيل.  
بأذن الله وبأمره الأيام القادمة  يقال لك فيها (قد أوتيت سؤلك)
فيتحقق  أملك، ويرد غائبك، ويجبر قلبك، وتصافح أيامـك فيه ذاكَ الفـرح الذي طال  انتظارك له !

فاللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حسن الظن بالله بالله تعالى الله تعالى الله ما ن بالله

إقرأ أيضاً:

معنى حديث «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا»، ونفي تحريضه على فعل الذنوب

أجابت دار الافتاء المصرية عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ما معنى حديث: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟ وهل هذا الحديث فيه تحريض على فعل الذنوب؟".

لترد دار الافتاء موضحة: ان هذا الحديث دالٌّ على تمام لطف الله تعالى بعباده بأن فتح لهم باب التوبة والرحمة والمغفرة، بحيث إذا تابوا ورجعوا إليه عفا عنهم برحمته ومغفرته وإحسانه؛ ولا يفهم من ظاهره التحريض على فعل الذنوب؛ لأنه إنما ورد في معرض تسلية صدور الصحابة رضوان الله عليهم عما أصابهم من شدةِ خوفٍ أورثت بعضهم عزلة كلية للعبادة، فكان لبيان عفوه سبحانه وتعالى ورحمته بعباده، وزجر المذنبين عن شدة الخوف التي تورث اليأس من رحمته سبحانه؛ وترغيبهم في الإقلاع عن الذنوب والآثام، والإقبال على الله العَفُوِّ ذي الإنعام.

دعاء العودة للعمل بعد إجازة عيد الفطر.. ردده يوفقك الله ويرزقكللطلاب والمكروبين والمرضى.. أسرار استجابة الدعاء بأسماء الله الحسنى

صحة حديث: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ»

هذا الحديث صحيح تواردت على صحته عبارات المحدثين وتخريجاتهم؛ فقد أخرجه الأئمة: مسلم في "الصحيح" وبوَّب له: (باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة)، وأحمد في "المسند"، وعبد الرزاق في "المصنف"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»، وله شواهد من عدة طرق بألفاظ مقاربة.

بيان معنى الحديث
هذا الحديث يُبيِّن فضل الله العظيم وكرمه العميم في قبول عباده المذنبين التائبين، حيث إنه تعالى مِن تمام لطفه بعباده أن فتح لهم باب الرحمة والمغفرة والإحسان، بحيث إذا وقع أحدهم في الذنب ثم تاب وأناب، ورجع إليه: دخل في سعة رحمته تعالى؛ حيث قال سبحانه: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

وعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه قال: «ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ، ابْنَ آدَمَ، إِنْ تَلْقَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً بَعْدَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ إِنْ تُذْنِبْ حَتَّى يَبْلُغَ ذَنْبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَكَ وَلَا أُبَالِي» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" -واللفظ له-، والترمذي في "السنن" عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

قال عون الدين ابن هُبَيْرَة الشيباني في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (8/ 188، ط. دار الوطن): [وقوله: «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ» فما قال إلى الجنة، بل أطلق، والإطلاق هاهنا قد ينصرف إلى الإعلام، فيشير كل الإشارة لأهل العلم إلى أن الله عزَّ وجلَّ إنما خلق الخلق إيجادًا لما كانت صفته القائمة به سبحانه وتعالى يقتضيه مِن أنه غفورٌ عفوٌّ صفوحٌ متجاوزٌ، لم يكن من إيجاد الخلق يذنبون فيغفر لهم، ويخطئون فيعفو عنهم، ويخالفون فيتجاوز لهم، ولا أرى قول الله سبحانه وتعالى لملائكته: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ [البقرة: 30] إلا أنهم لما عرفوا من صفات الله العفو، فقالوا: إن ذلك يقتضي إيجادك من يذنب فيغفر له ويخطئ فتعفو عنه، ثم قالوا: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ ولا تكون هذه الواو إلا واو حال أي: ونحن نسبح بحمدك، فلما خاطبوه بخطاب العلماء أجابهم عزَّ وجلَّ بقوله: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾] اهـ.

وقال محيي الدين النووي في "شرحه على مسلم" (17/ 75، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته وسقطت ذنوبه، ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها صحت توبته] اهـ.

وقال تقي الدين ابن دقيق العيد في "شرح الأربعين النووية" (ص: 138، ط. مؤسسة الريان): [اعلم أن للتوبة ثلاثة شروط: الإقلاع عن المعصية، والندم على ما فات، والعزم على أن لا يعود..، فلو فعل الإنسان مثل هذا في اليوم مرارًا وتاب التوبة بشروطها فإن الله يغفر له] اهـ.

فالحديث فيه بيانٌ لسعة رحمة الله عزَّ وجلَّ بعباده المذنبين، فهو سبحانه كما اتصف بالإحسان اتصف بالتجاوز والصفح والغفران؛ بدلالة غير واحد من أسمائه الحسنى الشريفة.

قال شهاب الدين التُّورِبِشْتِي في "الميسر في شرح مصابيح السنة" (2/ 541، ط. مكتبة نزار): [والمعني المراد من الحديث: هو أن الله تعالى كما أحب أن يحسن إلى المحسن، أحب أن يتجاوز عن المسيء، وقد دل على ذلك من أسمائه غير واحد من الأسماء، ولما كان من أسمائه الغفار، الحليم، التواب الْعَفُوُّ، لم يكن ليجعل العباد شأنًا واحدًا؛ كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب، بل يخلق فيهم مَن يكون بطبعه ميالًا إلى الهوى مفتتنًا بما يقتضيه ثم يكلفه التوقي عنه، ويحذره عن مداناته، إنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنب فيتخلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة، فإن الغفار يستدعي مغفورًا، كما أن الرزاق يستدعي مرزوقًا] اهـ.

نفي دعوى التحريض على فعل الذنوب بحديث «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا»
مما يؤكد نفي دعوى التحريض على فعل الذنوب في الحديث معرضُ وروده وسياقه الذي قيل فيه؛ حيث إنه قد ورد مورد التسلية لخواطر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وإزالةً لِمَا تمكن في صدور بعضهم من شدة الخوف من عذاب الله تعالى واليأس من رحمته، حتى دفع بعضَهم إلى العزلة التامة من أجل العبادة، فكان الحديث زجرًا لهم عن ذلك، وترغيبًا لهم في الإقبال على الله تعالى والطمع في عفوه وغفرانه.

قال مظهر الدين الزَّيداني المشهور بالمُظْهِري في "المفاتيح في شرح المصابيح" (3/ 177، ط. دار النوادر): [لا يظنن قومٌ أن هذا الحديث يحرِّض الناس على الإذناب، ويُجوِّز الإذناب، بل سبب صدور هذا الحديث من رسول الله عليه السلام: أن الصحابة رضي الله عنهم كان قد غلب عليهم خوف الله، واستولى على قلوبهم تعظيم الله تعالى، بحيث اشتغلوا بالكلَّية بالعبادة والتقوى، حتى قال جماعة: نحن نَفِرُّ من بين الناس إلى رؤوس الجبال كي لا يَشْغَلَنا الناسُ عن عبادة الله، ولا يحدثوننا فيحصل لنا إثمٌ بالمحادثة، وقال جماعة: نحن نَخْصي أنفسنا، وقال جماعة: نحن نعتزل النساء، وقال جماعة: نحن لا نأكل الأطعمة اللذيذة ولا نلبس الثياب الجديدة، وقال بعضهم: أنا أصلي الليل ولا أرقدُ، وقال بعضهم: أنا أصوم النهار ولا أفطر، فزجرهم رسولُ الله عليه السلام عن هذه الأشياء بقوله عليه السلام: "ليس منَّا مَنْ خصى ولا منِ اخْتَصى"، وبقوله: "مَنْ رَغِبَ عن سنَّتي فليس مني"، وبقوله: "لا تشدِّدوا على أنفسِكم"، ثم قال لهم هذا الحديث؛ أعني: "لو لم تذنبوا" تسليةً لخواطرهم وإزالةً لشدة الخوف عن صدورهم، ومنعهم عن اليأس من رحمة الله، وتحريضهم على الرجاء إلى رحمة الله تعالى، وإظهار كرم الله ورحمته، وتعليمهم أنَّ الله تعالى يحبُّ الاستغفارَ والتوبة] اهـ.

وقال شهاب الدين التوربشتي في "الميسر في شرح مصابيح السنة" (2/ 541): [(لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون..) لم يرد هذا الحديث مورد تسلية للمنهكين في الذنوب، وتوهين أمرها على النفوس، وقلة الاحتفال منهم بمواقعتها على ما يتوهمه أهل الغرة بالله، فإن الأنبياء صلوات الله عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غثيان الذنوب، واسترسال نفوسهم فيها، بل ورد مورد التنبيه والبيان لعفو الله عن المذنبين، وحسن التجاوز عنهم؛ ليعظموا الرغبة في التوبة والاستغفار] اهـ.

وقال العلامة ابن علان في "دليل الفالحين" (4/ 327، ط. دار المعرفة): [ليس هذا تحريضًا للناس على الذنوب، بل كان صدوره لتسلية الصحابة وإزالة شدة الخوف عن صدورهم؛ لأن الخوف كان غالبًا عليهم، حتى فَرَّ بعضُهم إلى رؤوس الجبال للعبادة، وبعضهم اعتزل النساء، وبعضهم النومَ، وفي الحديث تنبيه على رجاء مغفرة الله تعالى وتَحَقُّقِ أن ما سبق في علمه كائن؛ لأنه سبق في علمه تعالى أنه يغفر للعاصي، فلو قدر عدم عاص؛ لَخَلَقَ الله مَن يعصيه فيغفر له] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ذلك: فهذا الحديث دالٌّ على تمام لطف الله تعالى بعباده بأن فتح لهم باب التوبة والرحمة والمغفرة، بحيث إذا تابوا ورجعوا إليه عفا عنهم برحمته ومغفرته وإحسانه؛ ولا يفهم من ظاهره التحريض على فعل الذنوب؛ لأنه إنما ورد في معرض تسلية صدور الصحابة رضوان الله عليهم عما أصابهم من شدةِ خوفٍ أورثت بعضهم عزلة كلية للعبادة، فكان لبيان عفوه سبحانه وتعالى ورحمته بعباده، وزجر المذنبين عن شدة الخوف التي تورث اليأس من رحمته سبحانه؛ وترغيبهم في الإقلاع عن الذنوب والآثام، والإقبال على الله العَفُوِّ ذي الإنعام.

مقالات مشابهة

  • ماذا نقول في سجود الشكر؟.. إليك طريقة أدائها وفضلها
  • والدة مدير الإعلام بأمارة المنطقة الشرقية في ذمّة الله
  • أمين الفتوى: النقاب من العادات والحجاب واجب على المرأة شرعا
  • موقف صنعاء موقف المؤمنين حقًّا
  • كريمة أبو العينين تكتب: الجار السفيه
  • معنى حديث «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا»، ونفي تحريضه على فعل الذنوب
  • لمن ارتدت الحجاب في رمضان وخلعته بعده.. احذري 3 عقوبات
  • داعية يحذر من العودة إلى الذنوب بعد رمضان
  • هل الله يأمر ملك الموت بقبض الأرواح لهذه السنة في شوال؟.. انتبه
  • حكم جعل القرآن الكريم أو الأذان نغمات للهاتف المحمول.. الإفتاء توضح