تتجلى القدس كدرة التاج ومؤشر التمكين والقوة في الصراع الحضاري الطويل والممتد بين المشروع الإسلامي والمشروع الصهيوغربي، فالقدس ليست مجرد بقعة جغرافية تاريخية مقدسة، بل تمثل عمق الهوية الإسلامية ورمز عزتها وقوتها.

وفي عصر تزداد فيه التهديدات لأمة ممزقة، تتعاظم الحاجة إلى إعادة تموضعها وترتيب أولوياتها وبناء خريطة تحالفاتها الاستراتيجية برؤى رشيدة وعميقة.

فالمشهد الإقليمي الحالي يتطلب منا استجابة مسئولة ورشيدة تُعيد توجيه البوصلة نحو العدو ووحدة الهدف والمصير لكل مكونات الأمة الإسلامية.

المشهد الإقليمي: ديناميكيات متداخلة وصراعات سياسية وجيوسياسية طاحنة

تتسم الساحة الإقليمية الحالية بالتعقيدات الشديدة، حيث تتنازعها ثلاثة مشاريع رئيسية تتنافس على الهيمنة والنفوذ. يأتي في مقدمة هذه المشاريع المشروع الصهيوغربي، الذي يمثل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والغرب. ورغم كونه التهديد الوجودي التاريخي والحقيقي للأمة الإسلامية وهويتها، إلا أنه يحظى بدعم غير مشروط من معظم الأنظمة العربية الحاكمة الحالية، مثل الإمارات، والسعودية، ومصر، والأردن، والبحرين، التي تبرر تحالفاتها مع القوى الصهيونية بدافع الحفاظ على عروشها ومصالحها الشخصية.

في عصر تزداد فيه التهديدات لأمة ممزقة، تتعاظم الحاجة إلى إعادة تموضعها وترتيب أولوياتها وبناء خريطة تحالفاتها الاستراتيجية برؤى رشيدة وعميقة. فالمشهد الإقليمي الحالي يتطلب منا استجابة مسئولة ورشيدة تُعيد توجيه البوصلة نحو العدو ووحدة الهدف والمصير لكل مكونات الأمة الإسلامية
على الجانب الآخر، يظهر المشروع الإيراني، والذي يتبنى الرؤية الشيعية ويعمل على تعزيز نفوذه في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها. ويعكس هذا المشروع تنافسا حادا مع المشروع الصهيوغربي، لكنه في الوقت نفسه يمثل تحديا كبيرا للمصالح السنية، مما يزيد من حدة الصراع القائم.

وفي سياق مماثل، يتصاعد المشروع السني، الذي تقوده تركيا تحت زعامة أردوغان، بالإضافة إلى قطر وبعض الحركات الإسلامية السنية مثل حركة حماس، حيث يسعى هذا المشروع لتحقيق توازن إقليمي وتبني قضايا الأمة والدفاع عن هويتها، وخاصة قضية القدس كأولوية مركزية.

تباين المصالح والقضية الجدلية

تعكس هذه الديناميكيات تباين المصالح بين المشاريع الثلاثة، حيث تتنافس كلٌ منها على النفوذ والهيمنة. وفي خضم هذا التنافس، يبرز سؤال جوهري حول أهمية وكيفية تحقيق تقارب استراتيجي بين المشروعين السني والشيعي تحت مظلة القدس، رغم التحديات والخلافات التاريخية والتوترات الحالية.

نحو تقارب استراتيجي والدور المحوري للنخب

وأطرح في السطور التالية 4 مقترحات اولية قد تدعم التقارب الاستراتيجي بين المشروعين السني والشيعي:

1- تعزيز الحوار المفتوح: تُعد النخب الفكرية، الدينية والسياسية، من أبرز العناصر الفاعلة في تعزيز الحوار بين المشروعين. وينبغي أن تتبنى هذه النخب نهجا قائما على الاحترام المتبادل والقواسم المشتركة، حيث يصبح الحوار منصة لتبادل الأفكار والآراء بعيدا عن التهميش. ويمكن تنظيم منصات ومنتديات ومؤتمرات حوارية تهدف إلى تبادل الرؤى حول القضايا المشتركة، بدءا من القدس وصولا إلى التحديات التي تواجه الأمة.

تعكس هذه الديناميكيات تباين المصالح بين المشاريع الثلاثة، حيث تتنافس كلٌ منها على النفوذ والهيمنة. وفي خضم هذا التنافس، يبرز سؤال جوهري حول أهمية وكيفية تحقيق تقارب استراتيجي بين المشروعين السني والشيعي تحت مظلة القدس، رغم التحديات والخلافات التاريخية والتوترات الحالية
2- صياغة رؤى مشتركة: يتعين على النخب العمل على صياغة رؤية استراتيجية مشتركة تستند إلى مصالح الأمة. يمكن أن تشمل هذه الرؤى مجالات مثل الأمن والهوية الإسلامية، مع التركيز على تقليل حدة التوترات التاريخية والفكرية التي أثرت على العلاقة بين السنة والشيعة.

3- تشكيل تحالفات: من المهم تشكيل تحالفات استراتيجية تعزز التعاون بين الدول السنية والشيعية، من خلال توحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة، مثل المشروع الصهيوغربي، ويمكن أن تُعزز هذه التحالفات المصالح الاقتصادية والسياسية للأمة الإسلامية.

4- أهمية القدس كنقطة التقاء: يجب أن تكون القدس نقطة الالتقاء الأساسية التي تجمع الاهداف الاستراتيجية للمشروعين السني والشيعي، حينها ستتمكن الأمة من توحيد صفوفها تحت راية القدس وتحقيق آمالها وطموحات شعوبها.

وفي ختام هذا المقال، لا يمكن التغافل عن ضرورة العمل الجاد والمشترك لتحقيق التقارب، فالقدس، كرمز للهوية وعزة الأمة، تستحق منا جميعا الالتفاف حولها والدفاع عنها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات القدس السنة القدس السنة الشيعة المسلمين مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین المشروع

إقرأ أيضاً:

هل يجوز قراءة القرآن على غير طهارة من الهاتف؟

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول: هل يجوز قراءة القرآن على غير طهارة من الهاتف؟

هل يجوز قراءة القرآن على غير طهارة من الهاتف؟

 إن من آداب تلاوة القرآن حرص القارئ على الطهارة والنظافة والجلوس في مكان نظيف واستقبال القبلة في وقار وخشوع ومراعاة أحكام التجويد والتلاوة، مشيرة إلى أنه اتفق الفقهاء على جواز قراءة شيء من القرآن الكريم في جميع الأحوال إذا لم تكن بقصد القرآنية بل لمطلق الذكر والدعاء أو الرقية .

وتابعت: وفرَّقوا في حكم قراءة المُحْدِث للقرآن بين صورتين :

الأولى : إذا كان الحدث حدثًا أصغر ، فهنا يجوز للمُحْدِث في هذه الصورة قراءة القرآن باتفاق الفقهاء ، لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها : أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ . (صحيح مسلم/ 373) ، أي : في جميع أوقاته وأحواله سواء في حين طهارته أو حدثه إلا الحالات التي يمتنع فيها الذكر كقضاء الحاجة ، كما أن كلمة "يذكر" عامة تشمل قراءة القرآن وغيرها .

قال الإمام النووي : " أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمحدث والأفضل أنه يتطهر لها".

والثانية : إذا كان الحدث حدثًا أكبر كالجنابة والحيض والنفاس ، فهنا لا تجوز القراءة وهو مذهب عامة الفقهاء، ورخَّصَ حَبْرُ الأُمَّة ابْنُ عباسٍ رضي الله عنهما والإمام مالك والإمام أحمد والطبري وابن المنذر للجُنُب والحائض في القراءة ، لكنَّ المالكية في المعتمد فرقوا في ذلك؛ فمنعوه في حق الجنب ، وأجازوه في حق المرأة في أثناء حيضها أو نفاسها لكونها معذورة في ذلك وحتى لا يؤدي تركها القراءة إلى نسيان القرآن .

وشددت على أنَّه يجب على من أراد قراءة القرآن من المصحف أن يكون على طهارة من الحدثين (الأصغر والأكبر) ، ويجوز لمن كان حافظًا لشيءٍ من القرآن أن يتلوه وهو مُحْدِثٌ حدثًا أصغر بغير مَسٍّ للمصحف ، أما إذا كان الحدث حدثًا أكبر فيجوز تقليد من أجاز ؛ خاصة في حالة الضرورة ، كخوف النسيان والتعلم أو التعليم .

كما يجوز قراءة شيء من القرآن الكريم في جميع الأحوال إذا لم تكن بقصد القرآنية بل لمطلق الذكر والدعاء أو الرقية.

مقالات مشابهة

  • الوقف السني يتعهد باستئناف العمل في إحدى أيقونات مدينة الموصل
  • الأوقاف الإسلامية بالقدس: 1000 مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى منذ ساعات الصباح
  • اتحاد علماء بلاد الشام: عقيدة السنوار أقوى من كل أسلحة وإمكانيات وجبروت إسرائيل
  • هل يجوز قراءة القرآن على غير طهارة من الهاتف؟
  • قراءة امريكية لانتخابات الإقليم ودعوة لتجديد تفاهمات الحزبين
  • معرض الجونة للأفلام القصيرة يعود في عامه الثاني تحت مظلة «سوق سيني جونة»
  • معرض الجونة للأفلام القصيرة يعود بعامه الثاني تحت مظلة سوق سيني جونة
  • نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب
  • رئيس الجالية الأذربيجانية: تقارب ثقافي ملحوظ بين الشعبين المصري والأذري