التصَهيُن في الخليج.. وارتداده على الدولة الوطنية
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
د. عبدالله باحجاج
كما قال غيرنا سابقًا، ونجدده الآن حرفيًا "لم يعُد مُفاجئًا أن يخرج علينا شخص عربي اللسان، يُقيم الصلاة ويُؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويؤدّي مناسك الحج والعمرة يُدافع عن الصهاينة ويُبرِّر جرائمهم في حق الشعب الفلسطيني".
وداخل منطقتنا الخليجية لم يعد ذلك مُستغربًا، وقد انكشف حجمهم في دولنا الخليجية بصورة مُتباينة، خاصةً بعيد استشهاد زعيم حركة "حماس" يحيى السنوار قبل أيام، فبرز شيوخ دين وكُتّاب وإعلاميون ومُغردون وصحف وقنوات ومواقع إلكترونية، تُظهر الولاء للصهاينة وتُبرز سردياتهم للأحداث، وتدافع عن جرائمهم وتبرِّرُها، وتُهاجم المُقاومة وتعتبرها "إرهابية".
المصيبة أنَّ هناك الكثير من المواطنين المُلتزمين الخليجيين، قد تصهْيَنوا بالمجان، ربما دون أن يدروا.. ربما خوفًا من داخلهم، رغم أنهم غير مُلزمين بإبداء مواقفهم، فلو صمتوا لكان خيرًا لهم. وآخرون يقودهم تعصبهم الفكري إلى الاجتهاد المحدود النَّظر، فيُحمِّلون رجال المقاومة مُعاناة أهل غزة وشهدائها، وفي حالتهم نُرجِع موقفهم إلى نقص الوعي، فهم يعتقدون أنَّ طريق تحرير فلسطين وعاصمتها القدس مفروشة بالورود، وينبغي أن لا تسقط قطرة دم واحدة! أو ننتظر حتى يأتي الله بقوم غير "حماس" لتُجاهد المُحتلين. هنا نُذكِّرُهم بأنَّ الجزائر مثلًا لم تحصل على استقلالها إلّا بعد استشهاد مليون ونصف المليون شهيد، فهل نُحمِّل رجال التحرير الجزائريين الوطنيين الأحرار مسؤولية الملايين من الشهداء؟
لقد ابتُلينا بهكذا وعي، وهو لا يعنينا هنا، وإنما أولئك الذين أصبحوا أداةً لصناعة الكذب وإكراه فكرة المقاومة، والاستعاضة عنها بالتسليم والاستسلام بالأمر الواقع، ولم يعلموا أن فلسطين أرض رباط وجهادٍ ليوم الدين، وأنها أرضٌ مُقدَّسة تُميِّز الحق من الباطل، وأهل الجنَّة من أهل النار.. لم يعلموا أنَّ استشهاد السنوار يأتي في إطار مسيرة استشهادية بدأت منذ عام 1948، ولن تتوقف سوى بالنصر المُبين، وهذا النصر النهائي ليس في حقبة السنوار، وإنما في حِقَبٍ قد تكون طويلة أو قصيرة، لكنها من المُؤكد أنها آتية لا محالة، وأن القيادات الجهادية والمجاهدين لم يتأسسوا على أنهم مفاتيح النصر النهائي، وإنما على غاية الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.. تربوا على أنَّ الموت واحدٌ، وفي وقت معلوم؛ سواء كان بمرض أو فوق الفراش أو بحادث سيارة أو في ساحة الجهاد؛ فأيُ ساحةٍ سيختارون وهم في أرض الرباط والجهاد؟ لقد اختارهم القَدَرُ قبل أن يترك لهم الخيار، وربط على قلوبهم بالشجاعة والبسالة وعزيمة الاستشهاد وإضافة مفصل في مسيرة النَّصر الحتمية.
وكيف للمُتصهْيِنِين أن يعلموا تلكم الحقائق مثلنا؟ وهم لم يدرسوها في مدارسنا ولا جامعاتنا، فهم صناعة الفكر الغربي، ويُوظَفُون على هذا الاعتبار؛ لذلك كان اختراقهم سهلًا، وقضية هُويَتهم محطَ بحثنا كثيرًا؛ لأننا لا نتصور أن يكون هناك من ينتمي لديموغرافيتنا الرصينة ويُحتضن ويُحتوى بدفء مشاعرها وعواطفها، ويؤسَّس بمرجعية أوطانها الإسلامية، ثم يتصهْيَن ويُجاهِر به نهارًا، مثل ما يجاهرون به. فمن هم إذن؟!
لقد حاولنا أن نبحث في سيرة الكثير منهم، وبعد تعبٍ وإرهاق التفكير، سلَّمنا بمقولة الصحفي المصري وائل قنديل عنهم، عندما وصفهم بالقول: "أظن أنَّهم صهاينة مُستعرِبون كانوا مزروعين بيننا في غفلة مِنَّا"!!
هؤلاء المُتَصَهْيِنون ماذا سيكون موقفهم الآن من قضية "إسرائيل الكبرى"؟ وقد كشفت العديد من المصادر أنها ستمدد إلى نحو 3 أو 4 دول عربية وأجزاء من دولة خليجية! مع من سيقفون؟! وماذا سيكون موقف الدول التي خذلت غزة وهي الآن مُستهدفة؟ لنعتبر بوضع دولة عربية حليفة تاريخية للكيان الصهيوني تعيش الآن في قلق وجودي مُرتفع من الصهاينة، ويقول أحد شياطينهم الكبار ويُدعى إيدي كوهين "إنهم بإمكانهم احتلالها بدبابتين فقط"!
وينبغي أن نأخُذ ما يجري في دولة مغاربية ببُعد النظر والإسقاط الخليجي معًا؛ حيث تشهد موجة مُطالبات من يهود يدعون أنَّ لهم أملاكاً فيها، بينها منازل لمواطنين يقطنونها منذ أجدادهم، وقد تمكن الكثير من اليهود من الاستيلاء عليها رغم معارضة شعبية، وبموافقة السلطات المحلية، كيف نسقط هذه الواقعة على بلدننا الخليجية؟
الدور قد يكون آتيًا على الخليج، ونستطيع أن نستشرفه من إقامة كيان لليهود تحت مُسمى "رابطة المجتمعات اليهودية في دول الخليج العربية"، وقد كشفت عنها وزارة الخارجية الإسرائيلية، وقالت إن الرابطة ستلتزم بنمو وازدهار الحياة اليهودية في دول الخليج الستة، وإنها ستضم يهودًا من هذه الدول.
ومما تقدَّم نجد هناك ربطًا أو ارتباطًا بين أهداف الصهاينة الاستراتيجية في الخليج، وبين اختراق الكثير من نُخبها الذين يظهرون الآن مُتصهيِنين أكثر من الصهاينة أنفسهم؛ بل هم الأخطر؛ لأنَّ مشروعهم تغيير الأفكار والسيطرة على عقول الشباب. ونُعبِّر هنا عن الخوف من التحوُّلات المالية والاقتصادية وفتح الأبواب الخليجية على الانفتاح الفكري والآيديولوجي والديموغرافي؛ فهي توفر كل مُقدمات الاختراقات البنيوية؛ أي داخل البنيات الاجتماعية؛ إذ لن تحافظ على المجتمعات المستقرة، فكيف سيصمد الفقير والعاطل عن العمل طويلًا أمام إغراءات المال الصهيوني؛ سواء المباشرة عبر "رابطة المجتمعات اليهودية في دول الخليج العربية" التي أُنشئت قبل الحرب على غزة، أو من قبل مُتصهيني الخليج بسمومهم الفكرية؟
على كل دولة خليجية- حكومة ومجتمعًا- أن تطرح التساؤل العاجل جدًا: إلى أين؟ ليس من منظور ما يكشفه الصهاينة بصورة علنية عن أطماعهم التوسعية، وإنما من حيث أهدافهم داخل كل دولة، وينبغي أن تكون مرجعية التفكير الخليجي في ذلك التساؤل (القلق الوجودي) لشقيقة عربية لم يشفع لها تطبيعها معهم من شرور أطماعهم بحيث يفكرون بصوت مرتفع في احتلالها وبدبابتين!
وعلى المستوى الوطني، ورغم الحكمة العُمانية البالغة في التعاطي مع القضية الفلسطينية، لكننا نخشى من المُحيط الجغرافي في منطقتنا وارتباطنا به بروابط تُلزِمُنا بالانفتاح عليه تلقائيًا.. فهل تُراجع هذه الروابط ضمن عملية مراجعة لخارطة الإكراهات المعاصرة؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بايدن يأذن بتزويد أوكرانيا بسلاح ألغام جديد تحرّمه 160 دولة من أجل صدّ التوغل الروسي
بعد تفويض كييف باستخدام نظام "أتاكمز" الصاروخي لضرب عمق روسيا، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أذن بتزويد أوكرانيا بألغام أرضية "مضادة للأفراد"، وهي أسلحة جديدة كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالب بها منذ ثلاث سنوات.
اعلانوتأتي خطوة البنتاغون، وفقًا لمسؤولَين في البيت الأبيض، لتعزيز دفاعات كييف ضد توغل القوات الروسية. إذ إن أوكرانيا تتكبد خسائر كبيرة مع تزايد خطر سقوط مناطق جديدة في يد بوتين، الذي يستخدم بدوره هذه الأسلحة، وفقًا للصحيفة. ولهذا ترى واشنطن أنه لا مانع من استخدامها، خاصة وأنها قد تعطي أوكرانيا فرصًا للصمود في المناطق الشرقية التي باتت تسقط كأحجار الدومينو.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة: "عندما يتم استخدامها بالتنسيق مع الذخائر الأخرى التي نقدمها بالفعل لأوكرانيا، فإن الهدف هو أن تسهم في الدفاع بشكل أكثر فعالية."
غير أن هذه الخطوة أثارت حفيظة أكثر من 160 دولة موقعة على معاهدة دولية تحظر استخدام هذه الألغام بسبب خطرها على المدنيين. فبحسب نشطاء في مجال حقوق الإنسان، يُعد قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا "علامة سوداء" ضد واشنطن.
عامل إزالة ألغام من الجيش الأوكراني يبحث عن الألغام خلال تدريبات تكتيكية في ميدان رماية في منطقة خاركيف، أوكرانيا، يوم الخميس، 29 فبراير/شباط 2024.Andrii Marienko/ APRelatedقبل الرحيل.. بايدن يمنح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الأسلحة الأمريكية داخل الأراضي الروسيةبوتين يوقع مرسوماً يوسع إمكانية اللجوء إلى السلاح النوويأسلحة أمريكية تصل للعمق الروسي.. كييف تستهدف مستودعًا على بُعد أكثر من 100 كيلومترفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين لـ"واشنطن بوست" إن هذا النوع من الألغام الأرضية المضادة للأفراد يمتلك خاصية التدمير الذاتي، أي أنه يدمر نفسه بعد مدة، مما يقلل من الخطر على المدنيين. غير أن خبراء الرقابة لا يوافقون على هذه المعلومة، حيث يرون أن نظام التدمير الذاتي ليس مضمونًا ولا يزيل الخطر تمامًا عن المدنيين.
وفي وقت سابق، نقلت وكالة "رويترز" عن وسائل إعلام أوكرانية أن كييف استخدمت للمرة الأولى أسلحة "أتاكمز" الأمريكية لضرب مستودع روسي يبعد أكثر من مئة كيلومتر عن أوكرانيا.
في المقابل، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن موسكو سترد على الضربات الصاروخية الأخيرة باستخدام منظومة الصواريخ الجديدة. كما وقع على مرسوم يمنح هامشًا أكبر لاستخدام السلاح النووي في حال "استشعار التهديد"، وهي خطوة تأمل موسكو أن تردع الدعم الغربي المكثف لكييف في الآونة الأخيرة.
يُذكر أن لدى الولايات المتحدة مخزونًا يبلغ حوالي 3 ملايين لغم أرضي مضاد للأفراد حتى عام 2022. ولم تُستخدم هذه الألغام منذ عام 1991، خلال حرب الخليج الأولى، باستثناء حادثة واحدة وقعت في عام 2002 في أفغانستان تضمنت استخدام ذخيرة واحدة، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الرئيس الأوكراني زيلنسكي: "قد يرتفع عدد القوات الكورية الشمالية إلى 100 ألف عند الحدود مع أوكرانيا" على هامش قمة العشرين: محادثات روسية صينية تتناول التوترات في أوكرانيا وكوريا ما هي الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها في روسيا بعد قرار بايدن؟ فولوديمير زيلينسكيألغامفلاديمير بوتينجو بايدنواشنطنروسيااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next تنديد أممي بسرقة المساعدات في غزة ونتنياهو يتعهد بملاحقة حماس وحزب الله يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي يعرض الآن Next عدوى الاحتجاجات تنتقل إلى دول أوروبية بعد فرنسا رفضا لاتفاقية ميركوسور يعرض الآن Next قتل الأطفال يبلغ معدلاً غير مسبوق.. الغارديان: إسرائيل تستخدم الذخيرة الحية لقتلهم في الضفة الغربية يعرض الآن Next الرئيس الأوكراني زيلنسكي: "قد يرتفع عدد القوات الكورية الشمالية إلى 100 ألف عند الحدود مع أوكرانيا" يعرض الآن Next لا يحمل لقبا ملكيا ..اعتقال ابن ولية عهد النرويج للاشتباه في ارتكابه جريمة اغتصاب اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية هوكستين من بيروت: وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في متناول اليد اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياالحرب في أوكرانيا حركة حماسإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتينتركياالاتحاد الأوروبيزراعةأسلحةالطائرات الصغيرة بدون طيارالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024