المرأة العُمانية والاستثمار.. قصة نجاح مستمرة
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@iclod.com
لطالما كانت المرأة العُمانية جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للسلطنة، ساهمت النساء العُمانيات عبر التاريخ بشكل فعال في التجارة والاستثمار؛ حيث أدرن الثروات الأسرية وتاجرن بالمنتجات الزراعية والحرف اليدوية، وقد انعكست هذه المشاركة الاقتصادية النسائية في العصر الحديث بشكل واضح؛ إذ ارتفع مستوى انخراط المرأة العُمانية في مختلف القطاعات الاقتصادية، سواء في الأعمال اليدوية، التجارة، أو حتى في القطاعات الصناعية والخدمية، تأتي هذه النجاحات في إطار السياسات الحكومية الرامية إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040".
في الماضي، كان للمرأة العُمانية حضور قوي في إدارة الاقتصاد المحلي، حيث ساهمت في إدارة الحرف اليدوية والزراعية، وتجارة المنتجات المحلية. وفي محافظات مثل الداخلية والظاهرة، كانت النساء رائدات في تسويق مُنتجات مثل العسل والتمور؛ مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الأسري والمجتمعي، وعلى الرغم من بعض التحديات الاجتماعية والثقافية التي كانت تحد من حركتهن في بعض الأحيان، تمكنت المرأة العُمانية من فرض وجودها في السوق بفضل مثابرتها ودورها المحوري في دعم الاقتصاد المحلي.
ومع التطور الاقتصادي في السلطنة خلال العقود الأخيرة، شهدت مشاركة المرأة العُمانية في الاستثمار قفزة نوعية، فقد تزايدت أعداد النساء اللواتي يُدرن مشاريع صغيرة ومتوسطة، خاصة في محافظات مثل مسقط والداخلية؛ حيث تعتبر العاصمة مسقط من أبرز المناطق التي شهدت نشاطًا ملحوظًا للمرأة في مجال الاستثمار، وتُشكِّل النساء حوالي 25% من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفقًا لإحصاءات غرفة تجارة وصناعة عُمان، وتنوعت هذه المشاريع بين قطاعات التجزئة، الخدمات، وكذلك التكنولوجيا، مما يعكس تنوع الأنشطة الاقتصادية التي تساهم فيها المرأة.
لم يقتصر نشاط المرأة العُمانية على مسقط فحسب؛ ففي ولاية نزوى بمحافظة الداخلية، نشطت النساء بشكل خاص في القطاعين الزراعي والسياحي. وقد أسهمن في إنتاج وتسويق التمور والعسل والمنتجات التقليدية، حيث تشكل النساء حوالي 15% من أصحاب المشاريع الصغيرة المتعلقة بالسياحة والحرف اليدوية. هذا الدور الحيوي يعكس أهمية التراث الثقافي في نشاط المرأة الاقتصادي.
وفي محافظة ظفار، وتحديدًا في مدينة صلالة، تميزت النساء في تجارة البخور والعطور، وهو القطاع الذي تشتهر به المحافظة. النساء يشكلن حوالي 20% من رواد الأعمال في هذا المجال، حيث يعتمدن بشكل أساسي على تصدير المنتجات العطرية إلى الأسواق الإقليمية والدولية. دعم الحكومة لهذا القطاع، إلى جانب تعزيز السياحة في ظفار، كان له دور كبير في ازدهار استثمارات النساء في هذا المجال الحيوي.
كما إن مدينة صحار بمحافظة شمال الباطنة شهدت نجاحات ملحوظة للنساء في قطاع التصنيع، فقد شكلت النساء نسبة 22% من إجمالي رواد الأعمال في هذا القطاع، حيث ركزن على الصناعات الغذائية والمشاريع المتعلقة بالمنتجات المحلية والحرفية، هذه المشاريع لم تكن لتنجح لولا الدعم الحكومي المستمر من خلال برامج تدريبية وتعليمية تهدف إلى تعزيز المهارات الإدارية والتسويقية للنساء.
أما في محافظة البريمي، فقد استفادت النساء من قرب المحافظة من الإمارات المجاورة لتطوير استثمارات عبر الحدود، خاصة في مجالات الزراعة والتجارة فالنساء في هذه المحافظة يشكلن حوالي 18% من رواد الأعمال، ويركزن على المشاريع التي ترتبط بالتجارة الخارجية والزراعة، مما يعكس طموحهن في توسيع نطاق أعمالهن إلى أسواق خارجية.
وعلى مستوى السلطنة ككُل، تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن المرأة العُمانية تشكل حوالي 20% من رواد الأعمال في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما إن النساء يمثلن 46% من الشركات التي تركز على التجارة والصناعات التحويلية، وهذه الأرقام تؤكد أنَّ المرأة العُمانية أصبحت شريكًا أساسيًا في دفع عجلة الاقتصاد الوطني خاصة في ظل الدعم الحكومي والمبادرات التي تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا.
الدراسات الحديثة تشير إلى أن المشاريع النسائية في عُمان قد حققت نموًا بنسبة تتجاوز 30% في السنوات الخمس الأخيرة كما إن تقرير هيئة المؤسسات المتوسطة والصغيره يشير إلى أن المشاريع التي تديرها نساء أكثر نجاحاً واستدامة من المشاريع الأخرى بنسبة 5-10% هذه النسبة تعكس النجاح المستمر لبرامج الدعم الحكومي مثل هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبنك التنمية، التي تقدم التمويل والدعم الفني للمشاريع النسائية، وفي مجال التكنولوجيا المالية والسياحة، تسهم المرأة العُمانية بشكل ملحوظ؛ حيث تمثل النساء 73% من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بحسب الإحصاءات.
وفي عام 2023، بلغ عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة من قبل النساء حوالي 8502 مشروع، تتركز معظمها في القطاعات الحرفية والخدمية والزراعية، هذه المشاريع تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني من خلال الابتكار وخلق فرص العمل؛ مما يُعزز دور المرأة في تحقيق التنمية المُستدامة.
وعلى الرغم من النجاحات العديدة، لا تزال المرأة العُمانية تواجه بعض التحديات، مثل الوصول إلى التمويل الكامل والدعم الفني فبرامج مثل "تمويل المرأة العُمانية" تهدف إلى معالجة هذه التحديات وتقديم الدعم اللازم وتعمل الحكومة على تعزيز دور المرأة في ريادة الأعمال من خلال برامج تدريبيه متخصصة فنية وإدارية لتطوير مهارات النساء وتمكينهن من النجاح في مختلف القطاعات.
في النهاية.. تُثبِت المرأة العُمانية يومًا بعد يوم قدرتها على النجاح في مجال الاستثمار وهي تواصل في تعزيز حضورها في السوق المحلي، وتُسهِم بشكل فعَّال في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040"، التي تؤكد على الدور المحوري للمرأة في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة : الإمارات تضع التوازن بين الجنسين وتمكين المرأة في صدارة أولوياتها
أكدت سعادة ريم السالم المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات أن التوازن بين الجنسين والمساواة بين الرجل والمرأة من أولويات دولة الإمارات، وهو نهج راسخ وواضح في الدولة يحظى بدعم من قيادتها وحكومتها وشعبها والمقيمين على أرضها كافة.
وقالت في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام” على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقدته اليوم في ختام زيارتها الرسمية للدولة، إن برامج وسياسات دولة الإمارات جميعها تعمل على تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في جميع القطاعات.
وأضافت أن هناك الكثير من الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في هذا الملف التي يمكن البناء عليها لمواصلة مسيرة تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع ودعم الفتيات وحمياتهن من العنف.
وقالت سعادتها إن هذه الزيارة هي السادسة التي تقوم بها إلى دول مختلفة للنظر في سياسة حماية المرأة والفتيات فيها، مؤكدة أن زيارتها الرسمية إلى دولة الإمارات كانت من أكثر الزيارات تنظيما وتعاونا وطلبت العديد من اللقاءات التي تمت الاستجابة لها كما تم تنفيذ برنامج الزيارة بمرونة ويسر كبيرين.
وأكدت ريم السالم خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في أبوظبي أن دولة الإمارات حققت تقدماً كبيراً في الوفاء بالتزاماتها الدولية لحماية وتعزيز حقوق النساء.
وتوجهت بالشكر العميق إلى حكومة دولة الإمارات على دعوتها للقيام بهذه الزيارة الرسمية، مؤكدة أنها كانت واحدة من أفضل الزيارات التي نفذتها منذ توليها مهامها كمقررة خاصة للأمم المتحدة معنية بالعنف ضد النساء والفتيات.
وقالت إن دولة الإمارات تظهر تطوراً كبيراً في مجال تعزيز حقوق المرأة ودعم مشاركتها في المجالات كافة ومنها السياسية والاقتصادية.
وأضافت أن الإمارات احتلت المرتبة السابعة عالمياً، والأولى إقليمياً، في مؤشر الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين للعام 2024، كما حصلت على درجة استثنائية من البنك الدولي وصلت إلى 82.5 نقطة من أصل 100 في مجال حقوق المرأة لعام 2023 وهو ما يظهر جلياً التزاماً كبيراً من جانب دولة الإمارات في هذا الملف.
وأشارت إلى أن دستور دولة الإمارات يضمن المساواة بين الجميع أمام القانون ويؤكد العدالة الاجتماعية والتكافؤ في الفرص، موضحة أنه خلال السنوات الماضية أطلقت الدولة العديد من المبادرات والمشاريع التي تدعم التوزان بين الجنسين وتمكين النساء، وتعزيز قيم الأسرة، ومعالجة الانتهاكات ضد النساء والفتيات.
وتطرقت خلال المؤتمر الصحفي إلى وجود إطار قانوني إيجابي لحقوق الأطفال في دولة الإمارات ومنها قانون حقوق الطفل “وديمة” الذي يوفر الحماية لجميع الأطفال من أشكال الإساءة والإهمال والاستغلال وسوء المعاملة كافة.
وأضافت أن دولة الإمارات عملت على تعزيز التمكين السياسي للمرأة ومن أبرز الخطوات المتخذة في هذا الصدد رفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50 في المئة بالإضافة إلى إنشاء مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين.
وأشارت إلى الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات الدولة مثل الاتحاد النسائي العام والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة في دعم وتمكين النساء والفتيات وتعزيز وعيهن، مشيدة بمختلف البرامج والأنشطة التي يتم تنفيذها لدعم ضحايا العنف من الفتيات.
وأشادت بجهود دولة الإمارات الداعمة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة في الأمن والسلام مع إطلاقها في العام 2019 “مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، مؤكدة أهمية دور دولة الإمارات في دعم أجندة المرأة والسلام والأمن العالمية.