سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@iclod.com

 

لطالما كانت المرأة العُمانية جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للسلطنة، ساهمت النساء العُمانيات عبر التاريخ بشكل فعال في التجارة والاستثمار؛ حيث أدرن الثروات الأسرية وتاجرن بالمنتجات الزراعية والحرف اليدوية، وقد انعكست هذه المشاركة الاقتصادية النسائية في العصر الحديث بشكل واضح؛ إذ ارتفع مستوى انخراط المرأة العُمانية في مختلف القطاعات الاقتصادية، سواء في الأعمال اليدوية، التجارة، أو حتى في القطاعات الصناعية والخدمية، تأتي هذه النجاحات في إطار السياسات الحكومية الرامية إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040".

في الماضي، كان للمرأة العُمانية حضور قوي في إدارة الاقتصاد المحلي، حيث ساهمت في إدارة الحرف اليدوية والزراعية، وتجارة المنتجات المحلية. وفي محافظات مثل الداخلية والظاهرة، كانت النساء رائدات في تسويق مُنتجات مثل العسل والتمور؛ مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الأسري والمجتمعي، وعلى الرغم من بعض التحديات الاجتماعية والثقافية التي كانت تحد من حركتهن في بعض الأحيان، تمكنت المرأة العُمانية من فرض وجودها في السوق بفضل مثابرتها ودورها المحوري في دعم الاقتصاد المحلي.

ومع التطور الاقتصادي في السلطنة خلال العقود الأخيرة، شهدت مشاركة المرأة العُمانية في الاستثمار قفزة نوعية، فقد تزايدت أعداد النساء اللواتي يُدرن مشاريع صغيرة ومتوسطة، خاصة في محافظات مثل مسقط والداخلية؛ حيث تعتبر العاصمة مسقط من أبرز المناطق التي شهدت نشاطًا ملحوظًا للمرأة في مجال الاستثمار، وتُشكِّل النساء حوالي 25% من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفقًا لإحصاءات غرفة تجارة وصناعة عُمان، وتنوعت هذه المشاريع بين قطاعات التجزئة، الخدمات، وكذلك التكنولوجيا، مما يعكس تنوع الأنشطة الاقتصادية التي تساهم فيها المرأة.

لم يقتصر نشاط المرأة العُمانية على مسقط فحسب؛ ففي ولاية نزوى بمحافظة الداخلية، نشطت النساء بشكل خاص في القطاعين الزراعي والسياحي. وقد أسهمن في إنتاج وتسويق التمور والعسل والمنتجات التقليدية، حيث تشكل النساء حوالي 15% من أصحاب المشاريع الصغيرة المتعلقة بالسياحة والحرف اليدوية. هذا الدور الحيوي يعكس أهمية التراث الثقافي في نشاط المرأة الاقتصادي.

وفي محافظة ظفار، وتحديدًا في مدينة صلالة، تميزت النساء في تجارة البخور والعطور، وهو القطاع الذي تشتهر به المحافظة. النساء يشكلن حوالي 20% من رواد الأعمال في هذا المجال، حيث يعتمدن بشكل أساسي على تصدير المنتجات العطرية إلى الأسواق الإقليمية والدولية. دعم الحكومة لهذا القطاع، إلى جانب تعزيز السياحة في ظفار، كان له دور كبير في ازدهار استثمارات النساء في هذا المجال الحيوي.

كما إن مدينة صحار بمحافظة شمال الباطنة شهدت نجاحات ملحوظة للنساء في قطاع التصنيع، فقد شكلت النساء نسبة 22% من إجمالي رواد الأعمال في هذا القطاع، حيث ركزن على الصناعات الغذائية والمشاريع المتعلقة بالمنتجات المحلية والحرفية، هذه المشاريع لم تكن لتنجح لولا الدعم الحكومي المستمر من خلال برامج تدريبية وتعليمية تهدف إلى تعزيز المهارات الإدارية والتسويقية للنساء.

أما في محافظة البريمي، فقد استفادت النساء من قرب المحافظة من الإمارات المجاورة لتطوير استثمارات عبر الحدود، خاصة في مجالات الزراعة والتجارة فالنساء في هذه المحافظة يشكلن حوالي 18% من رواد الأعمال، ويركزن على المشاريع التي ترتبط بالتجارة الخارجية والزراعة، مما يعكس طموحهن في توسيع نطاق أعمالهن إلى أسواق خارجية.

وعلى مستوى السلطنة ككُل، تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن المرأة العُمانية تشكل حوالي 20% من رواد الأعمال في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما إن النساء يمثلن 46% من الشركات التي تركز على التجارة والصناعات التحويلية، وهذه الأرقام تؤكد أنَّ المرأة العُمانية أصبحت شريكًا أساسيًا في دفع عجلة الاقتصاد الوطني خاصة في ظل الدعم الحكومي والمبادرات التي تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا.

الدراسات الحديثة تشير إلى أن المشاريع النسائية في عُمان قد حققت نموًا بنسبة تتجاوز 30% في السنوات الخمس الأخيرة كما إن تقرير هيئة المؤسسات المتوسطة والصغيره يشير إلى أن المشاريع التي تديرها نساء أكثر نجاحاً واستدامة من المشاريع الأخرى بنسبة 5-10% هذه النسبة تعكس النجاح المستمر لبرامج الدعم الحكومي مثل هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبنك التنمية، التي تقدم التمويل والدعم الفني للمشاريع النسائية، وفي مجال التكنولوجيا المالية والسياحة، تسهم المرأة العُمانية بشكل ملحوظ؛ حيث تمثل النساء 73% من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بحسب الإحصاءات.

وفي عام 2023، بلغ عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة من قبل النساء حوالي 8502 مشروع، تتركز معظمها في القطاعات الحرفية والخدمية والزراعية، هذه المشاريع تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني من خلال الابتكار وخلق فرص العمل؛ مما يُعزز دور المرأة في تحقيق التنمية المُستدامة.

وعلى الرغم من النجاحات العديدة، لا تزال المرأة العُمانية تواجه بعض التحديات، مثل الوصول إلى التمويل الكامل والدعم الفني فبرامج مثل "تمويل المرأة العُمانية" تهدف إلى معالجة هذه التحديات وتقديم الدعم اللازم وتعمل الحكومة على تعزيز دور المرأة في ريادة الأعمال من خلال برامج تدريبيه متخصصة فنية وإدارية لتطوير مهارات النساء وتمكينهن من النجاح في مختلف القطاعات.

في النهاية.. تُثبِت المرأة العُمانية يومًا بعد يوم قدرتها على النجاح في مجال الاستثمار وهي تواصل في تعزيز حضورها في السوق المحلي، وتُسهِم بشكل فعَّال في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040"، التي تؤكد على الدور المحوري للمرأة في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تفاهم بين ميناء الدقم و"النفط العُمانية للتسويق" لتطوير حلول الطاقة النظيفة

 

 

مسقط- الرؤية

وقعت شركة ميناء الدقم مذكرة تفاهم مع شركة النفط العُمانية للتسويق "نفط عُمان" لدراسة وتطوير خيارات تطبيق نظم الطاقة الشمسية، والوقود الحيوي، ومحطات شحن المركبات الكهربائية في ميناء الدقم.

وتأتي هذه الاتفاقية تماشيًا مع رؤية "عُمان 2040" وأهدافها الطموحة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050؛ حيث تسهم في تعزيز البنية التحتية المستدامة ودعم التحول نحو الطاقة المتجددة في السلطنة.

وقع مذكرة التفاهم كل من ريجي فرميولن الرئيس التنفيذي لشركة ميناء الدقم، وطارق بن محمد الجنيدي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العُمانية للتسويق، بحضور كل من المهندس هاشم طاهر آل إبراهيم مدير عام الدعم التجاري، ومحمد بن حسن المجيني المدير العام المساعد للصحة والسلامة المهنية والجودة والتنمية المستدامة في شركة النفط العُمانية للتسويق.

وقال ريجي فرميولن الرئيس التنفيذي لشركة ميناء الدقم: "ملتزمون بتطوير حلول مستدامة للطاقة في الميناء، وهذه الاتفاقية تعزز مساعينا نحو تحقيق بيئة تشغيلية صديقة للبيئة ومتوافقة مع رؤية عُمان 2040. كما أن شراكتنا مع شركة النفط العُمانية للتسويق ستفتح آفاقاً جديدة في مجال الطاقة النظيفة، مما يسهم في تحويل ميناء الدقم إلى بوابة لوجستية مستدامة على المستوى الإقليمي والدولي".

ومن جانبه، قال طارق بن محمد الجنيدي الرئيس التنفيذي لشركة النفط العُمانية للتسويق: "نحن في شركة النفط العُمانية للتسويق ملتزمون بتوفير الحلول المناسبة لتزويد عملاءنا بكل الحلول التي تخدمهم، ومن ضمنها حلول الطاقة النظيفة؛ حيث تعمل الشركة على تطوير الكثير من الحلول في هذا المجال ومن أهمها توفير حلول الطاقة الشمسية والبنية الأساسية لشحن السيارات الكهربائية والديزل الحيوي والتي بلا شك اصبحت خياراً للعديد من عملاءنا وكذلك وفرت البنية الأساسية لدعم  الانتقال نحو الطاقة النظيفة وتحقيق الحياد الكربوني. ويمثل هذا التفاهم مع ميناء الدقم خطوة أساسية في تمكين الميناء من تحسين استخدام الطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة. كما يسمح لنا بتوسيع نطاق حلولنا الخضراء، وتعزيز دورنا في قيادة مستقبل أكثر استدامة لعُمان".

ومن شأن هذا التعاون أن يُمكِّن ميناء الدقم من تعزيز كفاءة منشآته وتقليل الانبعاثات الكربونية وأن يكون نموذجًا في تطوير وتشغيل الموانئ المستدامة، كما أنه يمثل خطوة رئيسية في جعل الدقم بوابة للطاقة الخضراء والنظيفة. ومن خلال تبني حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والوقود الحيوي، سيصبح ميناء الدقم نقطة مهمة لعمليات الشحن والتخزين والنقل المستدامة؛ مما يُسهم في تعزيز مكانته كوجهة رائدة في التحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون ودعم الجهود الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني.

مقالات مشابهة

  • الهوية العُمانية.. مصدر عطاء وإلهام
  • [ الحجاب الإسلامي ليس هو السفور الحيواني الجاهلي الغربي ] أو قل : [ شهر الله رمضان الكريم ودور عرض أزياء النساء الجاهلي العاري ] .
  • أمل عمار: مصر تعيش العصر الذهبي للمرأة بفضل الإرادة السياسية
  • رابطة حقوقية: الإفراج عن 13 سجينة في مأرب يعزز حقوق المرأة
  • «العالمية للألمنيوم» تناقش فرص عمل النساء
  • الإعلان عن نجاح قطر السفينة "سونيون" التي تعرضت لهجوم حوثي عبر قناة السويس
  • هيئة الأمم المتحدة للمرأة: التقدم نحو المساواة بين الجنسين في السياسة لا يزال محدودًا في 2025
  • تفاهم بين ميناء الدقم و"النفط العُمانية للتسويق" لتطوير حلول الطاقة النظيفة
  • مع قرب المهلة التي منحها السيد القائد.. حماس: العدو يواصل إغلاق معابر غزة بشكل كامل
  • في يوم المرأة العالمي..النساء الروسيات على خطوط المواجهة