في ظل التغيرات التكنولوجية المتسارعة والتوجه نحو أساليب تعليمية مبتكرة، يبرز التعلم باللعب كأحد الحلول الفعالة لتلبية احتياجات الجيل الجديد وهو أحد أبرز الاستراتيجيات التي تعزز تجربة التعلم حيث يمثل هذا النهج طريقة ماتعة ومشوقة لتعليم الأطفال متجاوزًا بذلك كونه وسيلة لتلقي المعلومات فقط، بل يشجع الأطفال على استكشاف المعرفة بطريقة تفاعلية تنبض بالحياة، وتعتبر تسنيم التوبية، معلمة لغة إنجليزية، أن التعليم باللعب ليس مسارًا جديدًا تمامًا، ولكنه يتطور بشكل مستمر ليتناسب مع احتياجات العصر، فالتعليم باللعب يُعد من الوسائل الفعّالة في تعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب، بالإضافة إلى مهارة حل المشكلات، والتي تُعتبر من أهم مهارات القرن الواحد والعشرين، ويعتمد هذا الأسلوب على تحفيز قدرات العقل البشري من خلال تجارب جديدة يستمتع فيها الطالب بالعملية التعليمية بطرق محفزة ومشوقة.

الفرق مع التعليم التقليدي

وأشارت التوبية إلى أن الفرق بين التعليم التقليدي والتعليم باللعب في تأثيرهما على استيعاب الأطفال وفهمهم للمفاهيم كبير جدًا، فقد كان التعليم التقليدي يعتمد على التلقين، مما قد يحد من النمو السريع للعقل وفي المقابل يُعتبر التعليم باللعب بوابة واسعة تفتح آفاق التفكير لدى الطفل ويُمنح فرصة أكبر للتعلم والاستفادة ويسهم هذا النوع من التعليم في تحفيز العقل ويحقق نتائج أفضل، حيث يدفع الطلاب لتطوير إبداعاتهم وابتكاراتهم.

وأضافت التوبية بأن البعض يعتقد أن التعليم باللعب يمثل تحديا، ولكن عند تطبيقه بالطريقة الصحيحة، يمكن أن يحقق الأهداف التعليمية المرجوة بأسلوب أكثر فعالية ومتعة، فإذا كانت لدينا خيارات متعددة للوصول إلى الهدف فمن الأفضل أن نتبع المسار الذي يوفر للطلاب الفرصة للاستمتاع بالتعليم لأن التعلم باللعب يمنح الطفل الربط بين أفكاره وموضوع الدرس من خلال الأنشطة الفعالة التي ينفذها المعلم في القاعة الصفية أو الخارجية مع أهمية توظيف استراتيجيات تعليمية متنوعة.

فالهدف الرئيسي من التعليم هو بناء معرفة أفضل للطفل، بدلًا من الاقتصار على الأساليب التقليدية التي لا تصنع منه إنسانًا ناجحًا وفعّالًا فالتعليم باللعب يضمن إدراكًا أعمق للمعلومات لأنها ترتبط بشيء يحبه الطفل ويستمتع به، مما يرسخ المعلومة في ذهنه بشكل أعمق.

التحديات

وأوضحت التوبية أن أبرز التحديات التي تواجه المعلمين عند دمج الألعاب مع المنهج التعليمي هي مسألة الوقت، إذ يخشى الكثير من المعلمين تأخيرهم في تغطية المناهج، كما توجد اختلافات واضحة بين الطلاب وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية والمعرفية، مما يتطلب مراعاة عوامل متعددة فمن الضروري استخدام جميع الفئات الحسية المتاحة في الفصل (السمعية، البصرية، والحركية)، لأنه يجب إدراك أنه ليس الجميع يمتلك الحس نفسه لكسب المعلومة.

وأوضحت التوبية من الضروري أن نراعي الفروقات الفردية بين الطلبة، أحيانًا، قد يجيب الطالب بشكل غير كامل لأن المعلومة لم تصل إليه بالطريقة المناسبة لذا، يجب استخدام أساليب متنوعة مثل القصص والأغاني لتحفيز عقولهم، وأضافت: كمعلمين، علينا مراعاة كيفية توصيل المعلومات بطرق تتناسب مع احتياجات كل طالب، كما يمكن دمج التكنولوجيا في التعليم باللعب بشكل سلس وفعّال بالرغم أن هناك إيجابيات وسلبيات، إلا أنه من الممكن الاستفادة من العناصر الإيجابية للتكنولوجيا لتحسين تجربة التعليم، فلقد أثرت التكنولوجيا بشكل كبير على أفكار الطلاب، مما يفرض علينا تعزيز استخدام التطبيقات التعليمية والألعاب التفاعلية.

تنمية الجانب الاجتماعي

وأوضحت أن التعليم باللعب يسهم بشكل كبير في تطوير الجانب الاجتماعي للطلبة، حيث يُعزز من حماسهم وثقتهم بأنفسهم ويشعر الطالب بأنه قادر على الوصول إلى المعرفة وتحقيق أهداف الدرس بطريقة تتناسب مع احتياجاته، كما يعد فرصة للأطفال لتطوير قدراتهم الاجتماعية من خلال التفاعل والتعاون مع زملائهم، حيث يتعلمون تبادل الأدوار وحل المشكلات والتفاوض، مما يُعزز ذكائهم الاجتماعي.

دور أولياء الأمور

وقالت التوبية لا يمكنني أن أغفل عن دور أولياء الأمور في تعزيز التعليم باللعب فهم شركاء أساسيون في صقل مهارات الطلاب، ومن خلال تجربتي، أجد أنهم يدعمون البرامج والتجارب التعليمية التي نقدمها حيث يسعى أولياء الأمور دائمًا إلى رؤية أطفالهم يتعلمون بطرق مبتكرة ويعززون هذا الفهم فعندما يلحظ المعلمون اهتمام أولياء الأمور، فذلك يعزز من رغبتهم في تقديم الأفضل، هذا الوعي بأهمية التعليم باللعب يشجعنا على تقديم تجربة تعليمية ماتعة وفعّالة.

كما أعتز بأن طلابي يبتكرون ألعابًا جديدة تعزز من تعلمهم وأعتبر هذا التجديد جزءا من عملية التعلم، حيث أتعلم من طلابي كيف يمكن تقديم المحتوى بطرق مبتكرة وملهمة فمن خلال التفاعل مع الطلاب، نستطيع تعلم أفكار جديدة تسهم في خلق بيئة تعليمية مُحفزة.

أداة فعال ة

ويرى ناصر العلوي، ولي أمر أحد الطلبة، أن التعليم باللعب يُعتبر وسيلة مبتكرة لإيصال المعلومات للطلاب، حيث يتطلب اختيار الألعاب بعناية من قبل المعلمين لتلبية احتياجات الفهم لدى الطلاب وهذا الأسلوب لا يقتصر على كونه مجرد وسيلة مسلية، بل له أهمية كبيرة تتطلب تنمية ودعمًا مستمرًا.

ويؤكد العلوي أن الابتكار في اختيار الألعاب يُعزز من فعالية التعليم، خاصة عندما يكون التركيز على اللعب اليدوي الذي يساعد الطلاب في تركيب الأشياء وفهم المعلومات بعيدًا عن الإلكترونيات وفي المقابل أصبح التعليم التقليدي روتينًا حيث يقتصر على قراءة الكتب والتهجي مما يجعل التعليم باللعب أكثر جذبا لأبنائنا الطلاب وخصوصا للأطفال ويسهم في ترسيخ المعلومات بشكل أفضل، كما يحفز هذا النوع من التعليم الطلاب على التفكير بشكل نقدي ويعزز ذكاءهم، مما يجعلهم يتفاعلون بشكل أعمق مع المحتوى، ومن وجهة نظره، ينعكس التعليم باللعب إيجابًا على الجانب العاطفي للطالب وكيفية تعامله مع الأسرة والمجتمع في المستقبل لأنها تمنحه الثقة في نفسه وتجعل منه شخص متمكن من التفاعل مع الآخرين.

وأضاف هذه الاستراتيجيات تؤدي دورًا كبيرًا في تشجيع الطلاب على قبول هذا النوع من التعليم ويؤكد العلوي على أهمية استخدام العصف الذهني لابتكار ألعاب تعليمية، مما يساعد الطلاب في فهم المواد الدراسية بشكل أفضل وبالتالي، يتطلب هذا الأمر تعاونًا وثيقًا بين أولياء الأمور والمدارس والمعلمين، ليكونوا جميعًا لبنة قوية تؤثر إيجابًا على مستقبل التعليم.

المراحل المبكرة

وتشير شمائل العلوية، ولي أمر أحد الطلبة، إلى أن التعليم باللعب أصبح اليوم من الأساليب التعليمية الأكثر تأثيرًا على أبنائنا، خاصة في مرحلة التعليم المبكر والحلقة الأولى ويعتبر هذا الأسلوب وسيلة فعالة لتوصيل المعلومات وتنشيط الذاكرة، حيث يتيح للأطفال استكشاف المعلومات من خلال الأنشطة مثل الفك والتركيب والألغاز، مما يُثري تجربتهم التعليمية.

وتضيف العلوية أن الأنشطة التفاعلية، مثل الأحجيات والتمارين، تُثير حماس الأطفال وتدفعهم لاكتساب المزيد من المعرفة. يُظهر التعليم باللعب تأثيرًا ملحوظًا على الأداء الأكاديمي، إذ تُرسخ المعلومات في عقول الأطفال بشكل أفضل، مما يسهل عليهم الاستنتاج والاكتشاف الذاتي.

وفي الوقت نفسه، تشير العلوية إلى أن التعليم التقليدي له مميزاته، مثل الاعتماد على الذاكرة في فهم وحفظ المعلومات التي يتلقاها من المعلم أو الوالدين، مما يقلل من فرص الاستكشاف الذاتي لدى الطالب.

وأن مشاركة أفراد الأسرة في الأنشطة التعليمية تعتبر عاملًا أساسيًا لدعم التعليم، حيث يُعزز التفاعل الأسري روح التعاون بين الأفراد، لذا تدعو العلوية إلى أهمية جعل البيئة المنزلية مكملة للمدرسة من خلال متابعة التطورات في التعليم واستخدام التقنيات الحديثة، مما يُعزز تجربة التعلم ويسهل وصول المعلومات للأطفال بطريقة ماتعة وفعالة، سواء في البيت أو المدرسة.

نهج مبتكر لتعزيز التعلم

وتضيف أماني قاسم، مساعدة مديرة مدرسة اقرأ الخاصة، أن المدرسة تؤدي دورًا فعالًا في تعزيز التعليم باللعب ضمن مناهجها الدراسية وذلك من خلال توفير وسائل تعليمية وألعاب متنوعة، فضلًا عن تشجيع المعلمين على استخدام استراتيجيات اللعب كأداة تعليمية، ولتشجيع المعلمين على تبني هذه الأساليب، تُنظم المدرسة حلقات عمل تعليمية تشرح فيها استراتيجيات اللعب المختلفة وكيفية تنفيذها في الدروس مما يعزز من بيئة التعلم، ويساعد الطلاب على التفاعل بشكل أكبر مع المحتوى الدراسي.

كما تشير إلى أن المدرسة لديها خطط وبرامج خاصة لتطوير مهارات الأطفال من خلال الأنشطة التفاعلية واللعب بالإضافة إلى تطبيقات تفاعلية تم تنزيلها للطلاب لمساعدتهم في نطق الحروف، ويتم تشجيع الأهالي على استخدام هذه التطبيقات عبر مجموعات التواصل، وحول تحقيق التوازن بين الأنشطة التعليمية التقليدية والتعليم توضح أنه من خلال اللعب، يُكلَّف الطلبة بكتابة قصص باستخدام برامج الحاسب الآلي، وصنع روبوتات، بالإضافة إلى تدريبهم على حل المسائل الحسابية باستخدام الأنظمة الرقمية.

وتوضح أن التعليم باللعب له تأثير كبير على تحسين مستوى التحصيل الأكاديمي للطلبة، حيث يعدّ وسيلة للتعبير عن المشاعر والتواصل مع الآخرين، كما أن استخدام التقنيات أثناء التعليم ويُساعد الأطفال على إدراك محيطهم وتوسيع مداركهم، مما يسهم في تحسين أدائهم الأكاديمي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التعلیم التقلیدی أولیاء الأمور من التعلیم اللعب ی من خلال إلى أن عزز من

إقرأ أيضاً:

خلال زيارته لـ باريس.. وزير التعليم العالي يبحث سُبل التعاون مع الجانب الفرنسي لتطوير التعليم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

زار الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلم، المقر الرئيسي لمدرسة 42 في باريس، وذلك على هامش المشاركة في فعاليات المجلس التنفيذي لليونسكو.

وخلال الزيارة، أكد الوزير أهمية الاطلاع على مختلف التجارب التعليمية الدولية الفريدة و المُتميزة للاستفادة منها في تطوير منظومة التعليم المصري، وخاصة التعليم التكنولوجي؛ بما ينعكس على خلق جيل جديد من الشباب المٌدربين والمٌؤهلين لتلبية متطلبات سوق العمل ويكونوا مُزودين بكل المعارف والخبرات العملية لدعم جهود بناء مجتمع صناعي جيد يحقق أهداف الجمهورية الجديدة ورؤية مصر 2030.

وخلال الزيارة، استمع الوزير لشرحٍ وافٍ حول النهج التعليمي للمدرسة والذي قدمته السيدة صوفي فيغر المديرة العامة لمدرسة 42، والتي أوضحت أن النموذج التعليمي للمدرسة يُركز على التعلم العملي وحل المشكلات والابتكار، كما يعتمد المنهج الدراسي على المشاريع، حيث يُحاكي السيناريوهات الواقعية ويزود الطلاب بالمهارات التقنية والتكيفية اللازمة للتفوق في صناعة التكنولوجيا الرقمية المتطورة بسرعة.

وأضافت، أن نموذج التعلم بالمدرسة يقوم على التفاعل بين الطلاب، ويعمل بدون أساتذة تقليديين، حيث يتعلم الطلاب من خلال التعاون والتقييم المتبادل، ويشجع هذا الأسلوب المبتكر التعلم الذاتي والتفكير النقدي والعمل الجماعي، وهي مهارات أساسية للنجاح في قطاع التكنولوجيا، مشيرة إلى أن التنوع في مجتمع المدرسة الذي يجمع بين أفراد من خلفيات وتجارب متنوعة يُسهم في خلق بيئة تعليمية غنية وشاملة.

وأشاد الوزير بالنظام التعليمي للمدرسة، مشيرًا إلى إمكانية الاستفادة من تبني عناصر من نموذج المدرسة؛ لتعزيز جهود تطوير النظام التعليمي في مصر، مع الاهتمام باستكشاف سٌبل دمج بعض جوانب التعلم القائم على المشاريع ونموذج التعليم التفاعلي في الجامعات والمعاهد التعليمية المصرية.

هذا، وتناولت الزيارة مناقشة سُبل التعاون بين الجانبين المصري والفرنسي؛ لتعزيز جهود تطوير التعليم التكنولوجي في مصر خاصة في ظل التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية في مصر والتي وصل عددها إلى 10 جامعات تكنولوجية حتى الآن.

رافق الوزير خلال الزيارة  الدكتورة شاهندا عزت الملحق الثقافي المصري بباريس.


جدير بالذكر أن "مدرسة 42" الفرنسية تأسست عام 2013 بهدف سد الفجوة بين التعليم التقليدي واحتياجات صناعة التكنولوجيا، وتهدف إلى إتاحة التعليم في مجال البرمجة لجميع الطلاب، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ويعتمد النهج التفاعلي للمدرسة على إلغاء الفصول الدراسية التقليدية، حيث يعمل الطلاب معًا، ويقومون بتعليم وتقييم أعمال بعضهم البعض، مما يعزز بيئة تعلم تعاونية وتفاعلية، ويشجع هذا النهج على تطوير التفكير النقدي والمرونة والإبداع، وهي صفات أساسية للنجاح في عالم التكنولوجيا المتسارع، وأدى نجاح هذا النموذج لإنشاء العديد من فروع "مدرسة 42" حول العالم.

 

IMG-20241019-WA0061 IMG-20241019-WA0062 IMG-20241019-WA0060

مقالات مشابهة

  • لتعزيز سُبل التعاون بين الجامعات التكنولوجية المصرية والفرنسية.. وزير التعليم العالي يلتقي بنظيره الفرنسي لبحث سُبل التعاون المُشترك
  • خلال زيارته لـ باريس.. وزير التعليم العالي يبحث سُبل التعاون مع الجانب الفرنسي لتطوير التعليم
  • ختام فعاليات البرنامج التدريبي فاليو لطلاب جامعة دمنهور
  • وزير التعليم العالي يزور مدرسة 42 بفرنسا لتعزيز التعاون التعليمي
  • عاشور: يؤكد أهمية الاستفادة من التجارب الدولية المتميزة لتطوير منظومة
  • وزير التعليم العالي يزور مدرسة 42 الفرنسية ويشيد بنظامها التعليمي
  • وزير التعليم العالي يزور "مدرسة 42" الفرنسية
  • 4 نصائح لتحسين استيعاب الطلاب
  • المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب يعقد اجتماعه الدوري