ما هي ‘مفاجأة أكتوبر التي يخشاها جميع رؤساء أميركا في الشهر الأخير قبل الانتخابات؟
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
تدخل الانتخابات الرئاسية الأميركية فترتَها الحرجة قبيل إقامتها في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، حيث تتوجّس الحملات الانتخابية الرئاسية مما يحمله شهر أكتوبر/ تشرين الأول من مفاجآت لا تتوقعها في ظل منافسات انتخابية حامية الوطيس.
تُعرّف "مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول" في قاموس الانتخابات الرئاسية الأميركية بأنها حدث سياسي أو اقتصادي جلل أو فضيحة سياسية أو أخلاقية تنال من شخصية أحد المرشحين للرئاسة الأميركية، تحدث غالبًا في شهر أكتوبر/ تشرين الأوَّل، حين تبلغ الحملات الانتخابية ذروتها.
وفي عصر التغطيات الإخبارية الأميركية المستمرّة، الباحثة عن الإثارة الإعلامية طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين، قد تؤدي مثل هذه المفاجآت غير المتوقعة إلى ترجيح كفة الانتخابات لصالح أحد المرشحين ترجيحًا يعتلي فيه سدة البيت الأبيض الأميركي.
ومن أشهر مفاجآت أكتوبر/ تشرين الأول في الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة، ما عُرِف بشريط أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، قبيل إجراء انتخابات عام 2004، الذي نقلته للعالم قناة الجزيرة الإخبارية في سباق صحفي كسر هيمنة الإعلام الغربي للأخبار العالمية لأول مرة في التاريخ الحديث.
في هذه الرسالة، أشار بن لادن إلى أن تلك الهجمات جاءت كنتيجة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولكنه لم يهدد بمزيد من الهجمات. رغم أن التوقيت جاء مفاجئًا قبل أيام من الانتخابات، فإن الفيديو اعتُبر تعزيزًا لموقف الرئيس جورج بوش الابن، الذي كان يعتمد على صورة القائد الحازم في محاربة الإرهاب.
تلك الرسالة عزَّزت مخاوف الناخبين الأميركيين من تهديد الإرهاب، مما ساهم في تعزيز دعم بوش على حساب منافسه جون كيري، الذي كان يُنظر إليه على أنه أقلّ حزمًا في هذا المجال.
جاء شريط بن لادن بينما كان المرشح الديمقراطي جون كيري على وشك إحراز نصر انتخابي ضد خصمه الرئيس وقتها جورج بوش الابن، مما رجّح كفة الفوز لصالح الأخير، معيدًا إلى ذاكرة وذهن الناخب الأميركي الأحداث الجسيمة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول في مدينتي نيويورك وواشنطن دي سي، وأهمية الاستمرار في الحرب على الإرهاب التي أعقبتها.
خسر كيري سباق الرئاسية بسبب شريط فيديو لم يحسب له حسابه، أصدره رجلٌ مطاردٌ يقبع في كهفٍ من كهوف جبال تورا بورا بأفغانستان.
خسارة هيلاري كلينتون الانتخابات بسبب رسالةما تزال هيلاري كلينتون ترمي بلائحة الاتهام ضد مدير المباحث الفدرالية السابق جيمس كومي في خسارتها لانتخابات عام 2016، حينما تعجّل بإرسال رسالة لزعماء الكونغرس قبيل أيام من إجراء الانتخابات يحيطهم علمًا بالعثور على أعداد كبيرة من الإيميلات الخاصة المفقودة لهيلاري كلينتون إبان توليها منصب وزيرة الخارجية.
جاءت مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول ذلك العام لتعيد إلى أذهان الناخبين الأميركيين شكوكًا أثارها المرشح الجمهوري حينئذ دونالد ترامب بأن هيلاري كلينتون شخص غير موثوق به للحفاظ على أسرار الدولة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون كتبت في هذه الأسابيع مقالًا محذرةً فيه حملة هاريس الانتخابية من خطورة تأثير مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول الانتخابية على نتائج الانتخابات.
لم تنسَ هيلاري كلينتون أبدًا مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول التي حرمتها من الوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، بعد أن كانت على بُعد خطوة واحدة من أعتابه. والغريب في الأمر أن الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون عام 2016، قد سبقت وسرّبت، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، فيديو شهيرًا يفضح دونالد ترامب، معترفًا الأخير فيه بقدرته الفائقة على نيل أي امرأة يرغب فيها طالما هو نجمٌ من نجوم المجتمع الأميركي.
ولكن فشل هذا التسريب الإعلامي ضد ترامب قبيل الانتخابات في إحداث تغيير في نتائجها، وذلك لما يتمتع به ترامب من قاعدة انتخابية صلبة لا يضيرها أو يثنيها عن دعمه مزاعم انحرافاته الأخلاقية أو صدور إدانات قضائية بحقه كما حدث لاحقًا.
ولطالما تباهى ترامب بهذه القاعدة الانتخابية التي لا تتزحزح قِيد أنملة عن تأييده حتى ولو رأته – كما زعم سابقًا في خطاب شهير له – يقوم بقتل شخص ما في رابعة النهار في أحد شوارع نيويورك العريقة.
ويظلّ كذلك حدوث هجوم إرهابي محدود أو عمليّة عنف سياسي واسع النّطاق داخل الولايات المتحدة، قبيل أو أثناء الانتخابات، إحدى المفاجآت الانتخابية التي ستؤثر بلا شك في ميل كفة الفوز لصالح أحد المرشحين.
لقد استفاد ترامب كثيرًا من عملية اغتياله الفاشلة في شهر يوليو/ تموز الماضي، معززًا فرص فوزه الانتخابية كثيرًا لولا انسحاب الرئيس بايدن المفاجئ من حلبة المنافسة، تاركًا المجال لنائبته هاريس لخوض غمارها في حدثٍ نادر التكرار في التاريخ السياسي الأميركي.
بيدَ أنه في بعض الأحيان تشكل الأزمات الاقتصادية العميقة – مثل الكساد الاقتصادي لعام 2008، وما أوشكت أن تسببه أزمة الرهن العقاري بانهيار النظام المالي لكبريات الشركات المالية الاستثمارية في العالم، وكذلك تفاقم الأزمة الاقتصادية جراء كوفيد-19 – مسار الانتخابات الأميركية الرئاسية بعيدًا عن مفاجآت شهر أكتوبر/ تشرين الأول.
استفاد كل من المرشحين الرئاسيين حينئذ أوباما وبايدن من هاتين الأزمتين العالميتين في تحقيق فوز انتخابي ضد خصومهما الجمهوريين في وقت كان الحزب الجمهوري مسيطرًا فيه على البيت الأبيض في انتخابات عام 2008 و2020 على التوالي.
نتنياهو وإيران ومفاجأة أكتوبر/ تشرين الأوللعل احتمالية حدوث مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول – في هذه الانتخابات الجارية – بحدث مرتبط بالشرق الأوسط والحرب في غزة تظل عالية في ظل تصاعد أحداث العنف في غزة ولبنان، ورغبة نتنياهو في تحقيق أهدافه الخاصة في المنطقة.
وربما يرغب نتنياهو كذلك في تقديم خدمة جليلة لترامب تساعده في الفوز بالانتخابات، وتحسين العلاقات الشخصية معه بعد فتورٍ صاحبها حينما هنّأ نتنياهو الرئيس بايدن بالفوز عقب الانتخابات الأميركية لعام 2020.
يدرك نتنياهو جيدًا أن الوقت ليس في صالحه لمهاجمة إيران بعد الانتخابات الأميركية، وذلك للضغوط العالمية والأميركية المتصاعدة، لذا من المحتمل جدًا أن يُقدم نتنياهو على مهاجمة أهداف إيرانية قبيل الانتخابات الأميركية.
لقد تجاهل نتنياهو كليًا في استعلاء متغطرس كل الخطوط شبه الحمراء التي رسمتها إدارة بايدن، بما فيها مهاجمة مدينة رفح والاستمرار في تجويع وانتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة، وكلما خطا بايدن خطوات لخفض وتيرة التصعيد في المنطقة، قابل نتنياهو هذه الخطوات الأميركية بهجمات تزيد من نيران المنطقة المشتعلة.
تظل الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على منطقة الشرق الأوسط هدفًا إستراتيجيًا لحكومة نتنياهو، تعزّزه رؤية حكومته المتطرفة حول فرص الحرب الدائرة حاليًا.
وعلى الرغم من رسالة وزيرَي الدفاع والخارجية الأميركيين الموجهة قبل يومين لحكومة نتنياهو تدعوها فيها لإفساح المجال للعون الإنساني؛ كي يصل طريقه إلى أفواه الجائعين والمشردين في غزة، فإن حكومة نتنياهو لن تبالي بالنبرة التهديدية في هذه الرسالة الأخيرة وستقوم بتجاهلها والتقليل من شأنها كسابقاتها من التهديدات الأميركية.
ستقوم حكومة نتنياهو بمهاجمة إيران عاجلًا – ربما قبيل الانتخابات الرئاسية – حتى تسوق الإدارة الأميركية القادمة لحرب ضد إيران التي تنازع إسرائيل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط.
لا ريب أن الأيام القادمة ستكشف مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول – حال حدوثها – في ظل انتخابات لم تشهد الولايات المتحدة مثلها من قبل، وفي ظل توترات إقليمية ودولية ستشكل ملامح العلاقات الدولية القادمة، حيث يشهد العالم تنافرًا قطبيًا مخيفًا وأزمات اقتصادية ومعدلات تضخم عالية جدًا.
ولعلّ الرئيس السابق ترامب سيكون المستفيد الأكبر من حدوث مفاجأة أكتوبر/ تشرين الأول، الأمر الذي تضع له حملة هاريس كل العدة اللازمة لمواجهته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانتخابات الأمیرکیة الانتخابات الرئاسیة هیلاری کلینتون مفاجأة أکتوبر تشرین الأول شهر أکتوبر فی غزة فی هذه
إقرأ أيضاً:
طالبان ترد على ترامب بشأن الأسلحة الأميركية والوجود الصيني
علقت الحكومة الأفغانية التي تقودها حركة طالبان اليوم الأحد على مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستعادة الأسلحة التي تركتها قوات بلاده في أفغانستان، كما علقت على تصريحاته حول وجود عسكري صيني في قاعدة باغرام.
وقال المتحدث الرئيسي باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد إن المعدات الأميركية الصنع التي تم تركها ملك للحكومة الأفغانية السابقة وأصبحت "غنائم حرب".
وأضاف أن طالبان ستستخدم هذه الأسلحة لحماية أفغانستان، "ويمكن نشرها إذا تعرضت البلاد لتهديد".
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة احتلت أفغانستان عمليا لمدة 20 عاما، وإذا كان سيتم النظر في قضية المحاسبة، فإن طالبان تتوقع تعويضات عن الدمار الناجم عن عقدين من الحرب.
يذكر أن هيئة مراقبة أميركية قدرت أن القوات الأميركية تركت معدات عسكرية في أفغانستان تقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار عند انسحابها بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة.
وكانت الولايات المتحدة قد قامت بغزو أفغانستان في عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، واحتفظت بوجود عسكري هناك لمدة 20 عاما.
ومهد اتفاق سلام مع طالبان الطريق للانسحاب الأميركي، الذي اكتمل في أغسطس/آب 2021، ونجحت طالبان في استعادة السيطرة على البلاد.
إعلان تصريحات انفعاليةفي شأن متصل، نفى مجاهد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الأفغاني الادعاءات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وجود صيني في مطار باغرام.
ورفض ذبيح الله مجاهد تصريحات ترامب ووصفها بأنها "انفعالية" وأرجعها إلى "الافتقار إلى المعلومات".
وكان ترامب قد زعم أن مطار باغرام، الذي كان أكبر قاعدة جوية أميركية خلال الغزو الأميركي لأفغانستان، أصبح الآن تحت سيطرة الصين.
وشدد مجاهد على عدم وجود قوات صينية في أفغانستان. وقال إن حكومة طالبان ليس لديها اتفاقات مع أي دولة في هذا الشأن. مشددا على أن مطار باغرام لا يزال تحت سيطرة طالبان.