مستقبل مجهول لخريجي الجامعات اليمنية: أين فرص العمل؟
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
رغم توقف التوظيف عبر الخدمة المدنية منذ سنوات طويلة، تظل الوظيفة الحكومية حلم شبان كثيرين في اليمن نتيجة توفيرها امتيازات أكبر من القطاع الخاص. وحالياً لا توظيف في إدارات كلتا الحكومتين
أصيب الشاب اليمني عزيز مهيوب بيأس من الحصول على وظيفة حكومية بعد سنوات من تخرجه من الجامعة، في ظل توقف التوظيف الرسمي بتأثير الأحداث التي تشهدها البلاد منذ عام 2014.
يقول مهيوب لـ”العربي الجديد”: “تخرّجت من كلية التجارة بجامعة صنعاء قسم المحاسبة عام 2004، وقدمت في السنوات التالية طلبات سنوية للحصول على وظيفة في وزارة الخدمة المدنية من دون أن يثمر ذلك عن شيء. وبعد أحداث 2011 دخلت البلاد في فوضى، وحصل آخر توظيف رسمي عام 2012، وشمل 60 ألف خريج دفعة واحدة غالبيتهم من المعاهد الفنية والتقنية والإدارية. وأصابني ذلك بإحباط، خصوصاً أن التسجيل في الوزارة توقف أيضاً”.
يضيف: “من حسن حظي أنني خريج محاسبة حيث توفر العمل في القطاع الخاص بخلاف تخصصات أخرى. وشخصياً عملت منذ تخرجي في القطاع الخاص، في حين فقدت الأمل على مرّ السنوات في الحصول على وظيفة حكومية التي لم تعد أيضاً مطلباً للخريجين نتيجة الرواتب الزهيدة التي توفرها وتصل إلى 60 ألف ريال في المتوسط، أي نحو 60 دولاراً في مناطق سيطرة الحوثيين، و31.5 دولاراً في مناطق الحكومة الشرعية”.
وتقول انشراح عبد الجبار، وهي خريجة جامعية، لـ”العربي الجديد”: “تخرجت من كلية التربية بجامعة تعز عام 2003، ولا أزال بلا وظيفة رغم أنني سجلت قيدي لدى وزارة الخدمة المدنية. وبالنسبة إلى النظام المطبق في اليمن لا تعطى الوظيفة بحسب المؤهل الدراسي ولا للشهادة الجامعية، فالمعياران الحاسمان هما الوساطة والمحسوبية”. تضيف: “صحيح أن وزارة الخدمة المدنية لم تعلن وظائف منذ أكثر من عشر سنوات، لكن جرى توظيف أشخاص رغم أنهم حديثو التخرّج لأن لديهم وساطات وعلاقات بمسؤولين. وشغل بعضهم مناصب وكلاء وزارات ومديرين من دون أن يكونوا ضمن الهيكل الوظيفي للدولة”.
ويقول محمد الجبلي، وهو خريج هندسة اتصالات، لـ”العربي الجديد”: “تخرجت عام 2011، ولم أحصل حتى الآن على وظيفة حكومية تعتبر مطلباً لأي شاب لأنها توفر امتيازات كثيرة وجيدة. ورغم أن راتبها قليل في الإجمال لكنها بمثابة تأمين على الحياة، وتحفظ للإنسان كرامته بعكس وظائف القطاع الخاص، ويقول المثل الشعبي شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي”. يضيف: “تمنح الوظيفة الحكومية أيضاً الشاب مكانة اجتماعية نتيجة نظرة المجتمع إليها، فمثلاً حين يتقدم شاب يملك وظيفة حكومية للزواج لا يمكن ردّه لأن المجتمع يعتبر أنه قادر على تحمل المسؤولية نتيجة امتلاكه مصدر دخل ثابت له ولأسرته”.
ويرتبط توقيف التوظيف الحكومي بالأوضاع الاقتصادية التي يعيشها اليمن بسبب الحرب، وعدم رصد موازنات له، ما جعل وزارة الخدمة المدنية تحتفظ بالموظفين السابقين، وبينهم من وصلوا إلى سن التقاعد (60 عاماً للرجل، و55 عاماً للمرأة، أو أمضوا 35 عاماً في شغل وظيفة عامة).
ووفق القرار رقم 149 الذي أصدره مجلس الوزراء عام 2007 في شأن نظام التعيين في الوظيفة العامة، يشترط توفر الدرجة الوظيفية في الموازنة المعتمدة لوحدة الخدمة العامة، وأن يكون التعيين في وظيفة شاغرة معتمداً في موازنة وحدة الخدمة العامة أو الوحدة الإدارية، وهذه الشروط غير متوفرة منذ بداية الحرب في البلاد التي اندلعت عام 2015، إذ لم تُقرّ أي موازنة عامة للدولة رسمياً في أعوام الحرب نتيجة شح الإيرادات المالية والصعوبات التي تواجهها الدولة في توفير الرواتب.
وتعاني الحكومة المعترف بها دولياً شح الموارد في ظل توقف تصدير النفط، واعتمادها على المعونات التي تقدمها السعودية لتوفير الرواتب. وهذا ما أوضحه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي خلال زيارته الأخيرة لتعز نهاية أغسطس/ آب الماضي.
ويزداد الوضع سوءاً لدى حكومة الحوثيين التي لم تصرف رواتب الموظفين الرسميين منذ سبتمبر/ أيلول 2018 رغم أن حكومة الحوثيين تجني الكثير من الإيرادات من خلال الضرائب والجمارك وميناء الحديدة ومصادر أخرى، وهي تتهم ما تسميه “العدوان” بالوقوف وراء عدم صرف الرواتب.
رغم ذلك تدعو وزارتا الخدمة المدنية في الحكومتين (المعترف بها دولياً وحكومة الحوثيين) خريجي الجامعات لتقديم ملفاتهم لدى الوزارة من أجل الحصول على وظائف حكومية.
وأعلنت وزارة الخدمة المدنية والتطوير الإداري التابعة للحوثيين فتح باب التقديم للوظائف الحكومية شرط أن يكون المتقدم قد شغل الوظيفة المعلنة، وغير موظف في أي قطاع حكومي أو خاص، ولم يلتحق سابقاً بأي وظيفة عامة قبل أن يتركها، وألا يكون قد سبق فصله بقرار تأديبي إذا لم يمضِ على فصله خمس سنوات، وألا يكون ممن سبق أن ترك الوظيفة أكثر من مرتين، وأن يكون من خريجي المؤسسات.
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن مكتب الخدمة المدنية والتأمينات بمحافظة مأرب فتح باب التسجيل لطالبي التوظيف، وذلك للخريجين حتى عام 2020، وأشار إلى أن تقديم طلبات التوظيف هو لغرض التسجيل فقط.
وأشار مكتب الخدمة المدنية أن لا موازنة حالية للوظائف، وأن تقديم الطلبات هو لتسجيل البيانات في مركز المعلومات التابع له.
ويشرح فضل الشيباني، مدير مكتب الخدمة المدنية في تعز، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن عملية تجديد القيد مستمرة، لخريجي الجامعات الذين يأملون في الحصول على وظائف حين تتوفر رغم أنها مجمّدة منذ الانقلاب الحوثي والحرب في البلاد، لكن هناك وعود بإحالة المتقاعدين والمتوفين ما يوفر وظائف جديدة”.
ويشكو خريجو الجامعات في اليمن من تخصيص وزارة الخدمة المدنية وظائف خارج الأطر القانونية ووفق معياري المحسوبية والوساطة اللتين تطبقهما الجهة مباشرة من دون الرجوع إلى الخدمة المدنية إلا لاستكمال إجراءات التوظيف.
ويعلّق المحامي أحمد البحيري، في حديثه لـ”العربي الجديد”، بأن “هناك حالة من العبث وتجاوزات قانونية لقرار مجلس الوزراء رقم 149 الصادر عام 2007 في شأن نظام التعيين بالوظائف العامة، فالتوظيف يحصل خارج الأطر القانونية وفق المحسوبية والوساطات، ومن بينها تعيينات في مناصب وكيل وزارة ومدير عام وأخرى”.
يضيف: “نشرت وزارة الخدمة المدنية إعلانات توظيف من أجل حفظ ماء الوجه فقط، إذ إنه يحصل خارج إطار نظمها وقوانينها. وجرى توظيف أشخاص لمجرد أنهم تخرجوا من الجامعة، وآخرين بشهادة الثانوية العامة فقط. وفي المقابل هناك أشخاص مقيدون في الخدمة المدنية منذ أكثر من 20 عاماً لم تتوفر وظائف لهم”.
وأظهرت إحصاءات رسمية أن عدد موظفي القطاعين العام المدني والعسكري في اليمن ارتفع من 436 ألفاً و351 موظفاً عام 2000 إلى أكثر من مليون ومائتي ألف في نهاية عام 2013 توزعوا على 1450 دائرة ومؤسسة حكومية.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: وزارة الخدمة المدنیة لـ العربی الجدید وظیفة حکومیة القطاع الخاص الحصول على على وظیفة فی الیمن أکثر من أن یکون رغم أن
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف عن المحافظة اليمنية التي ستكون منطلقا لإقتلاع المليشيات الحوثية من اليمن
كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز المخا للدراسات أن مدينة الحديدة قد تكون نقطة انطلاق لأي تصعيد عسكري محتمل ضد جماعة الحوثي، وذلك في سياق تزايد الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
الدراسة التي اطلع عليها موقع مأرب برس جاءت بعنوان "احتمالات التصعيد ضد الحوثيين في ظل الرغبة الأمريكية والاشتراط السعودي"، أوضحت أن الحكومة الشرعية اليمنية دعت إلى اعتماد استراتيجية أمريكية جديدة تتمحور حول تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ودعم القوات الحكومية لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي، بالإضافة إلى استهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلها القيادي.
وأفادت الدراسة بأن هناك تحركات دبلوماسية أمريكية نشطة في الرياض، حيث عقد ممثلو مكافحة الإرهاب الأمريكيون لقاءات مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي.
تناولت هذه اللقاءات سبل مواجهة تهديدات الحوثيين على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومع ذلك، أبدت السعودية تحفظًا على الانخراط في أي عملية عسكرية مباشرة دون توقيع اتفاقية شراكة أمنية مع واشنطن، تضمن لها مظلة دفاعية استراتيجية وحماية لمصالحها الإقليمية.
تعتبر مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، ميناء الحديدة، ميناء الصليف، وميناء رأس عيسى، ذات أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تتحكم بخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر. منذ أن سيطر الحوثيون على المدينة في عام 2015، تمكنوا من تنفيذ هجمات على السفن التجارية والقطع البحرية، الأمر الذي دفع الدول الغربية إلى إعادة النظر في ضرورة تحرير المدينة.
وقد لاحظت الدراسة أن الفشل في إيقاف هجمات الحوثيين من خلال الضربات الجوية الغربية قد زاد من الرغبة الأمريكية في دعم عملية عسكرية برية تقودها القوات الحكومية لاستعادة السيطرة على الحديدة.
تطرقت الدراسة أيضًا إلى التحولات الإقليمية، مثل انحسار النفوذ الإيراني بعد التطورات في سوريا ولبنان. هذا الانحسار يعزز الضغط الدولي على الحوثيين باعتبارهم ذراعًا إيرانية في اليمن.
وفي الوقت نفسه، تشترط السعودية توقيع اتفاقية أمنية مع واشنطن قبل الانخراط في أي عملية عسكرية، لضمان دعم أمريكي طويل الأمد لأمنها الإقليمي.
خلصت الدراسة إلى أن أي تحول عسكري حاسم في اليمن يتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا، ودعمًا مكثفًا للحكومة الشرعية، من أجل كسر حالة الجمود العسكري والسياسي. كما أوصت باستغلال الإرادة الدولية الحالية لكسر سيطرة الحوثيين على الحديدة، لتحقيق تحول مماثل للحالة السورية، مما يسهم في الوصول إلى سلام شامل ومستدام في اليمن.