عربي21:
2025-04-01@09:59:33 GMT

حزن المصريين على السنوار يتجاوز محاذير السياسة

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

حاز الشهيد يحيي السنوار مكانة خاصة في قلوب المصريين على مختلف اتجاهاتهم، وتدفقت مشاعر الحزن على استشهاده بصورة تجاوزت محاذير السياسة من جهة، وفاجأت المتصهينين المصريين من جهة أخرى، حتى إن أحدهم وهو من متطرفي أقباط المهجر كتب على حسابه الشخصي أن "هذا الحزن الشديد في الشارع المصري حد المناحة يجعلني أفقد الأمل في هذا البلد تماما".



رغم أن الحكومة المصرية لم تصدر بيان عزاء، إلا أن المؤسسة الدينية الأكبر في مصر والعالم الإسلامي (الأزهر الشريف) بادرت بإصدار بيان مطول، ورغم أن البيان خلا من اسم السنوار وهو ما يؤخذ عليه، إلا أنه تضمن نعيا لكل شهداء المقاومة "الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فسادا وإفسادا، فقتلت وخربت، واحتلت واستولت وأبادت أمام مرأى ومسمع من دول مشلولة الإرادة والقدرة والتفكير، ومجتمع دولي يغط في صمت كصمت الموتى في القبور، وقانون دولي لا تساوي قيمته ثمن المِداد الذي كتب به".

وأضاف الأزهر في بيانه أن "شهداء المقاومة الفلسطينية كانوا مقاومين بحق، أرهبوا عدوهم، وأدخلوا الخوف والرعب في قلوبهم، ولم يكونوا إرهابيين كما يحاول العدو تصويرهم كذبا وخداعا، بل كانوا مرابطين مقاومين متشبثين بتراب وطنهم، حتى رزقهم الله الشهادة وهم يردون كيد العدو وعدوانه، مدافعين عن أرضهم وقضيتهم وقضيتنا؛ قضية العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها".

تجاوزت حماس الأزمة بين نظام السيسي والإخوان، وتفهم الإخوان ذلك لصالح القضية الفلسطينية، ورسمت القاهرة صورة جديدة عن قائد حماس الجديد في غزة أسهمت في تحسين العلاقة بشكل سريع
بيان الأزهر فتح الباب أيضا لظهور بيانات عزاء من شخصيات دعوية ذات جمهور واسع سواء من التيار السلفي أو الصوفي، وهما التياران الأكثر تحفظا تجاه المقاومة الفلسطينية لأسباب متباينة.

كان البيان الأقوى في كلماته هو الذي صدر عن نقابة الصحفيين التي قالت إن السنوار "استشهد في ميدان الشرف وهو يقاوم الاحتلال"، منددة بالصمت العربي والتواطؤ الغربي، ومجددة موقفها برفض كل أشكال التطبيع مع الكيان، وضرورة قطع العلاقات المصرية والعربية معه.

وقد توالت بيانات العزاء في القائد الشهيد من نقابات مهنية أخرى مثل المحامين ومن بعض الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية، بل ظهرت إعلانات من بعض المواطنين عن إقامتهم بيوت عزاء للشهيد.

منذ توليه موقعه كرئيس لحركة حماس في غزة مطلع العام 2017 دشن السنوار سياسة جديدة تجاه نظام السيسي الذي كان يصنف حماس حركة إرهابية، ويتهمها باقتحام السجون في الأيام الأولى لثورة 25 يناير 2011، وبدعمها للإرهاب في سيناء، وقد لفق قضية كبرى تحت مسمى التخابر مع حماس شملت عددا كبيرا من المتهمين على رأسهم الرئيس الشهيد محمد مرسي، وظلت العلاقات متوترة بين حماس والقاهرة حتى تولى السنوار موقعه فدفع باتجاه مراجعة العلاقة مع النظام المصري، واستقبل كبار قادة المخابرات العامة وعلى رأسهم رئيسها (في ذلك الوقت) عباس كامل والمختص بالملف الفلسطيني أحمد عبد الخالق.

مع اندلاع طوفان الأقصى ومن بعده الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة حاول المصريون التعبير عن تضامنهم مع أشقائهم، لكن السلطات المصرية حاولت تفريغ الغضب الشعبي عبر مظاهرة دعت لها رسميا بعد أسبوعين من الطوفان
تجاوزت حماس الأزمة بين نظام السيسي والإخوان، وتفهم الإخوان ذلك لصالح القضية الفلسطينية، ورسمت القاهرة صورة جديدة عن قائد حماس الجديد في غزة أسهمت في تحسين العلاقة بشكل سريع، وهو ما انعكس على حركة التجارة والتنقل عبر معبر رفح رغم تعدد مرات إغلاقه.

توقفت اتهامات الإعلام المصري المحسوب على السلطة عن ترديد الاتهامات ضد حماس، وتعددت زيارات وفود حماس إلى القاهرة بل أصبح لها وجود دائم فيما يشبه مكتبا للحركة.

تعتبر القاهرة دوما أن الملف الفلسطيني هو ملفها الذي لا تريد أن يشاركها فيه أحد، وهذا يقتضي منها علاقة طيبة بكل الأطراف الفلسطينية حتى تستطيع ممارسة دورها في الوساطة؛ سواء بين الفصائل أو بينها وبين سلطات الاحتلال الصهيوني، وقد كان السنوار نفسه أحد ثمار صفقة تبادل أسرى عقب ثورة يناير برعاية مصرية، واستمرت الوساطات المصرية في كل الأزمات الفلسطينية اللاحقة بعد وصول السنوار لرئاسة الحركة في غزة.

مع اندلاع طوفان الأقصى ومن بعده الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة حاول المصريون التعبير عن تضامنهم مع أشقائهم، لكن السلطات المصرية حاولت تفريغ الغضب الشعبي عبر مظاهرة دعت لها رسميا بعد أسبوعين من الطوفان (20 تشرين الأول/ أكتوبر 2023) ثم منعت أي تظاهر بعد ذلك، بل اعتقلت العديد من الشباب الذين شاركوا في مظاهرة موازية يوم 20 تشرين الأول/ أكتوبر، وتم اعتقال آخرين حاولوا تنظيم بعض المظاهرات لاحقا ومنها مظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين في الجمعة الأخيرة لشهر رمضان الماضي، ولا تزال أعداد من هؤلاء الشباب رهن الحبس الاحتياطي حتى الآن.

رغم العلاقة الجيدة التي ربطت الشهيد السنوار بالسلطات المصرية وخاصة جهاز المخابرات المختص بالملف الفلسطيني، إلا أن القاهرة لم تصدر بيان عزاء في استشهاده تجنبا لإغضاب الحكومة الإسرائيلية.. لكن الشعب المصري لم يُخف حزنه على الشهيد، وعبر عنه بالطرق المتاحة
وعلى المستوى الرسمي أغلقت السلطات المصرية معبر رفح في وجه حركة المساعدات بحجة رفض الطرف الإسرائيلي دخولها رغم أن إدارة المعبر حصريا بين المصريين والفلسطينيين، ورفضت مصر تهجير أهالي غزة إليها، وإن سمحت بدخول عدة آلاف لدواعي العلاج أو السفر، ولكنها فرضت رسوما باهظة عليهم من خلال شركة تابعة للمخابرات يديرها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني.

على مدى عام من الحرب انقطع الاتصال المباشر بين القاهرة والسنوار لاعتبارات أمنية تخصه، وظل التواصل مع قادة الحركة في الخارج، ولعبت القاهرة دور الوسيط بالشراكة مع الدوحة وواشنطن، بينما كان المصريون يطالبون حكومتهم بتقديم الدعم اللازم للمقاومة ولأهل غزة، وعدم الاكتفاء بدور الوسيط تماما كما تفعل الولايات المتحدة التي تقدم كل المساعدات العسكرية والمالية والوجستية للكيان وفي الوقت نفسه تقوم بدور الوساطة.

رغم العلاقة الجيدة التي ربطت الشهيد السنوار بالسلطات المصرية وخاصة جهاز المخابرات المختص بالملف الفلسطيني، إلا أن القاهرة لم تصدر بيان عزاء في استشهاده تجنبا لإغضاب الحكومة الإسرائيلية.. لكن الشعب المصري لم يُخف حزنه على الشهيد، وعبر عنه بالطرق المتاحة، حتى أننا نتابع على صفحات التواصل الاجتماعي صورا لأطفال صغار يقلدون فيها جلسة الشهيد على كرسيه واضعا ساقا على ساق، ولن يكون مستغربا أن يُقبل المصريون على تسمية مواليدهم الجدد باسم يحيي تيمنا بالشهيد وتخليدا له أيضا.

هذه الحالة لم تقتصر على المسلمين بل شملت شخصيات مسيحية (كبارا وشبابا)؛ عبروا عن حزنهم أيضا، وقدموا تعازيهم، وأكدوا دعمهم للمقاومة ورفضهم للاحتلال الإسرائيلي، وإن لم يكن ذلك موقف الكنيسة التي لم يصدر عنها بيان حتى الآن.

حالة الحب والانبهار بالشهيد السنوار في مصر هي جزء من حالة عامة عمت ربوع العالمين العربي والإسلامي، بل شملت جميع الأحرار في العالم، هذه الحالة تعد بحد ذاتها تجديدا وتوكيدا للثقة في المقاومة الفلسطينية وقادتها الميدانيين والسياسيين، لكنها لا ينبغي أن تتوقف عند حالة الانبهار، أو الدعم المعنوي.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السنوار المصريين حماس غزة السيسي مصر السيسي حماس غزة السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة إلا أن

إقرأ أيضاً:

الشهداء فى الذاكرة.. الشهيد مصطفى الخطيب استشهد داخل المسجد

في قلب كل شهيد، قصة بطولة لا تموت، وتضحية نقشها التاريخ بحروف من نور، في هذه السلسلة، نقترب أكثر من أسر شهداء الشرطة والجيش، نستمع إلى حكاياتهم، نستكشف تفاصيل حياتهم، ونرصد لحظات الفخر والألم التي عاشوها بعد فراق أحبائهم.

هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الوطن، لم يرحلوا عن ذاكرة الوطن ولا عن قلوب ذويهم من خلال لقاءات مؤثرة، نروي كيف صمدت عائلاتهم، وكيف تحولت دموع الفقد إلى وسام شرف يحملونه بكل اعتزاز.

هذه ليست مجرد حكايات، بل رسائل وفاء وتقدير لمن بذلوا أرواحهم ليحيا الوطن.

من جانبها، قالت أرملة الشهيد الضابط مصطفى الخطيب، إنها تشعر بألم بسبب فراق زوجها الشهيد، الذى كان محبوباً للجميع بما فيهم أهالي كرداسة أنفسهم الذين اغتالوه، مضيفة أن العناصر الإرهابية استدرجت زوجها الشهيد إلى المسجد واغتالوه بداخله.

وأضافت أرملة الشهيد، تزوجت البنات وبقيت أعيش على الذكرى، فلم يغب عنى لحظة من اللحظات، فقد كان نعم الزوج، حيث تزوجت منه فى 1986 وكان يحمل رتبة "نقيب"، ويعمل فى الأمن العام بمديرية أمن الجيزة لمدة سنتين، ومنها انتقل لأسيوط خلال أحداث الإرهاب، حيث واجه المتطرفين برفقة زملائه لمدة 3 سنوات، ثم انتقل لمباحث السياحة والآثار لمدة 17 سنة، وفى عام 2011 كان مأموراً لمركز شرطة أبو النمرس، وبعدها نقل مأموراً لمركز شرطة كرداسة، حيث كان يدير عمله من القرية الذكية وقتها بسبب حرق القسم، وخلال هذه الفترة نجح زوجى فى تقريب وجهات النظر بين الأهالى والشرطة، حيث كان يعقد الاجتماعات بالأهالى فى كرداسة، ويصلى بهم فى المسجد القريب من المركز، حتى تم إعادة افتتاح المركز وعاد الهدوء للمنطقة مرة أخرى، مضيفة أنه بالرغم من حصوله على ترقية كمساعد مدير أمن الجيزة لمنطقة الشمال، إلا أنه ظل متعلقا بكرداسة، فقد كان يفضل البقاء فى القسم والمرور عليه من حين لآخر حيث كان يقع فى نطاق عمله ضمن عدة أقسام أخرى.

وتتحدث الأرملة عن يوم استشهاد البطل فتقول: حاولت قوات الشرطة فض اعتصام رابعة والنهضة المسلحين، ويومها قرر زوجى الذهاب صباحاً لمركز كرداسة، حيث أكد لى أن هناك تجمهرات وأنه سوف يتحدث مع الأهالى، خاصة أنه مقبول لدى الجميع وقادر على احتواء الأمر، وشعرت وقتها بشىء غريب، حيث كان وجهه مشرق وبشوش، ولم أدرى أنه سيكون المشهد الأخير الذى يجمعنا، وبعدها عرفت بتجمع الأهالي بمحيط القسم، وحاول الاتصال بزوجي عدة مرات ورد علي قائلاً :"فيه اشتباك اقفلي" حيث كانت هذه الجملة آخر ما سمعته من زوجي الحبيب ليستشهد بعد ذلك."







مشاركة

مقالات مشابهة

  • واتساب تكشف انهيار أخلاق السياسة العراقية
  • الهلال بين السياسة والدين!
  • قيادي بمستقبل وطن: احتشاد المصريين بساحات العيد رسالة دعم قوية للقضية الفلسطينية
  • حزب المؤتمر: احتشاد الملايين اليوم رسالة للعالم بمكانة القضية الفلسطينية لدي المصريين
  • قطع الطريق على إسرائيل..الرئاسة الفلسطينية: على حماس إنهاء المواطنين في غزة
  • الرئاسة الفلسطينية تعقب على إخلاء رفح وهذا ما طالبت به حماس
  • بعد صلاة العيد.. آلاف المصريين يعلنون دعمهم للقضية الفلسطينية| صور
  • السياسة الأمريكية تجاه السودان: من صراعات الماضي إلى حسابات الجمهوريين الباردة
  • شهداء ومصابون في غارة شنها الاحتلال على منزل في بيت لاهيا بغزة‏
  • الشهداء فى الذاكرة.. الشهيد مصطفى الخطيب استشهد داخل المسجد