تعرّف على مرتبة العراق بين الدول الاكثر ابتكارا في العالم
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
تعرّف على مرتبة العراق بين الدول الاكثر ابتكارا في العالم.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق دول العالم الابتكار
إقرأ أيضاً:
الدول الأيديولوجية.. بين الطموحات العظيمة والتحديات
محمد بن علي العريمي
mahaluraimi@gmail.com
في عالم اليوم، يتغير المشهد السياسي باستمرار، إلّا أن بعض الدول التي تأسست على أيديولوجيات محددة لا تزال تشكل حالات فريدة تستحق التعمق في دراستها.
هذه الدول، التي نهضت على أسس فكرية وعقائدية صلبة، تواجه تحديات كبرى تتراوح بين التغيرات الداخلية والصراعات الخارجية. من الاتحاد السوفييتي إلى كوريا الشمالية، ومن ألمانيا النازية إلى كوبا الاشتراكية، يتضح أن مصير هذه الدول يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على التعامل مع المتغيرات، فيما تبقى الأسئلة قائمة حول مستقبلها.
نبدأ بالاتحاد السوفييتي، الذي يُعد أحد أبرز الأمثلة على دولة قامت على أيديولوجيا شيوعية صارمة. في عام 1922، أعلن الاتحاد السوفييتي عن نفسه كقوة عالمية تهدف إلى إزالة الفوارق الطبقية وبناء مجتمع اشتراكي دولي. ورغم النجاحات الأولية التي حققها، مثل التصنيع السريع والقدرة على المنافسة في الحرب الباردة، إلّا أن الأيديولوجيا المتصلبة والمركزية المفرطة أدت في النهاية إلى انهياره. فقد واجه النظام السوفييتي معضلات اقتصادية مستمرة، وانتهت الأزمة بانهيار الدولة في عام 1991 بعد سنوات من الركود والتدهور الداخلي. هذا الانهيار يعد مثالًا صارخًا على ما يحدث عندما لا تستطيع الدول الأيديولوجية التكيف مع الواقع المتغير.
وفي السياق ذاته، يمكننا الانتقال إلى كوريا الشمالية، التي تأسست على أسس أيديولوجية صارمة تمزج بين الماركسية-اللينينية والمبادئ الفريدة لـ"الجوتشي"، التي تعني الاعتماد على الذات. ومنذ تأسيسها في عام 1948، وُجهت كوريا الشمالية نحو سياسة عزلتها عن العالم الخارجي؛ مما جعلها واحدة من أكثر الدول استبدادًا وانغلاقًا في التاريخ الحديث. وتحت قيادة كيم إيل سونغ، ثم خلفاؤه كيم جونغ إيل وكيم جونغ أون، حافظت كوريا الشمالية على نظامها الأيديولوجي رغم العقوبات الدولية والتحديات الاقتصادية الهائلة.
ورغم حفاظها على استقرار داخلي نسبي من خلال القمع السياسي والدعاية المكثفة، تواجه كوريا الشمالية أزمات كبيرة مثل المجاعات، ضعف البنية التحتية، والاعتماد المفرط على الدعم الخارجي، لا سيما من الصين. علاوة على ذلك، تُعد برامجها النووية والصاروخية مصدرًا دائمًا للتوترات الدولية، مما يزيد من عزلة الدولة. على الرغم من هذه التحديات، يستمر النظام في البقاء، معتمدًا على السيطرة الصارمة والقدرة على تعزيز أيديولوجيته في وعي الشعب.
بالانتقال إلى ألمانيا النازية التي تأسست على الفاشية والنازية في ثلاثينيات القرن الماضي، نجد حالة دراماتيكية أخرى. أدولف هتلر صعد إلى السلطة في عام 1933 بناءً على شعارات قومية متطرفة تدعو إلى التفوق العرقي والتوسع العسكري. هذا النظام الأيديولوجي جلب معه حربًا عالمية كبرى انتهت في 1945 بتدمير النظام نفسه وترك ألمانيا في حالة من الدمار والعار. هذا المثال التاريخي يوضح كيف أن الأيديولوجيا المتطرفة التي تعتمد على القوة والتوسع العسكري قد تؤدي في النهاية إلى دمار شامل، ليس فقط للدولة؛ بل للعالم بأسره.
وفي كوبا الاشتراكية، التي انطلقت تحت قيادة فيدل كاسترو منذ عام 1959، نجد نموذجًا لدولة حافظت على أيديولوجيتها الشيوعية بالرغم من الحصار الاقتصادي الطويل الذي فرضته الولايات المتحدة. لقد أثبتت كوبا قدرتها على الصمود، لكن انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 ألقى بظلاله على كوبا، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الدعم السوفييتي. ورغم كل الصعاب، أظهرت الحكومة الكوبية مرونة عندما بدأت في إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية الضرورية؛ مما يشير إلى أن بعض الدول الأيديولوجية قد تكون قادرة على التكيف، وإن كان ذلك ببطء.
وفي خضم هذه الأمثلة، لا يمكن تجاهل إسرائيل، دولة الاحتلال التي تأسست عام 1948 بناءً على الأيديولوجيا الصهيونية، والتي كانت تسعى إلى إقامة وطن قومي لليهود، وهو ما تحقق بشكل فعلي في ظل الدعم الدولي الكبير لها. لكن هذا التأسيس جاء على حساب الفلسطينيين، مما خلق نزاعًا طويل الأمد لا يزال مستمرًا حتى يومنا هذا. ومنذ تأسيسها، واجهت إسرائيل سلسلة من الانتفاضات الفلسطينية، كان أبرزها الانتفاضة الأولى عام 1987 والثانية عام 2000. وهذه النزاعات جعلت من الصعب على إسرائيل تحقيق الاستقرار الداخلي والإقليمي، حيث تبقى قضية التعايش مع الفلسطينيين وأهمية إيجاد حل دائم من أكبر التحديات التي تواجهها الدولة.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، التي تأسست عام 1776 على أساس الحرية وحقوق الإنسان، فقد قدمت نموذجًا مختلفًا في كيفية تعامل الدول الأيديولوجية مع التحديات. الدستور الأمريكي الذي وُضع في عام 1787 كان وثيقة ثورية في زمانه، وضع أسسًا لنظام ديمقراطي حر. ومع أن الولايات المتحدة مرت بصراعات داخلية، مثل الحرب الأهلية (1861-1865)، إلا أنها نجحت في تجاوز تلك المحن بفضل قدرتها على التكيف وتطوير نظامها بما يتماشى مع المتغيرات.
إذا ما حاولنا تحليل هذه الأمثلة جميعها، نجد أن القدرة على التكيف مع التغيرات هي العنصر الحاسم في بقاء الدول الأيديولوجية. الاتحاد السوفييتي لم يستطع التكيف مع متطلبات الاقتصاد العالمي في الثمانينيات، بينما تمكنت الولايات المتحدة من تحديث نفسها باستمرار. أما كوريا الشمالية وإسرائيل، فكلاهما يواجه تحديات داخلية نابعة من ضرورة تحقيق التوازن بين الأيديولوجيا وواقع العصر. التعايش مع التنوع الثقافي والديني، كما يظهر في الحالة الإسرائيلية، يشكل عاملاً مهمًا في استقرار الدول، بينما يبقى الحفاظ على استقرار كوريا الشمالية رهينًا بمدى قدرتها على تقديم إصلاحات داخلية دون تهديد أيديولوجيتها.
في نهاية المطاف، يبقى التعليم والتطوير حجر الزاوية في بقاء الدول على الساحة العالمية. والدول التي تستثمر في تطوير مواردها البشرية وتدعم الابتكار هي الدول الأكثر قدرة على التكيف مع المستقبل. كوريا الشمالية، رغم عزلتها، تحتاج إلى استثمار جاد في تحسين ظروف المعيشة والبنية التحتية لشعبها إذا أرادت الصمود في وجه التحديات.
ختامًا.. من الواضح أن الدول التي تأسست على أيديولوجيات محددة تواجه تحديات كبيرة، إلّا أن القدرة على التكيف والمرونة هي المفتاح لبقاء هذه الدول. ولا شك أن التعايش السلمي، وتعزيز التعليم، وتنفيذ إصلاحات سياسية جريئة هي توصيات قد تساعد هذه الدول في مواجهة التحديات الكبيرة. وإلّا، فإن الفشل في التعامل مع المتغيرات سيضع تلك الدول أمام مستقبل غامض، قد يؤدي في بعض الحالات إلى انهيار أنظمتها بالكامل.