أسهم الذكاء الاصطناعي في إحداث تغير في توجهات سوق العمل ما بين اعتباره بديلاً عن القوى العاملة الإنسانية أو شريكاً داعماً لخلق وظائف حديثة تستدعي خبرات علمية جديدة لتخصصات متقدمة، وما بين التصورين أصبح التكيف مع هذه التقنيات واستيعاب دورها في الاقتصاد الحديث تحدياً وضرورة لتحقيق توازن بين تقدم التكنولوجيا ومستقبل القوى العاملة.

وأشار تقريرٍ صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2020 تحت عنوان "مستقبل الوظائف 2020"، إلى أنّه من المتوقَّع أن يحلَّ الذكاء الاصطناعي محلّ 85 مليون وظيفة في مختلف أنحاء العالم في الشركات المتوسطة والكبيرة بحلول عام 2025.

97 مليون وظيفة

وفي التقرير نفسه، ذُكِر أنّ الذكاء الاصطناعي أيضاً سيخلق 97 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025، وهي نسبة أعلى من الوظائف التي سيحلّ محلّها أو يُلغيها.

ثورة في الوظائف

وفي هذا السياق أكد الدكتور أنس النجداوي مدير فرع جامعة أبوظبي في دبي، أن "الذكاء الاصطناعي (AI) يُحدث تحولاً سريعاً في سوق العمل، حيث أصبحت معظم الوظائف مدعومة الآن بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ووفقاً لتقارير حديثة، لم يقتصر الأمر على خلق وظائف جديدة مثل مصممي نماذج التعلم الآلي، ومُنشئي المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومحللي البيانات المعتمدين على الذكاء الاصطناعي، بل تجاوز ذلك إلى ثورة في الوظائف التقليدية من خلال دمج أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية واتخاذ القرارات".

مهارات تكنولوجية متقدمة

ولفت الدكتور النجداوي عبر 24، أن هذا التحول يوجه التركيز من المهام اليدوية والمتكررة إلى أدوار أكثر استراتيجية وإبداعية تتطلب مهارات تكنولوجية متقدمة. على سبيل المثال، في حين أن وظائف مثل مطوري البرمجيات أو مديري المشاريع لا تزال قائمة، إلا أنها تستفيد الآن من أدوات الذكاء الاصطناعي لتبسيط العمليات، وهذا التحول يُبرز الطلب المتزايد على المهارات الرقمية والقدرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى تحول كبير في المهارات المطلوبة للنجاح في بيئة العمل الحديثة.

تطوير الخبرات

ومن جانبه قال هاني خلف، خبير التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، مدير تنفيذي في شركة: "يشبه التحول الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي التحول الذي أحدثته الآلات البخارية في الثورة الصناعية. فمثلما أعادت الآلات البخارية تشكيل الصناعات وأدت إلى ظهور مجالات جديدة في العمل، سيعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل طريقة أداء الأعمال وخلق فرص وظيفية وقطاعات جديدة، هذا التحول يعزز الابتكار ويشجع على تطوير المهارات لتتماشى مع متطلبات العصر."
وأشار إلى أنه في عصر الذكاء الاصطناعي، سيكون هناك تحوّل في الوظائف بدلاً من أن تتلاشى، حيث ستتطور الأدوار لتتكيف مع العمل جنبًا إلى جنب مع التقنيات الذكية، وسيفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة في سوق العمل، مع بروز قطاعات جديدة تتطلب مهارات في تطوير وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأكد خلف أن التقنيات الذكية ستعزز التعاون بين الإنسان والآلة، حيث تتولى الآلة المهام المتكررة، تاركةً المجال للإبداع والتفكير الاستراتيجي والتفاعل الإنساني. كما ستؤكد هذه الحقبة الجديدة على أهمية التدريب المستمر والتطوير المهني، لضمان جاهزية القوى العاملة لمواكبة متطلبات سوق العمل المستقبلي.

تحديث المهارات 

وبدوره قال علاء دلغان، المدير التنفيذي في شركة متخصصة بالذكاء الاصطناعي والتحوّل الرقمي: "مع التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، نشهد اليوم تحولاً في طبيعة الوظائف، وسوق العمل، والاقتصاد عامة، حيث يتيح الذكاء الاصطناعي أتمتة العديد من المهام الروتينية والمتكررة، ويفتح المجال لفرص جديدة تتطلب مهارات إبداعية، كالوظائف التي تعتمد على الابتكار، والتفاعل البشري ستكون أكثر طلباً، بينما قد تواجه الوظائف التقليدية تحديات كبيرة".
وأكد أنه يجب أن يستعد الأفراد لهذا التحول من خلال تحديث مهاراتهم واكتساب مهارات جديدة، وبشكل خاص تعلّم ادوات الذكاء الاصطناعي وهي سهلة ومتاحة للجميع وبكل اللغات، لأن كل من يزوّد نفسه بهذه المهارات، سيسهل عليه الاندماج في الاقتصاد الرقمي الجديد والاستفادة من الفرص المتاحة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الذکاء الاصطناعی سوق العمل

إقرأ أيضاً:

كيف يواجه الذكاء الاصطناعي أزمة نقص الكوادر في الأمن السيبراني؟

 

سلط خبراء الضوء على التحديات المرتبطة بنقص الكوادر في مجال الأمن السيبراني عالميًا، مؤكدين ضرورة الاستثمار في التقنيات الحديثة وتطوير القدرات البشرية لمواجهة التحديات المتزايدة في هذا المجال.

وأكدوا خلال جلسة "الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني: كيف يسير العالم اليوم وما هو الغد؟" أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في سد هذه الفجوة من خلال دعم المحللين وتعزيز إنتاجيتهم، لافتين إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو ركيزة أساسية لمستقبل الأمن السيبراني.

من جانبه، استعرض رامي كالاش، رئيس قطاع الأمن السيبراني في شركة مايكروسوفت، تطورات التهديدات الإلكترونية وكيفية تعامل المؤسسات معها في ظل تغير طبيعة الهجمات السيبرانية واعتماد المهاجمين على تقنيات أكثر تطورًا.

وأشار كالاش إلى التحول الجذري في مشهد الأمن السيبراني، حيث لم تعد الهجمات تقتصر على أفراد مستقلين يسعون لإثبات مهاراتهم التقنية، بل أصبحت منظمات متكاملة تعتمد على أدوات متطورة. وأضاف أن الأدوات الحديثة أصبحت تتيح تنفيذ هجمات دون الحاجة إلى مهارات تقنية متقدمة، مما يزيد من تعقيد مهمة التصدي لها.

وأوضح كالاش أن المهاجمين أصبحوا قادرين على توليد أكواد خبيثة وتطويرها بسرعة، ما يجعل أساليب الحماية التقليدية مثل برامج مكافحة الفيروسات أقل فعالية. وتحدث عن قدرة المهاجمين على استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يحاكي الرسائل الرسمية للشركات أو تطوير أساليب لاستهداف الأفراد بناءً على معلومات شخصية مستخلصة من وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن المهاجمين لم يعودوا بحاجة إلى اختراق كلمات المرور المعقدة بشكل مباشر، بل يعتمدون على جمع معلومات شخصية مثل تواريخ الميلاد والهوايات لتضييق نطاق المحاولات، مما يقلل من الزمن والجهد اللازمين للوصول إلى الأنظمة المستهدفة.

وأكد كالاش أن استخدام الصوت والفيديو المزيف أصبح أحد التهديدات الجديدة، حيث يمكن استغلال هذه التقنية لإرسال طلبات تبدو وكأنها صادرة من المديرين أو الشخصيات الموثوقة داخل الشركات، مما يجعل التمييز بين الحقيقي والمزيف تحديًا كبيرًا.

وسلط الضوء على أهمية تبني المؤسسات لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والأدوات الأمنية المتطورة لمواجهة هذه التحديات المتنامية، مشددًا على ضرورة رفع الوعي السيبراني لدى الأفراد والمؤسسات على حد سواء. 
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا غنى عنه في نظم الدفاع الحديثة، مشيرًا إلى أن التحدي ليس في استخدام الذكاء الاصطناعي فحسب، بل في كيفية استغلال إمكاناته إلى أقصى حد.

وأكد أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات المهاجمين بدلًا من الاكتفاء بتتبع التوقيعات التقليدية للهجمات، ما يتيح اكتشاف التهديدات الجديدة بشكل أسرع. ونوه إلى أهمية تقليل الإجهاد الناتج عن التنبيهات، حيث تُعد كثرة التنبيهات الأمنية أحد أكبر التحديات التي تواجه المحللين، لافتًا إلى دور الذكاء الاصطناعي في تصفية التنبيهات غير الضرورية وتركيز المحللين على الأولويات الحقيقية.

وأضاف أن حلول مايكروسوفت مثل Co-Pilot for Security تعزز من فعالية فرق الدفاع من خلال تحليل الأحداث الأمنية وتقديم التوصيات المناسبة، بالإضافة إلى إنشاء تقارير تلقائية تساعد في توفير الوقت وتحسين الكفاءة، فضلًا عن توفير قاعدة بيانات معرفية للمحللين، خاصة الجدد منهم، لفهم تكتيكات المهاجمين بشكل أعمق. 
من جانبه، أشار المهندس إيهاب حسين، كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي في شركة IOActive، إلى أن الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي قد حققت تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مؤكدًا قدرة هذه الأنظمة على تنفيذ مهام معقدة مثل اختبارات الاختراق (Penetration Tests)، تحليل مراكز البيانات، وتقييم أكواد البرمجيات بسرعة ودقة فائقة.

وأكد حسين أن هذه التقنيات لا تحل محل العامل البشري بالكامل، لكنها تغير الأدوار وتعيد توجيه التركيز نحو المهام الاستراتيجية. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يوفر للشركات أدوات قوية لأتمتة المهام الروتينية، مما يتيح للمتخصصين التركيز على أعمال أكثر تقدمًا مثل الهندسة العكسية (Reverse Engineering) وتطوير الهجمات السيبرانية المضادة.

وأضاف أن من المتوقع أن يصبح تعلم البرمجة مهارة أساسية للعاملين في مجال الأمن السيبراني، حيث ستكون الأنظمة الآلية جزءًا لا يتجزأ من هذا القطاع.

ولفت حسين إلى أهمية فهم بنية الأنظمة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل النماذج التحويلية (Transformers) لتطوير أدوات تتكامل بشكل فعال مع الأنظمة التشغيلية. وأكد على ضرورة استغلال المتخصصين لهذه الأدوات لبناء حلول جديدة تلبي احتياجات السوق المتنامية.

وطالب بضرورة مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي والعمل على تطوير المهارات التقنية لضمان القدرة على المنافسة في ظل بيئة تقنية متغيرة، مشددًا على أن الشركات التي تستثمر في الأتمتة والذكاء الاصطناعي ستكون أكثر قدرة على الاستجابة لتحديات الأمن السيبراني المستقبلية.

من جانبه، أكد الخبير الأمني محمد سامي على أهمية اعتماد نماذج ذكاء اصطناعي محلية تلبي الاحتياجات الخاصة للدول والمؤسسات، مع الحفاظ على أمن البيانات والخصوصية. وأشار إلى أن العمل مع المستخدمين وفهم احتياجاتهم يعد الركيزة الأساسية لتطوير أنظمة متقدمة قادرة على التكيف مع بيئات العمل المختلفة، موضحًا: "لا يمكننا الاعتماد فقط على منصات عالمية مثل OpenAI أو Google دون النظر إلى احتياجاتنا المحلية وتطوير حلول مخصصة لهذه التحديات."

وأوضح سامي أن الشركات الكبرى مثل OpenAI وMeta تضع حدودًا لإمكانيات النماذج التي تتيحها للعامة، حيث تظل "القدرات الحقيقية" لهذه النماذج داخلية وغير متاحة للاستخدام العام، مما يُضعف فرص استفادة الدول النامية من هذه التقنيات. وأضاف قائلًا: "النماذج المتاحة حاليًا للعامة هي ما قررت هذه الشركات مشاركته فقط، بينما تبقى القدرات الكاملة حكرًا على الاستخدام الداخلي."

وشدد على ضرورة تجاوز هذا التحدي عبر بناء نماذج محلية ذات كفاءة عالية، قائلًا: "الاعتماد على النماذج المفتوحة قد يكون خطوة آمنة مؤقتًا، لكن الحل الأمثل هو الاستثمار في بناء نماذج محلية تتيح للدول التحكم الكامل في البيانات والمخرجات."

وفيما يتعلق بالتحديات المستقبلية، أكد سامي على أهمية التعاون بين الدول لتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تتماشى مع قواعد الأمن السيبراني العالمية. وأوضح أن تطوير نماذج محلية يتطلب تعزيز استثمارات كبيرة في تدريب البيانات وإنشاء أنظمة متقدمة تتماشى مع احتياجات السوق المحلي.

وأكد على أن تطوير الذكاء الاصطناعي المحلي ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان السيادة الرقمية للدول. وقال: "علينا التفكير في بناء نماذج تتماشى مع متطلباتنا وتُظهر قدرتنا على المنافسة عالميًا مع الحفاظ على خصوصية بياناتنا."
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثامنة والعشرين من معرض ومؤتمر Cairo ICT’24، المنعقدة تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية. يأتي المعرض هذا العام تحت إشراف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تنظم فعاليات المعرض شركة تريد فيرز إنترناشيونال بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تحت شعار "The Next Wave"، حيث يسلط الضوء على أحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات. ويشهد الحدث مشاركة كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.

يأتي المعرض برعاية عدد من الشركات والمؤسسات الكبرى، منها: دل تكنولوجيز، مجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، البنك التجاري الدولي (CIB)، هواوي، أورنج مصر، مصر للطيران، المصرية للاتصالات، ماستركارد، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا). كما تضم قائمة الرعاة شركات مثل: إي آند إنتربرايز، مجموعة بنية، خزنة، وسايشيلد.
يمثل معرض ومؤتمر Cairo ICT’24 منصة مهمة لاكتشاف الموجة التالية من التطور التكنولوجي، وإبراز الفرص المستقبلية التي تساهم في إعادة تشكيل الاقتصاد المصري والعالمي.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يساعد في الحفاظ على الحشرات
  • الذكاء الاصطناعي يهدد شركات الأزياء
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي سيقود مستقبل الرعاية الصحية
  • واشنطن.. الملحقية الثقافية تناقش تعزيز مهارات المبتعثين السعوديين
  • رئيس الوزراء: مصر بالتصنيف «أ» دوليا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • كيف يواجه الذكاء الاصطناعي أزمة نقص الكوادر في الأمن السيبراني؟
  • مؤسسة توكل كرمان تطلق برنامج تدريبي يستفيد منه أكثر من عشرة آلاف شاب وتأهيلهم لسوق العمل وتمكينهم عبر الذكاء الاصطناعي
  • قمة المعرفة 2024 تستشرف مستقبل المهارات واقتصاد الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء العاطفي لـ «الاصطناعي».. يحدث تحولاً كبيراً في حياتنا عام 2030
  • خبراء: تحويل المهارات إلى استراتيجيات ضرورة يفرضها الذكاء الاصطناعي