يرى المحلل الأمريكي بيتر روتلاند، أن غزو بوتين لأوكرانيا فاجأ الغالبية العظمى من المراقبين، وحتى على الرغم من أن المخابرات الأمريكية وثقت تعزيز القوات الروسية في الأسابيع والأشهر التي سبقت الغزو، كان من الصعب جداً بالنسبة لمعظم المحللين تخيل قيام بوتين بشن حرب برية مدمرة ضد جارته. ومع ذلك، بدأ بوتين الحرب، ولابد أنه أعتقد أن بمقدوره تحقيق أهدافه بثمن يستحق دفعه.

وقال روتلاند، وهو أستاذ متخصص في القضايا العالمية والفكر الديمقراطي في قسم الحكومة بجامعة ويسليان، حيث يقوم بالتدريس منذ عام 1989 وهو أيضاً نائب رئيس جمعية دراسة القوميات، ويعمل على دراسة القومية والاقتصاد السياسي في روسيا المعاصرة، إنه يبدو أن مجتمع المحللين قد أضفوا السمات الداخلية على الكثير من الافتراضات السائدة في الجيش الروسي الذي كانوا يدرسونه: أولاً أنه قام بإصلاح نفسه وتحول إلى قوة احترافية، وثانياً أنه ماهر في الحرب الإلكترونية، وثالثاً أنه أتقن بشكل كامل عقيدة جديدة بشأن الحرب الهجينة، ورابعاً أنه اكتسب خبرة قتالية تراكمية هائلة في الشيشان وجورجيا وسوريا.

Wars are inherently hard to predict, both in their onset, what happens once they begin, and how they end. https://t.co/H1W6BKnwUk

— National Interest (@TheNatlInterest) October 19, 2024

وأضاف روتلاند، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أنه بوجه عام يميل المحللون العسكريون إلى التركيز على أشياء ملموسة (الجنود والدبابات والطائرات .. الخ)، وليس على تحليل المزيد من العوامل المجردة مثل التدريب والقيادة واللوجستيات والاستعداد للقتال. ونظر المحللون إلى نسب القوة في التوازن العسكري : 10 إلى واحد في الطائرات، و4 إلى واحد في الدبابات ، واستنتجوا أن أوكرانيا ليس أمامها أي فرصة للتصدي للغزو.

وكان المحللون ميالين للمقارنة بحرب العراق عام 2003: حرب جوية خاطفة أعقبها تكتيك حرب المناورات التي سوف تسحق دفاعات أوكرانيا. وكان تكتيك الصدمة والرعب من جانب روسيا، عنوان مقال لمجلة "فورين أفيرز" تم نشره قبل الغزو بيومين. ومن خلال الاستقراء من تجربة الولايات المتحدة في فيتنام والعراق وأفغانستان، ساد اعتقاد بأن روسيا سوف تحتل أوكرانيا ثم تنفذ تمرداً.

وأثر التشاؤم بشأن قدرة أوكرانيا على المقاومة على الاستجابة السياسية من جانب الولايات المتحدة. وفي عام 2017، كان بعض المحللين يعارضون تسليح أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات. وفي يناير (كانون الثاني) عام 2022، قبل شهر فقط من الغزو، نشرت مجلة فورين بوليسي ورقة بحثية بعنوان "أسلحة الغرب لن تحدث أي فرق بالنسبة لأوكرانيا".

وكان هذا النمط من التفكير يعني إلى حد ما، أن الولايات المتحدة ردعت نفسها في مواجهة استعداد بوتين الواضح لاستخدام القوة. وأثرت عوامل على القرار بعدم إرسال أسلحة متقدمة، مثل الخوف من وقوع هذه الأسلحة في أيدي الروس.

وتعد درجة الإجماع الملحوظة مثالاً آخر على التفكير الجماعي. ويظهر التوافق أنك عضو مقبول في الجماعة ولا يتم الوثوق بإراء الغرباء. ويفاقم دور وسائل الإعلام السائد هذه المشكلة: حيث عادت هذه الوسائل الإعلامية إلى نفس المجموعة من الخبراء الذين يثبتون حجتهم من خلال الإعراب عن يقينهم بشأن ما يحدث.

ورغم أنه تم أخذهم على حين غرة، أظهر مجتمع المحللين استعداداً ضئيلاً للاعتراف بأنهم كانوا مخطئين أو مناقشة كيفية تجنب وقوعهم في الخطأ مرة أخرى. وعلى النقيض بعد شهر فبراير (شباط) عام 2022، مضى معظم المحللين قدماً في طرح تنبؤات بشأن مسار الحرب بنفس القناعة التي فسروا بها السبب الذي سيجعل بوتين لن يغزو أوكرانيا.

وعلى سبيل المثال، في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2023، استطلعت مجلة فورين أفيرز أراء 73خبيراً عما إذا كان سوف يتعين على أوكرانيا أن تقدم في نهاية المطاف تنازلات تتعلق بالأرض لروسيا، وكان هذا بمثابة عدد كبير إلى حد ما من وجهات النظر، وكانت هناك أغلبية غير موافقة ومع ذلك، كان الأمر اللافت للنظر، أن 44 خبيراً أبلغوا عن مستوى ثقة بـ 7 درجات من 10 أو أعلى، بينما أبلغ 15 فقط عن مستوى بـ 4 درجات أو أقل.

وقال روتلاند "رغم اعتقادنا برشد السلوك البشري، يتصرف القادة غالباً عن قصد ويخطئون في حساب فرص نجاحهم". ووجد البروفسور ريتشارد نيد ليبو من كينجز كوليدج لندن أن البلد الذي بدأ الحرب خسر 80% من الحروب منذ عام 1945.

وتدفع بيتينا رينز، وهي خبيرة في الشؤون العسكرية الروسية وتقوم بالتدريس في المملكة المتحدة، بالقول إنه من غير الواقعي توقع أن يقدم خبراء توقعات أكثر دقة لما سوف يحدث في خضم حالة عدم اليقين التي تسود الحرب. وأضافت أن مشكلة أكبر تمثلت في أن الغرب، الذي أذهله ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، ترسخ في ذهنه صورة بوتين بوصفه خبير استراتيجي ماهر.

واختتم روتلاند تقريره بالقول إنه مع ذلك فإن من المهم الحفاظ على حسن تقدير الاحتمالات. وحتى على الرغم من أن روسيا فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي وهو إسقاط الحكومة في كييف، فإنها نجحت في احتلال مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية، 27% من أراضي البلاد في ذروة غزوها وتقلصت هذه المساحة الآن إلى 18%. وهذه منطقة تبلغ مساحتها 42 ألف ميل مربع، أي نحو حجم ولاية فيرجينيا. وإذا انتهت الحرب اليوم، سوف يعتبر مؤرخون في المستقبل هذا انتصاراً لروسيا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الجيش الروسي أوكرانيا الحرب الأوكرانية روسيا

إقرأ أيضاً:

بوتين: روسيا تدعم حل الدولتين في الصراع بالشرق الأوسط

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن روسيا تدعم حل الدولتين في الصراع بالشرق الأوسط، وسنناقش ذلك خلال قمة بريكس، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية، في نبأ عاجل.

مقالات مشابهة

  • بايدن يكرس إرثه في أوكرانيا.. دبلوماسية حازمة ودعم عسكري لكبح روسيا
  • الأكبر منذ الحرب.. روسيا تعيد جثث 500 جندي إلى أوكرانيا
  • بوتين لسكاي نيوز عربية: مستعدون لحل سلمي في أوكرانيا
  • بوتين يعلن استعداد روسيا لإجراء مفاوضات حول السلام في أوكرانيا
  • أوكرانيا تستعيد جثامين 501 جندي قتلوا خلال الحرب مع روسيا
  • بوتين يعلّق على محادثات محتملة مع أوكرانيا
  • المخابرات الكورية الجنوبية: بيونغيانغ ترسل قوات لمساندة روسيا في حربها ضد أوكرانيا
  • بوتين: روسيا تدعم حل الدولتين في الصراع بالشرق الأوسط
  • لماذا تفشل الأمم؟.. تحليل للحالة المصرية من قبل فائزين بنوبل