قرية الزعيم قرب القدس نموذج للحياة الفلسطينية التقليدية
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
قرية الزعيم واحدة من القرى الفلسطينية التي تقع في الضفة الغربية، وتحديدا إلى الشرق من مدينة القدس. وهي جزء من سلسلة القرى الصغيرة التي تتميز بتاريخها الغني وتراثها الثقافي الذي يعكس الحياة الفلسطينية القديمة.
تحيط بقرية الزعيم العديد من القرى والمستوطنات، مما يجعلها منطقة ذات أهمية جغرافية وسياسية خاصة.
تقع قرية الزعيم على بعد نحو 5 كيلومترات شرق مدينة القدس، يحدها من الشرق أراضي قرية العيزرية ومن الشمال قرية العيساوية ومن الغرب القدس. تحيط بها العديد من الأراضي الزراعية التي تمتاز بتربتها الخصبة، مما جعل الزراعة مصدر رزق للكثير من سكانها.
قرية الزعيم تطل على سلسلة من التلال والوديان، مما يضفي عليها جمالا طبيعيا وموقعا إستراتيجيا مهما.
يعود تاريخ إنشاء قرية الزعيم إلى عام 1952، وكان يطلق عليها في السابق "رافات" نسبة إلى السكان الذين هاجروا من ديارهم عام 1948 وسكنوا فيها، لكنه تم تغيير الاسم إلى الزعيم عام 1978.
ويعود أصل سكان قرية الزعيم إلى بلدة رافات (بجانب الرملة) والخليل والقدس، وهي امتداد لقرية الطور في القدس وجبل الزيتون الذي كان -وقفا للهكارين- بقيادة صلاح الدين الأيوبي.
والهكاريون قبيلة كردية تعود أصولها إلى منطقة هكاري، وهي منطقة جبلية تقع في جنوب شرق الأناضول (تركيا الحديثة) وشمال العراق، وهي جزء من كردستان التاريخية.
وكانت القبيلة معروفة بقوتها العسكرية وشجاعتها، وكان لها تأثير كبير في المنطقة عبر التاريخ، ودور بارز في الحركات العسكرية والسياسية في العصور الوسطى، خاصة في زمن الدولة الأيوبية.
وقد انضم الهكاريون إلى قوات صلاح الدين الأيوبي وساهموا في حروبه ضد الصليبيين، وشاركوا في العديد من المعارك المهمة، بما في ذلك معركة حطين عام 1187، التي أدت إلى استعادة القدس.
وتمثل قرية الزعيم نموذجا للحياة الفلسطينية التقليدية التي تعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات، وقد شهدت على مر السنين تحولات سياسية واجتماعية بفعل التطورات التاريخية في المنطقة.
السكانيبلغ عدد سكان قرية الزعيم نحو 6 آلاف نسمة، بحسب إحصائية عام 2017، معظمهم من العائلات الفلسطينية التي تعيش في المنطقة منذ أجيال. ويتميز السكان بحفاظهم على التراث والعادات الفلسطينية التقليدية، مثل الاحتفالات الشعبية والمناسبات الدينية التي تمثل جزءا مهما من الحياة الاجتماعية في القرية.
أهم المعالم في القريةتوجد في قرية الزعيم 4 مساجد، وهي: مسجد علي بن أبي طالب، مسجد الصابرين، مسجد الشيخ عنبر، ومسجد الفاروق. كما يوجد القليل من الأماكن والمناطق الأثرية في القرية، أهمها: مقام الشيخ عنبر من نسل الهكارين.
الاستيطان وجدار الفصلتعاني قرية الزعيم من تحديات عديدة مرتبطة بالوضع السياسي في فلسطين، وتؤثر المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بها على حرية حركة السكان وتوسيع أراضيهم الزراعية.
إضافة إلى ذلك تعاني القرية من نقص في بعض الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وهو ما يشكل عبئا إضافيا على السكان.
ويعيش سكان تجمع "الزعيم" شرقي القدس في منطقة يحيط بها جدار الفصل الإسرائيلي وحاجز عسكري وبوابة حديدية تتحكم في تحركاتهم.
وفي مارس/آذار 2015، استبدلت نقطة تفتيش عسكرية تفصل التجمع عن قرية الطور (شرقي القدس) ببوابة حديدية ضخمة وضعت في منتصف مقطع الجدار العازل المحيط بالتجمع، وأغلقت أسبوعين، قبل أن يعاد فتحها 4 ساعات يوميا.
بعد عزل الاحتلال القرية بسياج فاصل وفتح شوارع وأنفاق لربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، أصبحت الزعيم من دون مخرج أو مدخل يربطها بالقدس أو بالضفة الغربية، كما تم الاستيلاء على جميع أراضيها من جهة الشرق لقربها من المستوطنة المذكورة لإقامة حي استيطاني جديد.
وتشكل مساحة المنطقة "ج" والمسيطر عليها كليا من قبل الاحتلال 94% من أراضي التجمع، في حين تدار 4% من أراضيه إداريا من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، أما 2% المتبقية من الأراضي فهي تقع ضمن حدود بلدية القدس.
وينفذ الاحتلال مشروع "إي 1" (E1) الاستيطاني على أراضي قرية الزعيم التي تعد المنطقة الوحيدة لتوسع القدس باتجاه الشرق.
وتقول سلطات الاحتلال إن هذا التوسع يخدم فكرة حل الدولتين، الذي وافق عليه المجتمع الدولي، في حين أقام أهالي القرية مخيم شمس العودة من أجل التأكيد على رفضهم للمشروع، الذي يقوم على مصادرة الأراضي من أجل إقامة غلاف مستوطنات محيط بالقدس الشرقية وربط مستوطنة معاليه أدوميم بمشروع "إي 1".
كما يتم العمل على مشروع ربط الزعيم ببلدة عناتا والعيزرية من خلال شارع مخصص للفلسطينيين فقط لمنع الاحتكاك المباشر مع المستوطنين، إمعانا في فصل أراضي الفلسطينيين وتقطيع أوصالها ومنعهم من الامتداد والوصول إلى المناطق بسهولة.
هذه التقسيمات والتصنيفات الإدارية جعلت واقع المعيشة في التجمع صعبة ومأساوية، وتتمثل هذه الصعوبة في غياب كامل للإنارة في الشوارع، وعدم توفر شبكة صرف صحي حديثة، وشبكة مياه قديمة ومهترئة، إضافة إلى انتشار السرقة وتعاطي المخدرات.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سلوك نماذج الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الخبراء
أبوظبي (وكالات) كشف دراسة جديدة أجرتها شركة (أنثروبيك) Anthropic، عن نتائج صادمة حول سلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة، إذ أظهرت الدراسة، التي اختبرت 16 نموذجًا من أبرز النماذج العالمية، أن نماذج الذكاء الاصطناعي من شركات مثل: جوجل، وميتا، و OpenAI، وغيرها، عندما تُمنح قدرًا كافيًا من الاستقلالية، تُظهر استعدادًا واضحًا لاتخاذ إجراءات تخريبية متعمدة لمصالح مشغليها، بما يشمل: الابتزاز، والتجسس، وذلك في سبيل الحفاظ على وجودها أو تحقيق أهدافها المبرمجة.
لم تعد أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي تنفّذ الطلبات فحسب، بل باتت قادرة على والمراوغة والتهديد من أجل تحقيق أهدافها، وهو ما يثير قلق الباحثين.
بعد تهديده بوقف استخدامه، عمد "كلود 4"، وهو نموذج جديد من شركة "أنثروبيك" إلى ابتزاز مهندس وتهديده. أما برنامج "او 1" o1 التابع لشركة "اوبن ايه آي" فحاول تحميل نفسه على خوادم خارجية وأنكر ذلك عند ضبطه متلبسا!
وقد بات الذكاء الاصطناعي الذي يخدع البشر واقعا ملموسا، بعدما كنّا نجده في الأعمال الادبية او السينمائية.
يرى الأستاذ في جامعة هونغ كونغ سايمن غولدستين أن هذه الهفوات ترجع إلى الظهور الحديث لما يُسمى بنماذج "الاستدلال"، القادرة على التفكير بشكل تدريجي وعلى مراحل بدل تقديم إجابة فورية.
يقول ماريوس هوبهان، رئيس شركة "أبولو ريسيرتش" التي تختبر برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي الكبرى، إنّ "او 1"، النسخة الأولية لـ"اوبن ايه آي" من هذا النوع والتي طُرحت في ديسمبر، "كان أول نموذج يتصرف بهذه الطريقة".
تميل هذه البرامج أحيانا إلى محاكاة "الامتثال"، أي إعطاء انطباع بأنها تمتثل لتعليمات المبرمج بينما تسعى في الواقع إلى تحقيق أهداف أخرى.
في الوقت الحالي، لا تظهر هذه السلوكيات إلا عندما يعرّض المستخدمون الخوارزميات لمواقف متطرفة، لكن "السؤال المطروح هو ما إذا كانت النماذج التي تزداد قوة ستميل إلى أن تكون صادقة أم لا"، على قول مايكل تشين من معهد "ام اي تي آر" للتقييم.
لقد كانت السيناريوهات التي اختبرتها شركة (أنثروبيك) خلال الدراسة مصطنعة ومصممة لاختبار حدود الذكاء الاصطناعي تحت الضغط، ولكنها كشفت عن مشكلات جوهرية في كيفية تصرف أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية عند منحها الاستقلالية ومواجهة الصعوبات.
يقول هوبهان إنّ "المستخدمين يضغطون على النماذج باستمرار. ما نراه هو ظاهرة فعلية. نحن لا نبتكر شيئا".
يتحدث عدد كبير من مستخدمي الانترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن "نموذج يكذب عليهم أو يختلق أمورا. وهذه ليست أوهاما، بل ازدواجية استراتيجية"، بحسب المشارك في تأسيس "أبولو ريسيرتش".
حتى لو أنّ "أنثروبيك" و"أوبن إيه آي" تستعينان بشركات خارجية مثل "أبولو" لدراسة برامجهما، من شأن"زيادة الشفافية وتوسيع نطاق الإتاحة" إلى الأوساط العلمية "أن يحسّنا الأبحاث لفهم الخداع ومنعه"، وفق مايكل تشين.
ومن العيوب الأخرى أن "الجهات العاملة في مجال البحوث والمنظمات المستقلة لديها موارد حوسبة أقل بكثير من موارد شركات الذكاء الاصطناعي"، مما يجعل التدقيق بالنماذج الكبيرة "مستحيلا"، على قول مانتاس مازيكا من مركز أمن الذكاء الاصطناعي (CAIS).
بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أقرّ تشريعات تنظّم الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تركّز بشكل أساسي على كيفية استخدام هذه النماذج من جانب البشر، وليس على سلوك النماذج نفسها.
منافسة شرسة
يلاحظ غولدستين أن "الوعي لا يزال محدودا جدا في الوقت الحالي"، لكنه يتوقع أن يفرض هذا الموضوع نفسه خلال الأشهر المقبلة، مع الثورة المقبلة في مجال المساعدين القائمين على الذكاء الاصطناعي، وهي برامج قادرة على تنفيذ عدد كبير من المهام بشكل مستقل.
يخوض المهندسون سباقا محموما خلف الذكاء الاصطناعي وتجاوزاته، وسط منافسة شرسة تحتدم يوما بعد يوم.
تقول شركة "أنثروبيك" إنها أكثر التزاما بالمبادئ الأخلاقية "لكنها تسعى باستمرار لإطلاق نموذج جديد يتفوق على نماذج اوبن ايه آي"، بحسب غولدستين.
يقول هوبهان "في الوضع الحالي، تتطور قدرات الذكاء الاصطناعي بوتيرة أسرع من فهمنا لها ومن مستوى الأمان المتوفر، لكننا لا نزال قادرين على تدارك هذا التأخر".
يشير بعض الخبراء إلى مجال قابلية التفسير، وهو علم ناشئ يهدف إلى فك شفرة الطريقة التي تعمل بها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من الداخل. ومع ذلك، يظل البعض متشككا في فعاليته، من بينهم دان هندريكس، مدير مركز أمن الذكاء الاصطناعي (CAIS).
الحِيَل التي تلجأ إليها نماذج الذكاء الاصطناعي "قد تُعيق استخدامها على نطاق واسع إذا تكررت، وهو ما يشكّل دافعا قويا للشركات العاملة في هذا القطاع للعمل على حل المشكلة"، وفق مانتاس مازيكا.
وأشار باحث في علوم مواءمة الذكاء الاصطناعي في شركة أنثروبيك، إلى أن الخطوة المهمة التي يجب على الشركات اتخاذها هي: "توخي الحذر بشأن مستويات الأذونات الواسعة التي تمنحها لوكلاء الذكاء الاصطناعي، والاستخدام المناسب للإشراف والمراقبة البشرية لمنع النتائج الضارة التي قد تنشأ عن عدم التوافق الفاعل".