رأى عميد أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في أبو ظبي، إريك ألتر، والمدير العام للأكاديمية نفسها نيكولاي ملادينوف، أن استمرار تفاقم الصراعات في جميع أنحاء العالم، يقوّض الاستقرار في مناطق حرجة. ويبدو أن نافذة الدبلوماسية تضيق، ورغم الجهود الجادة، ينفد الوقت من الولايات المتحدة.

يمثل تسهيل الإمارات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا نجاحاً نادراً

وكتب ألتر وملادينوف في موقع "ذا هيل" أن المناشدات المتكررة من أجل السلام، مهما كانت مستمرة، لم تكن كافية لاختراق التعقيدات المترسخة للأزمات الحالية.


ما كان يُروَّج له ذات يوم باعتباره صفقة "منجزة بنسبة 90%" في غزة، يبدو الآن حقيقة بعيدة. ومنذ أسبوعين وحسب، فشل اقتراح مدعوم من الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار مدة 21 يوماً، صُمم لتسهيل الانخراط الدبلوماسي بين إسرائيل وحزب الله، على طول الخط الأزرق، في اكتساب الزخم، وتبعه تصعيد كبير.

"Is diplomacy doomed?" (@TheHillOpinion) https://t.co/PfOroUqhd6

— The Hill (@thehill) October 19, 2024

إن جهود الوساطة في السودان للتوسط في وقف إطلاق النار محاصرة الآن حيث تشن القوات المسلحة السودانية، أحد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية الوحشية، هجوماً جديداً. تتطلب الدبلوماسية الناجحة توازناً بين الحوافز والعواقب. إن تقديم مكافآت دون مساءلة ، جزرة دون العصا، نادراً ما يترك تأثيراً كبيراً.
ليس الأمر لأن العالم يفتقر إلى رغبة في الدبلوماسية أو الوساطة. فنجاح الصين بالتوسط في التقريب بين إيران والسعودية هو مثال على ذلك.

اختراقات نادرة.. من بينها للإمارات

كانت المفاوضات ممكنة في مؤتمر كوب 28، حيث أدت تنازلات صعبة في نهاية المطاف إلى إجماع. كما اعتُمدت معاهدة جديدة رائدة حول الملكية الفكرية والموارد الوراثية والمعرفة التقليدية المرتبطة بها بالإجماع من قبل أعضاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
وفي الآونة الأخيرة، أشار مسؤولون إيرانيون إلى استعدادهم للمشاركة في محادثات مع الولايات المتحدة. مع ذلك، ورغم هذه الجهود، كثيراً ما أضاعت الدبلوماسية الغربية فرصاً حاسمة.
أصبحت الاختراقات الدبلوماسية نادرة بشكل متزايد، مع استثناءات قليلة. ويمثل تسهيل الإمارات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، نجاحاً نادراً. كما أحرزت تركيا وأرمينيا، تقدماً جيداً في تطبيع العلاقات بعد هدوء دام عامين.

New "All News" post from THE HILL: Is diplomacy doomed? https://t.co/0UIdOl9LDb

— GMan (Ґленн) ☘️???????????????????????????????????????????????? (@FAB87F) October 19, 2024

لكن لا يمكن قياس النجاح بالاتفاقات والمعاهدات الجديدة وحدها. إن الإنجاز الدبلوماسي الرئيسي هذه السنة، ميثاق المستقبل الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يواجه شكوكاً جدية في قدرته على الوفاء بوعوده.
بعيداً من مسألة المعاهدات الجديدة، يثير الميثاق مخاوف أكبر على قدرة المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة على التعامل مع تعقيد الصراعات الحديثة. يجب أن تظل الدبلوماسية مركزية، سواء في سياق الحرب الشاملة أو التوترات المتصاعدة أو الجمود المطول.

ركود الدبلوماسية العالمية أوضح ألتر وملادينوف أن الاستقطاب المتزايد في المشهد الدولي، مقترناً بصعود الشعبوية، أديا إلى توليد بيئة حيث أصبح تأمين مساحات تفاوضية سرية ومنتجة أمراً صعباً بشكل متزايد.
كما تشكل الدورات السياسية المحلية تحدياً. ففي 2024، من المقرر أن تشهد أكثر من 64 دولة، تمثل ما يقرب من نصف سكان العالم، انتخابات، والعديد منها مهيأة انتقال سياسي كبير. يقوض هذا التركيز طويل الأجل والجهد المستدام الذي تتطلبه الدبلوماسية. على سبيل المثال، قد تؤدي الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة والانتخابات المحتملة في إسرائيل إلى تحول جذري في نبرة ومحتوى الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وبعد الانتخابات الرئاسية في تايوان، لا تزال مخاطر الديناميات التصعيدية التي أطلقتها السياسة الداخلية هناك غير محددة.
والقادة المشتبكون في صراعات من روسيا، والسودان إلى وسط إفريقيا، إما يعززون سلطاتهم أو يكافحون للبقاء. دون مشاركتهم المباشرة، يصبح تأمين الاتفاقات الدبلوماسية صعباً على نحو متزايد.
في كثير من الحالات، تعكس السياسة الخارجية أجندات سياسية داخلية، ما يجعل كبار الدبلوماسيين  امتداداً لوجهات نظر قادتهم، عوضاً عن أن يكونوا ممثلين محترفين قادرين على التعبير عن وجهات نظر دولية أوسع. وحتى وزراء الخارجية غالباً ما يجدون أنفسهم مقيدين وغير قادرين على تقديم مواقف تختلف عن مواقف رؤساء دولهم.
لكن ورغم هذه القيود، يظل الدبلوماسيون المشاركون في الوساطة في النزاعات ملتزمين،بشكل رسمي أو غير رسمي، بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
على الأرض، فإن السعي إلى تحقيق النصر بأي ثمن طغى على الاستعداد للتسوية، حيث حلت الإنذارات النهائية محل الحوار. وخارج ساحة المعركة، تهيمن المصالح الاقتصادية والترابطية، والمنافسة الجيوسياسية على المناقشات، ما يدفع الدبلوماسية إلى الخلف. لقد تحول التركيز من فن الدبلوماسية إلى السباق على النفوذ والقوة. حاجة إلى الشجاعة لدى كل الدول، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، كل الأسباب لمواصلة الاستثمار في الدبلوماسية. وبإمكان الدول التي تواجه انحداراً اقتصادياً أو عسكرياً أن تستخدمها لإعادة تأهيل مكانتها، في حين يمكن للقوى المتوسطة الصاعدة أن تستفيد منه لاقتناص دور أبرز على المسرح الدولي.
يرى ألتر وملادينوف أن لا غنى عن الدبلوماسية بالنسبة إلى الجميع. فقد قدمت دول مثل تركيا، والهند، والسعودية، والإمارات نفسها، جهات فاعلة دبلوماسية رئيسية، مستغلة تأثيرها الاقتصادي والعسكري لتأكيد نفوذها. ويمكن لهذه القوى المتوسطة أن تعمل باعتبارها وسيطة مطلوبة بشدة في مفاوضات المستقبل.
بعد أن تهدأ سنة الانتخابات، ستحتاج الحكومات المنتخبة حديثاً إلى إظهار الشجاعة السياسية والإبداع لإحياء دور الدبلوماسية في الحوكمة العالمية. مع تفاقم التعب الناجم عن الصراعات الإقليمية المستمرة، ستنشأ فرص لإعادة تنشيط الجهود الدبلوماسية، إذا كانت هذه الجهود شاملة حقاً. ويجب دمج القوى المتوسطة والمنظمات الإقليمية وجماعات المجتمع المدني في الأطر الدبلوماسية المستقبلية لتوليد حلول أكثر استدامة. عودة إلى صيغ أثبتت جدواها أضاف الكاتبان أنه ربما حان الوقت أيضاً للعودة إلى بعض الصيغ الدبلوماسية المبتكرة في الماضي، التي ساعدت في سد الفجوات. فالطاولة ماسية الشكل لاتفاق الجمعة العظيمة، حيث أمكن حتى لخصوم شرسين مثل إيان بيزلي وجيري آدامز الجلوس جنباً إلى جنب، أو دبلوماسية المجلس التي تمارس عادة في الخليج، والتي تعزز الحوار المحترم وبناء الإجماع.
يمكن لهذه الصيغ وغيرها الكثير أن توفر إطاراً قيماً لمعالجة الصراعات الإقليمية، وتعزيز الثقة والاستقرار طويل الأمد في عالم متزايد الاستقطاب ما يثبت قيمتها في الساحة الدبلوماسية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الشرع يلتقي وفدا دبلوماسيا أميركيا

ديسمبر 20, 2024آخر تحديث: ديسمبر 20, 2024

المستقلة/-التقي قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، الجمعة، وفدا دبلوماسيا أميركيا برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف.

وأعلنت واشنطن أن الدبلوماسيين الأمريكيين التقوا في دمشق، “ناشطين من المجتمع المدني وأفراد من الطوائف المختلفة”.

ونقلت وكالة “رويترز” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الدبلوماسيين بحثوا مع “الهيئة” مبادئ انتقال السلطة في سوريا، والتطورات الإقليمية والحاجة إلى محاربة تنظيم “داعش”.

وأضاف أنهم ناقشوا القضايا المتعلقة بمصير صحفي مفقود ومواطنين أمريكيين اختفوا في عهد نظام بشار الأسد.

 

مقالات مشابهة

  • الشرع يلتقي وفدا دبلوماسيا أميركيا
  • خبير علاقات دولية: مصر تقدم نموذج البناء والسلام في عالم الصراعات
  • واشنطن ترسل وفدا دبلوماسيا رفيع المستوى إلى دمشق للقاء الشرع
  • الرئيس السيسي يناقش مع نظيره الإيراني جهود وقف إطلاق النار في غزة
  • الرئيس السيسي: التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون
  • عاجل - الرئيس التركي يثمن جهود مصر وقطر في وقف العدوان الإسرائيلى على غزة
  • إيفا فيليبي.. الدبلوماسية التشيكية التي تحالفت مع الأسد
  • محافظ المهرة يناقش جهود مكافحة المخدرات وتعزيز أمن المنشآت
  • هل يصبح "إنستغرام" الدجاجة التي تبيض ذهبا لـ"ميتا"؟
  • نائب محافظ الدقهلية يستعرض الجهود المبذولة في رفع كفاءة المنطقة الصناعية