تواصل المملكة السعوديّة عبر أبواقها الإعلامية مسار الإسناد الواضح للكيان الصهيوني في هذه المعركة الفاصلة بتاريخ الأُمَّــة.

وعقب تسريع عمليات التطبيع الخليجية مع الاحتلال الصهيوني بتوقيع اتّفاقات “أبراهام” في عام 2020م، زاد الإعلام الخليجي من هذا العداء لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة “حماس”، ووقف الإعلام السعوديّ بجلاء وبشكل واضح لا لبس فيه مع العدوّ الصهيوني في كُـلّ مراحل العدوان على غزة، مستخدمًا العديد من الأساليب المشوهة لصورة المقاومة، والمثبطة لها، وتحميلها مسؤولية كُـلّ ما يحدث في فلسطين المحتلّة.

ومع هذا المسار، كانت الحقائق تتضح يومًا بعد آخر حول هُــوِيَّة هذا الإعلام السعوديّ، والذي يصفه الكثيرون “بالإعلام العبري”، لكن ما أثار انتباه الكثيرين الذين لم تتضح لهم الصورة أكثر هو حالة التشفي المبالغ بها عبر وسائل الإعلام السعوديّة بعد استشهاد القائد المناضل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

لقد ظهر الإعلام السعوديّ عبر تغطيته لهذا الحدث صهيونيًّا بامتيَاز، متبنيًا السردية الإسرائيلية، ومباركًا للعدو الإسرائيلي ما وصفه بـ “الإنجاز الكبير” في التخلص من “إرهابيين” فلسطينيين في غزة، وهو ما أثار غضبًا واسعًا في المنطقة العربية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين: لماذا هذا الطرب الكبير في السعوديّة حول استشهاد القائد السنوار؟ وما الذي فعله بهم الشهيد يحيى السنوار حتى يتم التعاطي مع استشهاده بهذا السفه والانحطاط الكبير؟!

 

صحافة صفراء:

أبرز وسائل الإعلام السعوديّة التي انحدرت إلى مستوى السقوط المهني هي قناة “العربية” التي تبنت الرواية الصهيونية من أولها إلى آخرها في نقل مشهد استشهاد السنوار، إضافة إلى صحيفة “عكاظ” السعوديّة التي نشرت تقريرًا تم تضمينه في غلاف الصحيفة، وكان مثيرًا للاشمئزاز، فقد كتبت عنوانًا: “إسرائيل تلحق السنوار بهنية.. حماس بلا رأس” أعربت فيه عن نوع من الاحتفاء باستشهاد القائد يحيى السنوار.

وتولت صحيفة “الشرق الأوسط” مهمة تشويه حماس عبر مقالات كُتابها وأخبارها وتقاريرها، وروجت لانتصار الكيان الصهيوني، وأن حماس لم تستفد شيئًا من الحرب إلا تدمير غزة.

وعلى خط مواز، بثت قناة MBC”” السعوديّة، تقريرًا تحت عنوان “ألفية الخلاص من الإرهابيين”، وذكر التقرير مجموعة من الشخصيات من بينها مؤسّس القاعدة أسامة بن لادن، وشخصيات أُخرى من قادة القاعدة، إضافة إلى رئيس حركة “حماس” الشهيد يحيى السنوار، وسلفه الشهيد إسماعيل هنية، وورد أَيْـضًا ذكر قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي الشهيد أبو مهدي المهندس، إضافة إلى الأمين العام لحزب الله الشهيد القائد حسن نصر الله.

ولم تستطع حركة حماس، وهي المكلومة لفقدان قائدها الشهيد يحيى السنوار الصبر، فأصدرت بيانًا وصفت فيه هذا التقرير بـ “الظلامي” و”التحريضي” ضد الحركة وقيادتها، وبأنه “سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي”، كما اعتبر هذا التقرير تعبيرًا عن “صحافة صفراء”، وطالبت “القناة بحذفه والاعتذار عن الإساءة لقادة المقاومة الذين قدموا أرواحهم؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين”.

ومع كُـلّ هذا الهجوم الإعلامي للمنابر السعوديّة، أظهر الناشطون السعوديّون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة غير مسبوقة لاستشهاد السنوار، وكأنه كان جاثمًا على رؤوسهم، في حالة من التشفي المبالغ فيه، والتي تدل على أنهم صهاينة بوجوه عربية.

 

سخط عارم على المملكة:

وعلى عكس ما كان يتمناه الإعلام السعوديّ بتكريس ثقافة معادية لحركة حماس في المنطقة العربية، وقع الإعلام السعوديّ والناشطون السعوديّون أمام موجة غير مسبوقة من قبل أحرار الأُمَّــة.

واقتحم مئات العراقيين مكاتب قناة “إم بي سي” السعوديّة في العراق، وقاموا بتحطيم محتويات المكتب وإضرَام النار فيه، وذلك على خلفية تقرير وصفت فيه قادة تنظيمات مسلحة بمن فيهم يحيى السنوار وحسن نصر الله بأنهم “إرهابيون”.

وظهر في مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي المحتجين وهم يقتحمون مبنى القناة ويحطمون أثاثها وأجهزتها، وأحرقوا قسمًا من المبنى.

هذا الغضب الذي تم على أرض الواقع، انتقل سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حَيثُ أبدى الناشطون استياءهم للتعاطي السعوديّ السافر مع استشهاد القائد يحيى السنوار.

 الصحفي والكاتب اليمني عبد القادر عثمان، كتب منشورًا على صفحته في “إكس” قائلًا: ‏“احتفلوا باستشهاد السيد حسن نصرالله بحجّـة أنه شيعي، واحتفلوا باستشهاد القائد إسماعيل هنية وخبر استشهاد القائد يحيى السنوار؛ لأَنَّه سني.. هم ليسوا مع الشيعة وليسوا مع السنة..؛ لأَنَّهم مع الصهاينة”.

مغرد جزائري كتب: “هناك حقيقة ‏عندما يستشهد أَو يقتل المدافع عن الشرف، حتمًا سيفرح فاقد الشرف”.

مصطلحات مائعة:

ولم يقف الإعلام السعوديّ، خَاصَّة قناة “العربية” وصحيفة “الشرق الأوسط”، فقط مع العدوان باستخدام مصطلحات مائعة تصور إبادة غزة على أنها “تصاعد للعنف في الشرق الأوسط”، ولكن سعى هذا الإعلام لبث روح الإحباط بأن غزة انتهت، وعلى قادة حماس تسليم أنفسهم أَو مغادرة غزة، برغم أن كُـلّ المؤشرات منذ اليوم الأول لـ (طُـوفَان الأقصى) كانت تدل على هزيمة الاحتلال.

أيضًا استخدم الإعلام السعوديّ مصطلحات “المسلحين” كأنه يستنكف تسمية مقاتلي القسام بأنهم “مقاومون” أَو “مجاهدون”.

وسعى الإعلام السعوديّ إلى ترسيخ فكرة أن “إسرائيل” دولة مسالمة يتم الاعتداء عليها من طرف المقاومة الفلسطينية، وأن هذه التوجّـهات الجديدة للنظام السعوديّ في عهد المجرم محمد بن سلمان هي للمزيد من القفز في الحضن الصهيوني.

وعلى مدى عام كامل من (طُـوفَان الأقصى)، وما قبله، كان أداء قناة “العربية” مثيرًا للشبهات في تعاملها مع حروب غزة كلها، حَيثُ تبنت وجهة النظر الصهيونية، ونشرت أنباء هدم المنازل وقتل الفلسطينيين على أنها “عنف متبادل”، وتصاعد هذا الدور المشبوه في “طوفان الأقصى”؛ ليصل إلى حَــدّ مهاجمة قادة حماس.

وصل الأمر بالقناة السعوديّة إلى التشكيك في عملية القصف الذي طال المستشفى المعمداني، والذي تسبب في استشهاد ما لا يقل عن 500 من المرضى والمواطنين الموجودين به ساعة القصف، مطالبة بانتظار نتائج التحقيق، رغم أن مراسلي القناة كانوا بالمكان، ثم تبنت الرواية الصهيونية بأن صاروخًا فلسطينيًّا هو الذي قصف المستشفى لا طائرات “إسرائيل”!

وأمام كُـلّ ما سبق، لم يعد خفيًّا على أحد أن التعاطي الإعلامي السعوديّ مع الأحداث في غزة، ينسجم تمامًا مع الموقف السعوديّ الرسمي، والذي يرى حركة حماس بأنها عدو وَ”إسرائيل” بأنها صديق؛ ولهذا يعتقل النظام مسؤولي حماس في المملكة، وكل هذا في استمرار واضح للاندفاع السعوديّ للتطبيع العلني مع الكيان المؤقَّت، بما يخدم المصلحة الأمريكية البحتة.

أحمد داوود

نقلاً عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی الإعلام السعودی استشهاد القائد یحیى السنوار السعودی ة حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية

عبرت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، عن تضامنها مع الناشط إسماعيل الغزاوي، بعد تعرضه للمتابعة القضائية على خلفية مشاركته في احتجاج على استقبال سفينة إسرائيلية بأحد موانئ المملكة.
وسجلت السكرتارية الوطنية للجبهة، في بيان لها « بكثير من الاستنكار، ما يتعرض له الغزاوي، المهندس الفلاحي، البالغ من العمر 34 سنة، والمناهض للتطبيع مع كيان الإجرام العنصري الصهيوني، الذي يشن حرب الإبادة الجماعية في فلسطين ولبنان، بتواطؤ ودعم مفضوح من الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والأنظمة العربية والإسلامية المطبعة مع الكيان الصهيوني، وهو الناشط في دعم فلسطين »، حسب ما جاء في بيانها.

وأضافت أن الغزاوي « المعروف بدعواته للمقاطعة بالمغرب في إطار حركة بي دي آس العالمية، كطريقة لمناهضة التطبيع؛ تم الاعتداء عليه بتعنيفه واعتقاله يوم الجمعة 25 أكتوبر 2024 وهو يلبس الكوفية رمز الصمود الفلسطيني متوجها نحو القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء للاحتجاج على الدور المخزي للإدارة الأمريكية، المدعمة لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وتم اقتياده إلى ولاية الأمن بالبيضاء، ليتم إطلاق سراحه لاحقا. كمشارك في الوقفة التنديدية أمام ميناء طنجة المتوسطي يوم الجمعة 15 نونبر 2024، احتجاجا على استقبال السفن الصهيونية المساهمة في إبادة الشعب الفلسطيني.

إلا أن الخطير والخطير جدا، يقول البيان، هو استدعاؤه للمثول يوم الثلاثاء 19 نونبر 2024 على الساعة التاسعة صباحاً، أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء.

وأضافت أنها « إذ تعبر عن تضامنها المبدئي مع المناضل إسماعيل العزاوي، فإنها تدين سلوك الدولة المغربية في الاعتداء على حق الشعب المغربي في التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه آلة الحرب والدمار والحصار والتجويع والتنكيل الصهيونية، وتطالب بوقف هذه الممارسات التي لن تتني كافة مكونات الشعب المغربي عن التعبير عن الرفض القاطع لسياسة التطبيع الخياني، الذي يجب إلغاؤه وطرد ممثل الكيان الصهيوني من بلادنا ».

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام يزور مكتب حماس ويسلّم شهادات تكريمية للإعلاميين الفلسطينيين
  • وزير الإعلام يزور مكتب حماس
  • جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية
  • السبت القادم .. حفل موسيقي للفنان هشام خرما يحيى بمكتبة الإسكندرية
  • استشهاد 7 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي منازل في غزة وجباليا ورفح
  • الإعلام الحربي في حزب الله نعى عفيف: مضى شهيدنا الى حيث أحب
  • حادث المطار تابع...قليل من التضخيم يفرح قلب المتعطشين لهيبة الدولة
  • معرض FOMEX 2025 يعزز البعد الدولي للإعلام السعودي
  • السنوار.. أُسطورةُ الزمان والمكان
  • طارق يحيى يوجه رسالة لمنتقدي حسام حسن