الإعلام السعوديّ يفرح لاستشهاد السنوار .. انكشاف عورة التطبيع
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
تواصل المملكة السعوديّة عبر أبواقها الإعلامية مسار الإسناد الواضح للكيان الصهيوني في هذه المعركة الفاصلة بتاريخ الأُمَّــة.
وعقب تسريع عمليات التطبيع الخليجية مع الاحتلال الصهيوني بتوقيع اتّفاقات “أبراهام” في عام 2020م، زاد الإعلام الخليجي من هذا العداء لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة “حماس”، ووقف الإعلام السعوديّ بجلاء وبشكل واضح لا لبس فيه مع العدوّ الصهيوني في كُـلّ مراحل العدوان على غزة، مستخدمًا العديد من الأساليب المشوهة لصورة المقاومة، والمثبطة لها، وتحميلها مسؤولية كُـلّ ما يحدث في فلسطين المحتلّة.
ومع هذا المسار، كانت الحقائق تتضح يومًا بعد آخر حول هُــوِيَّة هذا الإعلام السعوديّ، والذي يصفه الكثيرون “بالإعلام العبري”، لكن ما أثار انتباه الكثيرين الذين لم تتضح لهم الصورة أكثر هو حالة التشفي المبالغ بها عبر وسائل الإعلام السعوديّة بعد استشهاد القائد المناضل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
لقد ظهر الإعلام السعوديّ عبر تغطيته لهذا الحدث صهيونيًّا بامتيَاز، متبنيًا السردية الإسرائيلية، ومباركًا للعدو الإسرائيلي ما وصفه بـ “الإنجاز الكبير” في التخلص من “إرهابيين” فلسطينيين في غزة، وهو ما أثار غضبًا واسعًا في المنطقة العربية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين: لماذا هذا الطرب الكبير في السعوديّة حول استشهاد القائد السنوار؟ وما الذي فعله بهم الشهيد يحيى السنوار حتى يتم التعاطي مع استشهاده بهذا السفه والانحطاط الكبير؟!
صحافة صفراء:
أبرز وسائل الإعلام السعوديّة التي انحدرت إلى مستوى السقوط المهني هي قناة “العربية” التي تبنت الرواية الصهيونية من أولها إلى آخرها في نقل مشهد استشهاد السنوار، إضافة إلى صحيفة “عكاظ” السعوديّة التي نشرت تقريرًا تم تضمينه في غلاف الصحيفة، وكان مثيرًا للاشمئزاز، فقد كتبت عنوانًا: “إسرائيل تلحق السنوار بهنية.. حماس بلا رأس” أعربت فيه عن نوع من الاحتفاء باستشهاد القائد يحيى السنوار.
وتولت صحيفة “الشرق الأوسط” مهمة تشويه حماس عبر مقالات كُتابها وأخبارها وتقاريرها، وروجت لانتصار الكيان الصهيوني، وأن حماس لم تستفد شيئًا من الحرب إلا تدمير غزة.
وعلى خط مواز، بثت قناة MBC”” السعوديّة، تقريرًا تحت عنوان “ألفية الخلاص من الإرهابيين”، وذكر التقرير مجموعة من الشخصيات من بينها مؤسّس القاعدة أسامة بن لادن، وشخصيات أُخرى من قادة القاعدة، إضافة إلى رئيس حركة “حماس” الشهيد يحيى السنوار، وسلفه الشهيد إسماعيل هنية، وورد أَيْـضًا ذكر قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي الشهيد أبو مهدي المهندس، إضافة إلى الأمين العام لحزب الله الشهيد القائد حسن نصر الله.
ولم تستطع حركة حماس، وهي المكلومة لفقدان قائدها الشهيد يحيى السنوار الصبر، فأصدرت بيانًا وصفت فيه هذا التقرير بـ “الظلامي” و”التحريضي” ضد الحركة وقيادتها، وبأنه “سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي”، كما اعتبر هذا التقرير تعبيرًا عن “صحافة صفراء”، وطالبت “القناة بحذفه والاعتذار عن الإساءة لقادة المقاومة الذين قدموا أرواحهم؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين”.
ومع كُـلّ هذا الهجوم الإعلامي للمنابر السعوديّة، أظهر الناشطون السعوديّون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة غير مسبوقة لاستشهاد السنوار، وكأنه كان جاثمًا على رؤوسهم، في حالة من التشفي المبالغ فيه، والتي تدل على أنهم صهاينة بوجوه عربية.
سخط عارم على المملكة:
وعلى عكس ما كان يتمناه الإعلام السعوديّ بتكريس ثقافة معادية لحركة حماس في المنطقة العربية، وقع الإعلام السعوديّ والناشطون السعوديّون أمام موجة غير مسبوقة من قبل أحرار الأُمَّــة.
واقتحم مئات العراقيين مكاتب قناة “إم بي سي” السعوديّة في العراق، وقاموا بتحطيم محتويات المكتب وإضرَام النار فيه، وذلك على خلفية تقرير وصفت فيه قادة تنظيمات مسلحة بمن فيهم يحيى السنوار وحسن نصر الله بأنهم “إرهابيون”.
وظهر في مقاطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي المحتجين وهم يقتحمون مبنى القناة ويحطمون أثاثها وأجهزتها، وأحرقوا قسمًا من المبنى.
هذا الغضب الذي تم على أرض الواقع، انتقل سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حَيثُ أبدى الناشطون استياءهم للتعاطي السعوديّ السافر مع استشهاد القائد يحيى السنوار.
الصحفي والكاتب اليمني عبد القادر عثمان، كتب منشورًا على صفحته في “إكس” قائلًا: “احتفلوا باستشهاد السيد حسن نصرالله بحجّـة أنه شيعي، واحتفلوا باستشهاد القائد إسماعيل هنية وخبر استشهاد القائد يحيى السنوار؛ لأَنَّه سني.. هم ليسوا مع الشيعة وليسوا مع السنة..؛ لأَنَّهم مع الصهاينة”.
مغرد جزائري كتب: “هناك حقيقة عندما يستشهد أَو يقتل المدافع عن الشرف، حتمًا سيفرح فاقد الشرف”.
مصطلحات مائعة:
ولم يقف الإعلام السعوديّ، خَاصَّة قناة “العربية” وصحيفة “الشرق الأوسط”، فقط مع العدوان باستخدام مصطلحات مائعة تصور إبادة غزة على أنها “تصاعد للعنف في الشرق الأوسط”، ولكن سعى هذا الإعلام لبث روح الإحباط بأن غزة انتهت، وعلى قادة حماس تسليم أنفسهم أَو مغادرة غزة، برغم أن كُـلّ المؤشرات منذ اليوم الأول لـ (طُـوفَان الأقصى) كانت تدل على هزيمة الاحتلال.
أيضًا استخدم الإعلام السعوديّ مصطلحات “المسلحين” كأنه يستنكف تسمية مقاتلي القسام بأنهم “مقاومون” أَو “مجاهدون”.
وسعى الإعلام السعوديّ إلى ترسيخ فكرة أن “إسرائيل” دولة مسالمة يتم الاعتداء عليها من طرف المقاومة الفلسطينية، وأن هذه التوجّـهات الجديدة للنظام السعوديّ في عهد المجرم محمد بن سلمان هي للمزيد من القفز في الحضن الصهيوني.
وعلى مدى عام كامل من (طُـوفَان الأقصى)، وما قبله، كان أداء قناة “العربية” مثيرًا للشبهات في تعاملها مع حروب غزة كلها، حَيثُ تبنت وجهة النظر الصهيونية، ونشرت أنباء هدم المنازل وقتل الفلسطينيين على أنها “عنف متبادل”، وتصاعد هذا الدور المشبوه في “طوفان الأقصى”؛ ليصل إلى حَــدّ مهاجمة قادة حماس.
وصل الأمر بالقناة السعوديّة إلى التشكيك في عملية القصف الذي طال المستشفى المعمداني، والذي تسبب في استشهاد ما لا يقل عن 500 من المرضى والمواطنين الموجودين به ساعة القصف، مطالبة بانتظار نتائج التحقيق، رغم أن مراسلي القناة كانوا بالمكان، ثم تبنت الرواية الصهيونية بأن صاروخًا فلسطينيًّا هو الذي قصف المستشفى لا طائرات “إسرائيل”!
وأمام كُـلّ ما سبق، لم يعد خفيًّا على أحد أن التعاطي الإعلامي السعوديّ مع الأحداث في غزة، ينسجم تمامًا مع الموقف السعوديّ الرسمي، والذي يرى حركة حماس بأنها عدو وَ”إسرائيل” بأنها صديق؛ ولهذا يعتقل النظام مسؤولي حماس في المملكة، وكل هذا في استمرار واضح للاندفاع السعوديّ للتطبيع العلني مع الكيان المؤقَّت، بما يخدم المصلحة الأمريكية البحتة.
أحمد داوودنقلاً عن موقع أنصار الله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی الإعلام السعودی استشهاد القائد یحیى السنوار السعودی ة حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
رواتب الأسرى..إلغاؤها يفرح واشنطن ويثير غضب الفلسطينيين
أثارت إقالة رئيس هيئة الأسرى فارس قدورة الذي انتقد قرار السلطة الفلسطينية وقف نظام المخصصات المالية لعائلات "الشهداء والأسرى" الفلسطينيين، الجدل من جديد حول الإصلاح الذي تطالب به منذ زمن الولايات المتحدة.
وأقيل فارس الثلاثاء بعد انتقاده علناً قرار السلطة الفلسطينية الذي لطالما ضغطت إسرائيل لتطبيقه. وبموجب النظام الجديد، سيدمج الدعم المالي لعائلات "الأسرى والشهداء والجرحى" في نظام الرعاية الاجتماعية الفلسطيني العام، ما أثار استياءً عاماً بين الفلسطينين.معقدة وغامضة ويندرج دفع المخصصات المالية لأسر الفلسطينيين الذين قتلوا على يد إسرائيل أو اعتقلوا في سجونها، ضمن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية الذي يقوم مقام الدستور. ويعتبر قانون "الحفاظ على رفاه" هذه الأسر "واجباً" ينظمه القانون.
وفي 2004، صوّت البرلمان الفلسطيني الذي لم ينعقد منذ 2017، على قانون بدل للأسر التي لديها أبناء في السجون الإسرائيلية لتعويض الإيرادات المادية المفقودة أثناء فترة اعتقاله.
وفي 2013 عُدل القانون لينصّ على إعطاء أفضلية لتوظيف الفلسطينيين الذين قضوا وقتاً في السجن في وظائف الخدمة المدنية لضمان راتب لهم عند الإفراج عنهم، ويحقّ لعائلات "الشهداء" الحصول على مخصصات أيضاً.
ووفقاً لفارس، يستفيد من هذا النظام ما بين 35 و40 ألف أسرة.
وأقيل فارس بعد أن دعا إلى التراجع عن هذا الإصلاح.
ويُقدّر أن مئات الملايين من الدولارات وزّعت بموجب النظام الملغى، لكن آلية عمله وميزانيته الدقيقة غامضان. لماذا الإصلاح
لطالما انتقدت إسرائيل نظام المساعدات الذي تعتبره تحريضاً ومكافأة للعنف لأنه يفيد المعتقلين السابقين الذين سجنتهم إسرائيل بتهمة "الإرهاب".
منذ 2019، جمّدت إسرائيل في مناسبات عدّة الأموال التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينية، مثل الجمارك من الحدود التي تسيطر عليها، بسبب رفضها أن تستخدم هذه الأموال لدفع رواتب عائلات الذين نفذوا عمليات مسلحة ضد إسرائيل.
وأطلق منتقدو نظام المساعدات في الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية عليه اسم "صندوق الدفع مقابل القتل".
ووقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تبنّى العبارة، قانوناً في 2018 خلال ولايته الأولى علّق المساعدات المالية المباشرة للسلطة الفلسطينية، طالما استمرت في تقديم المساعدة لأسر الفلسطينيين المدانين بتهم "الإرهاب".
وهدّدت دول أخرى بفعل ذلك، أو تجميد الأموال.
وفي صيف 2024، قال الاتحاد الأوروبي السلطة الفلسطينية ،إن المساعدات المالية ستكون مشروطة بإصلاح النظام.
ونصّ مرسوم رئاسي صدر في 10 فبراير (شباط) على أن المستفيدين من النظام سيتعيّن عليهم الآن المرور بنظام الرعاية الاجتماعية، وتصرف المساعدات على أساس الاحتياجات الفردية، كما طلب من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
علما أن السلطة الفلسطينية في حاجة ماسة إلى المال، وتكافح لدفع رواتب موظفيها المدنيين في الوقت المحدد.
وقال مصدر في وزارة المالية الفلسطينية، إن المساعدات المالية لعائلات الأسرى والشهداء لم تُصرَف خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال المحلل مارتن كونيكني، مدير مركز المشروع الأوروبي للشرق الأوسط للأبحاث عن الإصلاح:"أعتقد أن الفلسطينيين يفعلون ذلك بشكل أساسي في مواجهة إدارة ترامب".
ويرى كونيكني أن الخطوة "جهد يائس لمحاولة إقامة علاقات جيدة مع ترامب ومنع المزيد من المصائب للفلسطينيين من إدارته".
ووصف الاستراتيجية بـ "ساذجة في ضوء التصعيد الإسرائيلي".
وشدّد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التدابير الاقتصادية ضد السلطة الفلسطينية، ويكرّر أنه يتمنى انهيارها، ووصفها بـ "عبء" يجب التخلص منه.
ورحّبت الولايات المتحدة بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووصفته بـ "خطوة إيجابية وفوز كبير للإدارة" الأمريكية. ورفض العديد من الوزراء الإسرائيليين هذا الإصلاح باعتباره مجرد خطوة رمزية.