الإحباط الشعبي يسيطر على كردستان: المواطنون يتساءلون عن جدوى التصويت
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
20 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: في ظل أجواء مشوبة باللامبالاة والاستياء، يتوجه سكان إقليم كردستان العراق اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد. وعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي تُشيد بأهمية هذه الانتخابات في “تنشيط الديمقراطية”، فإن الشارع الكردي يبدو متأثراً بسنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالإقليم.
في أحد مراكز الاقتراع في السليمانية، وقف داوود محمد، وهو مدرس متقاعد يبلغ من العمر 60 عاماً، في طابور الانتظار. وبينما ينظر إلى الناس حوله قال: “لا أشعر بالحماس، وكأننا نعيد نفس المشهد مع اختلاف الأسماء فقط. منذ عشر سنوات وأنا أدلي بصوتي، لكن الوضع يزداد سوءاً”.
داوود يعكس ما يشعر به كثير من الناخبين في الإقليم، حيث ساد شعور باليأس من قدرة الانتخابات على تحقيق التغيير المنشود.
وتشير تقارير غير رسمية إلى نسبة مشاركة منخفضة مقارنة بالانتخابات السابقة، إذ يعتقد العديد من المواطنين أن الهيمنة السياسية ما زالت في يد الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، مما جعل الانتخابات مجرد إجراء شكلي للحفاظ على توزيع السلطة بين العائلات السياسية المتنفذة.
وقالت الناشطة السياسية في السليمانية، هيوا رسول: “الانتخابات أصبحت لعبة بين الأحزاب الكبيرة. المواطن العادي لم يعد يرى أي جدوى من الذهاب للتصويت، لأن النتائج معروفة مسبقاً”. هيوا تعتبر أن الانتخابات لن تأتي بأي جديد طالما أن النظام السياسي والاقتصادي يبقى محصوراً في يد النخب.
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي، كاوه كريم، أن تراجع مستوى المشاركة الشعبية في الانتخابات يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الإقليم. في تحليله قال: “إذا استمرت حالة الإحباط هذه، فقد نشهد تصاعداً في المعارضة الشعبية. هناك مؤشرات على أن حركة احتجاجية قد تنشأ، خصوصاً إذا استمر التأخير في دفع رواتب الموظفين، وازداد الضغط الاقتصادي على المواطنين.”
في الوقت الذي كان فيه الإعلام المحلي ينقل صوراً لرئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، وهو يدلي بصوته في أربيل، كانت هناك أصوات تنادي بضرورة مواجهة الفساد وتوزيع الثروات بشكل عادل. ومن أبرزها صوت رجل أعمال معروف في دهوك، لم يرغب في الكشف عن اسمه، قائلاً: “الأموال تتدفق إلى جيوب قادة الأحزاب، فيما يتضور الشباب العاطل عن العمل جوعاً. ما يحدث ليس ديمقراطية، بل إدارة أزمة بطرق ملتوية.”
وفي ظل هذه الأجواء، تترقب الأوساط السياسية ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات، خصوصاً بعد التقارير التي تتحدث عن إمكانية تفوق بعض الأحزاب الناشئة مثل “الجيل الجديد”، وحزب “جبهة الشعب”، الذي انشق مؤخراً عن الاتحاد الوطني الكردستاني. ويرى المحلل السياسي شوان أحمد أن نجاح هذه الأحزاب الصغيرة قد يكون بداية لتغيير المشهد السياسي التقليدي، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.
لكن في نهاية اليوم، ومع إغلاق صناديق الاقتراع، ستظل التساؤلات مطروحة حول ما إذا كانت هذه الانتخابات ستحقق فعلاً أي تغيير جوهري، أم أنها ستكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة الصراعات السياسية التي يعيشها الإقليم منذ عقود.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الإطار التنسيقي يراهن على قوائم منفصلة في انتخابات 2025
24 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: تُشير التطورات السياسية الأخيرة إلى أن انتخابات تشرين الثاني 2025 ستكون محطة حاسمة في رسم خارطة النفوذ بالعراق، حيث تبرز المحافظات المختلطة كساحة تنافس معقدة.
وتُظهر ديناميكيات التحالفات، خصوصاً في ديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى، تفاعلات متشابكة بين القوى الشيعية والسنية والكردية، وسط غياب تحالف موحد للإطار التنسيقي.
و تُعكس هذه الاستراتيجية رغبة القوى السياسية في تعزيز مواقعها المحلية، مع الاحتفاظ بمرونة التفاوض بعد الانتخابات.
وتُبرز هذه الخطوة انقسامات داخلية ضمن الإطار، حيث تسعى كل كتلة لتوسيع قاعدتها الشعبية عبر قوائم منفصلة أو تحالفات محدودة، مما يعكس تنافساً محموماً على السلطة المحلية.
وَتُعزز هذه التحالفات الخاصة في المحافظات المختلطة أهمية الهويات الطائفية والإثنية في تشكيل المشهد السياسي.
وتُظهر تجارب الانتخابات المحلية منذ 2003 أن التحالفات الانتخابية كانت حاسمة في تحديد مراكز القوى، لكنها غالباً ما أدت إلى استقطابات حادة فيما تُشير النتائج الأولية لانتخابات 2023 في نينوى، على سبيل المثال، إلى نجاح تحالفات مثل “نينوى الموحدة” في استقطاب أغلبية الناخبين عبر دمج قوى عربية وكردية، لكن تراجع مقاعد الكرد في ديالى يكشف تحديات التشتت السياسي. تُعكس هذه التحولات هشاشة التوازنات في مناطق التنوع الإثني.
وَتُؤكد قرارات الإطار التنسيقي على إجراء الانتخابات في موعدها استراتيجية واضحة لتثبيت النفوذ الشيعي، لكن التحالفات المتعددة قد تُضعف تماسكه.
وتُبرز مشاركة قوى مثل دولة القانون، الفتح، والحكمة بقوائم منفصلة تنافساً داخلياً قد يُعيق تشكيل حكومات محلية متماسكة.
وتُشير تقارير إلى أن قادة الإطار، مثل نوري المالكي وهادي العامري، يراهنون على إعادة توحيد الصف بعد الانتخابات لضمان هيمنة نيابية، لكن هذا الرهان يواجه مخاطر الانقسامات العميقة.
وَتُسلط الأضواء على التحديات التي تواجه المحافظات المختلطة، حيث تُعد الانتخابات اختباراً لقدرة القوى السياسية على تجاوز الخلافات الطائفية.
و تُظهر التجربة التاريخية أن الصراع على السلطة المحلية غالباً ما يُفاقم التوترات الاجتماعية، مما يتطلب حواراً شاملاً لضمان استقرار ما بعد الانتخابات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts