الفنان منذر رياحنة: جدار الشيطان الإلكتروني: الوسوسة في عالم السينما وصناعة الخيال
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
كتب الفنان منذر رياحنة
في عالم السينما، حيث تتلاقى الحقيقة والخيال، وتنساب الأحلام عبر الشاشات الفضية، ظهر ما يمكن تسميته بـ “جدار الشيطان الإلكتروني”؛ جدار خفي لكنه ملموس، يحكم قبضته على عقول الجماهير كما تحكم الظلال قبضتها على الضوء. إنه ذاك الجدار الذي يُبنى ليس من الطوب أو الإسمنت، بل من الحسابات المزيفة والشائعات الرقمية، لينسج حول الأفلام والنجوم وشركات الإنتاج قوالبَ مصطنعةً من الآراء والتقييمات، التي تتغلغل في النفوس دون أن يراها أحد.
الذباب الإلكتروني: الجنود الخفية لصناعة الوهم
هناك، في الظل الرقمي الذي لا يعرف أحدٌ من يتحكم به، تتكدس مزارع الذباب الإلكتروني، ليس في الحقول أو المزارع المعهودة، بل في فضاءات لا تحدها الأسلاك أو الشاشات. إنها جيوش رقمية، وُجدت لتهيم على وجوهها بين التغريدات والمراجعات، تقلب موازين السينما، وتعصف بما تبقى من النقاء في عالم الأحلام المرئية. هذه الجيوش لا تتوقف عن النقر على الأزرار، تنسج قصصًا، تضخم نجاحًا، أو تدفن فيلمًا تحت أكوام من النقد الكاذب.
مقالات ذات صلة “أردن الكرامة”.. جديد “صوت الأردن” عمر العبداللات 2024/10/17في أعماق الظل: من يكتب قصة الفيلم حقًا؟
عندما يولد فيلمٌ جديد، ويبدأ في شق طريقه نحو صالات العرض، يكون قد دخل، دون علمه، ساحة معركة خفية. ليست المعركة تلك التي نراها بين الأفلام في شباك التذاكر، بل معركة أشد غموضًا، تُخاض بين الحسابات الوهمية التي تغرق منصات التقييم والنقد. هل هو نقد صادق؟ أم وسوسة رقمية تقود المشاهدين إلى ما لا يريدون؟ هنا، لا يصبح الحكم على الفيلم بيد من يشاهدونه حقًا، بل بيد قوى خفية تدير دفّة السفينة نحو مصالحها.
إن هذا الذباب الإلكتروني لا يقف عند حد الأفلام وحدها، بل يتسلل إلى قلوب الجماهير التي تعشق نجومها وتتابع أخبارهم بشغف. بلمسة سريعة على لوحة المفاتيح، تتحول سمعة نجم إلى رماد، أو يُنفخ في نار الشهرة ليتوهج اسمه فوق الجميع. إنهم ليسوا سوى أدوات في يد هذه القوى التي تقلب الحقائق كما يقلب المخرج المشاهد.
أصوات مختنقة في بحر الضجيج: كيف يضيع الحق في تقييم السينما؟
لقد أصبح جمهور السينما، الذي كان فيما مضى يتوجه إلى قاعات العرض وهو يحمل معه حاسة فنية دقيقة، حائرًا بين أمواج من الآراء المتضاربة والمراجعات المتناقضة. مواقع التقييم التي أُنشئت لتكون مرآةً صافية تعكس الحقيقة، تحولت إلى ساحة تعج بالذباب الإلكتروني، تغمر الأفلام بمدائح زائفة أو تشوهها بنقدٍ مغرض، حتى يصبح من المستحيل أن يعرف المشاهد ما إذا كان الفيلم يستحق وقته وماله.
إن تقييم الأفلام أصبح معركة أخرى تُخاض في الخفاء، حيث تندس قوى مجهولة بين الصفوف، تلقي بآرائها المصطنعة لتصيغ مصير الفيلم. وكم من فيلم خسر جمهوره قبل أن يرى النور، وكم من فيلم سطع نجمه بفضل تلك الحسابات التي تهمس في آذان الجماهير دون أن تترك أثراً حقيقيًا.
هل من ملاذ؟ كيف نعيد للسينما نقاءها؟
إننا نقف اليوم على مفترق طرق في عالم السينما، بين الحقيقة والخيال، وبين النقاء والتزييف. لكن الملاذ لا يزال ممكنًا. قد يكون الحل في أن نعيد النظر في طريقة تعاملنا مع منصات التقييم، أن نبحث عن الحقيقة بأنفسنا بدلًا من أن ننتظرها من ذباب إلكتروني لا نراه.
في النهاية، تبقى السينما فنًا يعيش في أرواح صانعيه، ويتنفس من خلال أعين المشاهدين الذين يؤمنون بقوة الصورة والكلمة. وما “جدار الشيطان الإلكتروني” إلا وهمٌ مؤقت، سينهار يومًا عندما تعود السينما لتكون ذلك الفن الحر الذي لا يخضع إلا لعين المشاهد وروحه الباحثة عن الحقيقة.
ختامًا: بين الظل والنور
إن معركة السينما اليوم ليست فقط معركة الأفلام الجيدة مقابل الرديئة، بل هي معركة من أجل الحقيقة في وجه التزييف الرقمي. في هذا العالم الذي تحكمه الشاشات، يمكن لذرة من ذباب إلكتروني أن تغير مصير فيلم، أو ترفع نجمًا إلى السماء أو تسقطه. لكن في النهاية، يبقى الفن الحقيقي عصيًا على التزييف، لأن الحقيقة ستجد طريقها دومًا، مهما حاولت الأيدي الخفية أن تعرقلها.
السينما، مثلها مثل أي فن آخر، يجب أن تبقى حرة، قادرة على التأثير بأصالتها، لا بما يُكتب عنها
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: فی عالم
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يسعى لبناء جدار على الحدود مع الأردن.. ما طوله وتكلفته؟
من المتوقع أن يكلف تعزيز الجدار الحدودي الذي يزيد طوله على الـ 400 كيلومتر ويفصل بين الأردن والأراضي المحتلة حوالي خمسة مليارات شيكل (1.37 مليار دولار)، وبمجرد الموافقة على الميزانية، فسيكون بالإمكان بناء الجدار المخطط له خلال ثلاث سنوات.
وتعتقد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن من بين الأسباب التي تدفع إلى تسارع بناء الجدار: "الخوف من تأثير العدوى من سوريا وزعزعة استقرار النظام الأردني".
وقالت الكاتبة الإسرائيلية ليلاخ شوفال، في تقرير على صحيفة "يسرائيل هيوم" إنه "إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها وتمت الموافقة على الميزانية في الوقت المحدد، فإن نظام الأمن يقدر أنه سيكون بالإمكان بناء الجدار الشرقي على طول حدود إسرائيل-الأردن في غضون ثلاث سنوات".
وذكرت شوفال أنه "وفقًا للتقديرات، تقدر تكلفة بناء الجدار بنحو خمسة مليارات شيكل، ومن المتوقع أن يمتد الجدار من مطار إيلات في الجنوب، حيث يوجد جدار موجود بالفعل حتى حوالي 10 كيلومترات شماليه، مرورًا بالبحر الميت، ووادي الأردن وبيسان".
وأضافت أن وزارة الحرب قد خصصت بالفعل ميزانية لتخطيط "العائق الحدودي"، ومن المتوقع أن يكتمل التخطيط في آذار/ مارس المقبل، مشيرة إلى أنه "في حال وافقت اللجنة على جميع الميزانية المطلوبة في الوقت المناسب، وتم العثور على مصدر تمويل، فسيكون من الممكن بدء التنفيذ بسرعة بعد الانتهاء من مرحلة التخطيط".
وبينت أن التنفيذ سيكون باستخدام عدة فرق عمل بالتوازي، ويمكن إتمام البناء في غضون ثلاث سنوات واستبدال "العائق الهش أو غير الموجود بين إسرائيل والأردن".
واعتبرت أنه "بهذا سيكون من الممكن منع التسلل إلى إسرائيل، وكذلك تهريب الأسلحة، الذي أصبح ظاهرة مقلقة وخطيرة بشكل خاص في الأشهر الأخيرة، نظرًا لمحاولات إيران ملء الضفة الغربية بأسلحة لتنفيذ هجمات ضد الإسرائيليين داخل الخط الأخضر وخارجه".
وقالت إنه "سيتم تنفيذ الأعمال وفقًا لأولويات المناطق، بناءً على قربها من المستوطنات، وبحسب الأماكن المهددة بالتهريب، كما هو الحال في الحدود الأخرى، وسيقود هذه الأعمال اللواء إيراني أوفير".
وأكدت أنه "في هذه الأثناء، فإنهم في الجيش الإسرائيلي، يشعرون بقلق شديد إزاء الوضع في الأردن، ويخشون من تأثير العدوى السورية الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام الأردني، الذي يعتبر جزءًا مهمًا من تصور الأمن الإسرائيلي على الحدود الشرقية".
وختمت بالقول: "استعدادًا لما قد يحدث، واحتياطًا لأي طارئ، فإنه يخطط في الوزارة لبناء الجدار الشرقي، ونشر الجيش الإسرائيلي دعوة لتجنيد قوات الاحتياط للفرقة الشرقية التي يتم تشكيلها في هذه الأيام".