موقع النيلين:
2025-05-01@16:08:04 GMT

عادل الباز: اقتصاديات الحرب (1/2)

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

1 منذ أن بدأت الحرب الملعونة التي أشعلها شياطين الجن الجنجويدي، طفقنا نتحدث عن كل شيء يجري بداخلها وحولها، ولكن لم نتحدث إلا نادراً حول اقتصادياتها مع أنها في جوهرها حرب اقتصادية بامتياز في مسبباتها وفي غاياتها النهائية. فهي الحرب التي من سيفوز فيها سيفوز بالكنز، وهو موارد السودان غير المحدودة. وهل أشعلوا الحرب إلا من أجل نهبها؟!.

سأترك الآن وإلى وقت لاحق مناقشة مسبباتها وغاياتها الاقتصادية، وسأركز في هذا المقال حول اقتصاديات الحرب الجارية الآن.
2
عندما أشعل الجنجويد هذه الحرب، لم يكن في بالهم أنهم سينفقون مليماً واحداً، بل كانوا يخططون لشفشفة مليارات الدولارات عبر النهب المقنن الذي سيتاح لهم بعد سيطرتهم على الدولة. وكان الجنجويد قبل ذلك بسنوات قد أسسوا مئات الشركات في كافة المجالات استعداداً لليوم الموعود، يوم الانقلاب العظيم الذي يستولون عبره على كل مقدرات البلاد. ولكن إرادة الله غالبة، فتحول الانقلاب إلى حرب طاحنة، فبدلاً من أن يحصدوا ما خططوا له، وجدوا أنفسهم ينفقون ما نهبوه طيلة أربعة عشر عاماً من الذهب وأموال الدولة في حرب خاسرة. في سابق تجاربهم، كانت الدولة هي من تتولى الإنفاق على حروبهم المتعددة، إضافة إلى سرقتهم المستمرة من مواردها، ولكن في هذه الحرب لابد من تدابير مختلفة.
واجهت المليشيا تحديين: يتعلق أولهما باستخدام مواردها المنهوبة سابقاً من الدولة في حرب لا يعرف متى تنتهي، في ظل توقف الاستثمارات الأخرى في الشركات ومناجم الذهب. لم يتبقَ للمليشيا من مناجم الذهب إلا منجم “سنقو” شمال دارفور، الذي جرى تدميره جزئياً الشهر الماضي، وبقية المناجم وشركات الذهب التي تمتلكها أو تساهم فيها المليشيا تمت مصادرتها لصالح الدولة.
3
التحدي الثاني هو إيجاد كفيل خارجي تتوحد مصلحته مع الجنجويد بالسيطرة على موارد البلاد. وقد كان الكفيل أصلاً موجوداً يهندس في سيناريوهات الحرب وهو مستعد للإنفاق على الحرب، ولكن ليس إلى ما لا نهاية. وتلك معضلة ظهرت لقادة المليشيا الآن بعد أن بدأت مواردهم الذاتية تنضب، مما دفع الجنجويدي الأخير في خطابه مؤخراً أن يعلن إنه ليس له “إمداد” كافٍ. في الوقت الذي بدأ فيه الكفيل يشعر بالحصار الدولي لدعمه مليشيا تقوم بارتكاب جرائم إبادة! في ذات الوقت الذي يتضعضع فيه وضع قوات المليشيا على الأرض وتتلقى هزائم يومية مما لا يغري بمواصلة تمويل حرب تشنها مليشيا منهزمة، وكما يبدو أنه لا أفق لإنجاز اتفاق سياسي يعيد المليشيا حتى إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
4
تحتاج المليشيا وكفيلها الآن للإنفاق على السلاح والذخائر بكافة أنواعها، كما هي بحاجة إلى الإنفاق على تشوين القوات المنتشرة في أكثر من 9 ولايات عبر خطوط إمداد طويلة، ولولا النهب الذي تمارسه تلك القوات لأموال وطعام المواطنين لاستسلمت باكراً. تحتاج المليشيا وكفيلها لتعويض مئات العربات المدججة بكافة أنواع السلاح التي تتعرض للتدمير بشكل يومي من الجيش السوداني وقوات العمل الخاص والطيران والمتحركات الزاحفة الآن من كل اتجاه، إضافة للغنائم السهلة التي تغنمها القوات المشتركة يومياً في مناطق كثيرة بدافور.
على المليشيا أيضاً وكفيلها الإنفاق على مرتبات قواتها المتمردة نفسها والمرتزقة المستجلَبِين من 8 دول أفريقية، إضافة للصرف على وقود العربات والمركبات القتالية عبر مسافات طويلة من صحراء ليبيا إلى الجزيرة الخضراء التي تستعد الآن لإكمال احتفالاتها بالتحرير، إضافة للإنفاق على الأبواق الإعلامية والرشى التي تتسع دائرتها كل يوم للمنظمات الإقليمية والدولية والناشطين السياسيين والمستشارين، وكل ذلك العويش الرخيص الذي يحيط بالمليشيات ويعتاش من فتاتها.
5
تبقت للمليشيا مصادر محدودة للتمويل، وهي فرض رسوم وضرائب على الأهالي والمنتجات التي تُنتج وتُصدر من مناطق سيطرتها في غرب السودان. ومن غباء المليشيا أنها أقدمت على خطوة سرعان ما تراجعت عنها، وذلك حين أوقفت تصدير سلع حيوية إلى مصر كانت تتربح منها بسبب رغبتها في الإضرار بالاقتصاد المصري. وهم طبعاً من فرط جهلهم لا يعرفون عن الاقتصاد المصري شيئاً، ويعتقدون أنه سيتضرر أو تحيق به كارثة بسبب وقف استيراد بضع سلع من دارفور!
حجم الاقتصاد المصري بحسب تقديرات البنك الدولي وتقاريره العام الماضي بلغ حوالي 387 مليار دولار، مما أهله ليكون ضمن أقوى 34 اقتصاداً في العالم، ويأتي في المرتبة الثانية من حيث حجم الاقتصاديات في أفريقيا بعد نيجيريا. وهو اقتصاد متنوع، تمثل إيرادات قطاع الخدمات جزءاً كبيراً منه، إضافة إلى أنه اقتصاد مفتوح على السوق العالمية. ولذا فإن الخاسر الأول من هذا القرار هو المليشيا ابتداءً، لأنها ستخسر الإتاوات والضرائب التي تفرضها على التجار، والخاسر الثاني هو اقتصاد السودان، وخاصة إذا ما تحولت مصر كلياً لاستيراد اللحوم إلى الصومال وجيبوتي، اللتان تتنافسان مع السودان الآن في سوق اللحوم الحية. فمن جملة 2.5 مليون طن تستهلكها مصر سنوياً، تنتج داخلياً ما يقارب 30% وتستورد من جيبوتي والصومال تقريباً 30% من احتياجاتها من اللحوم الحية، والباقي من أسواق متنوعة، أهمها السودان.
6
إلى هنا نرى أن موارد المليشيا تنحسر، وهي ناضبة أو نضبت. إذن كيف ستواصل حربها بلا موارد ضخمة تنفقها على قائمة متطلبات الحرب؟ هذه هي ورطتها الكبرى، ولذا أصبحت تعتمد على الكفيل كلياً بعد أن أوشكت على الإفلاس. المشكلة الآن إدراك الكفيل أنها خسرت الحرب، وليس ثمة طريقة لإيقافها الآن، وهو نفسه يتعرض لضغوط إعلامية ودولية متصاعدة. وحتى لو رغب أن يستمر في تمويل حرب خاسرة… فإلى متى؟.في ظل استحالة انتصار المليشيا وبدون أفق لحل سياسي ما وضغوط دولية، لابد من القبول بخسارة الحرب ليتوقف نزيف الصرف الهائل بلا طائل. صحيح أن قبول المليشيا وكفيلها بخسارة الحرب هو بمثابة تجرع السم، ولكن لا مناص من تجرعه.
7
في هذه الحرب خسرت المليشيا سياسياً بإشانة سمعتها بجرائمها التي ارتكبتها، كما خسر الكفيل سمعته بأنه يمول مليشيا مجرمة، في الوقت الذي تخسر فيه المليشيا عسكرياً وتتوالى هزائمها. إذا كان كل ذلك يمكن احتماله إلى حين تتغير الظروف وتتبدل موازين القوى، ولكن الذي لا يمكن ويستحيل احتماله هو خسران مئات الملايين من الدولارات يومياً في حرب خاسرة دون جدوى أو نتائج إيجابية محتملة. ولذا المتوقع أن ينهي الاقتصاد هذه الحرب قبل أن يفعل ذلك السلاح والقتال في الميادين. قديماً قالوا: إنه الاقتصاد يا غبي.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم

لم يكن 30 أبريل/نيسان 1975 يوما عاديا في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريبا بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة -التي تورطت بعدها- نحو 58 ألف جندي و120 مليار دولار في الحرب التي باتت الأكثر "إذلالًا" في تاريخها.

وبدت حرب فيتنام -أو حروبها- بتشابكاتها الدولية والإقليمية تجسيدا لنظرية "الحرب التي تلد أخرى" في ظل صراع ساخن في بواكير الحرب الباردة. فقد أدت معركة ديان بيان فو (13مارس/آذار-7 مايو/أيار 1954) عمليا إلى نهاية الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية في منطقة الهند الصينية برمتها، وخسرت أيضا مستعمراتها الأخرى في أفريقيا بفعل صعود حركات التحرير التي تأثرت بالمقاومة الفيتنامية، وبمفاعيل "نظرية الدومينو" العسكرية والسياسية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كوارث بيئية لا تنسى.. "العامل البرتقالي" الأميركي بفيتنامlist 2 of 4الجزيرة نت في فيتنام.. احتفالات عارمة في "هو تشي منه" بخمسينية النصر والوحدةlist 3 of 4حرب فيتنام.. خمسينية النصر والوحدةlist 4 of 4هو شي منه قائد ثورة فيتنام ضد فرنسا وأميركاend of list

كانت حرب فيتنام نتاج سنوات من مقاومة الاحتلال الفرنسي للبلاد (منذ عام 1883) ثم الغزو الياباني الذي انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية، والمد الشيوعي في المنطقة وصراع الأيديولوجيات، ومحاولات تقسيم البلاد، وبلغت أوجها مع التدخل الأميركي العسكري المباشر لمحاولة صد التوغل الشيوعي السوفياتي الصيني.

إعلان

وعمليا، لم تكن حرب الهند الصينية الأولى (بين عامي 1946 و1954) معركة الولايات المتحدة، لكنها كانت تمول فعليا نحو 78% من تكلفة تلك الحرب -وفق أوراق البنتاغون المنشورة عام 1971- وتقدم مساعدات عسكرية ولوجستية ضخمة لفرنسا، خوفا من التمدد الشيوعي وسيطرة الصين على المنطقة وصعود الاتحاد السوفياتي إذا هزمت القوات الفرنسية.

كما ناقش المسؤولون الأميركيون -تبعا لهواجسهم تلك- دعما إضافيا لفرنسا ضمن ما عرف بـ"عملية النسر" (Operation Vulture) وهي مقترح خطة عسكرية كبيرة، من أجل إسناد الفرنسيين في معركة ديان بيان فو، وضعها الرئيس دوايت آيزنهاور (حكم بين 1953 و1961) ومستشاروه.

وتضمنت العملية -اعتمادا على وثائق رفعت عنها السرية- قصفا مركزا ومكثفا مع احتمال استخدام قنابل ذرية اقترح تقديمها لفرنسا، وتدخلا بريا. لكن العملية لم تنفذ في النهاية وانسحبت فرنسا بخسائر فادحة، بعد توقيع اتفاقية جنيف للسلام في يوليو/تموز 1954 التي نصت على تقسيم فيتنام إلى شطرين، ولم توقع الولايات المتحدة وحكومة سايغون الموالية لها على الاتفاق رغم حضورهما. وبدأ التورط الأميركي العسكري تدريجيا لحماية النظام الموالي لها في فيتنام الجنوبية ومحاربة المد الشيوعي، إلى حد التدخل المباشر والمعلن عام 1963.

الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (يمين) ووزير خارجيته هنري كيسنجر (أسوشيتد برس) نظرية الرجل المجنون

في منتصف عام 1968، وتحت ورطة الفشل في حرب فيتنام، اعتمد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (1969-1974) على مبدأ تحقيق "السلام بالقوة" عبر "المزيد من قاذفات بي 52" التي أوصاه بها وزير خارجيته هنري كيسنجر، مبتدعا ما سماها "نظرية الرجل المجنون".

ويكشف رئيس موظفي البيت الأبيض بوب هالدمان في مذكراته عام 1994 عن إستراتيجية الرئيس نيكسون لإنهاء حرب فيتنام التي أسرّ له بها قائلا "أنا أسميها نظرية الرجل المجنون، بوب.. سنرسل لهم رسالة مفادها يا إلهي، أنتم تعلمون أن نيكسون مهووس بالشيوعية لا يمكن كبح جماحه عندما يكون غاضبا ويده على الزر النووي.. سيصل هو شي منه (الزعيم الفيتنامي) بنفسه إلى باريس في غضون يومين ويطلب السلام".

إعلان

وكتب هالدمان أن الرئيس نيكسون سعى إلى تنفيذ إستراتيجية التهديد باستخدام القوة المفرطة لتقويض خصومه، وإجبارهم على الاستسلام أو التسوية. وبهذه الطريقة، يصبح عدم يقين الفيتناميين بشأن الخطوات المستقبلية للزعيم "أداة إستراتيجية في حد ذاتها".

وفي 4 أبريل/نيسان 1972 قال نيكسون لهالدمان والمدعي العام جون ميتشل "لم يُقصف الأوغاد قط كما سيُقصفون هذه المرة" عند اتخاذه قرارا بشن ما أصبح يُعرف باسم عملية "لاينباكر التي مثلت تصعيدا هائلا في المجهود الحربي، الذي شمل قصف ميناء هايفونغ، وحصار ساحل فيتنام الشمالية، وحملة قصف جديدة ضخمة ضد هانوي.

ولا تثبت الوقائع التاريخية أن الزعيم الفيتنامي هو شي منه خضع لنظرية "الرجل المجنون" عندما تم توقيع اتفاق السلام في باريس يوم 23 يناير/كانون الثاني 1973، لكن الولايات المتحدة استخدمت قوة هائلة ومفرطة لمحاولة إخضاع الفيتناميين، وفكرت في استعمال السلاح النووي.

كانت نظرية "الرجل المجنون" تجسيدا للإحباط الذي أصاب الإدارة الأميركية من صمود المقاومة الفيتنامية والخسائر الفادحة في صفوف الجيش الأميركي، ومن حركة الرفض الواسعة للحرب في المجتمع الأميركي، واهتزاز الضمير العالمي من المشاهد المؤلمة للمجازر البشعة، سواء في مذبحة "ماي لاي" في 16 مارس/آذار 1968 التي قتل فيها 504 من المدنيين العزل، وغيرها من المجازر.

وفي المقابل، كانت نظرية الجنرال فو نغوين جياب قائد قوات قوات "الفيت منه"(رابطة استقلال فيتنام) تراوح بين خطتي "هجوم سريع.. نصر سريع" و"هجوم ثابت.. تقدم ثابت" واعتماد الحرب الشعبية وحروب العصابات الخاطفة واستنزاف العدو، حيث يقول في مذكراته "إن كل واحد من السكان جندي، وكل قرية حصن" وكانت نظريته أن حرب العصابات هي "حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب".

الزعيم الفيتنامي الراحل هو شي منه رفض التخلي عن فكرة توحيد فيتنام (غيتي) ) الورطة والمقاومة

بدأ التورط الأميركي عمليا في حرب فيتنام بعد خروج القوات الفرنسية، ومنذ عام 1961 أرسلت واشنطن 400 من الجنود والمستشارين لمساعدة حكومة سايغون الموالية في مواجهته قوة هو شي منه الشيوعية، ومع التوصيات بزيادة المساعدات استجاب الرئيس جون كينيدي. وبحلول عام 1962 زاد الوجود العسكري الأميركي في جنوب فيتنام إلى نحو 9 آلاف جندي.

إعلان

ومع بداية عهد الرئيس ليندون جونسون (1963-1969) -الذي منحه الكونغرس صلاحيات واسعة في الشؤون الحربية- بدأت القاذفات الأميركية تنفيذ عمليات قصف منتظمة على فيتنام الشمالية وقوات "الفيت- كونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). وفي مارس/آذار 1965، بدأ تدفق القوات الأميركية إلى فيتنام الشمالية، حتى وصل إلى 200 ألف عام 1966، ثم نحو 500 ألف في نوفمبر/تشرين الثاني 1967.

وكانت قوات الزعيم هو شي منه، وقائد العمليات الجنرال جياب، تعتمد على التكتيكات الحربية النوعية والهجمات الخاطفة والكمائن والأنفاق والحرب الطويلة الأمد كما كانت تعتمد على الإمدادات القادمة من كمبوديا ولاوس المجاورتين، وعلى الدعم النوعي الذي تتلقاه من الصين ومن الاتحاد السوفياتي، خصوصا منظومات الدفاع الجوي التي أسقطت عشرات قاذفات "بي-52". ومع بداية عام 1968 بلغت الخسائر الأميركية 15 ألف قتيل و109 آلاف جريح.

وفي المقابل، زادت الولايات المتحدة من وتيرة القصف الجوي العنيف واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا مثل "النابالم" وما سمي "العامل البرتقالي" -الذي يحتوي على "الديوكسين" وهو أكثر تلك المبيدات ضررا وفتكا- على فيتنام ولاوس وكمبوديا، ومازالت آثاره البيئية الخطيرة قائمة.

فتاة النابالم اعتبرت وثيقة تدين الحرب الأميركية في فيتنام (أسوشيتد برس) صورة الهزيمة

لم تكن الخسائر البشرية لوحدها ذات التأثير الأكبر فيما اعتبر هزيمة أميركية عسكرية وأخلاقية في فيتنام، فقد مثلت تلك الحرب أول "حرب تلفزيونية" مع بروز سطوة التلفزيون والصورة، وكانت للتقارير الإعلامية عن المجازر في فيتنام ذات تأثير واسع في الرأي العالم الأميركي والعالمي وفي قرارات الإدارة الأميركية لاحقا، خصوصا صورة "طفلة النابالم" التي كانت تجري عارية بعد أن أسقطت طائرة أميركية مادة النابالم الحارقة على قريتها في 8 يونيو/حزيران 1972.

إعلان

وفي 29 أبريل/نيسان 1975، ألقى الرئيس الأميركي جيرالد فورد (1974-1977) بيانا أعلن فيه إجلاء الموظفين الأميركيين من فيتنام قائلا "تعرض مطار سايغون لقصف صاروخي ومدفعي متواصل، وأُغلق بالكامل. تدهور الوضع العسكري في المنطقة بسرعة. لذلك، أمرتُ بإجلاء جميع الموظفين الأميركيين المتبقين في جنوب فيتنام" وكانت تلك نهاية الوجود الأميركي في هذه البلاد، ودخول قوات الجنرال جياب إلى المدينة اليوم التالي.

ولا تزال مجريات حرب فيتنام، بمآسيها وصمود مقاومتها وتوحيد شطريها، من بين أحداث العالم الفارقة خلال القرن العشرين، وواحدة من الحروب التي غيّرت وجه الولايات المتحدة والعالم بأبعادها العسكرية والسياسية وآثارها الإنسانية، كما باتت تكتيكاتها وأساليبها تدرس في الكليات العسكرية، وتتبعها حركات مقاومة أخرى حول العالم.

وبينما تحتفل بالذكرى الخمسين ليوم تحرير الجنوب وإعادة التوحيد الوطني، لم تعد مدينة سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية سابقا) -التي باتت تسمى هو شي منه نسبة إلى الزعيم الأسطوري لفيتنام- رهينة جراحات الماضي الأليم وأهواله، فقد تحولت على مدى الـ50 عاما الماضية إلى مدينة ناطحات سحاب براقة، وأعمال مزدهرة ومركز صناعي حيوي ونقطة جذب سياحية عالمية.

مقالات مشابهة

  • شريط الأشباح رقم 10 الذي خاضت به أميركا الحرب النفسية مع فيتنام
  • والي شمال دارفور وقائد الفرقة السادسة يهنئان البرهان بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة على المليشيا بالفاشر
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • برلماني: تجارة الترانزيت قادرة على ضخ 20 مليار دولار سنويا لخزانة الدولة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • أمير هشام: الأهلي لم يطلب ضم الشيبي أو إبراهيم عادل من بيراميدز