صحيفة الاتحاد:
2024-10-20@00:39:17 GMT

السينما الأميركية.. من تننتخب؟!

تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT

علي عبد الرحمن 
لعبت هوليوود منذ السبعينيات دوراً محورياً في دعم مرشح دون الآخر في الانتخابات الرئاسية الأميركية والترويج لأجندته السياسية، وكانت السينما وسيلة لإعادة سرد القصص الوطنية وتشكيل تصورات الجمهور حول الزعماء السياسيين، مما يعكس مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه الثقافة الشعبية على السياسة، كذلك تجلى الانحياز السينمائي من خلال مشاركة العديد من نجوم هوليوود في حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية، ودعمهم العلني للمرشحين الديمقراطيين.


يرى المتابعون، أن العلاقة بين هوليوود والحزب الديمقراطي بدأت مع الرئيس جون كينيدي، الذي كان وقتها رمزاً للأمل والتغيير في أميركا، وكانت كاريزما كينيدي وشخصيته الجذابة مصدر إلهام للعديد من نجوم هوليوود، الذين وجدوا فيه قائداً يعبر عن قيم الليبرالية والتقدمية التي يؤمنون بها، وساعد هذا التقارب في تأسيس تحالف غير رسمي بين السينما والحزب الديمقراطي، حيث أصبحت هوليوود معقلاً للديمقراطيين، تسهم من خلاله في دعم رؤيتهم السياسية والترويج لها.

في تلك الفترة، بدأت تظهر أفلام تروج للأجندة الديمقراطية وتعبر عن القيم التي يمثلها الحزب، وهذا التوجه كان جزءاً من استراتيجية أوسع لجعل السينما أداة لنقل الرسائل السياسية والاجتماعية، من خلال الأفلام التي تناولت قضايا مثل الحقوق المدنية والمساواة، وتعبر عن روح العصر التي حاول الديمقراطيون تجسيدها في سياساتهم.
تشكيل الأساطير 
كانت السينما وسيلة فعالة لتشكيل الأساطير والروايات الوطنية، وأثبتت هوليوود قدرتها على خلق صور مثالية للقادة السياسيين، ما ينسجم مع تصورات الحزب الديمقراطي عن القيادة السياسية، من خلال تصوير القيم الليبرالية والتقدمية، وساهمت الانتاجات السينمائية في تشكيل نظرة الجمهور للمرشحين الديمقراطيين وتعزيز أجنداتهم السياسية.
 ومن أبرز الأفلام التي سردت لترويج صورة محددة عن المرشح الديمقراطي، فيلم «الألوان الأساسية» 1998، إخراج مايكل ريتشي واستند إلى شخصية خيالية قريبة من الرئيس بيل كلينتون، وقدم رؤية درامية لشخصية سياسية تتسم بالكاريزما والإصلاح، ورغم أنه عمل خيالي، إلا أن الفيلم جسد القيم الديمقراطية مثل الشفافية والتغيير، مما عكس كيف يمكن للسينما أن تدعم صورة معينة للقيادة السياسية.

وقدم فيلم «الرئيس الأميركي» 1995، من إخراج روب راينر، صورة مثالية للرئيس الأميركي، وجسد شخصيته كرمز للعدالة والنزاهة، وعزز من القيم الديمقراطية من خلال تصوير ساكن البيت الأبيض يعمل بشفافية ووضوح ويضع مصالح الشعب في المقام الأول، وساهمت تلك الصورة السينمائية في ترسيخ فكرة الرئيس الذي يتسم بالقدرة على الإصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية لشعبه.
وحول تعزيز صورة الديمقراطيين كقوة للتغيير الإيجابي، تناول فيلم «ديف» 1993، قصة رجل عادي يتولى المنصب، ويقوم بإصلاحات جذرية تعكس الأخلاق والإنسانية، ومعاني القيادة السياسية النزيهة التي يتمتع بها الحزب الديمقراطي، من إخراج إيفان ريتشيل.
كما تناول فيلم «رئيس الخدم» 2013، إخراج لي دانيلز، صورة ملحمية لرئيس أميركي ينتمي إلى خلفية عرقية متواضعة، وعكست الرؤية السينمائية صورة الرئيس الذي يعمل على تحقيق المساواة والتقدم، بجانب تعزيز القيم الديمقراطية، تسليط الضوء على قضايا الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية.

ضد الجمهوريين 
تعد فضيحة «ووترجيت»، واحدة من أبرز الأمثلة على استخدام السينما كأداة فعالة في مهاجمة الحزب الجمهوري، وفضح الفساد السياسي، تلك الفضيحة التي هزت أركان الإدارة الأميركية في السبعينيات، وأظهرت كيف يمكن للأعمال السينمائية أن تتحول إلى أسلحة قوية في معركة السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتقادات الموجهة للحكومة.
 ومن أبرز تلك الأفلام «كل رجال الرئيس» 1976، إخراج ألان جاي، ويعد تجسيداً سينمائياً واضحاً للانحياز الهوليوودي ضد الحزب الجمهوري، حيث قدم سرداً درامياً لدور الصحافة في الكشف عن تجاوزات إدارة نيكسون، ولم يكن الهدف من الفيلم مجرد رواية القصة، بل كان سعياً لتوجيه انتقادات لاذعة للجمهوريين وتعزيز المثل العليا التي يتبناها الديمقراطيون.
وكذلك فيلم «فروست/نيكسون» 2008، الذي يروي قصة المقابلات التلفزيونية بين الرئيس نيكسون والمذيع ديفيد فروست، واستعرض التحقيقات التي أجراها الإعلام مع الرئيس بعد الفضيحة الشهيرة، وقدم صورة متعمقة للصراع السياسي والنفسي الذي عانى منه نيكسون، وقدمت السينما نقداً سياسياً لاذعاً، وأعادت تأكيد القيم التي يحاول الديمقراطيون ترويجها، مثل الشفافية والمساءلة.

أخبار ذات صلة هاريس تلوح بورقة العمر وتشكك بقدرة ترامب على «التحمل» «العملات المشفرة» تترقب نتائج الانتخابات الأميركية انتخابات الرئاسة الأميركية تابع التغطية كاملة

الرئيس المثالي 
في حين كانت بعض الأفلام تسرد الأحداث التاريخية مباشرة، كانت هناك أفلام أخرى تقدم رؤى خيالية حول الرئيس الأميركي المثالي، مثل «15 مارس» 2011، إخراج جورج كلوني، الذي يتناول الحملات الانتخابية والسياسة من منظور داخلي، وأظهر الصورة المثالية للرئيس الذي يدعمه فريق من المستشارين المخلصين يعملون جاهدين لتحقيق أهدافهم، وكيف يمكن أن تكون الحملة السياسية وسيلة لتحقيق التغيير الإيجابي.
وفيلم «السيد سميث يذهب إلى واشنطن» 1939، للمخرج فرانك كابرا، وتناول مسيرة الشاب البسيط الذي استطاع تحقيق تأثير كبير في السياسة الأميركية من خلال إيمانه بمبادئه والعمل بنزاهة وإخلاص، وتلك الأفلام لم تكن مجرد ترفيه، بل رسائل سياسية تحمل بين طياتها نقداً لسياسات معينة وتشجيعاً على تبني مواقف أخلاقية وإنسانية في القيادة، بجانب تشكيل صورة الرئيس الذي يطمح الجمهور لرؤيته في البيت الأبيض، وتعزيز القيم الديمقراطية، مثل العدالة الاجتماعية والعمل للصالح العام، مما ساهم في ترسيخ صورة مثالية عن القيادة التي يتبناها الحزب الديمقراطي. 

النجوم والانتخابات 
استمر دعم نجوم هوليوود للمرشحين الديمقراطيين في التأثير بشكل ملحوظ على الرأي العام، خاصة في الانتخابات الرئاسية، عبر تاريخ طويل، وقدموا دعماً قوياً للحزب، مستخدمين منصاتهم الإعلامية وشعبيتهم لتوجيه الانتباه نحو قضايا الحزب والتأثير على الناخبين، وفي انتخابات 2024، تميز دعم مجموعة من النجوم البارزين بطرق عدة، تعكس التزامهم بالقيم الديمقراطية والرؤية السياسية للحزب.
يعتبر جورج كلوني من أبرز الأسماء في هوليوود التي تدعم الحزب الديمقراطي، ويشتهر بمواقفه المؤيدة لحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، واستخدم منصاته لدعم القضايا التي تتماشى مع أجندة الحزب، وفي انتخابات 2024، يلعب دوراً نشطاً في دعم المرشح الديمقراطي من خلال الترويج وجمع التبرعات لدعم الحملة الانتخابية، وجمع الأموال لدعم المبادرات الاجتماعية والسياسية التي تشجع على الإصلاحات، مما يعكس التزامه العميق بالقضايا الديمقراطية.
كما يعد مايكل دوغلاس، المعروف بأدواره البارزة في السينما، من الأصوات المؤثرة في هوليوود التي تدعم الحزب الديمقراطي، من خلال مشاركته في فعاليات وحملات ترويجية، وأعرب عن التزامه بالقضايا الديمقراطية مثل التغير المناخي والإصلاحات الاجتماعية، وفي انتخابات 2024، يواصل نشاطه في دعم المرشح الديمقراطي من خلال التحدث في المؤتمرات وجمع الأموال لصالح الحملة، ويسلط الضوء على قضايا مثل التغير المناخي من خلال حملات توعية وشراكات مع المنظمات غير الحكومية التي تعزز البيئة المستدامة.

كذلك يعد المخرج الوثائقي والناشط السياسي مايكل مور، من الشخصيات البارزة التي دعمت المرشحين الديمقراطيين عبر أفلامه، مثل «بولينج لكولومباين» و«فهرنهايت 9-11»، وفي انتخابات 2024، يستمر مور في دعمه للمرشح الديمقراطي، عبر مشاركة آرائه في وسائل الإعلام وفي الحملات الانتخابية، مما يعزز من موقفه كمؤيد للحزب.
وساهم المدير التنفيذي لشركة «نيتفليكس» ريد هاستينغز، في دعم القضايا الديمقراطية، وفي انتخابات 2024، يلعب هاستينغز دوراً فعالاً في دعم المرشح الديمقراطي من خلال ترويج قضايا حقوق الإنسان والإصلاحات الاجتماعية، وإنتاج أفلام وثائقية وبرامج تسلط الضوء على القضايا السياسية.
أما ميريل ستريب، فقد لعبت دوراً مهماً في دعم الحزب الديمقراطي، من خلال تصريحاتها ومشاركتها في الفعاليات السياسية، ووجهت نقداً حاداً للسياسات الجمهورية، وساهمت في رفع مستوى الوعي حول قضايا، مثل حقوق المرأة والفجوة الاقتصادية. وكذلك روبرت دي نيرو، المعروف بجرأته في التعبير عن آرائه السياسية، لم يتردد في استخدام منصته لدعم المرشحين الديمقراطيين.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: البيت الأبيض هوليوود السينما السينما الأميركية الانتخابات الرئاسية الأميركية الولايات المتحدة سباق البيت الأبيض المرشح الدیمقراطی القیم الدیمقراطیة الحزب الدیمقراطی وفی انتخابات 2024 دعم المرشح من خلال من أبرز فی دعم

إقرأ أيضاً:

ترامب وهاريس.. من الرئيس الذي يفضله أصحاب الأعمال في أميركا؟

مع اقتراب ساعة الحسم للانتخابات الرئاسية الأميركية، التي يفصلنا عنها أقل من شهر، تتصاعد وتيرة التوقعات في الأوساط الاقتصادية، حول القرار الذي سيخرج به الناخبون الأميركيون، فالنتائج التي ستسفر عنها هذه الانتخابات، لا تتعلق فقط بمن سيتولى المنصب الرئاسي، بل أيضاً بالتوجهات الاقتصادية والسياسات التنظيمية، التي ستؤثر بشكل مباشر على الطريقة التي يدار بها أكبر اقتصاد في العالم.

وبالنسبة لشركات الطيران والبنوك وصانعي المركبات الكهربائية، وشركات الرعاية الصحية وشركات الإعلام والمطاعم، وشركات التكنولوجيا العملاقة في أميركا، فإن المنافسة تجري بين خيارين متباينين، قد يغيران وجه الاقتصاد الوطني، وبالتالي فإن نتيجة هذه الانتخابات، قد تؤدي إلى اختلافات صارخة في القواعد التي ستواجهها هذه الشركات والمؤسسات والاندماجات التي سيُسمح لها القيام بها والضرائب التي ستدفعها.

ولن تتضح تداعيات السباق الرئاسي الأميركي على الاقتصاد، إلا بعد أن يقوم الرئيس المنتخب بالتعيينات لما يصل إلى 12 هيئة رئيسية، بما في ذلك وزارة الخزانة ووزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية ومكتب حماية المستهلك المالي.

ولمعرفة تأثير نتائج الإنتخابات الرئاسية على عدة قطاعات اقتصادية في أميركا، نشرت شبكة "CNBC" تحقيقاً مفصلاً، اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، سلّط الضوء على الانعكاسات والمخاطر، المتوقعة على شركات الطيران والبنوك وصانعي السيارات الكهربائية، وشركات الرعاية الصحية وشركات الإعلام والمطاعم وشركات التكنولوجيا العملاقة، في حال فازت هاريس أم فاز ترامب.

شركات الطيران

قد تؤثر نتيجة الانتخابات الرئاسية على كل شيء بدءاً مما تدين به شركات الطيران للمستهلكين، بسبب تعطل الرحلات الجوية إلى تكلفة تصميم وبناء طائرة في الولايات المتحدة.

واتخذت وزارة النقل في عهد بايدن، بقيادة الوزير بيت بوتيجيج، موقفاً صارماً بشأن سد ما اعتبرته ثغرات في حماية المسافرين جواً، وقد أنشأت واقترحت قواعد جديدة بشأن قضايا تتعلق بالمبالغ المستردة للإلغاءات، والجلوس العائلي، والإفصاح عن رسوم الخدمة، وهي إجراءات طعنت بها شركات الطيران في المحكمة.

كما حاربت الإدارة الديمقراطية الحالية خطوات توحيد صناعة الطيران، وفازت بدعويين قضائيتين لمكافحة الاحتكار، حيث تم منع الشراكة بين الخطوط الجوية الأميركية وشركة جيت بلو إيرويز، كما تم احباط خطة جيت بلو لشراء شركة الطيران الاقتصادي سبيريت إيرلاينز.

في المقابل لم تسع إدارة ترامب السابقة إلى إقرار خطوات مماثلة، ولذلك يقول أعضاء الصناعة إنهم في ظل ترامب يتوقعون بيئة أكثر ملاءمة للاندماجات.

ولكن ترامب أكد خلال حملته الانتخابية أنه يدعم فرض تعريفات جمركية إضافية، على السلع القادمة من الصين، وهذا ما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة إنتاج بعض مكوّنات الطائرات.

البنوك

واجهت البنوك الأميركية الكبرى وابلاً من القواعد الجديدة، التي تم العمل على اعتمادها هذا العام في ظل حكم الحزب الديمقراطي، حيث سعت إدارة بايدن إلى إقرار مجموعة من اللوائح التنظيمية الحديثة، منذ الأزمة المالية في عام 2008.

وتهدد هذه القواعد عشرات المليارات من الدولارات من إيرادات الصناعة، من خلال خفض الرسوم التي تفرضها البنوك على بطاقات الائتمان والسحب على المكشوف ومراجعة إطار رأس المال.

ولكن كل هذه التدابير معرضة للزوال إذا انتُخب ترامب، إذ من المتوقع أن يرشح ترامب أشخاصاً لشغل مناصب في هيئات تنظيمية مالية رئيسية، بما في ذلك مكتب حماية المستهلك المالي، وهيئة الأوراق المالية والبورصة، ومكتب مراقب العملة ومؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية، وهو ما قد يؤدي إلى إضعاف أو القضاء تماماً على القواعد الجديدة المعمول بها.

وبحسب توبين ماركوس، رئيس السياسة الأميركية في شركة وولف للأبحاث، فإن أجندة إدارة بايدن التنظيمية للقطاع المصرفي، كانت طموحة للغاية، وخاصة في مجال التمويل، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يتراجع المعينون من قبل ترامب عن أجزاء كبيرة منها إذا فاز.

ومع ذلك، يشير بعض المراقبين إلى أن ترامب وفي ولايته الثانية قد لا يكون ودوداً للصناعة، كما كان في أول مرة تولى فيها منصبه، حيث بدأ ترامب الشهر الماضي في دفع فكرة وضع حد أقصى لأسعار الفائدة على بطاقات الائتمان عند 10 في المئة، وهي الخطوة التي إذا تم تنفيذها ستكون لها عواقب زلزالية على الصناعة.

السيارات الكهربائية

أصبحت صناعة المركبات الكهربائية قضية مثيرة للجدال بين الديمقراطيين والجمهوريين، وخاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان التي تعتمد على صناعة السيارات.

فقد أدان الجمهوريون، بقيادة ترامب، السيارات الكهربائية إلى حد كبير، زاعمين أنها تُفرض على المستهلكين وأنها تدمر صناعة السيارات الأميركية، ولذلك تعهد ترامب بتجميد أو إلغاء العديد من معايير الحد من انبعاثات المركبات والحوافز المقدمة لتعزيز إنتاج وتبني المركبات الكهربائية.

على النقيض من ذلك، دعم الديمقراطيون تاريخياً، بما في ذلك هاريس، المركبات الكهربائية والحوافز المقدمة للأشخاص الذين يشترون سيارات كهربائية، ورغم أن هاريس لم تكن مؤيدة صريحة للسيارات الكهربائية مؤخراً، وسط تبني المستهلك لهذه المركبات بشكل أبطأ من المتوقع، إلا أن المسؤولين في صناعة السيارات يتوقعون أن تكون رئاسة هاريس استمراراً، إن لم تكن نسخة طبق الأصل عن سياسة بايدن للسيارات الكهربائية.

الرعاية الصحية

دعا كل من هاريس وترامب إلى تغييرات شاملة في نظام الرعاية الصحية الأميركي الذي يكلف الأمة أكثر من 4 تريليون دولار سنوياً.

ورغم إنفاق المزيد على الرعاية الصحية مقارنة بأي دولة غنية أخرى، فإن الولايات المتحدة لديها أدنى متوسط عمر متوقع عند الولادة، وأعلى معدل للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة متعددة وأعلى معدلات وفيات الأمهات والرضع، وفقاً لصندوق الكومنولث، وهي مجموعة بحثية مستقلة.

وفي الوقت نفسه، يقول ما يقرب من نصف البالغين الأميركيين، إنه من الصعب تحمل تكاليف الرعاية الصحية، مما قد يدفع البعض إلى الديون أو إلى تأجيل الرعاية الضرورية، وفقاً لاستطلاع أجرته منظمة أبحاث السياسة الصحية KFF في مايو.

وقد استهدف كل من هاريس وترامب صناعة الأدوية واقترحا بذل جهود لخفض أسعار الأدوية في الولايات المتحدة، والتي تزيد حالياً بنحو ثلاثة أضعاف عن أسعارها في عام 2015.

ولكن العديد من الجهود السابقة التي قام بها ترامب لخفض التكاليف كانت مؤقتة أو غير فعالة على الفور، كما قال خبراء السياسة الصحية. وفي الوقت نفسه، يرى الخبراء أن هاريس، إذا انتُخبت، يمكنها البناء على الجهود القائمة لإدارة بايدن لتوفير المدخرات لعدد أكبر من المرضى.

وتخطط هاريس على وجه التحديد لتوسيع أحكام حساب التقاعد الفردي، والتي يهدف جزء منها إلى خفض تكاليف الرعاية الصحية لكبار السن. كما تقول حملتها إنها تخطط لتمديد تنفيذ حكمين لجميع الأميركيين، وليس فقط كبار السن، الأول يتعلق بحد أقصى سنوي قدره 2000 دولار للإنفاق على الأدوية، والثاني يتعلق بحد أقصى قدره 35 دولاراً لتكاليف الأنسولين الشهرية.

في المقابل لم يشر ترامب علناً إلى ما ينوي القيام به بشأن أحكام حساب التقاعد الفردي، كما كرر اعتقاده خلال مناظرته مع هاريس بأن قانون الرعاية المُيسّرة في أميركا، هو قانون "رعاية صحية رديء" ولكن عندما سُئل عن سبب عدم تقديمه لاقتراح بديل، أكد أنه يملك "مفاهيم لخطة".

وسائل الإعلام

تتمثل أولى اهتمامات المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام في أميركا، في دفع مسار صفقات الاندماج إلى الأمام، في ظل حالة الاضطراب التي تعيشها صناعة الإعلام، مع تقلص أعداد جماهير التلفزيون التقليدي، وتباطؤ الإعلان، وصعود منصات البث المباشر.

ولكن معظم صفقات الاندماج في عالم وسائل الإعلام، ستكون غير قابلة للتنفيذ مع هاريس، التي ستستمر بنهج بايدن القاضي يتجميد إبرام الصفقات على نطاق واسع، في حين أنه من المتوقع أن يكون ترامب أكثر تساهلاً في هذا الشأن.

المطاعم

أيد كل من ترامب وهاريس خططاً لإنهاء الضرائب على إكراميات عمال المطاعم.

وتعد صناعة خدمات الطعام والمطاعم ثاني أكبر جهة توظيف في القطاع الخاص الأميركي، حيث تضم 15.5 مليون وظيفة، وفقاً للرابطة الوطنية للمطاعم. ويعمل ما يقرب من 2.2 مليون من هؤلاء الموظفين النُدُل في المطاعم، يحصلون على إكراميات، وفي حال تم تنفيذ وعود هاريس أو ترامب، سينتهي الأمر بهؤلاء مع تحقيقهم لمزيد من المال في جيوبهم، إذ أن إكرامياتهم لن تعود خاضعة للضريبة.

التكنولوجيا

أيا كان المرشح الذي سيفوز في نوفمبر المقبل، فسوف يتعين عليه التعامل مع قطاع الذكاء الاصطناعي سريع التطور. ففي العام الماضي، أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً أدى إلى تشكيل معهد سلامة الذكاء الاصطناعي التابع لوزارة التجارة الأميركية، الذي يقوم بتقييم نماذج الذكاء الاصطناعي قبل طرحها للعموم.

من جهته تعهد ترامب بإلغاء هذا الأمر التنفيذي، حيث ستحاول إدارته أيضاً تحدي قاعدة لجنة الأوراق المالية والبورصة، التي تلزم الشركات بالكشف عن حوادث الأمن السيبراني.

من جهة أخرى وفيما يتعلّق بعمليات الاستحواذ التي تقوم بها شركات التكنولوجيا، يدافع ترامب عن لينا خان رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية التي عيّنها بايدن في 2021، فخان قامت بإحباط عمليات الاستحواذ الضخمة التي تسعى إليها شركات التكنولوجيا الكبرى، وهو ما ينتقده العديد من العاملين في صناعة التكنولوجيا الذين يسعون لاستبدال خان في حال فوز هاريس في نوفمبر.

وبلغ حجم صفقات الاستحواذ في مجال التكنولوجيا ذروته عند 1.5 تريليون دولار في عام 2021، ثم وخلال عهد خان انخفض إلى 544 مليار دولار في العام 2023 و465 مليار دولار في عام 2024 (حتى شهر سبتمبر)، وفقاً لشركة Dealogic.

الرئيس الأفضل بالنسبة للشركات

ويقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets  جو يرق في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه من المعروف أن قطاع الشركات والأعمال في أميركا، يفضل دائماً الرئيس الجمهوري على الرئيس الذي يمثل الحزب الديمقراطي، حيث يرى هؤلاء أن وصول الجمهوريين إلى الرئاسة يخلق بيئة عمل أفضل من وصول الديمقراطيين، الذين يتشددون كثيراً في تطبيق القواعد، لافتاً إلى أن الأداء الاقتصادي لهاريس لن يكون مختلفاً عن أداء بايدن، في حين أن الرئيس ترامب، كونه جمهورياً ويأتي من خلفية رجل أعمال، يتمتع بتوجهات أكثر تساهلاً بشأن الأنظمة والقوانين المعمول بها، بعكس الديمقراطية هاريس.

ويضيف يرق إن الرئيس ترامب وخلال ولايته السابقة قام بتخفيض ضريبة الشركات في أميركا، من 35 في المئة إلى 21 في المئة، وفي حال عودته للبيت الأبيض مرة جديدة وعد بتخفيضها إلى 15 في المئة، في المقابل فقد أعلنت هاريس أنها سترفع ضريبة الشركات من 21 إلى 28 في المئة، في حال فوزها بالرئاسة.

وبحسب يرق فإن قطاع الطيران الأميركي شهد خلال عهد الرئيس بايدن فرض رسوم إضافية لحماية المستهلكين، كما عارض الرئيس الديموقراطي عمليات الاستحواذ والاندماج التي كانت تسعى للقيام بها شركات الطيران، خوفاً من الاحتكار، فـ 75 في المئة من قطاع الطيران في أميركا تسيطر عليه 4 شركات، وبالتالي أي عملية استحواذ جديدة ستزيد الاحتكار وترفع الأسعار، ولذلك كان لسياسة بايدن أثر إيجابي على المستهلكين.

المرشح الأفضل للمصارف

أما بالنسبة للقطاع المصرفي، فيرى يرق أن قسماً كبيراً من المصرفيين يدعمون وصول ترامب كونه سيكون أكثر تساهلاً، مقارنة بهاريس التي ستستكمل نهج بايدن المتشدد بتطبيق الأنظمة ولوائح الامتثال، إذ أن القواعد التي وضعها بايدن خلال عهده كلّفت القطاع المصرفي مليارات الدولارات، علماً أن المصارف تدرك أيضاً أن وصول ترامب سيكون له تأثير سلبي عليها، كونه وعد بوضع حدود للفوائد على بطاقات الائتمان عند 10 في المئة، في حين أنها تتراوح حالياً بين 13 و20 في المئة.

السيارات الكهربائية نقطة خلاف

ويكشف جو يرق في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية، فقد وعد ترامب أولاً بوضع رسوم بنسبة 100 في المئة على شركات السيارات الكهربائية الصينية، ولكنه في المقلب الآخر سيقوم بدعم قطاع السيارات التقليدية في أميركا وتخفيف الدعم عن السيارات الكهربائية،

أما الرئيس بادين والإدارة الديمقراطية بالمجمل تدعم تخفيض الانبعاثات والسيارات الكهربائية، في حين أن ترامب يدعم رفع القيود عن تخفيض الانبعاثات وتخفيف القيود على شركات النفط ويدعم مزيد من عمليات إنتاج النفط في البلاد.

توافق على خفص أسعار الأدوية

وبالنسبة للقطاع الصحي فإن ترامب وهاريس لديهم الكثير من الانتقادات للقطاع الذي يبلغ حجمه 4 تريليونات دولار، فمتوسط عمر السكان في أميركا أقل من بقية الدول المتقدمة، في حين أن فاتورة الاستشفاء مرتفعة جداً، كما أن المرشحيْن هاريس وترامب يتفقان على ضرورة القيام بضغوطات على شركات الأدوية لتخفيض الأسعار، مشيراً إلى أنه بالنسبة للقطاع الإعلامي يعد ترامب خياراً أكثر تساهلاً مقارنة بهاريس، التي ستعتمد نهج بايدن في الحد من عمليات الاستحواذ والاندماج، في المقابل يرى ترامب أن هذا القطاع يعاني من ضعف ويحتاج لإعادة هيكلة ويدعم الاندماجات في هذا المجال.

ويختم يرق حديثه بالإشارة إلى أن موظفي المطاعم سيستفيدون من فوز أي مرشح، فترامب وهاريس يريدان إلغاء الضرائب على الإكراميات، مع فارق أن ترامب يريد إلغاءها تماماً ودون سقف، في حين أن هاريس لا تريد الغاء الضريبة على موظفي المطاعم الذين يحققون مدخولاً أعلى من 75 الف دولار، معتبراً أنه بالنسبة لشركات التكنولوجيا فإن الديقراطيين هم أكثر تشدداً في التعامل مع فورة الذكاء الاصطناعي مقارنة بترامب.

مقالات مشابهة

  • ترامب وهاريس.. من الرئيس الذي يفضله أصحاب الأعمال في أميركا؟
  • الرئيس السيسي يستقبل وفدًا من النواب الأمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري
  • ذكرى وفاة نيازي مصطفى.. عبقري السينما المصرية الذي أبدع في الكوميديا والتراجيديا
  • المفتي قبلان للقوى السياسية: الرئيس بري مصلحة وطنية
  • صورة تاريخية للملك سعود برفقة الرئيس محمد نجيب يشاهدان عرض للمظلات
  • «المصري الديمقراطي» يناقش تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة
  • مولوي عرض مع وفد اللقاء الديمقراطي واقع النازحين الامني والخدماتي
  • الديمقراطي الكردستاني يوجه انتقاداً جديداً للمحكمة الاتحادية
  • زعيمة الحزب الديمقراطي الإيطالي تدعو لفرض حظر شامل على الأسلحة لإسرائيل