الثورة نت:
2024-12-19@09:38:20 GMT

طريق الواحات.. حكايات من وحي الفلسفة

تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT

طريق الواحات.. حكايات من وحي الفلسفة

 

من خلال الأفكار والقضايا الفلسفية التي أثارها العديد من الفلاسفة والمفكرين يُعيد الكاتب والأديب نزار بدران هذه الأفكار سردا عن طريق شخوص وأحداث متباينة في الحالة والزمن، قد تكون العودة إلى حدث تاريخي، أو حكاية تاريخية أو شعبية تحتمل أن تصاغ الفكرة الفلسفية من خلالها، أو تصبح حكاية من الزمن الراهن توحي بدورها إلى المقولة التي اختار الكاتب أن تدور حولها، ذلك عبر نصوصه في المجموعة القصصية “طريق الواحات” الصادرة مؤخرا عن دار طباق للنشر والتوزيع في رام الله.


ويوضح بدران بنية هذه القصص في المقدمة قائلا.. «لكل قصة مرجعية فلسفية مرتبطة بها.. في بداية كل قصة وصفت مختصرا للمفهوم الذي بنيت عليه، قد يُعبر عن فكرة صغيرة أو محدودة، ولا تعني كل ما قدمه الفيلسوف في مشاركته في الفكر الإنساني”》.
وسنحاول استعراض بعض من هذه القصص وكيفية تعبيرها عن أفكار ومواقف فلاسفة وعلماء نفس واجتماع كانت أعمالهم تعكس رؤيتهم في أحوال مجتمعاتهم.
مملكة المساعير
يستند الكاتب في هذه القصة إلى مقطع من «مقدمة ابن خلدون حول انهيار الدول ومظاهر هذا الانهيار. وهنا تأتي الحكاية في زمن قديم وقت الممالك والإمارات التي توحدت تحت راية حاكم واحد، وصولا لأجيال حاكمة لم تلتزم بشروط الحاكم العادل. لعب الكاتب هنا على نص تاريخي بشكل ما، ثم صياغته في حكاية قديمة تتحدث عن السلطة وفسادها، والضرورة هناك نقاط تماس كثيرة بين النص الأساس والحكاية المبنية على أساسه، وما تعيشه جميع الدول التي تتحدث بلغة الضاد، لتبدو هنا ضرورة إثارة الأسئلة أو المخيلة حول حتمية المقارنة مع الوقت الحالي، فكل مظاهر الفساد والاستقواء بالآخرين المرتزقة والتآمر على الحاكم الأب وقتله من قبل الابن الحاكم الجديد، وجعل الشعوب أكثر فقرا، تعمل فقط لخدمة فئة من الحكام ومواليهم، أما العسكر المأجورون فلحمايتهم، بحيث يشكلون بدورهم مصدراً قوياً لا يستهان به في استتباب الأمر للحاكم غير الشرعي. «مدينة شاسعة، لا ترى لها حدود محاطة على مساحات طويلة بالقرى الريفية والمدن الصغيرة، حيث يعمل ملايين الناس في شؤون دنياهم مؤمنين كل حاجات العاصمة».
المجرم البريء
في هذه القصة يستند الكاتب إلى عبارة ذكرها سيجموند فرويد في كتابه «قلق في الحضارة» حول (العدوان) أو الميل الإنساني إلى العدوان، وهو ما يسبب حالة مزمنة من التوتر في الحضارة التي يحاول الإنسان دوما العيش من خلالها، ليثبت أنه تجاوز مرحلة البدائية.
وهنا يتخذ الكاتب من المحاكمة شكلاً لمعالجة هذا الرأي، وهو ما استدعى أن يصبح شكلا مسرحيا إلى حد كبير، حيث تبادل الآراء من خلال منولوجات تمثل الشخصيات: المتهم، المحامي المدعي العام القاضي وطبيب نفسي. وتدور الحكاية حول (لص) تم القبض عليه لنشهد محاكمته، ليحكي عن تاريخه بأنه فقد أبويه طفلا، وتداخلت لديه مفاهيم الخير والشر، فلا يوجد وازع يمنعه عن تحقيق رغباته، والتي بالضرورة تتعارض ورغبات الآخرين، فأصبح يحكم على الأشياء وفق منطقه هو. فبينما يدينه المدعى العام، يحاول الطبيب النفسي توضيح الأمر بأن ذلك يعود إلى مسؤولية المجتمع تجاه الأطفال المشردين، وعليه أن يقوم مقام الأب والأم لتحويل هذا العدوان إلى طاقة نافعة ومفيدة.
خلف القناع الذهبي
ونأتي إلى نيتشه ومفهوم «إرادة القوة» وفكرة اختراع المثل العليا في المجتمع. وهنا يناقش الكاتب أفكار نيتشه حول أخلاق السادة وأخلاق (العبيد وفكرة الضغينة الكامنة في نفس الفقراء تجاه الأغنياء،) والأمل في حياة أخرى موعودة توفر لهم – الفقراء – حياة تعوضهم عن المعاناة على الأرض. وما بين تاجر مخدرات ثري ورجل دين – تاجر مخدرات معنوية تعمل الشخصية الرئيسة، بأن يرعى (قط) تاجر المخدرات، ثم بعد ذلك ذلك يعمل كمساعد للراهب في الكنيسة، والتي بها تتم عمليات القتل وتصفية حسابات تجار المخدرات، ولا يملك الراهب سوى الدعاء بالصفح عن الضحايا. نعرف جيدا أفكار نيتشه، وكيف كان الواقع الألماني وقتها، وكيف حلم بإنسان متفوق أخلاقيا، يُظهر قوته وشروره، دون مواربه أو الادعاء بتمثل التعالي الأخلاقي المزعوم من ناحية أخرى يمكن أن يُفسر ذلك فكرة السلطة أو كيفية التعامل معها بعد الوصول إليها من شخصيات طالما كانت في موقف الضعف فكانت تتمثل المثل العليا رغما عنها، لكن عندما تصبح في موقف قوة فإن الرؤية والتصرفات تتغير، وتصبح أكثر قسوة تجاه الآخرين الذين لا يزالون في الفئة الأدنى، المتعلقة بفرصة أخرى تعويضية في الحياة الآخرة.
من وحي الفلسفة
هناك العديد من الأعمال تمثلت الحكايات في شرح وتبسيط الأفكار الفلسفية، بعيداً عن الطريقة الجافة في عرضها، خاصة إن كانت غير موجهة إلى المختصين بالفلسفة – الجمهور العادي – ربما أشهرها «عالم صوفي» لجوستاين جاردر، التي كانت تبسط المفاهيم الفلسفية من وجهة نظر تاريخية. لكن التساؤل هنا يدور حول الأعمال الإبداعية الكبرى، فهل تخلو هذه الأعمال من وجهات نظر فلسفية، أو تبني هذه الوجهة أو تلك لأفكار فلسفية واجتماعية ومناقشتها من خلال الرواية، فماذا عن أعمال ديستويفسكي وتوماس مان ونجيب محفوظ على سبيل المثال؟ أما بالنسبة لمجموعة «طريق الواحات» للكاتب نزار بدران، فلم تكن النصوص على المستوى نفسه، خاصة عندما يناقش الكاتب هذه الأفكار في شكل هو إلى البنية المسرحية أقرب هنا نجد مقولات تتمثلها الشخصيات لا أكثر ولا أقل، ولا نستطيع التماهي مع الشخوص أو نستشعر حياتها وتاريخها، أو أنها شخصيات حقيقية، فقط رموز لأفكار لا أكثر ولا أقل، فاقتصرت على جفاف المادة المعروضة، دون أن تتعداها إلى عمل قصصي مكتمل الأركان، الأمر أشبه بالمحاورات الفلسفية اليونانية، فهل نعد تلك الأعمال من قبيل العمل الأدبي؟!

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الوطن المعتقل

#الوطن_المعتقل

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 17 / 2 / 2018

يا إلهي، أي ترف هذا الذي يعيشه المواطن الغربي! إنه بعيد عن دخان الحروب ومرمى البراميل الطائرة، ولا يثير عطاسه القومي غبار “بعير” البسوس، ولا أرضه مغتصبة، ولا بلاده على مائدة التقسيم. وإنه إنسان قد اكتملت إنسانيته، ولديه من رصيد الكرامة ما يكفيه للعيش عمرين متتالين، حقوقه مستلمة، وواجباته مؤداة، والقانون يطبق على كل من حوله بالتساوي كأسنان المشط، لا ينام منزعجا من قرار، ولا يموت كمدا لأنه قد جرى تعيين أغبى أغبياء الدنيا في موقع المسؤولية، وإنه مطمئن على أن الوطن بصحّة جيدة، وقابل أن يعيش مليون عام أخرى بقوة وتقدّم وازدهار.. فإن لديه طاقما من المسؤولين يعتذرون إن كذبوا ويستقيلون إن تأخروا.. فأي ترف هذا؟؟

مقالات ذات صلة د. حسن البراري يكتب .. الطغاة يجلبون الغزاة 2024/12/17

 
وزير الخارجية الهولندي “هالبي زيلسترا” قدم استقالته الأسبوع الماضي، فقط لأنه أقرّ بالكذب قبل عامين، حول حادثة جرت قبل 12 عاما؛ عندما ادّعى أنه حضر اجتماعا مع الرئيس الروسي بوتين وهو لم يحضره!! القصة برمّتها غير مهمّة، ولا تستدعي جلسة طارئة للبرلمان، فنحن يوميا على الصعيد الشخصي نكذب مثلها ألف مرّة، ثم إن الخبر الذي كذب به الوزير “هالبي” لا يضر بمصالح بلاده ولا يورطها بقروض طويلة الأمد وفوائد عالية النسب، ولا تتستّر على مصائب الزعيم، ولا تهدد الأمن القومي، ولا تدمّر الاقتصاد.. هي كذبة لطيفة لا يفرق جدّها من هزلها، فلماذا انزعج الصديق إلى هذا الحد وأنّب ضميره إلى هذه الدرجة وقدّم استقالته للملك وأنهى مستقبله السياسي..؟! ما قمت به يا رجل لا يذكر أمام ما يقوم به المسؤول العربي كل نهار، ولا يعترف رغم تراكم الأدلّة ضدّه..!!

قبل أسابيع أيضا استقال الوزير البريطاني “مايكل بيتس” لأنه تأخر عن جلسة البرلمان خمس دقائق، ولم يتمكّن من سماع الأسئلة الموجهة إليه، حيث نوقشت بغيابه فشعر بالإحراج، وقال بأنه لا يستحق أن يكون في هذا الموقع.. تخيّلوا الوزير البريطاني يشعر بالحرج لأنه لم يجب على سؤال وجّه إليه؟؟ وهناك أكثر من 80 سؤالا وجهه مجلس النواب الأردني للحكومة ولم تجب عليه؛ لا لانشغالها ولا لازدحام جدول أعمالها، وإنما هكذا “تطنيش” وعدم رغبة، بمعنى آخر “مش جاي عبالها” أن تجيب على هذه الأسئلة..

صحيح، ذكرني هذا الوزير البريطاني المتأخر لمدة خمس دقائق بحادثة جرت معي قبل سنتين تقريبا؛ عندما اتصل بي المحامي الذي يدافع عن قضاياي في المطبوعات والنشر وأكد أكثر من مرة على ضرورة الحضور والاستيقاظ باكرا والوصول للمحكمة قبل الموعد، لأن المشتكي “مسؤول مهم” وسيكون حاضرا جلسة الادّعاء، ولا بدّ من وجودي، فمن غير اللائق أن أتأخر في حضرة القضاء ووجود المسؤول المشتكي، وبالفعل كنت من أوائل من حضروا إلى قصر العدل، حتى قبل القـضاة والكاتبات وشرطة التنفيذ القضائي.. وعند المناداة على اسمي وقفت في غرفة القاضي ووقف قربي محامي.. ووقف محامي الخصم “المسؤول”، لكن المسؤول لم يحضر.. سأله القاضي: أين المشتكي؟؟ ردّ محاميه.. في “روما”.. صاح القاضي: لا تمزح أنت في حضرة القضاء.. اعتدل المحامي وقال: أقسم بالله إنه في روما، لقد سافر فجر اليوم برغم علمه بموعد الجلسة.. أغلق القاضي الملف وأجّل القضية شهرا آخر.

 
وزير يستقيل لأنه كذب قبل سنتين.. وآخر يستقيل لأنه تأخر خمس دقائق.. أي جنون هذا وأي احترام للدولة هذا! لقد كذبوا علينا حتى ملّهم الكذب، أقسموا أن يحرسوا الوطن فأخرسوه وسرقوه، أقسموا على خدمة الأمة فاكتشفنا “خدعة” الأمة، قالوا إننا سنلمس التحسن الاقتصادي بعد عامين، فمضى عقدان والاقتصاد من سيئ إلى أسوأ، ولم يتحسن إلا وضعهم الاقتصادي الشخصي، قالوا إنهم لا يساومون بالقضايا الوطنية، وبالفعل، لقد باعوها دون أن يساوموا عليها، قالوا إن كرامتنا أغلى ما يملكون، وعلى ما يبدو “أنها جابت سعر كويس” لصندوق النقد الدولي فباعوها وتركونا لا نفكّر الآن إلا في سدّ الجوع.. لقد كذبوا وتأخروا وأخرونا معهم.. ومع ذلك يصرّون في كل خطاب أنهم لن يسمحوا لأحد أن يلمس “الكرسي الذي يجلسون عليه”، ويطربون لتصفيق الطحالب التي تعيش على فتاتهم..

عندما يصبح الحاكم جلادا، ووزيره سمسارا، والشعب رؤوسا في مزرعة، والعدالة موسمية.. فتأكّد أنك لم تعد في وطن.. أنت في معتقل تسيّجه الأحلام الشائكة!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#169يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • رد فوري وغير مسبوق.. صنعاء تهاجم تل ابيب بصواريخ فرط صوتية في ذات اللحظة التي كانت طائرات اسرائيلية تهاجم اليمن وتحدث دمار هائل
  • السفير لياوليتشيانج : مصر كانت من أوائل الدول التي دعمت مبادرة "الحزام والطريق" وهي شريك أساسي في البناء
  • الأحد .. "حكايات الكتاب الأول".. في صالون روايات مصرية للجيب
  • "حكايات الكتاب الأول".. في صالون روايات مصرية للجيب.. الأحد
  • إبراهيم عيسى: "هشام عشماوي كان ذراع الجولاني بمصر.. هجوم الواحات من تنفيذه"
  • البيت الأبيض: المسيرات التي شوهدت بسماء نيوجيرسي كانت تطير بشكل قانوني
  • «البيت الأبيض»: المسيرات التي شوهدت في سماء نيوجيرسي كانت تطير بشكل قانوني
  • اعلان غير سار من اليونيسيف للأسر اليمنية التي كانت تحصل على مساعدات نقدية
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الوطن المعتقل
  • مفهوم الكرامة الإنسانية في الفلسفة والأديان