ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكله الأول قبل تعرضه لحادث؟
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكله الأول قبل تعرضه لحادث؟ فقد أُصبتُ بحادث أدى لبعض التشوهات في وجهي، وقمت بعمليات جراحية وتعافيت بحمد الله، لكن أثرت العمليات على وجهي وبرزت الأنف بشكل مختلف أثر على جمالي، ونصحني الطبيب بإجراء عملية تجميلية لإرجاع الأنف لشكله الأول قبل الحادث، وأريد ذلك بشدة ليعود جمال وجهي، لكن أخبرني زوجي أن هذا تغييرٌ لخلق الله وهو حرام، فهل يجوز لي عمل العملية؟ وهل يكون ذلك تغييرًا لخلق الله؟ أفيدوني أفادكم الله.
وردت دار الإفتاء بأنه لا مانع شرعًا من إجراء جراحة تجميلية لإرجاع الأنف لشكله الأول قبل تعرضه لحادث وما تدعو إليه الحاجة من جراحات أخرى إذا نصح الطبيب المختصُّ بها، وذلك بشرط أن تقتصر على إعادة الأنف إلى ما كان عليه دون زيادة على ذلك، ولا يدخل هذا في تغيير خلق الله، بل يدخل في باب الطبِّ والعلاجِ لـما أصابها بسبب الحادث الذي وقع لها.
مراعاة الشرع الشريف لفطرة المرأة وحبها للزينة
بيَّن الشرعُ الشريفُ أنَّ المرأة خُلِقَت مُحِبَّةً للزينة، مُنَشَّأَةً في الحلية، ولذلك لم تأتِ الأحكام الشرعيَّة بكبت فطرتها، أو مخالفة جِبِلَّتها، أو تجاهل أنوثتها، أو تناسي طبيعتها، بل كان الأصل فيها إباحة كل ما من شأنه زينة المرأة وحليتها.
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري" (9/ 163، ط. مكتبة الرشد): [جميع أنواع الزينة بالحلي والطيب ونحوه جائزٌ لهن، ما لم يُغَيِّرنَ شيئًا من خَلْقِهِن] اهـ.
وإنما جاء النهي الشرعي عن الزينة المفضية إلى الافتتان بسوء الاستغلال، أو قبح الاستعمال، أو خُبث القصد الـمُفضي إلى سوء المآل، إذ هي منوطةٌ بعدمِ حصولِ الفتنة أو المضرَّة، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، ما تقولين في الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذهب ورِقاق الثياب؟ فقالت: "يا معشر النساء، قصتكن قصة امرأة واحدة، أحل اللهُ لَكُنَّ الزينة غير متبرجات لِمَنْ لا يحل لَكُنَّ أنْ يروا منكن محرمًا" ذكره الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 310، ط. دار الكتب المصرية).
حكم الجراحات التجميلية
المراد بجراحة التجميل: ما يُجرى من الجراحات لتحسين منظرِ جزءٍ مِن أجزاء الجسم، سواء كان في أصل الخِلْقة؛ كالتصاق أصابع اليدين، أو كان لتشوُّهٍ طارئ -كما في الحالة المسؤول عنها-، أو لمزيد تجمُّل وتزيُّن.
وهذه الجراحات بأنواعها الثلاثة ليست تداويًا، بل هي في النوعين الأولين مرحلة لاحقة للتداوي، ومن ثمَّ فهي من الأمور الحاجيَّة لا الضرورية، وفي النوع الثالث تعد من الأمور التحسينيَّة.
وقد تقرر أنَّ الحاجة تتنزل منزلة الضرورة، عامَّة كانت أو خاصَّة، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 88، ط. دار الكتب العلمية)، فتتنزل العمليات التجميليَّة هنا منزلة التداوي، فتجوز للحاجة، قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (10/ 179، ط. المكتب الإسلامي): [السِّلعة بكسر السين: وهي غُدَّة تخرج بين اللحم والجلدة نحو الحمصة إلى الجَوزة فما فوقها، وقد يُخَاف منها، وقد لا يُخَاف، لكن تشين، فإن لم يكن في قطعها خطر، وأراد المُستقلُّ قطعها لإزالة الشَّيْن، فله قطعها بنفسه، ولغيره بإذنه] اهـ.
و نصَّ العلماء على جوازها حتى وإن تعلَّقت بأمرٍ من الأمور المنهي عنها، كالوصل أو التنمُّص، ويُستدل على ذلك بما رواه أبو داود بإسناد حسن، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، مِنْ غَيْرِ دَاءٍ»، ومفهومه: أنه لو كان لداءٍ فلا يُمنع، ولا يستوجب اللعن.
قال الإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي في "الفواكه الدواني" (2/ 314، ط. دار الفكر): [قال بعضٌ: وينبغي أن محل حرمة الوشم حيث لا يتعين طريقًا لمرض، وإلا جاز؛ لأن الضرورات قد تُبيح المحظورات في زمن الاختيار، فكيف بالمختلف فيه] اهـ.
وهذه الأمور وردَ فيها الإذن الشرعي المطلق في رفع الضرر ودفع الأذى.
قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/ 260، ط. دار ابن عفَّان): [المؤذيات والمؤلمات خلقها الله تعالى ابتلاءً للعباد وتمحيصًا... وفُهِمَ من مجموع الشريعة: الإذنُ في دفعها على الإطلاق؛ رفعًا للمشقة اللاحقة، وحفظًا على الحظوظ التي أذِنَ لهم فيها، بل أذن في التحرز منها عند تَوَقُّعِها وإن لم تَقَعْ] اهـ.
أما الجراحات التجميلية التحسينية التي يُراد منها مجرَّدُ التجمل، فمنها ما نصَّ الشرعُ على حرمته، كالوشم، وما به تتغير الخلقة، إلَّا إذا كان ذلك لسبب علاجي، أو إزالة ما يحصل به الضرر والأذى.
ومنها ما هو مباحٌ في أصل فعله، وهذا النوع يدخل تحته جملة من الجراحات، كاتخاذ الأنف من ذهب لمن قطع أنفه، وثقب الأذنين، ونحو ذلك، فقد أخرج الإمام أبو داود في "سننه" عن عَرْفَجَةَ بن أسعد "أنه قُطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفًا من ذهب". قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 215، ط. المطبعة العلمية): [فيه إباحة استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان به وما جرى مجراه مما لا يجري غيره فيه مجراه] اهـ.
وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (6/ 227، ط. الأميرية): [يجوز ثقب أذن البنات الأطفال؛ لأنَّ فيه منفعة الزينة، وكان يُفعل ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا من غير نكير] اهـ.
وقال الإمام الخرشي في "شرح مختصر خليل" (4/ 148، ط. دار الفكر): [وأُخذ من هذا جواز ثقب أذن المرأة للبس القرط] اهـ.
وقال العلامة الرملي في "حاشيته على أسنى المطالب" (4/ 165، ط. دار الكتاب الإسلامي): [تثقيب أذن الصبية لتعليق الحلق جائز على الراجح خلافًا للغزالي] اهـ.
حكم إجراء عمليه تجميلية للأنف بعد التعرض لحادث
الحالة المسؤول عنها وإن كان ظاهرها أنها من التحسينات، إلَّا أنها تُعدُّ من الأمور الحاجيَّة، حيث إنها تتضمن أغراضًا علاجية تسبب أذًى نفسيًّا، إذ إنَّ الباعث لإجراء هذه العملية يدور حول إعادة المظهر الذي كانَ عليه وجه المرأة من أصل الِخلْقة الإنسانية التي خلقها الله تعالى عليها؛ لأنه وإن تسببت العملية في تغير حجم الأنف، إلَّا أنَّ هذا التغير يناسب التعويض الناقص من الوجه في الجزء الذي حول الأنف، والذي يُعد استكمالًا لعملية ترميم التشوهات وتجميلها.
وليس هذا الفعل داخلًا في عموم النهي عن تغيير خلق الله الوارد في قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119].
ونصَّ عليه العلماء من أنَّ الأمور الظاهرة لا تُعدُّ تغييرًا إلَّا إذا تغير وجهها وصورتها، أو صفتها، قال الإمام البيضاوي في "أسرار التنزيل" (2/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ عن وجهه وصورته أو صفته] اهـ.
وإجراء عملية الأنف هذه وإن ورد عليها نوع تغير في الحجم، إلَّا أنها لا تتسبَّبُ في تغير الصورة أو الصفة، بل هو نفس الوجه والصورة، خاصَّة بعد إجراء جملة العمليات الجراحية التي تسبَّبت في تغير شكل الوجه بعض الشيء؛ فغاية الأمر هو إعادة الوجه للأمر الذي كان عليه مِن صورته التي هو عليها دون تغيير أو تبديل لصورته الأولى، فتغيير صورة الشيء إنما يكون بإزالته أو تبديله، لا بترميمه وتجميله!
يدل على ذلك أنَّ هذه المرأة لم تنوِ إجراء هذه العملية قبل تعرضها للحادث، فهي من جملة تَبِعاته، واتباع علاجه ومداواته ولا يصح أن تقاس هذه العملية في هذه الحالة على الوشم أو النمص أو التفليج؛ إذ علة النهي عن تلك الأمور أنَّها من باب التدليس أو لأنه يتوصل بها إلى الفاحشة، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي (11/ 223، ط. دار إحياء التراث العربي).
ويضاف إلى ذلك أن المحققين من العلماء قد أجازوا للمرأة أن تغير من خِلْقتها -استثناءً من الأصل- ما يحصل لها به الضرر وتتأذى منه، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 377-378، ط. دار المعرفة): [قال الطبري: (لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادةٍ أو نقصٍ... ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذيَّة... فيجوز ذلك)] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إجراء عملیة قال الإمام من الأمور
إقرأ أيضاً:
إرث أسبوع أبريل الأول بين ولادة الناتو وأشهر عملية اغتيال
وقد تناولت الحلقة مجموعة من الأحداث المفصلية التي طبعت ذاكرة البشرية بأحداث لا تُمحى، بعضها أضاء العالم بالأمل، وبعضها أغرقه في ظلمات الحروب والإبادات.
ففي الرابع من أبريل/نيسان عام 1949، تأسس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد مفاوضات سرية بين بريطانيا والولايات المتحدة وكندا، لبحث سبل الدفاع المشترك وإنشاء حلف يعادل كفة الثقل العسكري للاتحاد السوفياتي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تعلمنا من الأسوأ لنبني رواندا.. قصة ناجية من الإبادة الجماعيةlist 2 of 4الناتو وأوروبا في زمن ترامبlist 3 of 4“كاي فو لي” العقل المدبر وراء الذكاء الاصطناعي الصينيlist 4 of 4بعد 60 عاما على الحادثة.. ترامب يرفع السرية عن وثائق اغتيال كينيديend of listوقد جاء تأسيس الحلف في ظل مخاوف دول أوروبا الغربية من توسع النفوذ السوفياتي، خاصة بعد سيطرة الشيوعيين على حكومات أوروبا الوسطى والشرقية، وظهور أحزاب شيوعية قوية في فرنسا وإيطاليا.
وتضمنت معاهدة التأسيس الفقرة الخامسة الشهيرة التي تنص على أن "الهجوم المسلح ضد واحدة أو أكثر من دول أوروبا وأمريكا الشمالية يعتبر هجوما على دول التحالف جميعا"، ما عزز تماسك الحلف وقوته.
ومع مرور الوقت، تزايدت أعداد الدول المنضمة للحلف، من 12 دولة في البداية إلى قرابة 30 دولة حاليا، ليتحول إلى أقوى تجمع عسكري في العالم، مع اقترابه المستمر من حدود روسيا التي بدأت تشعر بالتهديد.
اغتيال مارتن لوثر كينغوفي ذات اليوم من أبريل/نيسان، لكن في عام 1968، شهد العالم واحدة من أشهر عمليات الاغتيال في التاريخ الحديث، حين تم اغتيال الدكتور مارتن لوثر كينغ، أبرز قادة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
إعلانوقد وقعت الحادثة في مدينة ممفيس بولاية تينيسي، عندما أطلق جيمس إيرل راي، النار على كينغ من شرفة غرفته بسكن بيسبريور، مستهدفا الزعيم الذي كان يقف على شرفة غرفته في فندق لورين المجاور.
وكان كينغ قد عُرف بطريقته السلمية في مناهضة التمييز العنصري، من خلال خطاباته المؤثرة ونضاله على طريقة اللاعنف، حتى حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964، ليصبح آنذاك أصغر رجل في التاريخ يحصل على هذه الجائزة.
وقد ألقي القبض على المتهم جيمس إيرل راي بعد شهرين من الاغتيال، واعترف بجريمته التي كان دافعها العنصرية، لكنه تراجع بعد أيام زاعما أن شخصا مجهولا يدعى "راؤول" طلب منه قتل كينغ.
مؤامرة كبيرةورغم الحكم على راي بالسجن 99 عاما، فإن عائلة كينغ لم تقتنع بالرواية الرسمية، وكانت تؤمن بوجود مؤامرة كبيرة وراء اغتياله، وهو ما دفعها لرفع دعوى قضائية عام 1999 أقرت خلالها هيئة المحلفين بوجود مؤامرة تورطت فيها المافيا ووكالات حكومية.
ومن الاغتيالات السياسية إلى رحلة في عالم ريادة الأعمال، ففي الرابع من أبريل/نيسان عام 1999 أيضا، تأسست شركة "علي بابا" الصينية، على يد جاك ما، لتتحول إلى واحدة من أكبر منصات التجارة الإلكترونية عالميا.
وتحمل قصة "علي بابا" ومؤسسها الكثير من محطات الفشل والدروس الملهمة، إذ فشل جاك ما في الالتحاق بكلية المعلمين مرتين، وعمل مدرسا جامعيا للغة الإنجليزية براتب شهري لا يتجاوز 15 دولارا فقط، قبل أن يكتشف الإنترنت خلال رحلة عمل إلى الولايات المتحدة.
وبعد إطلاق منصة متواضعة للتجارة الإلكترونية، تمكنت الشركة من جمع تمويلات ضخمة وصلت إلى 25 مليون دولار، ليتحول جاك ما من موظف متواضع إلى ملياردير وأغنى رجل في الصين بحلول عام 2019.
أفظع المجازروكانت آخر محطات حلقة "في مثل هذا الأسبوع" هي ذكرى واحدة من أفظع المجازر في التاريخ الحديث، والتي وقعت في رواندا في السادس من أبريل/نيسان عام 1994، حين اندلعت موجة من أعمال العنف إثر مقتل الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا.
إعلانواستمرت عمليات القتل الجماعي لمدة 100 يوم، راح ضحيتها نحو مليون شخص، معظمهم من قبائل التوتسي، على يد الأغلبية السكانية من قبائل الهوتو، في أسوأ عملية إبادة جماعية في التاريخ الحديث.
وتعود جذور الصراع إلى الحقبة الاستعمارية، حين أحدث الاستعمار البلجيكي تفرقة طبقية بين القبيلتين، بتفضيل التوتسي على الهوتو، ما أثار غضب الأخيرين وأدى لاندلاع العنف بينهما بعد استقلال البلاد.
واستعرضت الحلقة دور الإذاعة الحكومية في التحريض على القتل، من خلال نشر الشائعات وبث عبارة "تخلص من الصراصير" مئات المرات يوميا، في إشارة إلى قبائل التوتسي، كما كانت تنشر أسماء وعناوين المستهدفين لتسهيل الوصول إليهم.
ولم تتوقف تلك المذابح إلا بعد سيطرة الجبهة الرواندية الوطنية (التوتسي) على العاصمة كيغالي في 15 يوليو/تموز 1994، لتبدأ بعدها رواندا رحلة الخروج من دوامة الدماء والكراهية وإعادة بناء البلاد على أسس جديدة.
6/4/2025