عربي21:
2025-01-19@04:59:25 GMT

ما بعد الشهيد السنوار

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

طَوى الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ                     فَـزِعـتُ فيـهِ بِآمــالي إِلى الكَــذِبِ
حَتّى إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلاً                     شَرِقتُ بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي

هذان البيتان من الشعر للمتنبي، يمكن استعارتهما في وصف حالة ملايين الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وحتى من أحرار العالم.

وذلك عندما بدأ يتردد في أجهزة الإعلام، في يوم 17 تشرين الأول / أكتوبر الجاري، نبأ استشهاد يحيى السنوار، رئيس حركة حماس، وقائد عملية طوفان الأقصى (7 تشرين الأول/أكتوبر 2023)، والقائد السياسي والعسكري للمقاومة، والشعب في قطاع غزة، طوال السنة الفائتة.

بل كان طوال السنة، هو القائد الوطني للشعب الفلسطيني الذي التف حوله، وحول المقاومة، طوال الحرب لعام كامل في غزة. وقد حقق وحدة وطنية (بلا صيغة تنظيمية) تكاد تكون شبه شاملة.

هذا وقد التف، موضوعياً، غالبية قيادات الفصائل الفلسطينية والنخب، بعامة، حول تلك المقاومة وقيادتها والشعب (وأيضاً بلا شكل تأطيري، أو صيغ تنظيمية، أو مبايعة).

الحدث جلل، والخسارة كبرى، و"إن العين لتدمع".. و"إن القلب ليحزن"، عليك يا يحيى السنوار، شهيداً، وقائداً فذاً، وبطلاً مقاتلاً.

ولكن هذا كله يجب أن يشدّنا فوراً، لتوقع ما بعد يحيى السنوار، بالنسبة إلى مواصلة الحرب التي خاضتها المقاومة والشعب في قطاع غزة... وإن الحرب لمتواصلة إن لم يتراجع نتنياهو.

منذ مساء 17 تشرين الأول/أكتوبر 2024، وصباح 18 منه، انهالت عشرات المقالات التي تحاول توقع ما سيحدث، بعد غياب يحيى السنوار، وبعضها راح يتوقع، ما كان يأمل أن يحدث، ولم يحدث في عهد السنوار. وقد اتسّمت بعض المقالات ضده، لحساب سياسات نتنياهو، وبايدن الإجرامية، لا سيما باستمرار المجزرة وتغطيتها، وبعضها راحت تسقط آمالها، على ما سيحدث، ولكن ذلك كله في شأن، وما يجب توقعه على مستوى المقاومة وداعميها، في شأن آخر.

المشروع الصهيوني لم يسجل في ثقافته شيئا عن الفروسية والشرف والأخلاق في الحرب، أو يحترم قوانين الحرب ومبادئها. وقد وصل الأمر بقياداته في حرب غزة، إلى تحويل الإبادة وقتل المدنيين والاغتيالات، إلى "مبادئ" وحيدة للحروب والصراعات. أي جعل العالم غابة وحوش، تسمو عليها قوانين الغاب المعروفة.بالتأكيد، ما كان الشهيد يحيى السنوار، ليقود المقاومة من دون نواة من القادة الأفذاذ، الذين من طينته، وخطه السيايسي والفكري. وهؤلاء يجب أن يُحسبوا دائماً مشاركين له، ولهم نصيبهم المقدّر في كل ما أنجزته، المقاومة والسنوار والشعب، طوال سنوات من الجهد والإسهام والإنجاز، كما حال الجنود المجهولين من حول قائد، راح يقود الانتصارات والإنجازات.

لذلك، ومن دون حاجة إلى معلومات، تفتقر إليها هذه المقالة، فإن يحيى السنوار، كما يمكن أن يتوقع، ترك وراءه نواة من القادة والكوادر، ممن سيسدّون الفراغ.

ومن ثم يجب توقع استمرار المقاومة والصمود الشعبي، واليد العليا في كل الاشتباكات الصفرية، منذ اليوم التالي، ولقادم الأيام والأشهر، في ظل حرب منتصرة، بإذن الله. فنتنياهو وبايدن، سيحاولان فرض شروطهما، التي سترفض، فالحرب مرشحة للاستمرار.

ومن هنا سيخطئ، ويدخل في الشؤم والتشاؤم، كل من يعتبر استشهاد القائد الأول، مهما كانت مزاياه وفرادته، سيقود إلى هزيمة، أو إلى مساومات، كان سيرفضها القائد العظيم، الفقيد الشهيد يحيى السنوار.

ومن يراجع تاريخ حركة حماس، يتأكد من هذا التوقع، وبلا حاجة، لمعلومات. وكذلك ما ثبت أيضاً، في تاريخ حزب الله في لبنان، ويثبت الآن. وكذلك بالنسبة لحركة الجهاد في فلسطين. ولكل مقاومة فقدت قائدها.

وبكلمة، إن الحرب التي تخاض ضد العدو الصهيوني، تفرض على المقاومة أن تكون ولّادة للقادة الأفذاذ. لأن اغتيالات القادة تشكل استراتيجية ثابتة عند الكيان الصهيوني، كما قتل المدنيين، والهروب من المواجهة القتالية.

فالمشروع الصهيوني لم يسجل في ثقافته شيئا عن الفروسية والشرف والأخلاق في الحرب، أو يحترم قوانين الحرب ومبادئها. وقد وصل الأمر بقياداته في حرب غزة، إلى تحويل الإبادة وقتل المدنيين والاغتيالات، إلى "مبادئ" وحيدة للحروب والصراعات. أي جعل العالم غابة وحوش، تسمو عليها قوانين الغاب المعروفة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين استشهاد يحيى السنوار غزة الحرب فلسطين غزة رأي حرب استشهاد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یحیى السنوار

إقرأ أيضاً:

من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح باتفاق وقف الحرب

قبل أكثر من ستة شهور، وفي صباح السبت 13 تموز/ يوليو 2024، كتبت ونشرت مقالا في هذا المكان نفسه، عن احتمالات عقد صفقة وقف النار في «غزة»، قلت فيه ببساطة؛ إنه لا فرصة لاتفاق من هذا النوع، إلا مع أجواء تنصيب دونالد ترامب رئيسا في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، ولم أكن وقتها أقرأ الرمل ولا أضرب الودع، بل كان التوقع مبنيا على سلوك بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو، وعلى فرصه المتاحة للمناورة مع ساكن البيت الأبيض المنصرف جو بايدن. كان بايدن وقتها قد لقي هزيمة مخزية في المناظرة الأولى مع ترامب، وكانت الأصوات تتعالى لإخراجه واستبداله في سباق الرئاسة، وكان بايدن في وضع «البطة العرجاء» بل المشلولة تماما.

وفي عام الرئاسة الأمريكية الأخير كالعادة، يصعد نفوذ اللوبي الصهيوني ـ «الأيباك» وأخواتها ـ إلى أعلى ذراه، وهو ما يفهمه جيدا نتنياهو، الذي صعد دوره إلى درجة إذلال إدارة بايدن، مع استغلال طموح ترامب لنيل رضا «اللوبي الصهيوني» ونتنياهو شخصيا، وبالغ ترامب على طريقته الفجة في إبداء المحبة والولاء لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ولقي نتنياهو استقبالا حافلا عامرا بمئات نوبات التصفيق خلال خطابه في الكونغرس، بمجلسيه يوم 24 تموز/ يوليو 2024، وبدا كأنه سيد البيت الأبيض الأول، إضافة لرئاسته حكومة «إسرائيل» الفرعية في تل أبيب.

ومن موقع القوة المتضخمة، واصل نتنياهو تنفيذ خطته، أي (استمرار الحرب في غزة، وربما مدّ الحرب إلى لبنان، حتى يأتي ترامب إلى البيت الأبيض) كما كتبت حرفيا في مقال 13 تموز/ يوليو الماضي، ونفذ ما أراد، ذهب إلى الحرب البرية مع «حزب الله»، وإن لم يتمكن من جلب صورة «نصر ساحق» كان يحلم بها.

واضطر للموافقة على «اتفاق هدنة»، وواصل بشراسة حرب الإبادة الجماعية على غزة، ولم يتمكن هنا أيضا من تحقيق أهداف حربه المجنونة، وإن أعاق التفاوض مرات حول اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى، وتصدى بصلف وعجرفة لكل رغبات إدارة بايدن، ولكل اقتراحاتها الإسرائيلية أصلا.

وأطاح بما عرف بعنوان «صفقة بايدن» المعلنة مساء 31 أيار/ مايو 2024، ولترجمتها الحرفية في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، ولكل مسودات اتفاقات التفاوض في باريس والقاهرة والدوحة، التي شارك وضغط بها كل مبعوثي إدارة بايدن، وأولهم مايكل بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية، وكان الاتفاق المطروح في كل هذه الجولات، هو نفسه الذي اضطر أخيرا للموافقة عليه، بعد أن تغيرت معادلة التفاعل مع البيت الأبيض بعد فوز ترامب على نحو ساحق في الرئاسة والكونغرس، فبعد أن ظل نتنياهو لشهور آمرا مطاعا يخضع له بايدن وترامب معا، انقلبت الموازين إلى صيغة أخرى، يتحكم بها ترامب وحده، ويخضع له بايدن ونتنياهو معا، وبدا ظل ترامب حاضرا في اتفاق هدنة لبنان وأكثر في مفاوضات اتفاق غزة.

وربما تنطوي القصة على مفارقة ظاهرة، فقد بدأ ترامب سيرته مع قصة غزة على نحو مختلف، وأطلق تهديدا بالذهاب إلى «جحيم»، تصوره ضاغطا على «حماس» وأخواتها في التفاوض، وبدا التهديد وقتها مثيرا للسخرية، فما كان بوسع حكومة «إسرائيل» في واشنطن أن تفعل أكثر، وهي شريك كامل الأوصاف في حرب الإبادة الجماعية، وفعلت كل ما بوسعها من «جحيم» عبر نحو 16 شهرا من الحرب البربرية، ومن دون أن يتحقق شيء من الأهداف المعلنة والضمنية للعدو الأمريكي «الإسرائيلي»، اللهم إلا مضاعفة التوحش في إبادة الحجر والبشر والشجر، ووضع أهل غزة في عذاب أسطوري.

ولكن من دون أن يخفت صوت المقاومة الأسطورية، التي زادت في تحديها البطولي لقنابل وحمم متفجرات بلغت زنتها نحو مئة ألف طن، ألقيت على رأس غزة، وقتلت وأصابت وقطعت أشلاء نحو مئتي ألف فلسطيني معلوم ومفقود، أغلبهم من النساء والأطفال الأبرياء، في أبشع مجزرة ومحرقة شهدتها الحروب، فقتلت الأبرياء بالقصف والتجويع والتجمد في الصقيع، وحرمت الضحايا من كل إغاثة طبية بالتدمير شبه الكامل للمرافق والمستشفيات والمدارس والبيوت وحرق الخيام، ومنع فرق الإسعاف المدني من الوصول إلى المصابين والشهداء، وترك الجثث في الخلاء تنهشها الكلاب الضالة.
المقاومون من حماس وأخواتها، يبدعون على نحو مذهل، ويعيدون تدوير قذائف العدو.
وقتل النازحين في كل مكان يذهبون إليه، حتى في الأماكن الموصوفة كذبا بالآمنة، ورغم كل هذا الهول الأفظع، كانت قوات الاحتلال تتلقى الهزائم المتلاحقة في ميادين القتال المتلاحم، وكان المقاومون من «حماس» وأخواتها، يبدعون على نحو مذهل، ويعيدون تدوير قذائف العدو التي لم تنفجر، ويضيفون زادا جديدا إلى ورش التصنيع الحربي الذاتي، ويدبرون الكمائن المميتة لنخب قوات الاحتلال من شمال غزة إلى جنوبها، ويفشلون «خطة الجنرالات» الهادفة للتطهير العرقي الشامل في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمال مدينة غزة، وإلى حد دفع العدو الأمريكي «الإسرائيلي» إلى حافة جنون، عبر عنه أنتوني بلينكن وزير خارجية بايدن، بإعلانه قبل أيام، أن قوات «حماس» عادت إلى حجمها الأول صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وأن آلافا متكاثرة جرى تجنيدها من قبل «حماس» وأخواتها.

بينما ذهب الجنرال جيئورا آيلاند إلى إعلان فشل «خطة الجنرالات» التي وضعها بنفسه، وقال؛ إنه لا أمل في تنفيذها، وإنه لا بديل عن الانسحاب «الإسرائيلي» بالكامل من غزة، وكان ترامب وإدارته يتابعون حقائق الميدان عن قرب، وأدركوا أن حرق «حماس» وأخواتها في الجحيم غير ممكن ومحض وهم، فالمقاومة تنمو وتتوالد ذاتيا، ودونما حاجة إلى مدد لم يأت عبر الحدود، وأن استنزاف قوات العدو ماض إلى نهايته، وهو بعض ما دفع ترامب البراغماتي إلى وجهة أخرى، تضغط على نتنياهو لتجرع سم اتفاق وقف النار، بعد أن ثبت مرارا وتكرارا أن القوة الأمريكية «الإسرائيلية» الإبادية، لم ولن تفوز أبدا في المنازلة النارية مع الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وأنها لن تنجح في تهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج أرضه المقدسة، رغم كل هذا العذاب الأسطوري، وأنه لا سبيل لاجتثاث حركات المقاومة الأسطورية، وأن ما أخفقوا في إحرازه بقوة السلاح قد يكون أيسر في التحقق، لو تحولوا إلى السياسة، وانتقلوا إلى اتفاق ثلاثي المراحل لوقف الحرب، تدور عناصره الأساسية، كما صمم عليها المفاوضون الفلسطينيون، حول التدرج في وقف النار من الموقوت إلى المستديم، وحول فتح سبل إغاثة الشعب الفلسطيني وإعادة الإعمار اللاحقة، وإطلاق سراح آلاف من الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة على مراحل، وفتح معابر الإمداد الإنساني، وإعادة كل النازحين الفلسطينيين من جنوب «غزة» إلى سكناهم في الشمال، وهذه هي الملامح الكبرى للاتفاق الجديد القديم، الذي دأبت حكومة الاحتلال على رفضه وإعاقته لثمانية شهور مضت، ثم يخضع له اليوم ترامب ونتنياهو معا، ربما على أمل الاستعاضة عن فشل حرب غزة، والانتقال إلى حرب العصف بالضفة الغربية، وعقد اتفاقات «إبراهام» جديدة مع دول عربية مضافة.

ومع وقف النار في حرب غزة، وضعف الثقة في ضمانات تنفيذ أي اتفاق مع كيان الاحتلال، إلا أن تكون المقاومة على الموعد في أحوال الإخلال الإسرائيلي الوارد طبعا، وفي كل الأحوال، فجولة الحرب الأخيرة لم تكتب كلمة النهاية، ولم يحقق العدو فيها نصرا بأي معنى، رغم كل ما جرى من دمار وقتل، وهذه هي الخاتمة ـ التي صارت معتادة ـ لكل حرب تخوضها «إسرائيل» مع المقاومة الجديدة، وفي صورة حروب غير متناظرة، يملك فيها العدو ما لا تملكه المقاومة، والعكس بالعكس، لكن النتائج تظل كما هي.

فالعدو ينهزم حين لا تتحقق أهدافه، والمقاومة لا تهزم حين لا تفنى، وحين تثبت قابليتها للتجدد، رغم قسوة الظروف، فبقاء المقاومة يعني المقدرة على استئناف المواجهات الحربية، وبقاء المقاومة يعني تجدد الأمل في نصر كامل، تستعاد به الحقوق المقدسة للشعب الفلسطيني المظلوم، الذي أثبت مقدرته اللانهائية على الصبر وتحمل التضحيات بغير حدود، فقد أثبتت تجربة الحرب بعد «طوفان الأقصى»، أن بوسع الشعب الفلسطيني المحاصر أن يتفوق ويهتدي بتجارب كفاح الجزائريين والفيتناميين، وأن يواصل الاستمساك بمقاومته العنيدة حتى تعود النجوم إلى مداراتها، ويستعيد حقه كاملا في الحياة والحرية، مهما بلغت التضحيات وتضاعفت العذابات، ومهما خذله المتخاذلون، ومن حق الشعب الفلسطيني اليوم أن يفرح بالاتفاق الجديد، وأن يفخر بدماء الشهداء التي هزمت سطوة وجبروت سيف العدو، وأن يحلم بالنصر الكامل في قابل الأيام والحروب.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
  • لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
  • الباركود وسياسة الهضم
  • الصفقة بدون السنوار!
  • الأوامر التنفيذية التي يعتزم ترامب تنفيذها في اليوم الأول من رئاسته
  • من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح باتفاق وقف الحرب
  • نتنياهو يعرض تسليم جثة يحيى السنوار مقابل مكاسب أخرى .. تفاصيل
  • مع اقتراب صفقة التبادل.. ما هي الوحدة التي احتفظت بأسرى الاحتلال 15 شهراً؟
  • قراءة للاتفاق حول حرب غزة
  • الرشق: شروطنا التي طرحناها في بداية الحرب انتزعناها كلها وجثى المحتل على الركب