يؤمن عاصم بقوة الفن كأداة للتغيير ولكنه يقول إنه سلاح ذو حدين فهو معول بناء اجتماعي ومعول هدم في الوقت نفسه، مستشهدا بالتجارب الغنية التي عاشها السودان في السبعينيات حين كانت المهرجانات مصدرا للطاقة الإيجابية

 التغيير – كمبالا – حوار فتح الرحمن حمودة

في التوقيت الذي انحاز فيه العديد من الفنانين السودانيين إلى أطراف الصراع في بلادهم وسط اجواء الحرب المستمرة حاليا يبرز الموسيقار عاصم الطيب وسط زحمة الأصوات المتصارعة كصوت مختلف من بين قلة نادرة تواصل الدعوة لوقفها عبر فنهم متجاوزين حدود الانحياز إلى طرف معين، كما أنه يمثل حالة استثنائية في المشهد الفني إذ نجح في إيصال رسالة السلام بشكل فني مميز ليكون صوته وصوت مناصري السلام في قلب أجواء حرب الجنرالين .

عاصم الطيب قرشي فنان سوداني عالمي عرفه العالم بأسره من خلال غنائه الصوفي الفريد وإيقاع النوبة. حمل رسالة المحبة والتسامح الصوفي من بلاده إلى العالم وفي كل تلك الأماكن كان ينشر روح السلام التى يعكسها التصوف السوداني. في حوار مع “التغيير” تطرق عاصم إلى دعوته المستمرة للسلام حيث يعد واحدا من أبرز الأصوات الفنية التي تسعى إلى نشر قيم التسامح والوحدة في ظل النزاعات .

رفض العنف

وفي ظل الحرب الحالية التي مزقت البلاد يقف عاصم بحزم متحدثا عن موقفه الثابت ويقول إنه يرفض العنف بكل أشكاله ويصطف إلى جانب السلام وأن تعبيره عن هذا الموقف واضح في أغنية كتبها الشاعر طارق الأمين مطلعها “يا الشايل الكلاش.. هاك جرب الزهرية.. تاتشرك أب رصاص.. ما بحل لينا قضية”. من خلال هذه الكلمات يعبر الفنان عن رفضه للحرب ودعوته لإيجاد حل سلمي متمسكا بوحدة السودان وحب السودانيين لبعضهم البعض .

وعندما سألته عن بعض الفنانين الذين اختاروا ارتداء الزي العسكري وإعلان دعمهم للقوات المسلحة كان رده متزنا قائلا لكل إنسان أو فنان معاييره الخاصة في تحديد موقفه وحسابات شخصية يبني عليها قرارات حياده أو انحيازه لكنه يرى أن الدعوة إلى السلام والتصالح المجتمعي الشامل أقصر طريق لاحتواء كل صراعات الوطن الذي مزقته نزاعات المصالح الرخيصة و إشباع شهوة السلطة .

وعن الدور الموضوعي للفن بحسب رأي عاصم هو خدمة المجتمع من خلال الرسائل الفنية الداعمة لقيم الإنسانية والوطنية والإيجابية بكل تحمل ولكن للأسف يرى أن الفن السوداني المرصود عبر الأجهزة الإعلامية والوسائط الاجتماعية دون المستوى المطلوب لتحقيق التوازن الاجتماعي. ولكي يعزز الفن دوره في تحقيق التغيير الاجتماعي يقترح عاصم توحيد الرؤية الفنية  للفنانين الموجودين في المنافي باختلاف تخصصاتهم على توحيد وجدان السودانيين وبث الوعي عبر فنونهم لخلق نموذج أو نماذج مختلفة لمجتمعات سودانية متعايشة وتصديرها للوطن عبر الإعلام.

قوة الفن

يؤمن عاصم بقوة الفن كأداة للتغيير ولكنه يقول بأنه سلاح ذو حدين فهو معول بناء اجتماعي ومعول هدم في الوقت نفسه مستشهدا بالتجارب الغنية التي عاشها السودان في السبعينيات حين كانت المهرجانات مصدرا للطاقة الإيجابية والحس الوطني وفي ظل غياب المؤسسية اقترح على كل فنان رسالي ان يكونوا مؤسسات ثقافية متكاملة وقائمة بذاتها حذرين في تقديم أعمالهم ومراعيين لتأثيرها على المجتمع على اعتبارهم مصلحيين اجتماعيين  .

وعلى طوال عمر عاصم لم تكن رسالته موجهة لغرض سوء خدمة المجتمع حيث تأثرت مسيرته بتجارب شخصية عديدة كان لها دور كبير في تركيزه على قضايا الحرب والسلام. وقال إنه بدأ هذا التوجه منذ ايام دراسته في المعهد العالي للموسيقى والمسرح حين ركز إيصال صوت المهمشين إلى المركز ولكن رغم جهوده لم ينتبه الساسة أو القائمين على الأمر إلى مشكلة الصراع الثقافي الذي تفاقم حتى تحول إلى حرب.

وذكر أن لديه اعمال موسيقية وقصصية وشعرية كلها معنية بنشر الحب ونبذ الحرب ومن بينها أغنية أخرى كتبها الشاعر متوكل زكريا “بادر بادر بادر.. في القرى وكل الحواضر.. نبني سودان وقتي حاضر.. قولوا حاضر” .

معسكرات اللاجئين

أما عن جولاته الأخيرة في كينيا وأوغندا خاصة في معسكر بيالي للاجئين فقد كانت تلك الجولات رغم ظروفها الصعبة ضرورية بالنسبة له. ويقول عاصم إنه لم يكن من انصار الخروج من البلاد في هذا الظرف العصيب “لكنني وجدت نفسي عاجزا عن مساعدة نفسي والآخرين فالخروج لشرق أفريقيا وفر لي زيارة معسكرات اللاجئين السودانيين وفرض علي الوقوف بجانبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا”.

وذكر أنه في معسكر بيالي كانت صورة المساهمة واضحة “لأنني امتلك ناصية منهج تعليم طوارئ بتوظيف الموسيقى في غناء ملخصات المواد الأكاديمية مع أطفالنا المحرومين من التعليم.”

ويختم عاصم حديثه بأن هذه الحرب تراكم لصراعات كثيرة انتهت بكراهية السودانيين لبعضهم البعض على الرغم من أن الشعب السوداني مشهور بالطيبة والحنية لذلك أهم وصية أود توجيهها لهم أن يجتهد كل سوداني في حب أخيه داعيا للتعارف من جديد والتصاهر اجتماعيا وثقافيا، معتبرا ان الروحانية حجر زاوية في عمارة الثقافة السودانية قائلا “فلتكن روحانيتنا جسرا لتواصلنا وسلاحا ضد كل من سولت نفسه اذلالنا.. فلنكثر إذا من ذكر حسبنا الله و نعم الوكيل” .

 

الوسومالفن والحرب الموسيقى السودانية عاصم الطيب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الموسيقى السودانية عاصم الطيب

إقرأ أيضاً:

الاستفتاء على الحرب أو السلام.. مناورة سياسية أم حل حقيقي لأزمة إيران؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دعا معلق سياسي بارز في طهران إلى إجراء استفتاء وطني لحسم مسألة الحرب أو السلام مع الولايات المتحدة، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تكون الحل الأمثل لكسر الجمود السياسي الحالي الذي تواجهه إيران.

وفي خطابيْن ألقاهما خلال الأيام الأولى من عيد النوروز، بدا المرشد الأعلى علي خامنئي وكأنه يرد بشكل غير مباشر على رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اقترح فيها اتفاقًا جديدًا بين البلدين.

ففي خطابه الأول، الذي كان مسجلًا وبُث عبر التلفزيون الرسمي، ألقى خامنئي باللوم على الولايات المتحدة في زعزعة استقرار المنطقة. أما في خطابه الثاني، الذي كان مباشرًا، فقد نفى أنه يقود القوات التابعة لإيران في المنطقة، لكنه حذّر واشنطن من رد قوي على أي تحركات عسكرية تقوم بها في الشرق الأوسط.

رسالة ترامب ورد إيران المنتظر

لم تصدر طهران حتى الآن ردًا رسميًا على رسالة ترامب، إذ لم يتم الكشف عن تفاصيلها بالكامل. لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صرّح في مقابلة تلفزيونية بمناسبة رأس السنة الإيرانية أن الرسالة تضمنت "تهديدات كثيرة وفرصًا قليلة"، مضيفًا أن طهران لا تزال تُقيّم مضمونها.

من جانبها، ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن ترامب منح المرشد الأعلى مهلة شهرين لاتخاذ قرار بشأن الرد.

طرح الاستفتاء كحل للخروج من الأزمة

وفي محاولة على ما يبدو لتخفيف الضغوط عن خامنئي، اقترح المعلق الإصلاحي أحمد زيد آبادي عبر منشور على منصة إكس (تويتر سابقًا)، أن تقوم الجمهورية الإسلامية بإجراء استفتاء وطني لتحديد إرادة الشعب بشأن العلاقات مع الولايات المتحدة.

وفي تغريدته، كتب زيد آبادي أن "إيران أمامها شهران للاختيار بين الحرب أو التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة."

 وأضاف: "على طهران اتخاذ قرار في وقت لا يبدو فيه المسؤولون مستعدين لأي من الخيارين. فهم يعتبرون الاتفاق استسلامًا مذلًا، بينما يرون أن الحرب قد تكون مدمرة. لذا فهم مترددون في الحسم."

وحذّر زيد آبادي من أن بعض المسؤولين يسعون إلى "مسار ثالث" قد يؤدي في النهاية إلى الجمع بين الإذلال والدمار معًا. وأشار إلى أن الوضع الحالي لم يكن مفاجئًا، بل سبق أن حذر منه بعض الساسة، لكن تحذيراتهم لم تؤخذ على محمل الجد.

هل الاستفتاء خيار دستوري؟

وأشار زيد آبادي إلى أن الاستفتاءات منصوص عليها في المادة 59 من الدستور الإيراني كأداة لحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنها لم تُستخدم بجدية أو يتم تحديدها بوضوح ضمن النظام السياسي للجمهورية الإسلامية.

ومع ذلك، فإن خامنئي رفض باستمرار فكرة إجراء استفتاء على أي قضية، وسبق أن رفض مقترحات بهذا الشأن حتى من شخصيات بارزة مثل الرئيسين السابقين حسن روحاني ومحمد خاتمي.

لكن رغم هذا الرفض المتكرر، يرى بعض المحللين أن الاستفتاء قد يكون مخرجًا لخامنئي من المأزق الحالي، إذ يمكنه استخدامه لنقل مسؤولية أي تسوية محتملة مع الولايات المتحدة إلى الشعب.

عوائق أمام استفتاء حقيقي

لكن العديد من المعلقين على منشور زيد آبادي عبر إكس أبدوا تشككهم في إمكانية إجراء استفتاء حقيقي في ظل الظروف الراهنة.

وأشاروا إلى أنه في غياب صحافة حرة، وأحزاب سياسية فاعلة، ونقاش عام مفتوح، فإن أي تصويت لن يكون ذا مصداقية. كما طالبوا قبل التفكير في أي استفتاء بإطلاق سراح النشطاء السياسيين، ورفع الحظر عن وسائل التواصل الاجتماعي، وضمان حرية التعبير والتجمع.

حسابات خامنئي بين الضغوط والعناد

يرى بعض المحللين أن الجمع بين التهديدات والتحدي في خطابات خامنئي الأخيرة يشير إلى أنه يبحث عن مخرج من المأزق. وكما اعترف في خطابه الأول، فإن أكبر تحدٍّ يواجه إيران حاليًا هو أزمتها الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب العقوبات الأمريكية

لكن في الوقت ذاته، يبدو غير مستعد للظهور بمظهر المستسلم أمام عدوه اللدود، الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الطريق الوحيد المحتمل لإنقاذ الاقتصاد الإيراني قد يكون عبر قبول شروط ترامب، وهو خيار صعب للغاية بالنسبة لخامنئي، المعروف بتشدده تجاه واشنطن.

استفتاء أم مسؤولية ملقاة على عاتق الشعب؟

ويشير بعض المحللين إلى أن الحكومة الإيرانية تجاهلت مرارًا إرادة الشعب في الماضي، ولذلك فإن إجراء استفتاء الآن قد يكون مجرد وسيلة لنقل مسؤولية القرار إلى المواطنين.

ويعكس تعليق لأحد المستخدمين عبر إكس هذا الشعور بالإحباط: "كالعادة، سيتم تخيير الإيرانيين بين السيئ والأسوأ."

ومع ذلك، يعتقد البعض أن زيد آبادي ربما يأمل في أن يمنح الاستفتاء فرصة للإصلاحيين للمشاركة بشكل أوسع في المشهد السياسي الإيراني.

 

مقالات مشابهة

  • مبعوث ترامب للمهام الخاصة: الأسلحة النووية التي تخلت عنها كييف كانت ملكا لروسيا
  • أمسية في حجة بذكرى استشهاد الإمام علي ويوم الصمود الوطني
  • طريق الهلاك.. رئيس جامعة الأزهر يحذر من الاستهزاء بالدعاة والمصلحين
  • الاستفتاء على الحرب أو السلام.. مناورة سياسية أم حل حقيقي لأزمة إيران؟
  • قراءة في موقف تقدم من جرائم الحرب .. هل كانت ظهيرا سياسيا للمليشيا.؟
  • الصين تنفي المشاركة في مهمة حفظ السلام بأوكرانيا
  • وزير الأوقاف: التدبر في النعم يولّد بالقلب وعيا للسير في طريق الله
  • ماهي المكاسب التي تنتظرها واشنطن من مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا ؟
  • دعاء الصائم عند الإفطار .. اغتنم الدعوة التي لا ترد
  • 5 صحابيات جاهدن بأرواحهن وأموالهن من أجل الدعوة للإسلام.. كيف كانت سيرهن؟